يرسم المحامي فريديريك بيرنا لجمال داتي، أخ وزيرة العدل السابقة صورة مغايرة للتي قدمها عنه الإعلام الفرنسي. شاب يحب شقيقته، ويكن لها كل الود، غير أن شعبيتها كانت بمثابة صفعة له، الشئ الذي لم يتمكن من تدبيره. في مدينته، يقول المحامي بيرنا، يُنظر إلى جمال بإيجابية، شاب بسيط، بدون مشاكل وكتوم، يشتغل كثيرا ويعمل على تربية ابنه. أما الرأي العام الفرنسي فلا يدخر جهدا يوميا لإعدامه دونما معرفة وفهم.. كان المحامي بيرنا يلتقي جمال يوميا بعد إصدار الحكم ضده، فقد اكتشف فيه شابا وسيما، محترما، رقيق الإحساس، لا علاقة له بالصورة التي رسمت له كمروج مخدرات في حيه، وهي الصورة التي التصقت به في كل وسائل الاعلام. يرى فيه المحامي بيرنا شابا مفجوعا لعودته إلى السجن وهو يحمل لقب شقيق الوزيرة التي نفذت برنامج التكديس الكامل للمؤسسات السجنية الممتلئة أكثر من غيرها على مستوى الاتحاد الاوربي، ومفجوع لكونه فقد عمله بعد سنوات من الاستقرار، ثم مصدوم لكونه سيجد نفسه مجددا في مواجهة عالم المخدرات والعنف والسجن. أما جمال فيعتقد، يقول المحامي، أن كل شيء انهار أمامه، وانتهى بالنظر إلى نفسه كونه ضحية صراع بين الهيئة القضائية وأخته وزيرة العدل، غير آبه بمسؤوليته الجنائية حول ما اقترفه من أفعال سابقة. فجمال ينتابه الاحساس أن لا أحد يريد الاستماع إليه حول ما بذله من جهود كبيرة بمفرده منذ شهور خلت لأجل الخروج من عالم الادمان والاشتغال لأجل أن يبني لذاته حياة اجتماعية وأسرية. كان الدفاع عن جمال، يشير المحامي بيرنا، وسيبقى تمرينا صعبا ليس للأفعال التي اقترفها أخ وزيرة العدل، وليس للمساطر التي اتبعناها بل للاهتمام المتزايد يه من قبل وسائل الاعلام، فلم يكن يعتقد بيرنا أنه يوما ما سيكون غارقا في هذا الكم من الميكروفونات والكاميرات، وتظل تصريحاته تشكل عناوين بالبنط العريض على شاشات القنوات الاخبارية. يسترجع المحامي بيرنا لقاءه الأول بجمال، الذي كان في غشت 2007 أياما قبل أن تصدر محكمة الاستئناف حكمها القاضي بإدانته سنة حبسا، وهو الحكم الذي صادف وضع أخته رشيدة مشروع قانون ضد حالات العود. كما يشير المحامي بيرنا أيضا إلى تفاصيل طلب عدد من أخوات جمال، التراجع عن اللجوء الى محكمة النقض لإعادة النظر في الحكم الصادر في حقه والتأكيد على ضرورة خروجه لوسائل الاعلام لتكذيب الخبر، وكيف انتابه الشك أنه يتم التنصت على مكالماته التي يجريها مع موكله جمال. وتحدث المحامي بيرنا عن كيف تم منع بث البورتريه الذي انجزه الصحافي تييري ديميزيير، هذا الصحافي المشهود له بمهنيته وقدرته على كشف أسرار عدد من الشخصيات المهمة في الساحة الفرنسية من قبل القناة الفرنسية «تي. إف. آن» التي بررته بكونه ليس موضوعا آنيا. وكيف كان المحامي بيرنا المشاهد الأول والأخير لهذا «البورتريه» الذي لخص فيه معالم شخصية جمال، الذي قال عنه إنه كان مؤثرا، عادلا ونزيها، بعيدا عن الإثارة. يعود المحامي بيرنا بالقارئ الى فكرة كتابة «في ظل رشيدة». فقد سبق أن طلب جمال من المحامي، سنة 2008 أن يربط له الاتصال بأحد الناشرين. فشاءت الظروف أن تقود محادثات بين المحامي والصحفي كزافيي بينيروسو،نائب رئيس التحرير السابق لإذاعة «إر.تي. إل»، معد برنامج حول العدالة، حول ملفات جنائية الى اقتراح المحامي قصة جمال داتي على هذا الاعلامي الذي أكد أنه يعرف إحدى الناشرات. يتم الاعداد للكتاب، ومعه تتوتر العلاقة مع وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي، التي طلبت من أخواتها أن يطالبن جمال بالعدول عن الفكرة، وأيضا بطريقة مباشرة طلبت ذلك من المحامي في لقاء بمقر الوزارة على هامش إحدى الحفلات. أما كزافيي، الذي تحمل مغامرة انجاز هذا الحوار المطول مع جمال داتي، فيرى أن رشيدة أخطأت الموعد، فقد كانت أمامها فرصة أخوية، بالنظر لما عاشه جمال في كل مراحل حياته من «انحرافات» قد تساعدها في اتخاذ قراراتها السياسية. بالرغم من كل ذلك، رأى كتاب «في ظل رشيدة» النور، الذي، كما أرادت دار النشر كالمان ليفي ذلك، يرصد فيه جمال داتي فضاء الحي الذي عاش فيه، مدى انتشار استهلاك المخدرات وترويجها، وضعية السجن والسجناء وبورتريهات متقاطعة لآل داتي تجيب عن مفارقة كيف أن أسرة واحدة تنجب تجربة ناجحة: تتمثل في رشيدة داتي وأخرى فاشلة تغرق في عالم الإنحراف يجسدها جمال. كتاب قال فيه جمال «هذا كتاب يتحدث عن حياتي بشكل عام وأختي رشيدة تشكل جزءا منه». يتبع