نقلت أسبوعية «لافي إيكونوميك» عن مصادر موثوقة من وزارة الاقتصاد والمالية، خبراً مفاده أن مشروع القانون المالي لسنة 2010، المرتقب عرضه على البرلمان، يتضمن بنوداً تفرض التخلي عن إعفاء مادة السكر من الضريبة على القيمة المضافة، وإخضاعها لنسبة 7% ليرتفع بذلك سعر القالب من حوالي 12 درهما إلى حوالي 12,55 درهما، كما يتضمن رفع نسبة الضريبة المطبقة على استهلاك الماء من 7% إلى 10%، وإذا ما تحقق ذلك، فمعناه أن مشروع صلاح الدين مزوار سيعوض كلفة تنفيذ الشطر الأخير من مخطط تقليص معدلات الاقتطاع على الضريبة على الدخل بالمداخيل الجديدة التي ستتحملها الأسر مقابل استهلاك مادتين حيويتين من قبيل الماء والسكر. وفي حالة ما إذا تم التشبث بهذه التعديلات، فإن المشروع سيكون عملياً قد اختار التوجه نحو تحميل الأسر الفقيرة والمحدودة الدخل، قسطاً هاماً من أعباء الضائقة المالية التي فرضت العودة إلى الاقتراض من المؤسسات الأجنبية بعدما قطع المغرب، طيلة حوالي عقد من الزمن، أشواطاً بعيدة في مجال تقليص الدين العمومي، وخاصة منه الدين الخارجي، والقبول بهذا التوجه معناه القبول بمنطق تحميل الحلقة الضعيفة في المنظومة الضريبية، المزيد من الأعباء عوض التخفيف عنها، تماشياً مع التوجيهات الملكية الرامية إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بالتنمية البشرية وبمحاربة الفقر. إن المغاربة يستهلكون حوالي مليون طن من السكر في السنة، وعلى اعتبار أن سعر الكيلوغرام الواحد يقدر ب 6 دراهم، فهذا معناه أن إخضاع مادة السكر للضريبة على القيمة المضافة، سيؤمن لخزينة الدولة مداخيل في حدود 70 مليون درهم، أي 7 ملايير سنتيم. أمابالنسبة للماء فبعد أن كان من المفروض دعم سياسة توسيع شبكة الربط بالماء الصالح للشرب بخطوات جديدة تؤمن رفع حصة الاستهلاك الفردي الخاضع لتسعيرة الشطر الأول المدعم إلى المستوى المحدد من طرف منظمة الصحة العالمية، باعتماد إجراءات تحفيزية تؤمن الاستعمال الأمثل للماء وتثمينه دون تبذيره أو تضييعه، فإن الرفع في معدل الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على استهلاك الماء من 7% إلى 10% فسيساعد على الحد من قدرات الأسر على الاستهلاك، خاصة أن فاتورة الماء تعتمد في احتساب كلفة التطهير التي تطبق حتى على المساكن التي ترتبط بشبكة التطهير. لقد كان من المرتقب أن تتجه الخيارات الحكومية نحو التخفيف من تحملات صندوق المقاصة عبر الفصل، عند تحديد سعر السكر، بين الاستهلاك الأسري وبين الاستهلاك التجاري، وكان من المرتقب أن تتجه الخيارات الحكومية نحو تشجيع الزراعات السكرية للتخفيف من فاتورة الاستيراد التي حددت إحصائيات مكتب الصرف قيمتها في 2088,4 مليون درهم بعد أن استورد المغرب 624,8 ألف طن من السكر حتى متم يوليوز 2009 أي بزيادة بلغت، مقارنة مع نفس الفترة من 2008، قيمتها ب 60,3% وقيمتها ب 31,5%،٭٭٭ ولكن يبدو أن الحرص على إخضاع المزيد من السلع إلى الضريبة على القيمة المضافة يطغى على باقي التوجهات الاجتماعية، وبذلك صار من المحتمل أن تتراجع الحكومة الحالية حتى عن مبدأ عدم رفع أسعار الغاز المستعمل من طرف الأسر في الطبخ. لا أحد يجادل في ضرورة مواصلة مسلسل إصلاح النظام الضريبي، غير أن الإصلاح الحقيقي لا يعني بالضرورة استعمال ضريبة القيمة المضافة كورقة تؤمن تحقيق المزيد من المداخيل، وإنما يعني التوجه نحو العدالة الضريبية التي لن تتحقق إلا بالتوجه نحو الأغنياء والأثرياء لتغطية العجز المالي عوض التوجه إلى ذوي الدخل المحدود الذين يواجهون باستمرار صعوبات في توفير الشروط الدنيا للعيش الكريم، فالحكم الحقيقي على نوعية التدبير لا يكون في سنوات الرخاء، وإنما في السنوات العجاف، والأمل هو أن ينصب الاجتهاد نحو التغلب على الضائقة باعتماد مشاريع تنموية تثمن الاستثمار العمومي في البنيات التحتية، وتشجع على خلق المزيد من مناصب الشغل وعلى الرفع من القدرة الشرائية في السوق الداخلية، أما المزيد من الضغط على المغلوب على أمرهم، فلا خير يرجى منه.