تعيش مدينة كلميمة، بإقليم الرشيدية، على إيقاع الغضب بعد ترخيص السلطات لمستثمرين بإنشاء مشاريع فلاحية، عبر استغلال أزيد من 900 هكتار، وحفر آبار وأحواض، على مستوى أعالي عيون مزودة لواحة تضم 3 جماعات، بالمياه، وهو ما اعتبره المحتجون «تهديدا حقيقيا للفرشة المائية واستنزافا للعيون التي تمد الواحة بالماء، وكذا لعيش الساكنة التي ستصبح مجبرة على الهجرة الجماعية، إذا لم يتم تفادي ما يهدد الاستقرار الاجتماعي الذي عرفت به المنطقة على مر السنين»، مشيرين إلى «أن عددا من الشباب سبق لهم أن تقدموا بطلبات للاستفادة من بعض الأراضي فتمت مواجهتهم بالرفض». وأشارت جمعيات مدنية بالمنطقة إلى «أن خطورة الترخيص بإنشاء مشاريع فلاحية بالأراضي الجماعية التي سلمتها الجماعة السلالية لتاديغوست، تكمن في كون الوعاء العقاري الجماعي الكائن في المنطقة المسماة تاريخيا «أمغى»، بين تاديغوست وغريس العلوي،» يدخل ضمن المنطقة الحمراء التي تم منع حفر الآبار والأثقاب المائية بها منذ سنوات، وفق ما تؤكده ترسانة الأعراف القبلية التي نالت الوقار من لدن الساكنة التي لم يسبق لها أن تجرأت على حفر بئر واحدة»، كما أن المنطقة تعد ملجأ للرعي والانتجاع، وتعتمد على عيون تيفوناسين في ري المزارع وصون المحيط البيئي للواحة بما يضمن الاستقرار والاقتصاد الاجتماعيين». جاء ذلك في مستهل عريضة استنكارية، مذيلة بتوقيعات عدد من الجمعيات والتعاونيات، طالبت والي جهة درعة تافيلالت ب «التدخل الفوري لإيقاف أي مساس بالأمن المائي للواحة بعد الترخيص بحفر الأثقاب المائية في منطقة تحظى بمكانة خاصة لدى عموم ساكنة واحة كلميمة»، مشيرة إلى رفض « كل مساس بعالية تيفوناسين من طرف أي مستثمر»، داعية إلى «الاحتكام لصوت الحكمة في إيجاد بديل للاستثمار في مجالات تحتاج إلى الماء مثل التمر المجهول والبطيخ الأحمر – الدلاح»، مشددة على اعتبار «الترخيص بالحفر بعالية عيون بوخازموتامدان مسعود يشكل استهدافا لكل مكونات المجتمع الواحي». وفي ذات السياق، أكدت الجمعيات على أنها «ستواصل الترافع بكل الاشكال القانونية من أجل التعريف بالمخاطر التي تهدد الواحة، والتنديد بأي مساس بعالية تيفوناسين الحمراء»، مع دعوة «كل من يود الاستثمار بمنطقة امغى بعالية تيفوناسين، إلى الانتصار لصوت الضمير في بناء فكر استثماري وطني مواطن لا يسيء لحقوق الجماعات من أجل حقوق الأفراد»، مع التأكيد على «أن لا أحد ضد سياسة الاستثمار»، شريطة»ألا تكون على أشلاء ذوي الحقوق من المجتمع الواحي الذي يعتبر الماء الجماعي صمام أمان الاستقرار والعيش الهادئ على مجال إيكولوجي قوامه الندرة والكفاف». وانتقد بيان الجمعيات المعنية ما وصفه ب «تواطؤ من أي كان من ممثلي الفخذات داخل الجماعات السلالية»، لافتا إلى «إفراز لجن محلية لمواكبة ملف الواحة، والترافع لدى الجهات المختصة، إلى حين تحقق الانتصار للواحة وحقوقها المائية المشروعة»، و«قد تم تشكيل تنسيقية من فعاليات المجتمع المدني بمختلف التوجهات والأطياف لأجل الترافع ضد ما تم وصفه ب «الهجمة على الأمن المائي لواحة غريس» أو «الجريمة البيئية». هذا وتواصلت تحركات المجتمع المدني الغاضبة رغم تسجيل «خرجات بعض الجهات المسؤولة» المشيرة إلى ما يفيد «بتوقيف أشغال المستثمر إلى حين إدلائه بما يؤكد بأن حفر الآبار والأثقاب لن يؤثر على الفرشة المائية بالمنطقة»، حيث تشدد مكونات المجتمع المدني، ونواب أراضي الجموع، «على عدم القبول بأي تطمينات أو تبريرات، بالنظر لكون المشاريع المخطط لها تقع فوق عيون «تيفوناسين»، وتنزيلها سيؤدي حتما إلى تكرار ما حدث في تنجداد وزاكورة مثلا، بعد تعرض المنطقتين لأزمة العطش، وما أدى إليه ذلك من احتجاجات شعبية غير مسبوقة». وأوضح بلاغ لإحدى لجن الدفاع عن الواحة الضاربة جذورها في التاريخ، أن «ساكنة غريس اختارت النضال المواطن، والاحتجاج بطرق حضارية، دون إخلال بدور المؤسسات ودون خرق للإجراءات الاحترازية»، وأن الساكنة «ستواصل مدها ليد الحوار الرسمي مع كل المؤسسات، بما سيضمن حقوق الواحة في أمنها المائي، وتؤكد ثقتها في القرار الذي اتخذه وزير الداخلية»، مشددة على أن «جميع التنظيمات الجمعوية والحقوقية والسلالية، وكل القوى الحية، أفرادا وجماعات، سيواصلون الترافع المهني واليقظة المواطنة، وسيبقى الجميع على أهبة الاستعداد لمراقبة الوضع ومواكبة المستجدات، حرصا على حماية الواحة من كل استهداف مفاجئ».