ليس من صالح المغرب اليوم وغدا أن يستمر في النهج القائم فيما يخص تدبير الشأن المحلي؛ فقد أظهرت التجربة فشلها الناتج عن اختلالات بنيوية هيكليا وماليا وأفقا، وأفرزت نخبا ضعيفة في الأغلب الأعم، كما أبرزت محدودية النتائج والمنجزات، مع ضعف في التخطيط الواقعي و القابل للتنفيذ، وغياب التصور الشمولي للفعل التنموي. إن المغرب اليوم في حاجة إلى إرادة سياسية لا تلين من أجل رسم صورة المستقبل التي تستجيب لكل الرهانات والتحديات التي يطرحها عالم الألفية الثالثة؛ لا بد من إفراز نخب جديدة في عقليتها ومقارباتها، لا بد من تأهيل كفاءات متشبعة بثقافة المؤسسة ، تنطلق من حس عال للمواطنة لممارسة مهامها، كفاءات تدافع و تنخرط في الاختيار الديمقراطي للتدبير المحلي نصا وروحا، تؤمن بغد أفضل لمدننا وقرانا، مدن وقرى يتحقق فيها نمط جودة الحياة، وتحترم كرامة المواطن والمواطنة، كفاءات قادرة على استيعاب ربط المسؤولية بالمحاسبة، تتميز بالنزاهة الفكرية ونظافة اليد والمواطنة بمعناها النبيل والعميق. ومن أهم المداخل العامة إلى ذلك مما يتداول فيه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حاليا في عروضه وندواته على صعيد جهة الدارالبيضاء: 1 إحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات تتمتع بكل الصلاحيات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. 2 إصدار نص تشريعي يقرر إجبارية التصويت للتغلب على ظاهرة العزوف و التشجيع على المشاركة والحد من الفساد الانتخابي، مع الإشارة إلى أن هذا المقترح قد يفهم على أنه تدخل في الحرية الشخصية للناخب. 3 اعتماد البطاقة الوطنية وثيقة وحيدة للتسجيل في اللوائح الانتخابية وفي التصويت. 4 إعادة النظر في نمط الاقتراع بما يضمن قطبية المشهد السياسي وإفراز نتائج معقولة؛ فمثلا في المدن الكبرى التي تتمتع بنظام وحدة المدينة يمكن الترشح في لائحة واحدة على مستوى مجلس المدينة ومجالس المقاطعات واعتماد المعدل الأقوى عوض أكبر بقية، مع رفع سقف عدد السكان فيما يخص الترشح الفرد في المدن المتوسطة والمراكز الحضرية. ويمكن اقتراح صيغ أخرى كالأخذ بنظام الدورتين، أوإعطاء امتيازات للائحة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات. 5 تقليص عدد مكاتب التصويت المعمول بها حاليا إلى النصف على الأقل، ترشيدا للنفقات وتخفيف الأعباء عن الأحزاب السياسية فيما يخص توفير ممثليها في هذه المكاتب. 6 إحداث آلية قانونية توافقية بين الأحزاب السياسية والهيئة المشرفة على الانتخابات بشأن تعيين رؤساء مكاتب التصويت، مع الانفتاح الواسع على قطاعات أخرى في التعيين مثل المتقاعدين وموظفي وموظفات العدل والتعليم والصحة والتجهيز عوض الاقتصار على موظفي الجماعات في الأغلب الأعم. 7 حل الإشكالية الحالية لفرز الأصوات، وخاصة في ظل الورقة الفريدة التي جاءت عوضا عن الألوان التي كانت تسهل مراقبتها، وذلك بالقيام بالفرز بواسطة عاكس الصور الآلي. 8 تعديل مدونة الانتخابات فيما يخص إحراق أوراق التصويت الصحيحة لأنها الدليل الملموس الوحيد لتقديم الطعون أمام القضاء. 9 العقوبات الزجرية الحالية، فيما يخص المخالفات الانتخابية، غير كافية، وخاصة أثناء الحملة الانتخابية، مادامت لا تؤثرعلى ترشح المخالف. 10 التفكير في آلية قانونية لانتخاب رؤساء الجماعات الترابية لمواجهة سوق الفساد الانتخابي التي تقام بهذه المناسبة. لماذا لا يقوم المغرب بانتخاب رؤساء جماعاته عن طريق الاقتراع العام المباشر؟ 11 إعادة النظر في اختصاصات المجالس الجماعية واختصاصات رؤساء الجماعات بما يضمن قوة الهيئات المقررة وحرية المبادرة المسؤولة لمؤسسة الرئيس ذات الطبيعة التنفيذية، مع إصدار المراسيم التطبيقية لكي تكون بعض اختصاصات الرئيس قابلة للتنفيذ. 12 إذا كنا مع إدارة عامة قوية مؤهلة وبحوافز مادية مغرية، تحت الإشراف المباشر لرئيس المجلس، مع مراجعة النظام الأساسي للوظيفة الجماعية بما يضمن كرامة المستخدمين، فإننا ضد التصور الذي يريد الفصل بين الهيئات التقريرية (المجالس المنتخبة) وبين آليات التنفيذ والتدبير شبه مستقلة. 13 تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بالإفراج عن تقارير لجان التفتيش المختصة وإحالتها على القضاء في آجال تحدد بقانون.