قدم عدد من الباحثين يوم الاثنين الماضي بمراكش تجربة بعض مناطق المغرب في مجال الهجرة الداخلية وحركات التمدن وذلك ضمن ندوة « الهجرات الداخلية والتمدن في العالم العربي « التي انعقدت في إطار المؤتمر العالمي ال` 26 . وشكلت هذه الندوة فرصة لإطلاع المؤتمرين على التحولات التي عرفتها عدد من المراكز الحضرية بالمملكة بفعل النمو الديمغرافي خاصة منها التجمعات السكانية بالمناطق الفوسفاطية، والدارالبيضاء الكبرى ومنطقة سوس خاصة مدينة أكادير وقال الباحث عبد العزيز عديدي من المعهد الوطني للتهيئة والتمدن في مداخلة له حول موضوع (الساكنة الحضرية في التجمعات السكانية الفوسفاطية المغربية : من التنميط إلى الانتقال الديمغرافي) إن صناعة الفوسفاط شكلت عاملا محددا في تحويل الفضاء الحضري في بعض مناطق المملكة، وساهم في استقطاب عدد كبير من المهاجرين مشيرا في هذا الصدد إلى نموذج مدينة خريبكة . وأضاف أن النمو الديمغرافي في هذه التجمعات السكانية عرف تطورا متسارعا وغير متكافئ حيث أن غالبية المهاجرين نحو هذه المناطق كانوا من عمال المناجم في حين ظلت هجرة النساء ضعيفة جدا. غير أن هذا النمو ، حسب السيد عديدي، لم يدم طويلا بفعل السياسة الاجتماعية التي انتهجها المكتب الشريف للفوسفاط والمتمثلة أساسا في إنشاء أحياء سكنية لفائدة العمال . وفي معرض تناوله لموضوع « تدفق تيارات الهجرة الداخلية في منطقة الدارالبيضاء باعتبارها قطب جدب هام : من الهجرة القروية إلى ظهور تيارات هجرة العودة في جهة الشاوية ورديغة (سطات)» ، أكد الباحث امبارك بوشهبون من المندوبية السامية للتخطيط أن الهجرة الداخلية تعتبر ظاهرة وطنية حيث أن نسبة 25 في المائة من السكان هم مهاجرون، مضيفا أن جهة الدارالبيضاء تشكل قطبا وطنيا للهجرة حيث تستقطب لوحدها 15 في المائة من مجموع تدفقات المهاجرين على المستوى الوطني . ومن بين السكان المهاجرين الذين يتدفقون على جهة الدارالبيضاء الكبرى، يضيف السيد بوشهبون، نجد المنحدرين من منطقة الشاوية ورديغة التي تظل إحدى المناطق الأكثر تصديرا للهجرة وذلك على الرغم من الموارد الفلاحية الغنية التي تتوفر عليها وثقلها الاقتصادي . وأضاف السيد بوشهبون أن الهجرات الداخلية التي كانت في السابق محكومة بأسباب طبيعية وعلى رأسها الجفاف، تتجه اليوم لأن تصبح هجرة موجهة نحو الأقطاب والمجالات الحضرية التي تعرف دينامية اقتصادية مهمة . من جانبه، قال الباحث عثمان حناكة من جامعة ابن زهر بأكادير في مداخلة له حول (التطور الديمغرافي والديناميكية الحضرية في جهة سوس (جنوب المغرب) أن هذه المنطقة عرفت بدورها على مدى 44 سنة (1960 2004) دينامية ديمغرافية تسير بوتيرة سريعة بمعدل 34 ألف شخص سنويا، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذا النمو يتحقق بشكل غير متوازن بين العالمين الحضري والقروي . وأوضح أن الساكنة القروية ارتفعت خلال هذه الفترة ب 430 ألف نسمة في حين تضاعف حجمها في العالم الحضري تسعة مرات ليصل إلى 2ر1 مليون نسمة . وقال إن هذا الارتفاع الكبير لسكان المدن ينعكس على تنظيم المجال الحضري لمنطقة سوس التي تضم حاليا 21 مركزا حضريا مشيرا إلى أن التمركز الحضري في السهول والساحل على الخصوص نتج عنه ضغط كبير على النظام البيئي. وفي موضوع (التغيرات الديمغرافية لمدينة جديدة كبرى جنوب المغرب : أكادير الكبرى) أكد الباحث إبراهيم كيدو من نفس الجامعة ،أن المدينة انتقلت من قرية صغرى إلى مدينة متوسطة ثم مركزا حضريا ضخما . وأكد أن هذه التحولات الديمغرافية انعكست على سلوكيات السكان خاصة عل مستوى الخصوبة التي تسجل تراجعا مستمرا، موضحا أن هذا التراجع يعود بالأساس إلى عامل الحداثة وتغيير أنماط العيش لدى السكان وارتفاع المستوى التعليمي للنساء .