يود جمال في كتابه «في ظل رشيدة»، الذي احتفت بصدوره المكتبات الفرنسية الاسبوع الماضي ، أن لا يضيف شيئا إلى الحقيقة أو الكذب.. فهذا الكتاب أنجزه ليحكي نظرتة عن الأسرة، عن وجوده، كتاب يتحدث عن حياته بشكل عام وأخته رشيدة،وزيرة العدل الفرنسية السابقة، تشكل جزءا منه. تحمل الصحافي كزافيي بينيروسو، نائب رئيس التحرير السابق لإذاعة «إر.تي. إل»، معد برنامج حول «العدالة مغامرة» إنجاز هذا الحوار المطول مع جمال، فكانت النتيجة هي كتاب حمل عنوان «في ظل رشيدة» صادر عن دار النشر كالمان ليفي، رصد فيه جمال فضاء للحي الذي عاش فيه ، حيث تحدث عن انتشار استهلاك المخدرات وترويجها ، ووضعية السجن والسجناء، إضافة إلى بورتريهات متقاطعة لآل داتي. عندما بلغت سن العشرين ، قامت شقيقتي رشيدة بإدخالي الى المستشفى. السبب.. انزياحي عن الصواب، وسلْكي سلوك الابله. نشب خصام بيني ووالدي. وبعدها نزلت والسكين بيدي. كنت أود أن أصفي نفسي. منعتني والدتي من القيام بذلك ساحبة إياي من الخلف. إحدى أخواتي نادت أبي مستنجده به. استقصدني بشكل مباشر وانقض علي وسحبني فوقعت أرضا. لم يتمكن أحد من انتزاع السكين من يدي، إذ كنت أحكم قبضتي عليه. وتمكن الوالد في الأخير من انتزاعه مني بعد أن «كسره» إلى جزأين وأصاب يده. كان من الضروري أن يتمكن أحدهم من نزع السكين ولو لم يفعلوا لقتلت نفسي. كنت متأزما.ومن أجل حمايتي، شد والدي وثاق يدي وقدمي بحبل، ثم وضعوني في الصندوق الخلفي لسيارة المرسيدس ذات اللون البني، وتكلفت شقيقتي رشيدة بنقلي. اتصلت بأحد الأطباء الذي وقّع له والدي طلب إدخالي الى مستشفى «سيرفي» بالقرب من «شالون سير صاون». - هل تحقد على رشيدة؟ - نعم حقدت عليها. لكن اليوم لا. إن أفظع ما في الامر، أن وضعي في هذه المؤسسة المختصة في الامراض العقلية لم يفض الى استشفائي، بل ازداد الوضع تفاقما. تعرضت للحقن أكثر من مرة مما أدى الى شل حركتي. فكان من الضروري أن أتصل بإحدى صديقاتي لأجل إنقاذي.. وفي الأخير وقعت والدتها وثيقة لإبراء الذمة. إنهم أشخاص غرباء عن أسرتي من أخرجوني من المستشفى وتحت مسؤوليتهم. كما أن هذه السيدة كانت متخوفة من رد فعل أسرتي.. - هل تعتبر أن شقيقتك رشيدة، هي من قررت وضعك في المستشفى؟ - نعم، إنها هي التي أدخلتني إلى المستشفى. - ما رأيك في أن تقول أختك، وزيرة العدل، وهي تتحدث إلى محاميك بخصوص كتابك عندما توجه الى باريس: «لقد سبق وأدخل أخي الى المستشفى، ويمكن أن يعود اليه»؟ - كيف هذا. بالإمكان أن يعود اليه؟ إننا لا نضع الأشخاص هكذا في مستشفى المجانين. أمر مضحك.غير أنني لا أستغرب لردة فعلها هاته. لم تكن أبدا تعيرني ما يكفي من الاعتبار. كانت دائما تتلفظ بمثل هذه التهديدات. ولتحاول ذلك الآن. فإذا قررت الضعط علي فلن أتركها تفعل ذلك. فليس من اللائق أن ترهب شقيقها. فالأخ يحتاج الى المساعدة وليس إلى إدخاله إلى مستشفى للأمراض العقلية... في مرات عديدة يبدو لي أنها لا تحبني. علاقة أخوة باردة.. فكلما حدث وأن اجتمع كل أفراد العائلة، فأول شيء تقوم به رشيدة بعد رؤيتي: تعقد حاجبيها... - هل تعتقد أنها فقدت صوابها حينما تفوهت بهذا؟ - ربما حاولت إخافتي.غير أنني تغيرت. لم أعد ذلك الشاب جمال، الذي يثور فقط لقول هذا أو ذاك. - هل بإمكانك أن تفهم شعورها حينما تابعت محاولتك الانتحار. إنه أمر صعب بالنسبة إليها أيضا. - بالتأكيد.. غير أنه كان لابد من مساعدتي بطريقة أخرى. يمكن أن ترتكب خطأ بإدخال أخيها الى مستشفى الامراض العقلية. غير أن تصريحاتها الأخيرة تبرهن على أن رأيها لم يتغير تجاهي... لقد أصبحت أشد غلظة معي منذ أن تولت منصب وزيرة.. كلما حاولت الحديث اليها تتجاهلني.. مؤخرا، قدمت سلسلة هدية لابنتها زوهرة، ولم تكلف نفسها حتى شكري على ذلك. وقالت لي: «ضع ذلك هنا »! لم ترد أن تمسك الهدية بيدها.. مرة أخرى لم أفهم سلوكها الذي يبدو لي غامضا، إذ نفس رشيدة تقول «إننا أسرة متماسكة». - تكذب إذن؟ - لنقل إنها تحور الحقيقة ، خاصة عندما تقول: «إن أخي جمال متقلب نفسيا»، بهذا ستتكون لدى الناس فكرة خاطئة مفادها أن رشيدة ذات حس أخوي، وهذا ليس حقيقيا. - ماذا عن محاولة الانتحار الثانية؟ - كان ذلك داخل السجن. كنت منهارا لكون زوجتي لم تكن تزورني إلا لماما.. - منذ متى بدأت علاجك لدى الطبيب النفساني؟ - منذ سن السادسة عشرة، حينما بدأت أرتكب حماقاتي.. السرقات، ووقعت في فخ الانحراف في سن مبكرة ، هذا في الوقت الذي نجح فيه آل داتي في الحصول على حياة عادية، ومستقرة باستثناء أنا. وإنني أتحمل المسؤولية الكاملة في ما وقع لي.