شغلت رشيدة داتي منصب وزيرة عدل في حكومة نيكولا ساركوزي الحالية واحتفظت بمنصبها هذا بالرغم من التعديل الحكومي الأخير. وقد كانت كل وسائل الاعلام الفرنسية المكتوبة، والمسموعة والمرئية تتحدث عن إمكانية تخلي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن رشيدة داتي بعد وضعها للطفلة زهرة. غير أن لا شئ من تكهنات الصحافة حدث، بل زاد وضعها ل«زهرة» توهجا وتألقا و اهتماما. الصحفي جيل گيتنر يستعيد في كتابه «راشيدة داتي، لو نتحدث عنك»، الذي اصدره ثلاث أسابيع قبل وضع رشيدة داتي للابنة زهرة، يستعيد لحظة تعيينها في منصب وزيرة العدل. في كتابه يقول جيل گيتنر للسيدة الوزيرة وبشكل مباشر وواضح « أنت المرأة الأؤلى على رأس وزارة العدل المرأة الأولى لكن لست المرأة الأولى في تاريخ الحكومات الفرنسية». ويستطرد قائلا إنك أول امرأة من أصل مغاربي وابنة مهاجر وإن كان جيل يرفض هذه التسيمية لما له من إيحاء عنصري في تاريخ الجمهورية الفرنسية تتبوأ منصبا في وزارة سيادية، وهي وزارة العدل. جيل گيتنر يذكر رشيدة أنها ليست المرأة المغاربية الأولى المشاركة في حكومة من حكومات فرنسا المتعاقبة. وللتأكيد على ذلك، عاد هذا الصحفي الفرنسي المعروف برشيدة بداتي، إلى سنة 1959 في مرحلة حكومة ميشال دوبري، حين شغلت نفيسة سيد كارا، استاذة الآداب المنحدرة من سطيف ووافتها المنية سنة 2002 عن سن ناهز 92 سنة منصب كاتبة الدولة المكلفة بالقضايا الاجتماعية في الجزائر. وإذا كان الكل قد تحدث عن أن الاشتراكي بيرنار كوشنير هو من كان اقترح على المغربية رشيدة داتي الترشح باسم حزبه في الانتخابات الاوربية لسنة 1994، لكنها رفضت العرض حينها، فجيل گيتنر يسترجع مع داتي لحظة لقائها ببيرنار كوشنير، وزير الصحة الأسبق وتعبيرها له عن رغبتها في الاشتغال في ديوان وزاري. جيل قال إن ببيرنار اجابها أنه ينتظر زيارتك. فكان لرشيدة ما أرادت مشيرا إلى أن رشيدة نجحت في اغراء كوشنير. ليست المرة الأولى يكتب جيل گيتنر التي تلعب فيها رشيدة ورقة الاغراء بنجاح. ويحكي جيل مخاطبا داتي: «ذلك اليوم بمسرح الأمبير، كان ثمة من هو أحسن من بيرنار كوشنير. وأكثر تأثيرا. إسمه جان لوك لاگاردير. الرقم الاول في صناعة التسلح في أوربا ومالك المجموعة الاعلامية الأكبر في البلاد. انه صيد ثمين» يصف سقطة رشيدة على جان لوك لاگاردير بالمدوية خاصة وقد خاطبته قائلة: «أحلم أن اشتغل معك».ما إلا أن احمرت وجنتي جان لوك لاگاردير وقال «هذا لطيف.. هل يمكنك أن تخبريني أكثر»: فأعادت الكرّة «أريد أن أشتغل معك». بهذا يقول جيل گيتنر ودعت داتي الالتحاق بديوان الوزارة، وفتحت باب «اصطياد» الفرص، فالوصولية لا حدود لها عند داتي يرى كتب جيل گيتنر. رئيس التحرير المساعد في مجلة «الاكسبريس» لاحظ من خلال نبشه في حياة رشيدة داتي أن اسلوب الاغراء كان عملة السيدة الوزيرة منذ سنها المبكرة في تعاملها وطريقها السالك لتحقيق النجاح. فقد عاد جيل گيتنر برشيدة الى الصف الخامس الاعدادي حين كان مطلوب منها أن تقدم أمام زملائها الطلبة عرضا حول دور «العمداء في الجمهورية الفرنسية»، و فصل في كيفية استفادتها من خبرة روجي لاغرانج الذي انتخب مشتشارا جماعيا منذ 1965، وهو تاريخ ولادة رشيدة داتي. محاسنها وجادبيتها مكناها من صياغة عرض حول الموضوع أثار إعجاب اساتذتها وزملائها في المدرسة. نفس العملة نجحت بها في تحقيق مكانة جيدة غي مؤسسة «آفون» للبيع المباشر للمواد التجميلية. جيل گيتنر يسترجع مع رشيدة تاريخ حصولها على شهادة الباكالوريا سنة 1983 شعبة البيولوجيا. وكيف حولت مسارها من التوجه لدارسة الطب في ديجون إلى دراسة القانون في ذات الكلية، وأسر أنها حصلت على دبلوم الرسات الجامعية العامة في العلوم الاقتصادية خلال ثلاث سنوات عوض عامين، ويرجع السبب إلى كونها كانت تشتغل بالموازاة مع الدراسة. وقد اشتغلت رشيدة داتي في مصحة «سانت ماري» بمنطقةشارلون وذلك بين 1984 و1987. جيل گيتنر لم يترك مكانا في خريطة حياة رشيدة داتي إلا و بحث فيه، و لم يترك مرحلة من عمرها إلا ونبش في تفاصيلها، ولم يترك مجالا في حياتها الشخصية والمهنية إلا ورصده. وخلص جيل في رصده لحياة داتي أنها رحلة تحققت فيها جملة من النجاحات، بالرغم مما عاشته من اخفاقات كذلك.