قال عبد الهادي السكتيوي، مدرب أولمبيك آسفي، إن التحاقه بالفريق كان بإيعاز من والدته، التي تعشق هذه المدينة كثيرا، وبإصرار من أحمد غيبي وخلدون الوزاني، اللذين عرضا عليه الإشراف على الإدارة التقنية للفريق المسفيوي مضيفا في حوار مع "المغربية"، أنه لم تخطر في باله أبدا فكرة الرحيل، وإنما أكد على كونه سيعتزل التدريب بصفة نهائية، بعد أن يطمئن على مصير الفريق ومستقبله. أكدت أكثر من مرة عشقك وحبك لآسفي، ما دلالة هذا العشق؟ العشق ورثته من والدي ووالدتي، فبعد زواجهما مباشرة استقرا بمدينة آسفي لمدة أربع سنوات أي من 1958 إلى سنة 1962، وفيها أنجبا شقيقي الأكبر وكانت أسرتي تزور هذه المدينة من وقت لآخر، فكنت أرافقها وأنا صغير فاكتسبت هذا الحنين إلى مدينة آسفي، إذ كنت أتابع أخبار فريقها الأولمبيك الذي كان آنذاك يمارس بالقسم الوطني الثاني، حتى إنني كنت أتردد عليها لأنها تعتبر بالنسبة لي مدينة عريقة وفريقها من أقدم الفرق الوطنية. توليت قيادة الفريق المسفيوي في مرحلتين، ما هي المرحلة التي كنت فيها مرتاحا معه؟ توليت الإشراف على الإدارة التقنية للفريق في المرحلة الأولى، بعد عودتي من الإمارات العربية، إذ اتصل بي كل من أحمد غيبي، الذي كان آنذاك رئيسا لفريق أولمبيك آسفي لكرة القدم، وخلدون الوزاني الرئيس الحالي للفريق، وطلبا مني المجيء إلى آسفي لأتولى مهام التدريب، ورغم أنني كنت حائرا بين العروض التي كنت تلقيتها من بعض الأندية الوطنية وبين هذا العرض، وبعد أخذ ورد، اكتشفت أنني سأكون مغفلا وربما أحمقا إذا ما تخليت عن فريق كان قاب قوسين أو أدني من الهبوط إلى القسم الوطني الثاني، إذ كان رصيده آنذاك لا يتعدى 6 نقاط حتى حدود نهاية الشطر الأول من البطولة، وكان الفريق المسفيوي هو المهدد أكثر بالهبوط، فكان لزاما علي أن أختار الاختيار الصعب، وهو القبول بالإشراف على تدريب فريق يعيش وضعية صعبة وفي حاجة إلى من ينقذه من الهاوية، ففريق أولمبيك آسفي كان يحتاج آنذاك إلى 30 نقطة، خلال الشطر الثاني، وتمكنا جميعا بفضل الله وعونه من إنقاذه، بعد جمع 31 نقطة في مباريات الإياب، فبإمكانك الحصول على لقب البطولة بسهولة ولكن ليس من السهل أن تنقذ فريقا من العودة من حيث أتى، أما بالنسبة للمرحلة الثانية التي كان فيها أولمبيك آسفي من المرشحين للفوز بلقب البطولة الوطنية، خلال الموسم المنصرم، بفضل تضافر جهود كل مكونات الفريق ورغم أن حلم اللقب لم يتحقق، فأعتقد أن المركز الخامس هو في حد ذاته إنجاز كبير ومهم. كيف تعاملت مع بعض الانتقادات التي تعرضت لها من طرف بعض الجهات؟ أعتقد أن الانتقاد شيء عادي وطبيعي، فأغلب المدربين يتعرضون لانتقادات وبشتى الأساليب، فعلى سبيل المثال المدرب مورينيو المشهور عالميا تعرض وما يزال يتعرض لانتقادات كثيرة، فليس معنى هذا أن المدرب الذي توجه له بعض الانتقادات هو مدرب فاشل أو دون المستوى، فأنا مثلا أعتبر عدد المتفرجين يساوي عدد المنتقدين بمعنى أن كل واحد من هؤلاء المتفرجين له رؤية خاصة به يرى بها الخطة أو الطريقة التي نهجتها في كل مباراة. وفي نظري، ما يمكن تقييمه لأي مدرب هو مساره لأن مسار الإنسان هو الأهم إما أن يكون ناجحا في مساره أو فاشلا فيه. لماذا تصر على تشبيب الفريق وهو في وضعية غير مريحة؟ العطاء والمردودية هما المقياس الحقيقي لكل لاعب، سواء كان عمره 17 سنة أو أكثر، وأحيانا تفرض عليك الظروف منح لاعب ما فرصة للاحتكاك واكتساب التجربة، ثم بعد ذلك يخضع لصقل ما تبقى من قدراته التقنية والفنية والتكتيكية، فهناك عدد من الأندية الوطنية التي تعمل على تشبيب فرقها من خلال اعتمادها على الفئات الصغرى، خاصة فئة الشباب والأمل مثل فريق المغرب التطواني، وحسنية آكادير، ثم الآن فريق أولمبيك آسفي، الذي بدأ ينهج سياسة التشبيب عندما اكتشف مجموعة من العناصر الشابة، مثل حمد الله عبد الرزاق، وعبد الله مادي، وإبراهيم البحراوي، وعبد الصمد الزايري، وغيرهم من العناصر التي تطمح إلى إيجاد مقعد لها ضمن فريق الكبار. هددت في أكثر من مناسبة بالرحيل عن الفريق، ما أسباب تراجعك عن تهديداتك؟ أود أن أقول شيئا مهما وأؤكد عليه أنني لم أصرح أبدا بأنني سأرحل عن الفريق، وما زلت متشبثا برأيي، ما صرحت به لبعض وسائل الإعلام وقلته بصراحة وبوضوح هو أنني سأعتزل نهائيا عن ممارسة التدريب لأسباب صحية وعائلية، لكن ليس قبل أن أطمئن على مصير ومستقبل فريق أولمبيك آسفي، الذي سيكون هو آخر محطة لي في مجال التدريب الذي قضيت به أزيد من 19 سنة. ما قولك في اتهامك باستخدام "الفيتو" على التعاقدات الجديدة التي عرضت عليك؟ أعتقد أن ضميري لا يسمح لي بالقيام بتعاقد ما من أجل التعاقد فقط أو من أجل جبر الخواطر أو محاباة لشخص ما دون أن أميز بين ما هو مناسب وغير مناسب، فأنا أتحدى أي كان يثبت بالحجة والدليل أنني رفضت لاعبا جديدا من الدرجة الأولى عرض علي ولم أقبله باستثناء لاعب أو لاعبين، لم يكن المكتب المسير بإمكانه التعاقد مع أحد في فترة الانتقالات الشتوية، نظرا لارتفاع قيمة المبالغ المطلوبة وعليه فهذه الاتهامات باطلة وليس لها أي أساس من الصحة. أحيانا تكون غير راض عن تصرفات بعض الحكام، ما السبب وراء عدم انتقادك لهم؟ في نظري، فريق أولمبيك آسفي هو الفريق الوحيد الذي أخذ حصة الأسد من تظلمات بعض الحكام، الذين ارتكبوا في حقه أخطاء قد تكون مقصودة أو غير مقصودة، ومع ذلك فالحكم هو إنسان يمكن أن يخطئ، فالخطأ الذي يكون غير متعمد وبنية غير مبيتة جائز، لكن عندما يكون الخطأ مقصودا وبنية مبيتة في حق أي فريق أو أي لاعب أو أي مدرب فهذا ما لا يقبله أحد ولا تقبله القوانين والتشريعات المعمول بها. وأعتقد أن التحكيم ببلادنا تطور كثيرا، خلافا لما كان عليه في سنوات خلت، خصوصا أننا في زمن الاحتراف وعليه يجب أن يكون التحكيم هو الآخر محترفا. كيف تقيم البطولة الوطنية الاحترافية في نسختها الأولى؟ في اعتقادي أن البطولة الوطنية في كرة القدم عرفت الاحتراف متأخرا مقارنة مع تجارب احترافية أخرى في بعض الدول مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا، التي انطلقت بها هذه التجربة منذ سنوات عدة، وأنا شخصيا حضرت صحبة فريق حسنية أكادير، عندما كنت أشرف على إدارته التقنية، إذ لعب مباراة أمام فريق نجم الساحل التونسي وتفاجأت بالبنية التحتية التي يتوفر عليها في ظل تجربته الاحترافية قبل أربع سنوات من الآن، ورغم هذا التأخير في انطلاق الاحتراف بالمغرب، فإن الخطوة التي خطاها تبقى محمودة ومشكورة يجب التنويه بالذين اتخذوها. هناك من يطالب برحيل الناخب الوطني البلجيكي إيريك غيريتس وتعويضه بإطار وطني، هل أنت مع هذا الرأي؟ كل ما يمكن أن أقوله في هذا الصدد هو أن أهل مكة أدرى بشعابها، ثم إنني أرى أن الكفاءة هي وحدها لها الكلمة الأولى والأخيرة في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، فلا يهمنا إن كانت هذه الكفاءة من جنسية من الجنسيات العالمية ولا يهمنا لون هذه الكفاءة فكل من يقدم لكرة القدم الوطنية إضافة جديدة ويسير بها نحو الأفضل فمرحبا به. كلمة أخيرة إذا كانت الصحافة مهنة المتاعب فأنا أعتقد أن التدريب هو أيضا مهنة المتاعب يجب التنويه بأصحاب هذه المهنة بصفة عامة وزملائي المدربين بصفة خاصة على المجهودات التي يبذلونها في سبيل تطوير كرة القدم الوطنية والذين يؤدون واجبهم ورسالاتهم بكل إخلاص ومهنية.