من الصعب أن يكون لوزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي أخوة. فالصحفي الفرنسي جيل گيتنر يرى أن السيدة رشيدة غير محضوضة بالنظر لتحقق هذه القرابة البيولوجية. فأيام قليلة بعد مغادرة ميشال دوبكين مدير ديوان وزارة العدل السابق، انتشرت في هيآت تحرير عدد من الصحف الفرنسية أخبار عن أخويها. ويتعلق الأمر بجمال، البالغ من العمر 35 سنة، الذي مثل أمام مكمة الاستئناف بمدينة نانسي من أجل الاتجار في المخدات، قضى جراءها سنة حبسا نافذة، فيما كانت المحكمة الابتدائية قد حمكت في حقه بستة أشهر مع وقف التنفيذ. ونفس الشئ حدث مع أخ الوزيرة رشيدة داتي، عمر فهو الآخر توبع لنفس الافعال والقضاء بمنطقة شالون سير ساون حيث تقيم العائلة بصدد النظر في قضيته. يستنتج جيل گيتنر ان خروج قضية اتجاركل من جمال وعمر داتي لوسائل الإعلام كان الهدف الأول منها هو النيل من السيدة الوزيرة، وكأن عليها أن تتحمل تبعات أفعال غير مسؤولة اقترفها أخرون في محيطها. فقد خلق الحدث ضجة. استعاد جيل گيتنر شراهة وسائل الاعلام الفرنسية واستحضر ما قدمته «إر.تي.إل» حين قالت رشيدة داتي «في أوساط كل الأسر ثمة لحظات عصيبة وقصص ومراحل عصيبة. ولن ينظر لي بإيجاب كوزيرة عدل إذا ما تقدمت بتعليق حول الامر، ولن أذهب أبعد من هذا». لم يرحم جيل گيتنر رشيدة داتي وإن احتفظ لنفسه بهذا التصريح الذي رأى فيه أنه مقنع. ليقول بلغة قاسية أيضا أن هذا هو الثمن الذي يدفعه كل من يظهر أكثر من المعتاد، وعليها أن تستخلص العبرة مما حدث لأخويها . يتحول جيل گيتنر إلى مسار حياة رشيدة داتي و بأسلوب جد ذكي، يسترجع معا حياة فرنسا في السبعينيات ويذكرها بأنها إبنة مهاجر ولها أحد عشرة أخا وأختا. يتحدث إليها ويذكرها بالعنصرية التي سادت حينها بالديارالفرنسية، جيل گيتنر يتوجه إلى رشيدة داتي بالقول «ولدت من أب مغربي وأم مغربية لهم إحدى عشرة طفلا، ولك معرفة جيدة بما يعنيه «الفقر». جيل گيتنر يعترف بأنه في السبعينيات لم يكن من السهل أن تتحركي في فرنسا واسمك «رشيدة» مثلا، كما السيدة وزيرة العدل الآن. مشيرا إلى الاحياء التي أقامت فيها، سواء في باريس أو شلون سير ساون. أما رشيدة داتي لم تشتك قط من أصلها المغاربي أو أن تفتخر به وقالت أكثر من مرة أنه «يجب التوقف عن اعتبار المواطنين من اصل اجنبي مصدر مشاكل». وتتبع مسار حياتها، وهي طفلة لا يتجاوز عمرها سبع سنوات ولحظة التحاقها بالمدرسة، حيث العلمانية والتلاميذ من كل الاجناس والديانات. وتساءل كيف أن والدها الاب مبارك، اختار أن يسجلها هي وأختها مليكة في مدرسة كاثوليكية بوسط شالون سير ساون اسمها «لودوفوار»، وقال جيل گيتنر ان الوالد كان عليه أن يسجلك بمدرسة سانت ماري، فقد شارك السيد مبارك في بنائها سنة 1968. رشيدة داتي خلال المرحلة الدارسية قالت عنها استاذتها في اللغة الألمانية فرانسواز تايلارد: « حقيقة، إنها تلميذة مجتهدة. وبالفعل، يمكنها أن تحقق النجاج دونما المثابرة في عملها. واعتقد انها لم تكن دائما في حاجة لتقديم الاقصى من جهدها لأن قدراتها الفكرية تمكنها من النجاج دون أن تعمل أكثر من الآخرين». هذه القدرات الفكرية التي تتمتع بها رشيدة داتي، وكذلك امكتنياتها الفكرية سيرصدها جيل گيتنر في كل مرة تحدث عن مرحلة من مراحل حياة وزيرة العدل، غير أنه كلما استحسن مرحلة أو جانبا من الجوانب الايجابية في حياتها إلا سارع وغطاه بسلبيات ما. لقد استطاعت داتي بفضل مؤهلاتها الأكاديمية المختلفة تأمين عمل في الشركة النفطية الفرنسية الكبرى «إلف» ومجموعة ماترا للاتصالات حيث توفرت لها الفرصة لمتابعة دراستها والحصول على الماجستير في إدارة الأعمال. وعملت لمدة سنة ما بين 1994-1993 في قسم تدقيق الحسابات بالبنك الأوربي للتعمير والتنمية في لندن. وبعد أن درست القضاء في المدرسة الوطنية للقضاء ما بين 1999-1997 وعملت لبعض الوقت في مجال القضاء استدعاها وزير الداخلية آنذاك، نيكولا ساركوزي، سنة 2002 وعينها مسؤولة في مبادرته التي أطلقها لمكافحة الجريمة. وكانت قد كُلِّفت في وزارة الداخلية باعداد قانون حول الحد من الجنح بين 2005 2006. لم يترك جيل گيتنر عتمة في حياة وزيرة العدل الفرنسية إلا و سلط الضوء عليها، ومن بينها علاقتها مع محيطها الاجتماعي والسياسي، وكيف تقربت من الدوائر العليا ومصدر نفوذها. تحدث جيل گيتنر عن كل شئ في حياة رشيدة داتي غير أنه سيبرر طريقة تناوله لكل مرحلة في الكتاب. وبالرغم من كل هذا تبقى رشيدة أكثر حضورا في كل فصول الكتاب وأكثر تألقا وإشعاعا بالرغم من من كل المجريات والأحداث التي عاشتها. ففي حياة رشيدة داتي دائما ثمة فسحة أمل كلما انسد الافق.