أكد الدكتور نوفل الكديلي طبيب الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالدار البيضاء ورئيس الخلية الطبية الجهوية، بأن الوضعية الحالية لانتشار الإصابة بأنفلونزا الخنازير «لا تدعو للقلق، وأن المصالح المختصة بالأكاديمية رفعت درجة اليقظة الى أعلى مستوى، تماشيا مع ظهور أولى الحالات بالوسط المدرسي، عبر وضع تعزيزات وآليات استباقية من خلال استراتيجية واضحة، حيث اتخذنا جميع الاجراءات الاحترازية والوقائية لحماية المجتمع المدرسي» ... تفاصيل أكثر في الحوار التالي: كيف هو الوضع حاليا؟ بالنسبة لنا ،الوضعية الحالية لا تدعو للقلق، فالوضع متحكم فيه وتحت السيطرة، كما أن رصد الحالات يتم في الوقت المناسب بالتنسيق ما بين المؤسسات، سواء على المستوى المحلي ثم الاقليمي أو الجهوي، من خلال ما يعرف ب «التنسيق العمودي» مع النيابات المركزية على المستوى المركزي أو «التنسيق الأفقي» مع السلطات المختصة في شخص وزارتي الصحة والداخلية على جميع المستويات. طبعا هذه الإجراءات جاءت بناء على خطة عمل كنا قد وضعناها مسبقا قبل ظهور أولى الحالات بالوسط المدرسي. وبالنسبة لجميع الحالات التي تم رصدها الى حد الآن بالوسط المدرسي، هي حالات ليست بالخطيرة ولم تستدع الاحتفاظ بها داخل المستشفيات، وإنما يتم علاجها بالمنازل، كما أن أغلبها تماثل لللشفاء. ماهي الاجراءات والتدابير التي اتخذتها الأكاديمية لمواجهة انتشار أنفلوانزا الخنازير؟ الاجراءات والتدابير الوقائية التي اتخذتها الاكاديمية كانت عبارة عن خطة عمل استباقية من خلال ثلاثة محاور، وهو ما يعنى أننا اتخذنا جميع الاجراءات الاحترازية الكفيلة بتطويق المرض قصد حماية المجتمع المدرسي وضمان استمرارالخدمة العمومية للمرفق التعليمي، قبل ظهور أولى الحالات. فبالنسبة للمحور الاول تضمن مجموعة من الاجراءات الوقائية تمثلت في تأطير الأطر التربوية وتحسيس التلاميذ بانفلوانزا الخنازير وطرق الوقاية منها، في إطار برنامج للتربية الصحية على شكل حصص تحسيسية همت جميع المؤسسات التعليمية على صعيد 11 نيابة، من قبيل تنظيم أيام «الأيادي النظيفة» التي صادفت 15 أكتوبر 2009، ثم تنظيم أيام «البذل البيضاء» يوم 16 أكتوبر 2009 ولاتزال مستمرة، وذلك بإجراء فحوصات طبية من أجل الكشف عن التلاميذ والأساتذة المصابين ببعض الامراض المزمنة الذين يدخلون في إطار «الفئات الهشة» الأكثر عرضة للخطر. وبخصوص الشق الثاني من خطة العمل ، فقد تم وضع آليات للتنظيم والتنسيق ثم التتبع من خلال خلايا تدبير مواجهة أنفلوانزا الخنازير بالوسط المدرسي، حيث تم إحداث خلية جهوية على مستوى الاكاديمية لتدبير الازمة وعلى مستوى كل نيابة تم إحداث خلية إقليمية لتدبير مواجهة انفلوانزا الخنازير، فيما تم على مستوى كل مؤسسة تعليمية (عمومية أو خصوصية)، إحداث خلية محلية للمواجهة والتدبير اليومي الفيروس ، ووضع خطة عمل واضحة تضمن للتلاميذ والأطر التربوية العمل في وسط تتوفر فيه كل مقومات السلامة الصحية، وتخصيص مكان داخل المؤسسة لعزل الحالات التي يتم اكتشافها وإخبار السلطات الصحية المختصة من طرف مدير المؤسسة التعليمية الذي يترأس الخلية المحلية. ولإحاطة التلاميذ بطرق الوقاية تقوم الأكاديمية بتوزيع ونشر بعض الملصقات والمطويات الخاصة بوزارة التربية الوطنية. فبعد ظهور أولى الحالات على المستوى الوطني قمنا على مستوى الاكاديمية برفع مستوى اليقظة الى المستوى الثاني، حيث تحولت الخلايا التي كانت تقوم بدور التتبع والمراقبة الى «خلايا لليقظة». بماذا تفسرون تزايد الحالات في ظل التخوفات السائدة وحالة الاكتظاظ التي تعرفها المدارس؟ نعم، إن تزايد عدد حالات الاصابة الذي نتوصل به من المؤسسات التعليمية هو دليل ومؤشر على اشتغال آليات الرصد وأجهزة اليقظة، التي تم وضعها على جميع المستويات. المدرسة أو المؤسسة التعليمية ليست المكان المزدحم الوحيد الذي يمكن ينتشر فيه الفيروس، فهناك أماكن مزدحمة عديدة، وإذا عدنا للحديث مرة ثانية عن الحالات المرصودة بالوسط المدرسي، فيعود الفضل في رصد الحالة في الوقت المناسب الى أجهزة اليقظة كآلية تعزيز استباقية (أثبتت نجاعتها)، إضافة الى الاساتذة الذين ننوه بالعمل الذي يقومون به لمساعدتنا في المراقبة الوبائية وتتبع تطور المرض داخل المؤسسات التعليمية. ما هي المؤشرات المعتمدة في رصد الحالات داخل المؤسسة التعليمية؟ بالنسبة للمؤشر الاول المعتمد هو الملاحظة الدقيقة من خلال ظهور بعض الاعراض، كالحمى أو السعال... مما يتوجب على الأستاذ أو الاستاذة إخبار إدارة المؤسسة لاتخاذ الاجراءات اللازمة. كما يمكن بحضور الطبيب التأكد من الحالة المشتبه فيها، لكن تبقى الاشارة الى أن الحالات المشتبه فيها من طرف الاستاذ تختلف عن الاخرى المشتبه فيها من طرف الطبيب والتي تتم إحالتها على أقرب مركز لأخذ العينة، بخلاف الحالة الاولى التي يتم الاكتفاء فيها بتناول بعض الأدوية. فيما المؤشر الثاني الذي نطلبه من جهاز اليقظة التابع للأكاديمية ومن الأساتذة، هي الملاحظة الدقيقة للتغيبات. عندما نقول إننا رفعنا مستوى اليقظة لأقصى درجة فهو رصد كل التغيبات، فبالنسبة لكل حالة تغيب هي حالة تستوجب التقصي من طرف طاقم طبي تابع لمندوبية وزارة الصحة على مستوى العمالة المحلية، لمعرفة ما إذا كانت لهذا التغيب علاقة بأنفلوانزا الخنازير أم بسبب تخوف الآباء على أبنائهم، وإن كان هذا الامر الاخير واردا إلا أنه بدأ في النقصان بعد الحملات التي باشرناها بمعية وزارة الصحة والتربية الوطنية بمختلف وسائل الاعلام وعبر الملصقات... ماذا عن مسألة تعليق الدراسة ببعض المؤسسات وإغلاق أخرى؟ في هذه الحالة بالذات، أود توضيح بعض المسائل للرأي العام والآباء والتلاميذ: إننا لم نقم بإغلاق المؤسسات التعليمية ، نحن نقوم فقط بتعليق الدراسة أو توقيف الدروس لفترة وجيزة تتراوح بين 3 الى 5 أيام ماعدا مؤسستين على صعيد الجهة تم تعليق الدراسة بهما بصفة كاملة هذا قبل تطور مستوى تدخلنا ، إذ من باب الحيطة والحذر يتم الاكتفاء فقط بالقسم الذي تظهر فيه الحالات المصابة ويتعلق الامر هنا بمؤسسة خصوصية بنيابة أنفا وأخرى عمومية بنيابة النواصر. بالنسبة لعدد المؤسسات التي تم تعليق الدراسة ببعض أقسامها الى حدود صباح يوم الثلاثاء 3 نونبر الجاري، هناك مؤسستان على مستوى نيابة الفداء مرس السلطان ومؤسسة على مستوى سيدي البرنوصي و3 مؤسسات على مستوى نيابة الحي المحمدي عين السبع، ومؤسسة خصوصية على مستوى نيابة الحي الحسني... ما يهمنا من هذا، هو ان تعليق الدراسة ببعض الاقسام دليل على أن اليقظة موجودة، إضافة الى أن هذا التعليق يكون بناء على قرار من القيادة الاقليمية أو الجهوية برئاسة كل من السيد العامل أو الوالي، وذلك لحماية التلاميذ وعموم المجتمع المدرسي، لذا يجب على الآباء أن يأخذوا هذا الاجراء بنوع من الوعي بصحة أبنائهم. هل في نظركم هذه الاجراءات كافية؟ إنها تبقى إجراءات وقائية واحترازية، فوضع التلميذ المشتبه فيه أو المصاب بغرفة تتعرض للتهوية بداخل المؤسسة وعزله يحمي باقي التلاميذ، وبالتالي فنحن نكون أمام إجراء وقائي. وزيادة على ذلك فنحن دائما نعتمد على التوصيات والتوجيهات الصادرة عن المنظمة العالمية للصحة، وبالتالي تعليق الدراسة ببعض الاقسام هو إجراء تتخذه مندوبية وزارة الصحة ويقرر في شأنه كما سبق الذكر المجلس القيادي الاقليمي أو الجهوي ولكن بناء على توصيات من الاطباء الذين زاروا المؤسسة المعنية للوقوف على حالات الاصابة بها. ما مدى تأثير هذا التعليق على تمدرس التلاميذ؟ بما أن تعليق الدراسة يكون لفترة وجيزة، من 3 الى 5 أيام ، فهذا لا يؤثر سلبا على تمدرس التلميذ، إضافة الى أن هناك دروسا للدعم والتقوية سيتلقاها التلاميذ لاستدراك ما فاتهم ،لأن الهدف في حد ذاته من تعليق الدراسة ببعض الأقسام هو إجراء وقائي، احتياطي لحماية التلميذ من الفيروس . توصل المغرب هذه الأيام بكمية من اللقاح؟ ماذا عن التلاميذ؟ فعلا توصل المغرب ب 70 ألف جرعة من اللقاح أغلبها موجه الى الحجاج والجزء الآخر سيقتصر على بعض الاطر الطبية العاملة في هذا المجال وكذلك الفئات الهشة ممن يعانون أمراضا مزمنة... كما أن الأدوية التي توفرها وزارة الصحة ، بحكم أنها القطاع المكلف بعملية التكفل، هي أدوية متوفرة لجميع المواطنين بمن فيهم التلاميذ ، غير ان الحصول عليها ليس في متناول أي كان، فالطبيب وحده من يقرر، ونحن على مستوى المؤسسات التعليمية كنا قد برمجنا عملية «البذل البيضاء» التي جاءت ضمن الاستراتيجية والمستمرة حاليا، للكشف عن الامراض المزمنة وسط التلاميذ والاطر التربوية، ومن خلال هذا الإجراء ، سيمكن للتلاميذ المنتمين للفئات الهشة الاستفادة من اللقاح.. وعلى كل فهذه المسألة تحددها السياسة الرسمية لوزارة الصحة. ماهو توقعكم بخصوص تحول الداء الى حالة وبائية، وماهي الإمكانيات المرصودة؟ نحن نتخذ جميع الاجراءات وبشكل مستمر، الى حد الساعة، بعيدين عن الحالة الوبائية، على اعتبار ان الجميع يساهم في إنجاح هذه الاجراءات الوقائية ، من مجتمع مدني وآباء وأمهات التلاميذ ومختلف القطاعات المتدخلة، أما بخصوص الامكانات المرصودة، فيبقى تعليق الدراسة أنجع المقاربات في إطار الامكانات المتاحة، كما يحصل بدول أخرى. حامت بعض الشكوك حول التأثيرات الجانبية للقاح من خلال ما تناقلته بعض المواقع على الأنترنيت؟ يبقى الأمر مقتصرا على الجهات المخول لها الحسم في أمر هذا اللقاح، وهي منظمة الصحة العالمية، كجهة رسمية، يمكنها التأكيد أو النفي حول مدى احترام هذا اللقاح لشروط الصحة. كلمة أخيرة ؟ الوقاية خير من العلاج.