شهدت مدينة بايثا، في إقليم خاين جنوب إسبانيا، حدثا مميزا أول أمس الأربعاء، حيث أدى 1605 طلاب من أكاديمية الحرس المدني الإسباني – ضمن الدفعة رقم 130 – قسم الولاء للعلم الإسباني في مشهد احتفالي مهيب. من بين هؤلاء، لفتت الأنظار مشاركة 11 شابا من أصول مغربية، في لحظة تجسد الاندماج في المجتمع الإسباني دون التفريط في الجذور الثقافية. ترأس الحفل كاتب الدولة للأمن، رافائيل بيريث، بحضور المديرة العامة للحرس المدني، مرسيدس غونزاليز، ومندوب الحكومة في الأندلس، بيدرو فرناندز، وعدد من المسؤولين الأمنيين والمؤسساتيين. وأكد بيريث في كلمته أن الحرس المدني يجب أن يكون "منفتحا ومتعدد الثقافات، ليعكس واقع المجتمع الإسباني بكل تنوعه". ويعد انخراط المغاربة في مؤسسات الدولة الإسبانية، خصوصا الأمنية منها، تطورا مهما في علاقات الجاليات المغربية بإسبانيا. فانتقال شباب مغربي، ولد في الهجرة، من الهامش إلى مؤسسة سيادية مثل الحرس المدني، يحمل رسالة قوية مفادها أن الاندماج لا يعني التخلي عن الهوية، بل المساهمة في بناء مجتمع متعدد دون إلغاء الخصوصيات الثقافية. بين المتدربين الجدد، ولد 84 خارج إسبانيا، منهم 11 شابا مغربيا، إلى جانب طلاب من دول أخرى مثل الأرجنتين وكولومبيا ولبنان وسويسرا. هذا التنوع الثقافي يعكس صورة المجتمع الإسباني المعاصر ويبرز التعددية الثقافية التي أصبحت سمة بارزة في إسبانيا. وفي مناطق مثل سبتة ومليلية المحتلتين، والمدن الأندلسية ذات الكثافة السكانية المغربية، يشكل وجود أفراد من أصول مغربية في الحرس المدني قيمة مضافة، إذ يسهل التواصل مع المواطنين من أصل مغاربي وفهم خصوصياتهم الثقافية والاجتماعية. هذه القدرة على التواصل بلغتين وفهم القيم الثقافية تسهم في تعزيز السلم المجتمعي والأمن المحلي. وتضم الدفعة الجديدة من الحرس المدني 2494 طالبا، منهم 33.8% حاصلون على شهادات جامعية، وبعضهم يحمل درجات دكتوراه في تخصصات مثل علم الجريمة والقانون والهندسة، مما يبرز التوجه نحو استقطاب الكفاءات الأكاديمية. كما أن 24.6% من المتدربين هن نساء، مما يعزز البعد الجندري في المؤسسة الأمنية. وإلى جانب الزي الرسمي للحرس المدني، يظل الشباب المغاربيون الذين انخرطوا في هذا التدريب جزءا من هويتهم الثقافية المغربية. هذه اللحظة المهيبة تؤكد أن الجالية المغربية لم تعد مجرد شريك في التنمية الاقتصادية في إسبانيا، بل هي أيضا فاعل مؤسسي في تعزيز الأمن المجتمعي، والمساهمة في بناء نموذج تعايش حضاري يعبر الثقافات والقارات.