في الوقت الذي افتتحت فيه دار الثقافة خلال يونيو2007 بقلعة امكونة بدعم من الاتحاد الأوربي، في إطار رفع الغبن والحيف عن النقط السوداء في المغرب القديم(قلعة امكونة/أكدز وغيرها من المناطق)، استبشر السكّان والفاعلون الجمعويّون خيرا، إذ أيقنوا أنّه فضاء كفيل بلملمتهم وتمكينهم من إبراز طاقاتهم، والكشف عن الكنوز التي يزخر بها التراث المحلي بالمنطقة، بعد عقود من التهميش والصمت الرسمي القاتلين. وبالفعل فقد شهدت فضاءات الدار أنشطة لا بأس بها خلال الموسم الفارط ، وإن كانت كلّها قد نهضت على كاهل الفاعلين بالمنطقة من رجال التعليم وغيرهم، في مبادرات تضحويّة يؤطرها عشق العمل الثقافي، والخشية من الموت البطيء للطاقات والمواهب المبدعة بالفعل. إلاّ أنّ دار الثقافة ظلت رغم كل ذلك مشلولة بعديد مرافقها، على سبيل المثال، المكتبتين الخاصتين بالكبار والصغار، إذ أضحى الآباء يتوافدون على الدار لتسجيل أبنائهم منذ مطلع السنة متجشمين تكاليف التسجيل فرحين بتواجد مكان لاحتضان أبنائهم، غير أنّ أحلامهم أجهضت بسبب إهمال المسؤولين بهذا البلد الأمين،واعتقادهم الخاطئ بأنّ بناء المرافق والفضاءات في غياب الموارد البشريّة، كافٍ للتنمية المنشودة. كيف يعقل أنّ تسيّر دار طويلة عريضة للثقافة بموظفين(مديرة وتقني)؟ يراد منهما الإشراف على المرافق و التسجيل، والأنشطة، والمكتبتين وقاعة الإعلاميّات، وغيرها من الأمور وطبعا هذا فوق طاقتهما مهما كان اجتهادهما، والنتيجة أنّ جل الفضاءات معطوبة ومغلقة، والسنة مرّت بيضاء لأولئك الذين كانوا ينتظرون تفعيل مرافق الدار، وهاهي هذه السنة تلحق بها أيضا، إذ لا رياح تغيير تبدو في الأفق، و دار لقمان لازالت على حالها، ولازال السكان والفاعلون بقلعة مكونة يتساءلون عن "محلّ هذه الدار من الإعراب" في غياب الموارد البشريّة وعدم مرونة القوانين، على الأقلّ فيما يتعلق بإشراك الفاعلين الجمعويين والثقافيين في تسيير وتدبير مرافق دار الثقافة إلى حين فكّ مشكل الخصاص، فيقابلون بالخيبة، ويقرضون أصابع الندم والحسرة، في انتظار الذي يأتي ولا يأتي. إنّه منطق التدبير والحكامة الذي نتحدث عنه في مغرب اليوم للأسف، فهل من حياة لمن ننادي؟