منذ أن توقفت شفتا أبي عن التغريد بالصلاة والأغاني سقطت أهداب الحقول صارت الفراشات لونا واحدا وانغلقت مخارج الدروب لن أقرع بواباتك أيها البكاء لأني فقدت دموعي كلها على أعتاب قبر أشتهيه مزهرا لا يتبوَل عليه الهاربون من الصحو ولا يبيع لشاهده الرخامي الفقهاء آيات التأبين المرَة وأناشيد رثَة عن محكمة السماء أنا أرملة قرن الصواريخ والقمل أشهق كل مساء من سيل الشيب وزخَات التجاعيد على خدَ يحلم بالربيع تشدو حمرته الغائضة لمواكب الأسمال والجوع لنساء متدلَيات كالأغصان البريَة عند مداخل شرارة النشوة حاملات صكوك عفتهنَ المغتصبة كأرائك عطنة تفرض نفسها على الرحيل لن أتقبل عزاءك يا أبي من القتلة ولن أحمل كفني في درب الركوع لي ثأر سآخذه من ثكنات السبحات ومن شقوق مقابر الزيتون والكرم فأمواج القرى المهجورة واللحوم النازحة نحو العملة السهلة والتراب المعتقل للأعراس والأعياد لم يهادنوا ملاءتي السوداء وأزرارها المفتوحة على البحر والثلج كن وطني يا وطني لحظة العبور ثمً كن وطن الياقات النظيفة كقطن والسيارات التي تأكل الطرقات والبشر فلا حلم لي غير قبر ناء تحضنه كأم ثكلى حدائق الياسمين والأرنج ويغني لصمته صعاليك الحضارة العمياء…