«لم أركز قط على أختي، وهذا الكتاب يتحدث عن حياتي بشكل عام وأختي رشيدة تشكل جزءا منه».. هكذا، تحدث جمال داتي في الفصل الأول من كتابه «في ظل رشيدة»، الذي عنونه ب«الترهيب»، الذي ننشر حلقات منه ابتداء من يوم غد، متمنيا أن يكون كتابا مفيدا له ويمكنه من إعادة تأطير عدد من التصريحات العمومية، صدرت عن أخته في حقه غير مامرة.. يشير جمال داتي أخ وزيرة العدل الفرنسية السابقة رشيدة داتي في كتابه «في ظل رشيدة»، الذي احتفت بصدوره المكتبات الفرنسية الاسبوع الماضي وهو عبارة عن حوار مطول لجمال داتي، الى أنه لا يود أن يضيف شيئا عن الحقيقة أو الكذب، ويقول «أنا هنا لأحكي نظرتي عن الأسرة، عن وجودي».. قبل أن يستطرد أن رشيدة داتي، وزيرة العدل السابقة خجولة من ماضيه الانحرافي، معترفا أنها قامت ب«دفنه» وهي من وضعته تحت إمرة طبيب نفسي بإحدى المستشفيات، فجمال داتي لم يكن بمقدوره الاتصال برشيدة على هاتفها، خاصة بعد تقلدها منصب وزيرة عدل. وإذا حدث، لسوء الحظ، وفتحت الهاتف مجيبة فإنها لاتتوانى في إقفاله في وجهه حينما تعرف أنه هو المتصل. أما كزافيي بينيروسو، نائب رئيس التحرير السابق لإذاعة «إر.تي. إل»، معد برنامج حول العدالة، الذي تحمل مغامرة انجاز هذا الحوار المطول مع جمال داتي، فيرى أن رشيدة داتي أخطأت الموعد، فقد كانت أمامها فرصة أخوية، بالنظر لما عاشه جمال في كل مراحل حياته من «انحرافات» قد تساعدها في اتخاذ قراراتها السياسية. كان بإمكانها، يقول كزافيي، الاستماع لجمال القاصر المنحرف والوقوف عند تعدد حالات العود، وسجن القاصرين بدءا من سن 12 سنة، والاستئناس بشهادته حول أوضاع السجون.. «بالرغم من العلاقة الأخوية المعقدة يضيف كزافيي في توطئته، جمال يحب أخته حبا صادقا. ومن حقه أن يخرج من ظل أخته رشيدة، ومن ظل أبيه ومن الظل الذي أنشأه هو بنفسه لذاته». الكتاب، الذي يتضمن 20 فصلا، يرصد فيه جمال داتي فضاء الحي الذي عاش فيه، مدى انتشار استهلاك المخدرات وترويجها، وضعية السجن والسجناء و بورتريهات متقاطعة لآل داتي، تجيب عن مفارقة كيف أن أسرة واحدة تنجب تجربة ناجحة تتمثل في رشيدة داتي وأخرى فاشلة: غرق غي عالم الانحراف يجسدها جمال. محاميه فريديريك بيرنا، يؤكد في مقدمة الكتاب، «في ظل رشيدة»، الذي ساوره الشك في أن يرى هذا الأخير النور يوما، أن جمال لم ينبش في تفاصيل حياة أخته البكر، لكنه يحكي قصة حياة آل داتي، ومن بينها قصة حياة رشيدة، التي حاولت بكل وسائلها توقيف نشر الكتاب، حيث كانت تتبع تفاصيل كل الخطوات، الى الدرجة التي بدأ يشك معها المحامي أنها تتنصت عليه. فبحسب المحامي فريديريك بيرنا فقد اكتفى جمال في كتابه هذا، الصادر عن دار النشر كالمان ليفي، والذي كان يشك المحامي في أن يرى النور يوما، اكتفى بتقديم شهادة لا مثيل لها مفعمة بالشجاعة، حيث برهن أن المنحرف يمكن أن يتحول إلى شخص طيب، معتبرا الكتاب وثيقة تمكن كل قارئ من أن يتعرف من خلال جمال داتي، على عالم الانحراف والسجون، الذي يجهل عنه المشتغلون يوميا، الكثير.