لم يتسن للمغرب أن يحسن موقعه في كوكب الدول التي تحفل بالسعادة. ولم يجد المكلفون بتقييم سعادة البشرية ما يدفعهم الى أن يجعلونا في مراتب متقدمة من سلم الرفاهية والسعادة. فحصلنا، الى جانب دول المغرب العربي، على مراتب متوسطة،بين دول افريقيا السائرة في طريق ال... الشقاء والدول الاسيوية السائرة نحو الحزن. كل ما نعرفه عن السعادة هو ابتسامة طويلة وعريضة ، تعلق ، على شفاهنا المعلقة بدورها في أفيشات السياحة والاستقبالات. قد تكون سعيدا بالفعل إذا لم تكن تقرأ كل صباح أن الاطفال يقتلون يوميا على يد الاهل وعلى يد الخادمات، وقد تكون سعيدا بالفعل إذا كنت لا تقرأ كل صباح أن الخادمات الصغيرات مبرر معقول لزوجات بعض القضاة لتنفيذ حكم الاعدام النفسي والتنفيس عن احتقان حياة زوجية غير سعيدة. أين هي سعادة الخادمة فعلا؟ في عرض جسدها لسادية الزوجات، ولسن فقط زوجات من سلك القضاء، بل من كل الأسلاك (من السلك الحديدي) في المجتمع، أو في قتل الابناء لأن التعاسة أوصلتها الى درجة الجنون؟ وقد تكون سعيدا أيضا إذا لم تقرأ كل صباح تحاليل سياسية واجتماعية تعمل على إلصاق المغربية والمغربي في حالة يأس مطلق، سواء كانت رسمية أو غير رسمية بدون أن تتدخل قوات الامن ، كما حصل في استراليا عندما دعت الشرطة الاسترالية وشخصيات أهلية الى المساعدة في القبض على أشخاص مجهولين ألصقوا رجلا على مقعد مرحاض عام، ما استتبع عملية إغاثة محرجة للضحية. فقد نقل الرجل الى المستشفى ومقعد المرحاض لا يزال ملتصقا بقفاه بعدما استخدم دورة مياه عامة في مركز تسوق في مدينة كيرنز السياحية شمال شرق البلاد. وتبين أن اشخاصا مجهولين عبثوا بالمرحاض وطلوه بغراء ما بغرض التسلية. هم سعداء ولا شك بما فعلوه ولكن هو لا! ويمكن أن تكون سعيدا عندما لا تجد مسؤولين في بلدك يعتبرون السعادة مجرد فكرة يحشو بها بعض الحالمين رؤوس الفقراء والبسطاء من الناس، بدون الحاجة الى دليل يثبت أنها مشاع بين البشر! هي ذي السعادة الممكنة في بلد يبحث عنها. والسعادة عندما تبحث عنها، لا تجدها دوما في كراسات المراهقين وفي أثمنة الفضاءات العامة للتجارة إنها أيضا في كتب الصيف وفي كل الاعشاب. السعادة يجدها البعض في كتب الاكتمال الجنسي، في الكتب المرصوصة على طول المكتبات في الشوارع الضيقة ، كما في الشوارع الدولية للمدن. والسعادة أيضا، وهذا هو المهم، تكون عامة. فهل هي الصدفة وحدها التي جعلت البلد الاكثر سعادة والاول من حيث الرفاه في سلم المرتبين العالميين للسعداء، هو أمريكا؟ نعم في أمريكا كان آباء الثورة يتحدثون عن السعادة العامة، في الوقت الذي كان فيه آباء الثورة الفرنسية يتحدثون عن الحكومة الثورية..! فالتعريف الامريكي للسعادة العامة ، كما قدمه جوزيف وارين في عام 1772 « يعتمد على تعلق فاضل وثابت بدستور حر». ولعلنا في فترة من فترات التفكه السياسي يمكننا أن نقارن هذا البحث عن السعادة العامة لدى المغاربة ،كما لدى الامريكيين، في بناء مجتمعات في «الخارج». فقد قال جيفرسون عن السعادة العامة أن «أسلافه هاجروا من بريطانيا الى امريكا لانها تشجع على السعادة العامة». وعليه فالهجرة أيضا، كما في السابق، طريق الى السعادة، ومن يقبل بغير ذلك ما عليه سوى أن يقف عند مداخل الموانئ المغربية. آخرون يعرفون بأنه لا يمكن أن يكونوا سعداء إذا كانت «سعادتهم تقع فقط في الحياة الخاصة». علينا أن نتأمل ذلك المثال الامريكي، خصوصا مع ما أصبح للمدرسة الامريكية من أثر ونموذجية في بلادنا والذي يرى أن «إعلان الاستقلال يتكلم عن السعي وراء السعادة».