لم يستطع موسم قلعة امكونة للورود( وأقول موسم رغم إصرار البعض ومنهم المسؤولون على نعته بالمهرجان) في دورته 46 لهذا العام(2و3و4 ماي2008) تبديد تلك الصورة التي انطبع بها في مخيال العامّة والخاصّة خلال السنوات الأخيرة، وهي صورة ليست سارّة في كلّ الأحوال، إذ أضحت المناسبة السنويّة مجالا خصبا لتناسل ظواهر من قبيل: السرقة،الدعارة، التحرش والعنف جرّاء تعاطي الكحوليّات وغيرها. ونأت كلّ النأي عن معناها الحقيقي والطبيعي باعتبارها فرصة للاحتفال بالجمال، والكشف عن الفنّ والإبداع، كما كان دأبها منذ 46 سنة خلت، حيث كانت فضاءات قلعة امكونة ميدانا لالتقاء القبائل الأمازيغيّة، واجتماعها على قول الشعر، والتعبير عن الحياة بالرقص والأغنية العميقين، وحيث كان للوردة شأو عظيم باعتبارها رمزا ومعنى تقوم عليه الحياة الاجتماعيّة والعلاقات الاقتصاديّة وغيرها، قبل أن يتدخّل الأجنبيّ لفرض أعراف ماديّة/ربحيّة جامدة ساهمت في قتل معنى الموسم على تباع السنوات، وهذه السنة أيضا لم تختلف عن سابقاتها، من حيث ابتسار الموسم في أهداف اقتصاديّة صرفة. "" حين أصررت على تسمية المناسبة بالموسم وليس المهرجان( وأقصد صيغة الموسم كما نتعارف عليها حديثا من كونها فرصة للبيع والشراء لاغير)، كنت أقصد حضور "الثقافي" ضمن خارطة التفكير والتخطيط والتنظيم، ولأسباب غير مفهومة، أصرّ المسؤولون على إقصاء وتهميش هذا "الثقافي" طيلة هذه السنوات. لقد كان مستساغا إلى حدّ ما من قبل، استمراء هذا الفعل ولو على مضض، في ظلّ غياب مجالات مكانيّة، وطاقات بشريّة بإمكانها احتضان هذا الفعل الثقافي، لكن اليوم، ومع وجود دار طويلة عريضة للثقافة، وأخرى للشباب، وفضاءات متنوعة تساهم في إنعاش "السياحة الثقافيّة"( مآوي مرحليّة وقصبات تاريخيّة في عمق الطبيعة)، لم يعد ممكنا السكوت عن هذه "الجريمة الثقافيّة والحضاريّة"، وترك الحبل على الغارب. عرفت هذه الدورة كما الدورات الأخرى ميزانيّة ثقيلة، وشركاء مساهمين تراوح عددهم هذه السنة 19 مساهما، ولم يتمّ برمجة ولا نشاط ثقافي واحد مميّز يحمل طابع المنطقة، ويبرز طاقاتها، رغم وجود مشاريع بهذا الصدد تقدّم بها فاعلون ثقافيّون وجمعويّون للمسؤولين، الذين كانوا يعترضونهم دائما باللازمة التالية: "ماكايناش الميزانيّة"، ومن أجل ذرّ الرماد في الأعين، وتوهيم المسؤولين الكبار والعامة كما الخاصّة، عمد الأوصياء على الموسم إلى اختلاق لجنة ثقافيّة وجمعويّة، وضمّنوها أسماء لا قبل لها بالعمل الثقافي والجعوي الجادّ، ولم يسمع لها حراك أو صدى إلاّ جعجعة النقد والتنظير على طاولات المقاهي، كل هذا من أجل تحبير الأوراق والتقارير واحتساب الموسم قد أشرك (نظريا) كل فعاليات المجتمع المدني. ما يفترض مبدئيّا في مواسم أو مناسبات من هذا القبيل، هو إعطاء الأولويّة للطاقات المحليّة وتشجيعها، مع الانفتاح طبعا على طاقات أخرى خارجية من أجل المثاقفة والتلاقح المعرفي والجمالي، يبدو أنّ هذا الطرح يشتغل بالمقلوب في موسم قلعة امكونة للورود، سواء خلال هذه الدورة، أو الدورات الفارطة، فبعض الفرق الموسيقيّة والفولكلوريّة المحليّة التي تمّ استقدامها، شهدت مهانة تضرب في عمق الكائن كما تضرب في عمق المنطقة، حيث تمّ نفض اليد منها بمجرد تأديتها لدورها، واضطر بعض الفاعلين الثقافيّين والجمعويّين الذين لا علاقة لهم بالموسم(تنظيما ودعما) إلى إيوائها وتغذيتها، وحتى الفرق التي تكون محظوظة يتمّ الزج بها في مساكن باردة(ليس برودة الطقس وإنما شيء آخر) وقرعاء بشكل مهين، ويتمّ تعويضها بمهانة أكبر( فرقة تتكون من 13 فردا استلمت تعويضا قدره ثلاثة آلاف درهم)، في حين يتم استقدام مغنّ عاد جدا ب عشرين ألف درهم كحدّ أدنى، وتعويض أشخاص يقال أنهم لجنة تنظيميّة(ماذا تنظم؟ الله أعلم) ب ألفين وخمسمائة درهم كحدّ أدنى أيضا، أليس الأمر مهزلة بالفعل؟ قد تبدو هذه الأشياء المخجلة عادية في عرف قليلي النظر، والمرائين،والنفعيين حتى النخاع،وقنّاصة الفرص والثقوب، والمؤلفة قلوبهم على الدرهم والكلمة المداهنة، من كثرة ما تآلف عليها الناس في هذا الموسم خاصّة، وفي المغرب بصفة عامّة، غير أنّ المشين فعلا هو السكوت عليها، والقبول بما يمكن نعته ب "ثقافة الرداءة"، أو"تتفيه الذوق الجمالي العام"، والصمت على إقبار الطاقات والمواهب الحقيقيّة. موسم قلعة امكونة لهذا العام، وللأعوام الأخيرة السابقة، ليس بخير، وليست حقيقته هي ما تروجه وسائل الإعلام، والمسؤولون، إذ يجب على العين أن ترى أيضا ذلك السيّاف الذي يقف على بعد ضربة من الوردة.. تكفي إنصاتة حقيقيّة (مهما صغرت أو قلت) لعمق الشارع لنتأكد أنّ الوضع ليس سليما، وأنّ السير في اتجاه "قتل" الورد، و"اغتيال" الذاكرة، قد أضحى سريعا جدّا، أكثر ممّا نتصوّر... موسم الورود بقلعة امكونة على لسان المجتمع إعداد: سامي دقاقي يكاد يجمع الكلّ في قلعة امكونة على أنّ الدورة 46 من موسم الورود، لم تأت بجديد يذكر بالمرة، إن لم تكن قد ساهمت بالفعل في "قتل" كلّ ما هو جميل، و"الورد" في مقدمته طبعا.. إهانة لسكان المنطقة، كما لطاقاتها وفعاليّاتها، وطبيعتها، وتاريخ موسمها، يوم كان ينتَظَر بشغف وحرقة، لا تعادلهما إلاّ متعة حلوله..دورة رتيبة إلى أبعد الحدود، ارتجال وفوضى أشبه بالقصد، تهميش وإقصاء للطاقات والنشطاء الحقيقيين مخافة كشف المستور.. باختصار،وبالدارجة المغربية "شوهة وصافي"... من أجل المساهمة في تنوير الرأي العام الوطني، ممن يعتمدون كثيرا على ما تورده وسائل الإعلام، والمسؤولون، ارتأينا أن نستقي في هذا الملف آراء بعض أفراد مجتمع قلعة امكونة وفعالياته، الذين كانوا في قلب الحدث، من خلال أسئلة الجديد والإضافة، والتعبير عن تراث وثقافة المنطقة الحقيقيّين، وكذا تفعيل هذه المناسبة بشكل يردّ الاعتبار لذاكرة الموسم، ولولا ضيق المكان والزمان، لأوردنا عشرات الشهادات الملأى بالحزن والغبن على السواء... عبد السلام البومسهولي : أستاذ يصل موسم الورود إلى ربيعه السادس والأربعين، هذا العدد من السنوات قد يراكم بالنسبة لأيّ حدث خبرة مهمّة، وتجربة محترمة في التسيير والتنظيم، كما يكسبه صيتا وشهرة تتجاوز الحدود الوطنيّة، إلاّ أن قلعة امكونة للأسف قد راكمت في السنوات الأخيرة، وضمنها هذه الدورة رصيدا من الفوضى، والارتجالية، والعشوائيّة، إذ أضحى الموسم "سوقا" سنويّة يتوافد إليه الناس للتبضّع والتسكّع، الجديد في هذا السوق، أنّه يتمّ استدعاء وفد رسمي لمشاهدة استعراض يتكفّل المشاركون فيه بتنظيم أنفسهم بأنفسهم، لأنهم دأبوا على فعل نفس الأمر سنويّا، فوضى من الباعة وهواة ومحترفي النشل والسرقة، هذا للأسف ما ميّز "سوق" الورود في دورته 46، وكذلك في دوراته السابقة.. أظنّ أنّ ردّ الاعتبار لقلعة امكونة ولموسمها التاريخي، يكمن في الإشراك الحقيقي للفعاليّات الاقتصاديّة والثقافيّة المحليّة، الجادّة والغيورة فعلا على "الوردة المكونيّة"، لكي تجتهد وتعمل على تجاوز الطابع السوقيّ للموسم، وذلك بجعل القلعة قطبا سياحيّا واقتصاديا وثقافيّا يجلب المستثمرين والسيّاح لتنمية المنطقة، وكذلك بالاهتمام بالمنتوجات المحليّة، والطاقات المحلية أيضا، خصوصا المرأة التي تلعب دورا أساسيا في زراعة الورد بالمنطقة. فاطمة عمراوي: باحثة في تاريخ المنطقة ومعهتمّة بالشأن المحلي: دورة كغيرها من الدورات، صحيح أنّه تمّ استغلال دار الثقافة في عقد ندوتين حول الورود، لكنها لم ترافق بدعاية وإعلان عنهما في المركز، وهو ما جعلهما تمرّان بدون حضور، ثمّ إنّ الدورة كانت أساسا فرصة للتسوّق. ولم تستحضر إلاّ جزءا قليلا من مخزون المنطقة من الأعمال اليدويّة للنساء القرويّات، وبعض الحليّ التقليديّة، وأدوات الزينة، إلى جانب الخيمة الخاصّة بالأدوات التقليديّة اليوميّة، لكن أيّ زائر لها سيلاحظ أنّها فقيرة جدّا، وحضورها يتسم بنوع من الارتجاليّة. أعتقد أنّ إبراز قلعة امكونة يتمّ من خلال: - إضافة معايير: الثقافة، ومعرفة الشأن المحلي، والعطاء فيه لانتقاء ملكة الورود. - إعطاء فرصة للطاقات المحلية من خلال تنظيم معارض لها خلال أيّام المهرجان مثلا في الرسم، والتشكيل، والنحت إلخ. - استغلال فضاء دار الثقافة، ودار الشباب في أنشطة ثقافيّة هادفة لها علاقة بالمجال وخصوصيّاته. - العمل على برنامج للمهرجان يكون أكثر دقّة في الأهداف والاشتغال والتوقيت. مصطفى ناعيم: كتبيّ من وجهة نظري أرى أنّ هذه الدورة مرّت بشكل جيّد وذلك راجع إلى العوامل التالية: العامل الأمني: بفضل الإنزال الأمني الكبير من المدن المجاورة والحيطة والحذر المأخوذين من طرف المسؤولين الأمنيين مرت هذه الدورة بشكل جيد. العمال الاقتصادي: هذه السنة تميّزت بوفرة الورود ممّا أدّى إلى استفادة المحليّين من واردات هذا المنتوج بشكل أفضل مقارنة مع السنة الماضية. عامل المناخ: مقارنة بالسنة الماضية والتي عرفت نزول أمطار غزيرة أدت إلى إيقاف الموسم قبل أوانه. إلاّ أنني أرى أنّه لا هذه الدورة ولا الدورات السابقة قد عبّرت بالفعل عن التراث والإبداع المحليين، لأنّ الموسم أصبح يطغى عليه الجانب التجاري، والدليل عدم استقدام فنانين محليين سواء في الغناء أو الرسم وغيرها من المجالات، بالإضافة إلى ذلك فإنّ ثلاثة أيام غير كافية لقلعة امكونة من أجل تقديم ما في جعبتها من تراث وإبداع وفنّ. من أجل ردّ الاعتبار لقلعة امكونة يجب الاهتمام بما هو اجتماعي، والبنى التحتيّة(المستوصفات، المدارس،دور الشباب) أمّا بالنسبة لورودها فهي على ما يرام... مولاي عبد الرحمن العمراني: كاتب عمومي الدورة 46 من موسم قلعة امكونة وجميع الدورات السالفة عبارة عن كمين لهدر المال العامّ، مع تغييب أيّة محاسبة بالمفهوم العامّ، الموم يغلب عليه الطابع الفولكلوري والتجاري، دون أن يخلف ما من شأنه انّ يؤسس لمستقبل المنطقة باستثناء أكياس البلاستيك، وعلب الكارطون التي تنقلها الرياح أمام المنازل والمحلاّت. إنّ منطقة قلعة امكونة قد حكم عليها أن تكون لوحة فنيّة تسوّق في المجال السياحي وللإثراء على حساب الساكنة، وعلى حساب ما تفتقر إليه من البنى التحتيّة، إذ ليس هناك على الإطلاق أيّ جهة تهتمّ بالجانب التراثي أو الإبداعي على مستوى قلعة امكونة، وليس هناك من يشتغل لحماية أو تنمية مخزون المنطقة، ويبقى كلّ تحرّك بقلعة امكونة رهين بالمناسبة وبحاجة المتدخّل لتأثيث مشهد ما، وليس لخلق تراكم في مجال الإبداع، أو المحافظة على التراث. إنّ ردّ الاعتبار لقلعة امكونة ، لا يقتصر على ورودها التي يجب أن نعلم أنّ تأثرها بالجفاف، وبأحوال الطقس(الجريحة)، رهان خاسر، حيث لا تقاوم عائداتها مصاريف أسبوعين بالنسبة ل 90 في المائة من السكّان، بل يجب على الدولة مشاركة الساكنة في البحث عن بدائل، حيث تبقى الساكنة راعية لأشجار الورد، ليأتي صاحب المعمل في موسم الجني، أي بعد سنة من السقي والتقليم والعناية، ويتوّج استغلاله بتلك البهرجة، ويجب في هذا الصدد أيضا الحدّ مكن الاحتكار للمنتوج والسوق. عبد الهادي حسيني: حلاّق إنّ الدورة 46 من موسم الورود مثل سابقاتها من الدورات لم تعرف أيّ تحسّن، إلاّ أنها منظمة من الناحية الأمنيّة، أمّا من ناحية مخزون المنطقة وموروثها من التراث والإبداع فليس هناك أيّ تشجيع، أو بحث عن مواهبها في شتى المجالات. لذلك كي نردّ الاعتبار لقلعة امكونة وورودها، يجب أن نشجع منتوجاتها، ونحسس سكّانها بمدى أهميّة منتوجاتهم، وتشجيع الشباب القلعاوي في جميع الميادين، وتوفير فضاءات لإبراز المواهب والطاقات. الحسين كورو: موظف بالبريد وفاعل جمعوي الدورة 46 من موسم الورود هي كباقي الدورات، عن لم نقل أقلّ، وتسميتها بمدينة الورد مغالطة يجب تصحيحها، كونها مدينة بين نهرين، ولا فضاء أخضر وسطها. تنظيم هذه الدورة هو طبق الأصل لباقي الدورات السابقة، حيث نفس الديكور، نفس الاستعراض، نفس المجموعات، وشخصيّا أسجّل تغييب الجمعيّات النشيطة في هذا الموسم كما المواسم السابقة، مما أدّى إلى جموده. وعليه فإنّ إخراج الموسم من هذه الجموديّة لن يتأتى إلاّ بإشراك الجمعيّات المحليّة، وتنظيم بعض أنشطة المهرجان في الدواوير المجاورة، ومراقبة مصانع تقطير الورد وتحويل منتوجاته، من طرف لجينة للرفع من جودة المنتوج، ومحاربة الغش في هذا الميدان، وكذا تكريم فعاليّات المنطقة كلّ سنة. عمر أيت سعيد: فنّان من إيجابيّات هذه الدورة تسجيل ارتفاع في السياحة الداخلية(إقليميا ووطنيا)، التعريف بالمنتوجات المحلية الأخرى (الخناجر، الكحل، الجوز)، الجانب الأمني محقق بشكل كبير مقارنة مع الدورات الفارطة. أمّا السلبيّات فتمثلت في غياب أرشيف لجميع النسخ السابقة من الموسم بما فيها هذه الدورة، وبالتالي غياب ذاكرة حقيقيّة، وإهدار مجموعة من الأنشطة. عدم إشراك الجمعيّات الثقافيّة الجادّة. عدم تقسيم الأنشطة على المجال الجغرافي للمنطقة من أجل تخفيف الضغط وتحقيق الاستفادة الشاملة. إهمال وتهميش الطاقات المحليّة(ثقافية وفنيّة) بعدم الالتفات إليها بالمرّة، أو التعامل التبخيسي معها.عدم استغلال الفضاءات الثقافيّة بالمدينة(دار الثقافة/دار الشباب) وتركيز كلّ الأنشطة في الشارع الرئيسي الوحيد بالمدينة. الجانب التقني في الموسم كان باهتا جدّا( ملصق المهرجان/ الأجهزة السمعيّة والإضاءة). ليست هناك استراتيجيّات للتعامل مع غضب الجمهور أثناء الأمسيات الفنية في هذه الدورة أو في الدورات السابقة، ممّا يخلق بعض الانفلاتات( من هذه الاستراتيجيّات تنظيم مجموعة من الحفلات والأنشطة الثقافيّة والفنّية خلال السنة، وليس الاكتفاء بسهرة فنّية واحدة خلال العام). محمّد العمراني: دكتور في الصيدلة الدورة 46 لا تختلف عن سابقاتها، فكلّ عام يتكرّر نفس الشيء، لا جديد في البرامج، ولا جديد في الأطر المنظمة، يتمّ إهمال الجمعيّات والطاقات الشابّة، ولا يتمّ إشراكها في الإعداد والتحضير لهذا الحفل الذي يهمّ جميع سكان قلعة امكونة. كل هذا يجعل الحفل يعرف تخبّطا في التنظيم، وارتجاليّة في البرامج ممّا يجعله رتيبا ومملاّ إلى أبعد الحدود. هذه الدورة كما سابقاتها لا تعبّر عن مخزون المنطقة من التراث والإبداع، إذ كلّ ما تعبّر عنه هو ضيق حسّ الإبداع والابتكار والتخطيط عند المنظمين ولا يكلفون أنفسهم، عناء الاجتهاد لضخ نفس جديد في هذا الموسم. ردّ الاعتبار لقلعة امكونة وورودها لن يتأتى إلاّ بتغيير الأشخاص الذين يقرّرون في هذه البلدة، فهم يحدّدون سعر الوردة بما يناسب أرباب المعامل، ولا يعيرون أيّ اهتمام للفلاح الصغير، وأيضا بالتفكير في مشاريع هادفة لتغيير وجه المدينة التي تعرف فقرا في البنى التحتيّة، وتحويلها من مدينة متسخة إلى مدينة تعبّر عن جمال ورودها. مصطفى جليل: فاعل جمعوي نسخة طبق الأصل للدورات السابقة مع محاولة للتغيير ، و إصرار المنظمين على تجاهل الفاعلين الجمعويين بالمدينة. لا يمكن اعتبار موسم الورود بدوراته المتتالية انعكاسا للموروث الثقافي و الإبداعي بالمدينة لكون الموسم يخضع لحسابات تجارية محضة و بالتالي اهتمام المنظمين بطرق جذب المستهلك ، عبر عدة فقرات غالبا ما تضع الطاقات المحلية خارج الميدان ، باستثناء فرق أحيدوس التي يأتي بها المنظم تارة للتزيين و الديكور و تارة لملء الفراغ عند امتناع أحد الفنانين الكبار عن المشاركة . - يمكن رد الإعتبار لقلعة مكونة عبر تحويل موسم الورود من موسم تجاري / تجاري إلى موسم ثقافي /ثقافي أو على الأقل تجاري/ثقافي ، و ذلك عبر إدراج الطاقات المحلية في فقراته و إدخال الجمعيات و الفاعلين الثقافيين كشركاء أساسيين في التنظيم و التحضير للموسم . الحسين التهامي: فاعل جمعوي مهتم بالطفولة لكل دورة سلبياتها و إيجابياتها ، كل وفق رؤيته لكن و باعتبار ارتباطي بمجال الطفولة و التنشيط التربوي مع من يقاسمونني نفس الهم، ما يحز في نفسي كل دورة هو ذاك التساؤل الطفولي حول الفرجة و الترفيه، إذ يعبر الأطفال عبر أسئلة مختلفة السياق، يتّّحد مغزاها حول ما سبب عدم الإستفادة من حقنا في الترفيه خصوصا و أنه درس في مادة التربية على المواطنة موضوعة حقي في الترفيه، و كأن السؤال موجه لواضعي البرامج و لمقترحي العطل و على صعيد الأكاديميات و على مجالس التدبير في المؤسسات التعليمية. في القسم وبعيدا عن ضوضاء الموسم في الخارج أختلق برنامجا متمثلا في اقتراح مسابقة ترفيهية داخل جدران القسم الأربع، اقترحنا أنا وتلامذتي شعار "وردة مكون" لخلق البسمة في عيون الأطفال، وإخراجهم من الهاجس النفسي الذي عاشوه من خلال إقصائهم من برنامج الموسم، فكانت لعبة للجيمكانا اقترحنا من خلالها أحسن ضحكة و أطول صيحة و أحسن قصيدة و أحسن تعبير ميمي .. لتعلن النتيجة على نبض جرس الإستراحة فكانت عبرها استراحتي النفسية للحيرة الطفولية و التيه المجاني داخل الأسوار و القرحة الداخلية عبر مكبرات الصوت خلف الأسوار... أعتقد أنّ رد الاعتبار لمهرجان الورود يتمّ من خلال الوقوف ضدّ كل عمليات التهميش والتبخيس التي تطال الفعاليات والطاقات المحلية الجادة والحقيقيّة، وإعادة نبض الثقافة الفاعلة، ومحاربة أيّ طرح يسعى إلى تسليع المهرجان واختصاره في البيع والشراء وما تلاهما.. لحسن ملواني: قاص وشاعر اعتقد أن الدورة السادسة والأربعين دورة عادية ،فرغم بعض التغييرات البسيطة ،فالدورة احتفظت بطابعها المعروف في الوقت الذي ينتظر البعض اختلافا يميز دورة عن دورة إبداعيا وفنيا واستعراضيا. مهما كانت الدورة الأخيرة وغيرها من الدورات السابقة فإن الأنشطة المقررة دوما لا تبين سوى النزر اليسير من المخزون الثقافي المتميز للمنطقة الشهيرة بموروثها الثقافي الأمازيغي العريق...فالمعروض أمام الزائر المحلي والأجنبي أغلبه معروضات تجارية هنا وهناك بشكل يحول الحفل إلى بيع وشراء على حساب الإشعار والتحسيس بموروثنا الثقافي الذي يحتاج إلى مزيد من الاهتمام حفظا له من التلف والاندثار. يتم رد الاعتبار لقلعة مكونة بتبادل الرأي والتشاور بين المسئولين ومؤسسات المجتمع المدني ، مع إعطاء الأهمية الكافية للجانب الثقافي والفني للمنطقة لأنه الجانب المهمش حقيقة مقارنة مع الجوانب الأخرى.