تعتبر مدينة الدار البيضاء الشريان الاقتصادي النابض داخل المغرب، فهي ليست العاصمة الاقتصادية فحسب، بل تعد الواجهة الاولى للمغرب المعاصر، توجد بها اغلب المرافق الاساسية وتشتغل بها نسبة كبيرة من اليد العاملة، وتعد الوجهة الأولى للهجرة الداخلية. سبّب الانفجار الديمغرافي في هذه المدينة عجزا على مستوى النقل الحضري، والمثال على ذلك تزاحم مئات المواطنين كل يوم، خصوصا خلال أوقات الذروة في الحافلات والطاكسيات. بعض سائقي الطاكسيات أصبحت لهم قوانينهم الخاصة، والموضة الجديدة هذه الأيام تتمثل في تحديد خط السير على هواهم، ضاربين بذلك عرض الحائط مصلحة المواطن. يشترط بعض أصحاب الطاكسيات الوجهة على الزبون وخاصة خلال الفترات مابين 7,30 و 9.30 صباحا و 6,00 و 7.30 مساء ، وكنموذج ما يعانيه الركاب بحي الألفة ، حيث يجدون صعوبة في التوجه إلى مركز المدينة، وذلك لرفض بعض السائقين إكمال الرحلة ، واعتبار المعاريف محطتهم النهائية ، علما بأن المسار العادي ينتهي في وسط المدينة!! هذه الظروف تضطر المواطن العادي للجوء الى ركوب الحافلات التي بدورها يمارس بعض المشتغلين فيها سلطتهم «الاستفزازية» على هذا المواطن، بداية من السائق مرورا بالقابض ، وصولا الى المراقب.. كل يمارس سلطته حسب ما أوتي منها... وكأن الانتظار الطويل في المحطات والتزاحم لا يكفي المواطن، فركوب حافلة في الدارالبيضاء أضحى كارثيا ، حسب رأي بعض الركاب. إن المواطن البيضاوي المستخدم لوسيلة النقل هاته صار كتلة مشحونة بالعنف، أبسط حركة أو كلمة غير مقصودة من مواطن آخر قد تؤدي الى عراك شديد... هذا العنف الموقوت وراءه عوامل كثيرة، منها الطريقة التي يتكدس بها المواطن داخل الحافلة والتي شبهها أحد الركاب بشاحنات نقل خرفان العيد! ناهيك عما يحصل داخلها من أعمال سرقة وتحرش جنسي لاتسلم منه حتى التلميذات الصغيرات!! وتسول وبيع الأشرطة الدينية وخلافها.. عملية البيع هاته تساهم في تزايد ما يسمى بالتلوث الضجيجي، هذا علما بأن هناك « مذكرات » مثبتة داخل الحافلات ، سواء تعلق الأمر بحافلات «مدينا بيس» أو بعض حافلات الخواص، تمنع التسول أو البيع ! هذه المحن كلها لا تساوي شيئا أمام معضلة اختناق السير التي أضحت السمة المميزة لشوارع وملتقيات الطرق بعاصمة «المال والأعمال والأسمنت »... طول مدة الانتظار وقلة الحافلات تجعل المواطن يتساءل: هل الأمر يتعلق بنقص في اسطول الحافلات أم لأسباب أخرى ؟ متى يتم التخفيف من وطأة النقل هذه عبر توفير حافلات جديدة ، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية تخصيص حافلات للطلبة والتلاميذ وبكمية معقولة ؟ إن تحقيق هذه الاساسيات، يقول أحد الركاب ، سيقلص ساعات الانتظار ،التي تسبب غضب و توتر أعصاب المواطن البيضاوي، وبالتالي لن يوجه سخطه لا تجاه راكب آخر ولا صوب الحافلات بتخريب نوافذها وأسقفها وتكسير وإتلاف مقاعدها، كما أن هذا الأمر يصب في مصلحة شركات النقل الحضري و أصحاب الطاكسيات، وسيساعد الطلبة / التلاميذ على الوصول الى اماكن تحصيل العلم في أجواء طبيعية، دون أن ننسى تخفيض عدد حوادث السير والرفع من الإحساس بالمواطنة.