هذه القضية تفضح واقع مؤسسات عديدة مازالت تعيش في زمن لاكرامة ولاحقوق فيه للمواطن. هو وحده تغول السلطة سائدا وتلفيق التهم عملة رائجة واستغلال النفوذ لحماية المصالح طريقا. سنقدم الوقائع ونحن على يقين بأن هناك مسؤولا ينصت وينصف في ظل مفهوم جديد للسلطة ، يبادر بكل جرأة لرد الاعتبار للضحايا. هذه القضية لها مسار في كل محطة من محطاته نجد أن القانون ينتهك بشكل سافر والمؤسسات التي من المفترض أن تكون حريصة على حماية القانون تمرغه في مجاري الواد الحار! في مدينة المحمدية تقطن عائلة الدحماني مالكة لعقارها بحي السعادة رقم 302 ، ورثته بعد وفاة عميدها . هذا العقار المتكون من مستويين، الثاني معد للسكنى حيث تقيم العائلة تم كراء مستواه الاول بمقتضى عقدة ليستغله مكتر في حرفة النجارة التقليدية . لكن فوجئ أصحاب العقار بأن هذا النجار التقليدي جاء بثماني آلات وزعها بمساحة لاتتجاوز 72 مترا مربعا، وشرع في تشغيلها بضجيج يفوق أزيز الطائرات ليزعج ليس فقط أصحاب الدار بل كل المنازل المجاورة . وبغبار يتناثر إلى داخل البيوت ويتسبب في اختناقات للأطفال ولذوي الحساسية . ولم تجد الشكايات والعرائض التي رفعها المتضررون نفعا في وقف هذا التجاوز الخطير الذي يضاف اليه تجاوز ثان هو أن شركة ليدك رخصت لهذا النجار باستعمال كهرباء بقوة 380 فولت في 72 مترا مربعا وبحي شعبي آهل بالسكان؟! السكان المتضررون تشبثوا بالامل في أن تثمر شكاياتهم عن بحث ومعاينة وبالفعل انتقلت فرقة من الشرطة الادارية الى عين المكان وانجزت محضرا أبرز ماجاء فيه أن بالبناية شقوقا بواجهتها الامامية والخلفية وبسور السطح . وأن المستوى السفلي هو محل بالرغم من أنه مرخص للنجارة التقليدية إلا أن به ست آلات وأن اللجنة لاحظت تسرب المياه العادمة على مستوى القناة العمودية الموجودة داخل هذا المحل. المجلس البلدي الذي تربط بعض مسؤوليه مصالح مع النجار لم يعر محضر الشرطة الادارية أي اهتمام و لم يحرك ساكنا وكأنه ينتظر أن تحل فاجعة شبيهة بفاجعة حي بوركون وينهار المبنى على ساكنيه أو تهوي أجزاء منه على المارة ! وهذا تجاوز ثالث وإخلال بالمسؤولية. أصرت عائلة الدحماني على أن تطرق باب باشا المدينة شخصيا للمعاينة ويتخذ الإجراءات اللازمة . وبالفعل بعد جهد جهيد جاء السيد الباشا ومعه كتيبة من رجال السلطة . صعد سعادته الى الطابق الاول وتمدد فوق الاريكة وأمر أحد معاونيه بتشغيل الآلات وأقر بالفعل بأن هناك ضجيجا لايطاق واهتزازا بالبناية وكأنها على فوهة زلزال تفوق درجاته 5 درجات . وماكان منه إلا أن أمر بإغلاق الورشة في 5 ماي الماضي . تنفس آل الدحماني وسكان الحي الصعداء وهم يستعيدون هدوءا افتقدوه لأشهر . لكن هذا الهدوء لم يعمر سوى ثلاثة اسابيع ليأتي صاحب المحل ليفتح الورشة دون الادلاء بأي وثيقة تجيز له ذلك . وماكان من اصحاب العقار إلا الاحتجاج مطالبين بحضور السلطات التي جاءت الى عين المكان برئاسة الباشا الذي أمر باعتقال عمر الدحماني وتحرير محضر له بالضابطة القضائية. محضر الضابطة القضائية في صياغته يعد نموذجا يجب أن يدرس في معاهد التكوين . مضحك مُبك مضمونه لأنه أجهد نفسه في اصطناع وقائع ورسم صورة سوريالية ملأى بالحشو والاطناب. وهذا تجاوز رابع. النيابة العامة، وهنا أم التجاوزات، تابعت السيد عمر الدحماني ونعيمة الدحماني بتهم خيالية تتمثل في : انتزاع عقار من حيازة الغير . والحال أن العقار في ملكيتهم ولانزاع في ذلك! الايذاء العمدي : ولاوجود بالملف مايثبت هذا الايذاء. النيابة العامة انتهكت الدستور وبخاصة الفصل 21 الذي ينص على أن لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته. بمقتضى هذه المتابعة التي تشكل خرقا صارخا للدستور تم الحكم على السيد عمر الدحماني بشهر سجنا نافذا و 500 درهم وعلى نعيمة الدحماني بشهرين موقوفة التنفيذ وغرامة 6000 درهم . بقي أن نشير الى تجاوز سادس . الورشة تقع بجوار مؤسسة تعليمية وفي هذه الحال فإن صوت الالات يعلو على صوت الاساتذة ويصم آذان التلاميذ. هذا مسار قضية الى اليوم . وفي انتظار أن تتحرك السلطات الاقليمية لوقف هذه التجاوزات وإعادة الاعتبار للضحايا، نأمل أن لانستفيق ذات صباح على فاجعة انهيار منزل ، ونأمل أن يستعيد الزقاق هدوءه، فهو ليس بمنطقة صناعية ولايتحمل كل هذا الضجيج.