على الواجهة البحرية لإقليمالصويرة، وحيثما وليت وجهك على امتداد شريطها الساحلي ، سواء وجهة أكادير أو آسفي، تكتشف محطات ساحلية رائعة حباها الله بسحر آسر، إلا أنها بقيت رهينة وضحية تموقعها داخل جماعات قروية مازالت تكابد لفك عزلتها وربط ساكنتها بشبكة التطهير السائل، والكهرباء والماء الصالح للشرب. على شاطئ الصويرة الذي يتلقف فيك أشياءك الجميلة، وتتنفس قبالته انفعالات حاصرها ضغط اليومي طويلا، تطالع صورة نموذجية لما يمكن أن يكون عليه شاطئ حائز على اللواء الأزرق لعشر سنوات متتالية.لا شيء تركته آلية التدبير المحلية لبرنامج شواطئ نظيفة للصدفة. الكل ينضبط لدفتر تحملات سمح للمدينة بمراكمة مجموعة مكتسبات جعلت من الحيز الحائز على علامة الجودة البيئية فضاء يسع انتظارات المصطافين بمختلف فئاتهم. فماذا لو كان بالإمكان أن ترتقي شواطئ سيدي كاوكي، تفضنة، مولاي بوزرقطون، بحيبح، وامسوان إلى مستوى بنيات استقبال شاطئ الصويرة ؟ سؤال يتردد بحسرة على ألسنة زوار شواطئ إقليمالصويرة حيث تحضر فتنة الطبيعة وتغيب إرادة الفاعل المحلي. طريق الرعب إلى سيدي كاوكي البداية من سيدي كاوكي، حيث نمت المركبات والمخيمات و الاقامات السياحية كالفطر، وعرفت مشاريعها حالة إسهال وصلت ببعضها إلى الإفلاس قبل أن تكتمل في البناء. أمام كل هذا الزخم الذي تعرفه هذه الجماعة القروية ذات الواجهة البحرية الرائعة، يستوقفك بؤس قاتل على مستوى البنيات التحتية الطرقية، والممرات والولوجيات والتشوير. فما أن تنحرف بسيارتك يسارا على الطريق الفرعية المؤدية إلى الشاطئ، حتى تكتشف تقصيرا خطيرا على مستوى الولوجيات. فالطريق إلى شاطئ سيدي كاوكي مسلسل رعب مفروش بالمخاطر . الطريق جد ضيقة، متآكلة الجوانب، علما بأنها مفتوحة أمام الحافلات والشاحنات والسيارات والدراجات. لا يمكن أن تمر عربتان بدون أن تنحرف إحداهما خارج الطريق لتفسح المجال للأخرى. عكس ذلك، سيكون على السواق تحمل تبعات تعنتهم، وبالتالي دفع ثمن الإهمال الذي تعرفه المنطقة على هذا المستوى. فكيف يمكن أن ينتعش المنتوج السياحي للمنطقة في ظل شبه عزلة يفرضها واقع الولوج إليها ؟ عند الوصول إلى الشاطئ ، تكتشف متناقضات غريبة. فمقابل الفنادق والاقامات والمخيمات المشيدة بعناية بالحجر المنجور، كورنيش غير مهيأ، وموقف سيارات عبارة عن أرض خلاء، ومدخل شاطئ مفروش بالحجارة. صحيح أن شاطئ سيدي كاوكي يتوفر على مراحيض وحمامات وهو ما تفتقر له باقي الشواطئ الأخرى، إلا أن أهميته السياحية باعتباره إحدى أهم وجهات ممارسي الرياضات البحرية، لا تعفي الفاعلين المحليين من مسؤولية التقصير على مستوى التجهيزات والبنيات التحتية. لم يعد مسموحا لشاطئ سيدي كاوكي أن يفتقد إلى حاويات الازبال، والى التشوير، والمركز الصحي، على سبيل المثال لا الحصر. هذا الواقع المؤسف يجد مبرراته في الإشكالات الكبرى التي تعيشها الجماعة القروية وخصوصا إشكالي التطهير الصلب والسائل. «تفضنة» أو « تفني» في اللغة الأمازيغية كلمة تفضنة تعني " بيت السخون" في الحمام. إلا أن هذا الاسم لصيق بأروع شواطئ الصويرة على بعد 50 كلم من الحاضرة. يتواجد على الطريق الوطنية الرابطة بين الصويرة واكادير حيث تستوقفك إشارة مكتوب عليها اسم " شاطئ تفني" . تنعطف بسيارتك يمينا، تكتشف تنوعا جغرافيا آسرا مقابل بنيات تحتية مهترئة وطريق جد ضيقة يجب التعامل معها بكثير من الحذر. نهاية الطريق هي الفصل الأكثر خطورة ووعورة، حيث تنحرف وتضيق بشكل حاد لتجد نفسك وأنت تلج إلى شاطئ تفضنة مجبرا على التعامل مع سرعة العربة باحتياط كبير. تبحث عن موقف سيارات مهيأ فلا تجده، هنالك فقط مساحة عارية أمام مستودعات الصيادين التي تحولت إلى دكاكين ومقاه وشقق سكنية مهيأة للكراء. عند مدخل الشاطئ نقطة تفريغ الأسماك التي سمحت بتنظيم وتنشيط النشاط التجاري للصيادين الصغار بالمنطقة. إذا عزّت الأسماك بإقليمالصويرة، تجد ضالتك حتما بتفضنة. الطريق إلى الشاطئ مفروشة بالازبال وبقايا نشاط تقشير الأسماك ونفايات الدواب. و لتنسى كل هذه المعطيات البئيسة، تحتاج فقط إلى معانقة بانوراما شاطئ تفضنة الساحر. المشهد أروع من رائع، فالمحطة السياحية الواقعة في حضن تنوع جغرافي عند سفح منطقة جبلية، أشبه بأيقونة تحضنها راحة يد حانية. تلفح وجهك شمس دافئة، تخوض قدماك في مياه بمنتهى الصفاء، وتحتار في وجهتك. على يسارك تنوع إيكولوجي يضم بحيرات وتلالا ومجالا أخضرَ ومنطقة صخرية متفردة. وعلى يمينك شاطئ هيأته الطبيعة عند سفح الجبل لا يشوش على فتنته سوى نشاط غير منظم لشباب يحترفون تقشير الأسماك. كل هذه المقومات الطبيعية لم تشفع إلى حدود الساعة لشاطئ تفضنة ، ولم تقنع بعد ممثلي ساكنته بتوفير حاويات أزبال، وتهيئة ممرات و ولوجيات، وبناء مراحيض وحمامات، ووضع لوحات للتشوير، وتهيئة موقف للسيارات، وتنظيم الأنشطة ذات الصلة بالصيد البحري حتى لا تكون عوامل مسببة للتلوث. شاطئ مولاي بوزرقطون على الطريق الساحلية الرابطة بين الصويرةوآسفي، شاطئ من أشهر شواطئ الإقليم وأكثرهم ارتيادا من طرف ممارسي الرياضات البحرية. يقع ضمن تراب جماعة قروية وارتبط اسمه بولي صالح وبمحمد الزرقطوني أحد رموز الحركة الوطنية. تمر السنون تباعا كما تطوي أمواج مولاي بوزرقطون بعضها بعضا، ولا شيء يتغير في هذا الشاطئ . الطريق المؤدية إلى الشاطئ من مركز الجماعة وعرة غير معبدة تتسيدها الصخور والحفر. تجد نفسك مضطرا إلى السير بحذر شديد، سواء على قدميك أو بالسيارة. محلات لكراء لوازم ومعدات الرياضات البحرية، مطعم أو مطعمان، فندق، دكان. لا شيء تغير منذ ثلاث سنوات. لا مراحيض أو حمامات، لا إشارات، لا حاويات أزبال، لا ولوجيات، لا تحديد لمناطق الأنشطة البحرية والشاطئية. شاطئ وفيّ لواقعه البئيس ولمرتاديه ، من الأجانب خصوصا، يتنقلون عبر عرباتهم المقطورة في غير حاجة إلى الخدمات والتجهيزات التي عزّت بمولاي بوزرقطون. المؤسف في شاطئ مولاي بوزرقطون، هو الوحشة التي تعم المكان. فلا تحس بدفء الاستقبال أو حفاوته كما هو عليه الحال بتفضنة مثلا. تخرج من حيث دخلت بدون أن يبادرك احدهم بالكلام أو يبادلك قلق التنمية والحفاظ على البيئة وتنمية السياحة الشاطئية بالمنطقة. بحيبح : الماعز والحمير وأشياء أخرى على بعد 50 كلم شمال مدينة الصويرة على الطريق إلى مدينة آسفي، «يستوقفك» شاطئ من أجمل شواطئ الإقليم. وهو شاطئ بحيبح الواقع ضمن تراب الجماعة القروية لاقرمود. محطة سياحية بمؤهلات طبيعية رائعة تتميز بتنوع ايكولوجي متفرد وثروات بحرية أثمرت نشاطا اقتصاديا متمحورا حول الصيد البحري التقليدي الذي تم تعزيزه من خلال مشروع نقطة تفريغ الأسماك التي وفرت مجموعة من البنيات التحتية و الخدمات الأساسية للصيادين ( 200 قارب تنشط بشاطئ بحيبح). عرف شاطئ بحيبح خلال العشرية الأخيرة إقبالا كبيرا من طرف السياح الأجانب وكثير من المغاربة المستثمرين في العقار. كما تم تشييد مجموعة من المنشآت السياحية تقوم على ترويج المنتوج السياحي للمنطقة الذي يرتكز على مقوماتها الطبيعية وواجهتها البحرية. إلا أن واقع الشاطئ أكثر من مؤلم، بل هو الأكثر إيلاما مقارنة مع باقي شواطئ الإقليم. على الشاطئ تصادفك الكلاب، الحمير والماعز. حيث تنتشر فضلات الحيوانات بشكل مؤسف لتلوث رمال الشاطئ ومياهه كذلك. الأزبال تتراكم بدون حسيب أو رقيب، في غياب حاويات للأزبال، ونظام للتفريغ، والماء الصالح للشرب والكهرباء، والتشوير، والولوجيات، والمراحيض، والحمامات ومواقف السيارات. كل المعطيات الطبيعية توفرت لتهب جماعة اقرمود رافدا مهما من اجل تنمية المنطقة بالارتكاز على منتوج سياحي شاطئي متفرد. إلا أن الواقع الحالي لا يساهم إلا في الإساءة إلى سمعة الشاطئ . المرسى التقليدي الصغير وغير المهيأ المتواجد على شاطئ بحيبح، يساهم كذلك في الإضرار بالمحيط الطبيعي للشاطئ، تتراكم الازبال وبقايا نشاط تقشير الأسماك. و بالتالي صار من الضروري التفكير في مشروع مندمج يستحضر مختلف الإمكانيات الاقتصادية للمنطقة ويدعمها بدون أن يضر أي مكون بآخر.