تعيش مجموعة من الأحياء بطنجة، عذابا مقيما بسبب وجود أوراش النجارة والحدادة وماشابههما، حيث يشتكي السكان بهذه الأحياء من الوضع المتفاقم لهذه الظاهرة التي انتشرت بكثرة مؤخرا خصوصا مع عدم وجود رادع قانوني إلا فيما ندر. ظاهرة الأوراش التي تتواجد داخل الأحياء السكنية ذات ضرر صحي كبير، فمن مشكل احتلال الملك العمومي والتلوث السمعي المرهق، إلى التلوث الصلب عن طريق الغبار الذي تطلقه الأخشاب، إلى غير ذلك من أضرار تحدث بسبب وجود هذه الأوراش في مكانها غير الصحيح. المشكلة هي أن هذه الأوراش انتشرت بشكل أكثر حدة في مجموعة من الأحياء الهادئة والحديثة كالإدريسية والبرانص خصوصا. يقول المواطن (ص.م)، 35 عاما: "لقد اكتريت مؤخرا بحي البرانص 2 دون أن أنتبه إلى وجود ورش نجارة قبالة المنزل الذي اكتريته. لأفاجأ بعد هذا بالضجيج الكبير والمفزع الذي تحدثه آلات النجارة بشكل يومي، إضافة إلى الغبار الذي يدخل منزلي علما أنني لا أفتح النوافذ إلا نادرا وإلا دمرت أعصابي وأعصاب أسرتي بشكل كلي بسبب الصخب الذي لا ينتهي. والمصيبة أن صاحب الورشة متحمس جدا، ويبدأ العمل خلال شهر رمضان على الساعة الثامنة صباحا!! ألا يدعو هذا للجنون؟!" ويقول (س.ب)، 33 عاما: " أنا أيضا اكتريت مؤخرا بحي البرانص، وطبعا صاحب الورشة يتعامل وكأنه لا أحد يوجد بالحي لأنه – حسب زعمه – يتواجد قبل الجميع بذلك المكان. لكن السؤال ليس هو من أتى قبل الآخر. السؤال الذي أطرحه، ومعي مجموعة من الجيران: هل من حقه أن يفتح ورشة نجارة في حي يفترض أنه حي سكني، أي أنه معمول للسكن قبل أي شيء آخر. لو كنت أقطن بمنطقة صناعية فسأبتلع لساني وأصمت لأن الحق عندها لن يكون معي.. لكنني – أكرر- أسكن في تجزئة سكنية" فيما يؤكد (م.ن)، 25 عاما: "منذ الصباح الباكر وطيلة أيام الأسبوع، تبدأ إحدى ورشات، المتخصصة في الميكانيك وصباغة السيارات، نشاطها، حيث تتسبب لنا –نحن سكان الزنقة 45 بحي البرانص1- في الضجيج ورائحة كريهة بسبب المواد المستعملة في الصباغ... والمشكل الأكبر هو أن صاحب هذه الورشة يستغل الزقاق كله حيث يتسبب في عرقلة تام لحركة السير بالنسبة للسيارات وكذلك للراجلين... وهذا ما تسبب في العداد من المشادات الكلامية بن السكان وصاحب الورشة... وصلت بعضها إلى مراكز الشرطة لكن بدون جدوى..." وكانت إحدى الجرائد الوطنية قد نشرت مؤخرا خيرا مفاده أن الكاتب العام للولاية مصطفى الغنوشي قد أشرف بنفسه على عملية إغلاق كراج لغسل السيارات بعد أن اشتكى السكان من الإزعاج والضرر الكبيرين الذين يسببهما. الغريب في هذه الظاهرة، كيف تم الترخيص لهذه الأوراش في بعض الأزقة الضيقة، التي يمنع ولا تصلح أساسا أن تتواجد بها محلات تجارية !! هذا الحدث جعل الكثير من الطنجاويين الذين يعانون من تأثير هذه الظاهرة المباشر على صحتهم وأعصابهم وعلى أطفالهم، يأملون خيرا في أن تتم مراقبة هذه الأوراش وإغلاق التي لا تنطبق عليها الشروط الصحية والقانونية. " على الأقل، ينبغي فرض ساعات محددة للعمل لا يجوز لصاحب الورشة أن يتعداها وأن ينضبط لها، ويراعى فيها صحة وسلامة السكان، وذلك أضعف الإيمان" يضيف (ص.م). الغريب حقا هو تواجد هذه الأوراش في أحياء سكنية يضرب بها المثل في السكينة والهدوء، وكأن البعض أبى إلا أن ينغص تلك السكينة على سكان هذه الأحياء. وفي انتظار حل معقول وفعال لهذه الظاهرة من طرف الجهات المسؤولة، تبقى الرسالة الموجهة من طرف السكان لأصحاب الأوراش الذين لايرقبون فيهم إلا ولا ذمة هي : "إذا لم تستح، فاصنع ماشئت".