ثمن المشاركون في المؤتمر الدولي، المنعقد أمس الاثنين بالرباط، تحت شعار "الحق في الحقيقة، جبر الأضرار، الإصلاحات المؤسساتية..أي تقدم وأية آفاق للعدالة الانتقالية؟" تجربة العدالة الانتقالية في المغرب والمتمثلة في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وجبر الأضرار لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الماضي، وحفظ الذاكرة. واعتبر المشاركون في هذا الملتقى الدولي، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع مؤسسة إدريس بنزكري لحقوق الإنسان والديمقراطية، ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، أن التجربة المغربية رائدة ومتميزة على مستوى العالم العربي، ويمكن الاحتذاء بها والاستفادة منها. وقال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في كلمة في افتتاح هذا اللقاء إن "المجلس استطاع في فترة زمنية لا تتجاوز 6 سنوات تسوية 8 آلاف و500 ملف للتعويض، واستفادة أكثر من 17 ألفا و966 ضحية وذوي الحقوق من التعويض المالي، ضمن أكثر من 20 ألف طلب قدمت لهيئة الإنصاف والمصالحة، كما استفاد 15 ألفا و187 من هؤلاء من التأمين الصحي من الضحايا وذوي الحقوق، وألف و268 منهم من الإدماج الاجتماعي، واستفاد 540 ضحية من التسوية الإدارية والمالية". وبخصوص برنامج جبر الضرر الجماعي، أفاد اليزمي أن المجلس أشرف على تتبع تنفيذ 130 مشروعا في11 إقليما بالمغرب، حول أربعة محاور رئيسية، تتعلق بدعم القدرات التنموية للفاعلين المحليين، وحفظ الذاكرة، وتحسين شروط عيش السكان، والنهوض بأوضاع النساء والأطفال، مشيرا إلى أن المجلس أشرف على إعداد العديد من المشاريع في ما يتعلق بالأرشيف والتاريخ وحفظ الذاكرة. وأضاف أن "كل الأوراش التي أنجزت توجت بما كرسه الدستور الجديد، من تأكيد على التزام المغرب بمبادئ وقيم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وتنصيص على سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية، ومنع جميع أشكال التميز، وحظر التعذيب وجميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان". وفي مداخلة له، قال محمد أحمد المخلافي، وزير الشؤون القانونية باليمن، إن "المغرب هو البلد الوحيد الذي تمكن حتى الآن من تحقيق عدالة انتقالية تصالحية بنجاح، ما جعله في طليعة البلدان العربية السائرة على طريق التحول الديمقراطي"، مضيفا أن هذه التجربة نسعى اليوم في اليمن إلى تمثلها، والجمع بين الصفح والعدل معا، لتحقيق السلام والانطلاق صوب المستقبل لإقامة الدولة المدنية الحديثة، دولة الحق والقانون". من جهته، هنأ إنيكو لاندابورو، سفير الاتحاد الأوربي بالرباط، المغرب على "تجربته المتميزة في العدالة الانتقالية"، مشيرا إلى أن "الاتحاد الأوروبي ساهم وكان حاضرا بقوة في مسلسل العدالة الانتقالية بالمغرب، لأنه يؤمن بأنه مسلسل ضروري لبناء مستقبل سليم". وفي مداخلة لها في الجلسة الافتتاحية للملتقى، حيّت الناشطة اليمنية توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام حول العدالة الانتقالية، تجربة المغرب، واعتبرتها رائدة من أجل الإنصاف والمصالحة. وقالت إن "تجربة المغرب ألهمتنا الكثير وما تزال"، مشيرة إلى أن "من شأن المزاوجة بين تجربة جنوب إفريقيا في العدالة الانتقالية، القائمة على الاعتراف وطلب المسامحة وتجربة المغرب، القائمة على التعويض وجبر الضرر، مع الإبقاء على العدالة الجنائية وحق الضحايا في اللجوء إلى القضاء والمؤسسات العدلية، أن يحقق تصالحا وتسامحا وسلاما دائما في اليمن، وكل دول الربيع العربي، وكل تجربة مماثلة تبحث عن العدالة الانتقالية". وأضافت أن بلادها ستعقد مؤتمرا للحوار الوطني الشامل، ستبحث فيه موضوع العدالة الانتقالية، وستستفيد كثيرا من تجربة المغرب وتجربة جنوب إفريقيا. وشارك في هذا الملتقى فاعلون سياسيون ونشطاء جمعويون وخبراء من المغرب ومن 18 بلدا (الولاياتالمتحدة، فرنسا، سويسرا، الأرجنتين، البيرو، إفريقيا الجنوبية، السنغال، مالي، الطوغو، غانا، مصر، تونس، اليمن، الجزائر، ليبيا، الأردن، فلسطين ولبنان). كما شاركت شخصيات دولية، منهم بابلو دي غريف، المقرر الأممي الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، وميشال توبيانا، رئيس الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان، وصديقي كابا، الرئيس الفخري للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ومختار طريفي، الرئيس الفخري للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وممثلون عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان (جنيف)، والمركز الدولي للعدالة الانتقالية (نيويورك) وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وهيئة الأممالمتحدة للمرأة، بالإضافة إلى العديد من المنظمات غير الحكومية.