في زمن ليس ببعيد، كان شارع محمد الخامس يعتبر من أجمل الشوارع على مستوى مدينة الدارالبيضاء وكان أي مواطن يقطن في الأحياء المحيطة به يعد عدته إذا أراد أن يحتسي قهوة في أحد المقاهي التي توجد به، لكن في السنوات الأخيرة تغير الحال، ولم يعد واقع هذا الشارع يختلف عن الوضعية التي تعرفها العديد من شوارع المقاطعات الهامشية. ويعتبر عدد من المهتمين بالشأن المحلي في المدينة أن الحياة ستعود تدريجيا إليه خاصة بعد إنجاز مشروع "الترامواي"، فهل ستتحقق تطلعات هؤلاء المهتمين. العمال منشغلون بعملية الحفر، مواطنون يمرون من جانبهم دون أن يلتفتوا إليهم، سيارات تحاول أن تمر من ورش الأشغال، أصوات المنبهات تعلو على كل الأصوات، إنه المشهد اليومي الذي يشهده شارع محمد الخامس في مدينة الدارالبيضاء، فمنذ أن انطلقت الأشغال المرتبطة بمشروع "الترامواي" أصبحت الحركة لا تتوقف في هذا الشارع. عبد العالي (اسم مستعار) لبائع سجائر بشارع محمد الخامس، يتكئ على أحد الجدران وخلفه إلى أشغال "الترامواي"، يقول بعدما تردد لثواني في الكلام "في الحقيقة راني ماعارف والو، راه كاين غير الصداع، منذ اليوم الأول من بداية الأشغال تحولت معالم هذا الشارع، لم نعد نسمع سوى أصوات الجرافات وآلات الحفر"، ويضيف عبد العالي، الذي اعتاد على بيع السجائر في إحدى زوايا شارع محمد الخامس، "راه الصداع بزاف في شارع محمد الخامس ومعارفينش إيمتا غادي يسالي هاذشي". وأصبحت عملية السير والجولان في شارع محمد الخامس شبه مستحيلة، ما دفع إلى إحداث بعض الممرات الثانوية، حتى تسهل عملية المرور بالنسبة إلى المواطنين، ويعتقد عدد من القائمين على تسيير الشأن المحلي في الدارالبيضاء، ومن بينهم، العمدة محمد، ساجد أن مرور "الترامواي" من شارع محمد الخامس سيعيد الاعتبار إلى هذا الشارع بعد سنوات من التهميش، مؤكدا أن معالم هذا الشارع ستتغير، وهو الأمر نفسه الذي تزكيه مجموعة من الآراء الأخرى في مجلس مدينة الدارالبيضاء. وأعلنت شركة "الدارالبيضاء للنقل" المكلفة بإنجاز مشروع الترامواي بالمدينة قبل أيام، أنها ستدخل المرحلة الثانية في عملية إنجاز هذا المشروع بشارع محمد الخامس، وذلك بعدما انتهت من أشغال تحويل الشبكات بهذا الشارع، وستنطلق خلال الأيام المقبلة الأشغال المرتبطة بإنجاز قاعدة الخط السككي وتهيئة الواجهات. وأهم ما سيميز المرحلة الثانية هو وضع الخط السككي، وتهيئة الواجهات بالجانبين, وأشار بلاغ الشركة أن المقطع، الذي يمتد من السوق المركزي إلى ساحة الأممالمتحدة سيستعمل من قبل الراجلين مع وضع "الترامواي" في الخدمة. وتهدف أعمال التهيئة المتوقعة بهذا المقطع إلى إعطاء صورة جديدة للمركز التاريخي لمدينة الدار البيضاء، وإبراز الثراء المعماري لشارع محمد الخامس. وأضاف البلاغ ذاته، أنه مع بدء أشغال المرحلة الثانية، ولضمان أفضل الظروف لتنفيذ الأشغال، وسلامة السكان ومستعملي الشارع، تقرر تحويل حركة المرور لمسافة 800 متر، انطلاقا من السوق المركزي إلى ساحة الأممالمتحدة. أحد سكان الدارالبيضاء، الذي صرح ل "المغربية" أنه مهما يقول عن المشاكل، التي تخلفها الأشغال المتعلقة بإنجاز "الترامواي"، سواء في شارع محمد الخامس أو غيره، فإن ذلك لا يمكنه أن يتحول إلى هاجس بالنسبة إلى المواطنين، لأن المسألة مرتبطة بإنجاز مشروع كبير، وأضاف عبد الحق الرايسي، الذي كان يتجول وسط المدينة، أنه إذا كان السكان يتفهمون الوضعية الحالية التي توجد عليها مجموعة من الشوارع، فإن الكرة في يد السلطات العمومية والشركة الملتزمة بإنجاز الترامواي، من أجل الزيادة في وثيرة الإنجاز والالتزام بالموعد، الذي حدد سابقا، وهو 12 دجنبر 2012، وقال"لابد أن تلتزم السلطات العمومية بالموعد الذي حدد سابقا، لأن أي تأخير سيزيد من حدة الغضب، وإذا كان المواطنون يلتزمون بالصبر، فإن الأمور ستختلف في حالة إذا ما لم تلتزم السلطات بالسقف الزمني الذي حدد أثناء الإعلان عن هذا المشروع". الرأي الذي حاول أن يدافع عنه هذا المواطن عارضه بشدة عثمان الماروني، أحد المهتمين بالشأن المحلي بالدارالبيضاء، الذي قال إن "أشغال مشروع الترامواي زادت من أزمة حركة السير والجولان في شارع محمد الخامس وعبد المومن والحسن الثاني، إضافة إلى مجموعة من الأزقة، كما هو الحال بالنسبة إلى زنقة أكادير"، ويضيف بكل اختصار"راه هادشي ماشي معقول". واعتبر يوسف اضريس، المدير العام لشركة الدار البيضاء للنقل (كازا ترانسبور)، في لقاء مع منتخبي مجلس مدينة الدارالبيضاء، خلال دورة يوليوز الماضي، أن مشروع الترامواي يعرف طريقه إلى الإنجاز. وإذا كان البعض يشكك في المدة التي حددت سابقا لإنجاز هذا المشروع، وهي 12 دجنبر 2012، فإن يوسف اضريس كان واضحا في هذا الأمر حينما أكد أن هناك سعيا لاحترام جميع مراحل إنجاز "الترامواي"، وأكد أن مدة الخط الأول لا تتجاوز 50 دقيقة، ستربط بين سيدي مومن والحي الحسني، وتقدر الحمولة ب 250 ألف راكب. وعن المشاكل التي يعانيها المواطنون بسبب الأشغال الأولية ل"الترامواي"، بخصوص النقل والسير، أبرز مدير الشركة أن هناك اجتماعات دورية للجان السير لأجل تنظيم العملية. وكل الكلام الذي يقال عن أشغال "الترامواي" بشارع محمد الخامس لا يعني أي شيء بالنسبة لبائع متجول، رد على "المغربية" قائلا "هذه أول مرة أقف في هذا المكان، ولا أعرف ما يجري بالضبط في هذا المكان وهدفي هو بيع بضاعتي، باش نترزق الله، وما عندي ما نقول ليك في هاذ الموضوع". وإذا كان عدد من المواطنين يشعرون حاليا بضيق كبير بسبب صعوبة السير والجولان بشارع محمد الخامس والمناطق المجاورة، فإن عزاءهم الوحيد أن الأمر يتعلق بإنجاز مشروع كبير سيساهم دون شك في إعطاء رونق إضافي للمدينة، كما جاء في شهادة أحد سائقي الحافلات الخاصة إن "الترامواي سيحد من أزمة النقل وسيكون له انعكاس ايجابي على سكان مدينة الدارالبيضاء".