يود جمال في كتابه «في ظل رشيدة»، الذي احتفت بصدوره المكتبات الفرنسية الاسبوع الماضي ، أن لا يضيف شيئا إلى الحقيقة أو الكذب.. فهذا الكتاب أنجزه ليحكي نظرتة عن الأسرة، عن وجوده، كتاب يتحدث عن حياته بشكل عام وأخته رشيدة،وزيرة العدل الفرنسية السابقة، تشكل جزءا منه. تحمل الصحافي كزافيي بينيروسو، نائب رئيس التحرير السابق لإذاعة «إر.تي. إل»، معد برنامج حول «العدالة مغامرة» إنجاز هذا الحوار المطول مع جمال، فكانت النتيجة هي كتاب حمل عنوان «في ظل رشيدة» صادر عن دار النشر كالمان ليفي، رصد فيه جمال فضاء للحي الذي عاش فيه ، حيث تحدث عن انتشار استهلاك المخدرات وترويجها ، ووضعية السجن والسجناء، إضافة إلى بورتريهات متقاطعة لآل داتي. إن الفتيات العربيات في الضاحية هن أفظع من الشباب في غالب الأحيان. فأنا مازلت أتذكر فتاة كانت منذ أن كنت يافعا واقعة في غرامي. وعندما علمت أنني كنت مغرما بزوجتي السابقة، التي كانت امرأة جميلة، بذلت كل جهدها لتغريني. فالسواد الأعظم من الفتيات يسلكن نفس الطريقة.. إنني أتحدث هنا عن فتيات الضاحية اللواتي ألفن مصاحبة الشباب خارجا. إن أخواتي لم يفعلن هذا. أما رشيدة فكانت استثناء بينهن، فقد سمح لها الوالدان بمغادرة البيت بشكل مبكر. إن شقيقاتي لا يدخن السجائر أو الحشيش. هل كانت رشيدة حقا استثناء؟ نعم، هذا حقيقي. كان والدي يثق فيها. كانت الوحيدة التي غادرت البيت دون أن يطلب تقديم تفاصيل ما تقوم به خارجه..كانت جدية، بسيطة، مهذبة، وكانت فتاة دون مشاكل كما باقي شقيقاتي اللاتي حافظن على عذريتهن إلى أن عقد قرانهن. ربما لا تعلم كل التفاصيل؟ كانت ثمة دلائل، حين أقدمن على الزواج، ذهبن إلى الطبيب الذي منحهن شهادة تثبت عذريتهن. ومن الضروري أن نفهم أن والدي مايزال يعيش وفق هذه التقاليد... أود التأكيد على هذا التقليد الأسري، لأنه قد يمكننا من إيجاد سبب لموقف اتخذته شقيقتك، وزيرة العدل، بخصوص حكم معزول بمحكمة الاستئناف بليل في أبريل 2008. الحكم كان يتعلق بزوج مسلم. فقد ألغى القضاء عقد القران كون الزوجة كذبت بخصوص عذريتها.. لحظة حفلات الزواج، التي حضرتها رشيدة وأنا أيضا، كنا نتابع تقليد «غطاء السرير» الأبيض لليلة الدخلة. كان والدي دائم الافتخار كون بناته حافظن على نقائهن إلى حدود زواجهن. فكل شقيقاتي احترمن هذا التقليد. فيما يتعلق برشيدة، أجهل أمرها، ذلك أنه لم يتم عقد سوى قران مدني بعمدية «شالون» والذي تم بعد ذلك إلغاءه. وبالعودة إلى موضوع الحكم الملغى بخصوص الكذب بشأن العذرية، أتقاسم نفس وجهة نظر الزوج. كيف تم زواجك الأول؟ كان والداي يعارضان ذلك. إن الأسر العربية تهتم بشكل كبير بالوضع الاجتماعي للأصهار. هذا في الوقت الذي كان فيه والدا زوجتي عاطلين عن العمل. مما جعلنا نعقد قراننا في خفاء بمدينة القنيطرة بالمغرب.. حفل زواج بدون حضور أسرتي... ماذا عن شقيقاتك؟ قالت جلهن إنني ارتكبت خطأ بعقد قراني دون رضا الوالدين. أرسل والدك جل بناته إلى مدرسة كاثوليكية «لو دوفوار». كيف تفسرون ذلك؟ لقد اشتغل والدي لفائدة هذه المدرسة، وأراد أن يسجل بناته فيها لمتابعة الدراسة، من بينهن رشيدة، بعد أن لاحظ أن المدرسة كانت جدية. أما نحن الذكور فقد تابعنا دراستنا في المدارس العمومية. هل تمارسون شعائركم الدينية في البيت؟ فأنا لم أعد أصوم رمضان منذ أن توفيت والدتي، غير أنني واحتراما لوالدي أمسك عن الأكل خلال هذه الفترة. ولا أعرف إذا ما كانت رشيدة لاتزال تلتزم بالحرف بالتعاليم الإسلامية... إنها تحيا الحياة التي تريد. غير أن والدي لم يتحدث إليها طوال شهرين بعد أن وصل إلى علمه خبر حملها. أما شقيقاتي فقد حاولن حل الخلاف بينهما بالقول: «انتظر سوف تلتقي والد الطفلة». كيف عرفت أن شقيقتك حامل؟ لم أنتبه للأمر في الوهلة الأولى. حاولت رشيدة خلال صيف 2008، عندما كنا في عطلة بالمغرب أن تخفي الأمر بارتدائها فساتين فضفاضة، وبطنها لم يكن منتفخا الى حد إثارة الانتباه... فأنا أتذكر أنه كنت، أشاهدها، حين كنا بالدار البيضاء، ممدة بشكل مستمر.. وقتها قلت ربما الإرهاق ما يفعل بها هذا. وفيما بعد علمت بخبر حملها عبر الصحافة. في الثاني من يناير 2009، توصلت برسالة نصية من ابنة أختي أن رشيدة دخلت قسم الولادة ووضعت بنتا. كيف عاش المحيط الأسري هذا الحمل الذي تدوول بشكل كبير في وسائل الإعلام؟ في أكتوبر من 2008، كان والدي غاضبا بشكل كبير حين شاهد على شاشة التلفزيون، كاتب الدولة في الرياضة، يقول وهو يمسك بيد رشيدة أسفل «برج أيفل»: «أنا لست والد الطفلة»، وأمامم الكاميرا كانت رشيدة قد انفجرت ضحكا مما أخرج والدي عن صوابه. لقد أغلق الهاتف في وجهها لأكثر من عشرين مرة حين كانت تود الحديث إليه، وقال لنا: «لقد انتهى الأمر، لا أود رؤيتها».