دخلت لقاءات فرقاء الأزمة الليبية بمدينة بوزنيقة منطق التمديد من أجل الوصول إلى تفاهم واقعي قابل للتنفيذ في بلد أنهكته الحرب الداخلية وتمدد أطراف خارجية داخله سياسيا وعسكريا، وحسب مصادر مطلعة على فحوى الاجتماعات، التي تتم في سرية تامة وبعيدا عن أعين الإعلام المرابط هنا ببوزنيقة، فإن تمديد يومين أوأكثر أضحى أمرا مسلما به تقابله رغبة الأطراف في التوصل إلى حل بعدما أصبح أمر الحسم العسكري لصالح أي طرف مستحيلا، وفي نفس الوقت تضغط منظمات دولية وعربية وإفريقية من أجل حلحلة الوضع وتنزيل مقتضيات اتفاق الصخيرات السابق. وبتفاؤل أعلن عبد السلام الصفراني، رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة في مشاورات المغرب أنهم «توصلوا إلى تفاهمات بشأن المؤسسات الرقابية، والأسماء المقترحة لقياداتها ما يعني أن هناك تقدما نحو توحيد هذه المؤسسات المنقسمة بين غرب البلاد وشرقها». وتتمثل المؤسسات الرقابية، بحسب المادة 15 من اتفاق الصخيرات، في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام، ومع ذلك فالتمديد يعكس صعوبة التوافق على أسماء بعينها، لكنه في الوقت نفسه يبرز رغبة الطرفين في تحقيق تقدم يعطي أملا لليبيين بعد أن استحكمت عليهم الأزمة من كل الجوانب، خاصة في ظل نفاد أموال النفط واستفحال وباء كورونا، وتوحيد هذه المؤسسات يمهد لإجراء انتخابات على الدستور، الذي أقرت الهيئة التأسيسية صياغة مشروعه، وأيضا انتخابات رئاسية وبرلمانية لإنهاء حالة التمزق. من جهته صرح خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن هذه المشاورات «ليست سوى تمهيد لانطلاق الحوار بشكل رسمي»، ما يعني أن هذه المشاورات لن تخرج باتفاق نهائي، وإنما تحديد نقاط الاتفاق المشتركة، والقضايا الخلافية لرفعها إلى جلسات الحوار المرتقبة في جنيف. ويعتبر لقاء بوزنيقة، الأول من نوعه الذي يجتمع فيه وفدان من معسكري الشرق والغرب، وجها لوجه، منذ هجوم مليشيات حفتر على العاصمة طرابلس في 4 أبريل 2019، لكن سبق وأن زار كل من المشري، وعقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق، المغرب في وقت متزامن، قبل أسابيع، دون أن يجريا لقاء مباشرا، ويأتي بعد أسابيع من زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، ستيفاني ويليامز، إلى المغرب في إطار المشاورات التي تقودها مع مختلف الأطراف الليبية وكذا مع الشركاء الإقليميين والدوليين بغية إيجاد حل للأزمة الليبية. عمق الخلافات بين الطرفين أعمق بكثير، وهو ما دفع وزير الخارجية ناصر بوريطة، لدعوة الأطراف الليبية لأن «تتسم بالواقعية لإنضاج اتفاق الصخيرات». ويتابع العالم لقاء بوزنيقة حيث علق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، على جلسات الحوار الليبي التي يستضيفها المغرب؛ مؤكدًا دعمه «جميع المبادرات التي من شأنها أن تعزز وتكمل جهود السلام الجارية التي يقودها مؤتمر برلين حول ليبيا»، جاء ذلك في بيان للناطق باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، على موقعه الإلكتروني، إذ أشاد غوتيريس بدور المغرب في تحقيق حل سلمي للصراع الليبي، قائلاً:» الاتفاق السياسي الليبي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية العام 2015 هو شهادة على التزام المغرب الحازم بإيجاد حل للأزمة الليبية، إلى جانب الأممالمتحدة». وتابع «نثق في أن أحدث مبادرة للمغرب سيكون لها تأثير إيجابي على تسيير الأممالمتحدة للحوار السياسي الليبي». وأشاد الاتحاد الإفريقي بجهود المغرب من خلال جمع ممثلي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بهدف إعادة تنشيط مسلسل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، في تغريدة نشرها، «أشيد بجهود المغرب من خلال جمع ممثلي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بهدف إعادة تنشيط مسلسل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية». وجاء في هذه التغريدة أيضا أن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي «يشجع الأطراف بقوة على الانخراط في هذا المسار لما فيه صالح الشعب الليبي». من جانبهما أشاد كل من المجلس الأعلى للدولة الليبي وبرلمان طبرق (شرق)، الأحد، بجهود المغرب لحل الأزمة الليبية. جاء ذلك في بيان مشترك عقب اليوم الأول من الحوار بين الطرفين الليبيين، في مدينة بوزنيقة، يومي الأحد والاثنين، كما أشادا ب»سعي المغرب الصادق وحرصه على توفير المناخ الملائم الذي يساعد على إيجاد حل للأزمة الليبية». وأضاف الطرفان أن هذه الجهود المغربية تهدف إلى «الوصول لتوافق يحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي، الذي من شأنه رفع المعاناة عن الشعب الليبي».