" لي بغا يبان يصلع" مقولة لا زالت منذ الصغر تتردد على مسامعنا، ولا نفقه معناها، حتى صادفت في غفلة عن وعيي مقالات جمال لعلامي، قلم الشروق الجزائرية الذي شعاره خالف تعرف، ومنطقه منطق الطبلة والربابة، عنتريات على الورق ما تفتأ تًََذْكُرُ المغرب، وتحاول جهد الإمكان أن تجعل منا نحن المغاربة ذلك الجحيم الذي تحدث عنه سارتر، ويدخلنا في مفهوم المؤامرة التي تحاك للشقيقة الجزائر، بل لربما نحن تلك اليد التي تدير عصا الرحى التي تستلد بطحن عظام الأًشقاء، جمال لعلامي الصحفي الذي يحمل رسالية الكلمة الصادقة التي تسعى للإصلاح، والبحث عن الحقيقة، يستل خنجره المسمومة في غفلة، كلما سنحة له الفرصة ليطعن ببراءة وطنا يتقاسمه اللغة، والتاريخ، والانتماء الديني، والقومي.... متسترا بشعارات دفاعه عن الوطن الجزائر، وكأنه ليس بالجزائر أحرار ينافحون عن وطنهم بالدم قبل المداد. هي الحماقة أن تحمل القلم، وترد على صوت ملَّه القريب قبل البعيد، لكن الصمت عن أهل السفاهة منقصة، فكان لزاما أن نخط هذه الكلمات ليس انتصارا لبلد على آخر، ولا دفاعا عن حكومات مصت دماء الشعب في كلا الضفتين، وإنما حديثا لعقلاء الأمة هنا وهناك، الذين يؤمنون بوطن يتجاوز أحقاد الماضي وخطابات إقصائية طمستها الأيام، يتجاوز عقليات تربت في ظل مستعمر ما إن اندحر من وطنينا حتى سارعت لتخلفه، وتضرب رقابنا بيد أقسى من يده، رؤية ً قاصرة تستشرف مستقبل يتجمع فيه الآخرون ويتكتلون وعينهم علينا، فرحة بتشرذمنا وتمزقنا. أنا أنادي عقلاء الجزائر، والمغرب الذين ركنوا إلى مكان قصي يرْثُون الواقع بصمت مؤمنين أن السياسة تفرق، وتفسد ما شيده التاريخ، والدين واللغة من لحمة واجتماع، ، لعلهم ينهضون من عجزهم، ويحررون أقلامهم وألسنتهم من الخوف المعشعش في دواخلنا، خوفٌ من مؤسسات القمع التي تنظر إلينا على أننا كراكيز تحركها كيفما تشاء، وخوف أكبر من أنفسنا دعوتها للتراجع عن حقد غرسه فينا جيل غارق في الرجعية الفكرية، والقيمية، وإعلام تافه فارغ من محتواه، ومنظومة تعليمية سطرتها أيدي مؤسسات بالمسدس و الرشاش عوض ماء زهر المحبة والتسامح والتضامن. مَنِ المغرب؟ ومَن الجزائر؟ سؤال أجد نفسي عاجزا عن الإجابة عنه، وكأنك تسألني من أنت؟ أنا الغارق في أتون صراع فتحت عيني على الدنيا فوجدته يسكنني، ويكبر معي كلما كبرت، المغرب هو الأرض التي استنشقت عبق هواها وتعطرت أنامل البراءة فيَ بترابها وكان حبها يكبر في داخلي كلما أطفأت شمعة من عمري. و الجزائر تلكم الأرض التي كنت ارقبها من فج فجيج وأتذكر دمعت أمي التي لا تفارقها وذكرى إخوة لها هناك، أحبة حكمت علينا معاهدة رسم الحدود الوهمية أن نودعهم، أن نعبر إليهم هنا خلف الوادي قرابة تلك الشجرة التي لا تبعد عني إلا بضع خطوات بجواز سفر على متن الجو وكأن البر أمامك كله أشواك وقنابل ومستنقعات، الجزائر و المغرب هو وطن واحد يؤمن أن قضية السيادة الوطنية مسلمة، لكنها لا تلغي سيادة الإنسان الذي يقف أمام الأخر المرآةَ صورةً موحدة للتاريخ والثقافة والدين واللغة و الحاضر والمستقبل. من الطبيعي أن تجد من ينعق بعيدا عن الواقع، ينادي لصحراء شرقية كما فعل شباط في غثيانه الحزبي أيام جهاد الكرامة بين آلاف الأقواس، ويهرطق بكلام فارغ ومقالات تعبر عن كبت وحقد داخليين كما هي كتابات جمال لعلامي، لكن ليس من الطبيعي أبدا أن يصمت العقلاء في زمن الرويبضة، فيا أهل الجزائر و المغرب أليس فيكم رجل رشيد، يؤذن في الناس تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، أن نكون إخوة على سرر متقابلين، فإن كان هذا، ما احتجنا لوزراء خارجية يجتمعون ليلتقطوا الصور، بل مسيرة أخوة نحطم بها جدران الوهم وحدود المستعمر. هي الشعوب لا حكوماتها من تصنع المستقبل، وبمعاولها فقط تهدم بيوت العداء الوهنة التي تعشعش داخلنا. عبد الباسط بوشنتوف العموري المذبوحي.