التئم فنانون فوتوغرافيون من مختلف مناطق المملكة في معرض جماعي من 17 ماي الجاري الى 20 يونيو المقبل بفضاء التعبيرات التابع لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير ورواق باب الرواح بالرباط، في أفق تقديم نظرة فنية متعددة لمفهوم «الفضاء العام، الفضاء الخاص». هي رؤى من حساسيات فنية متنوعة تنفذ الى مفهوم الفضاء وعمقه في الوسط الحضري، من أجل تفكيك، تركيب وإعادة تشكيل العلاقات المعقدة والمتموجة التي تؤطر الحياة المدينية. عشرات الأعمال الفوتوغرافية، المنبثقة عن مقاربات متنوعة، تسائل العين، بل قد تصدمها وتحضها على طرح أسئلة وجودية حول الشرط المعيشي للكائن المفصول عن الطبيعة والمحشور في بيئة حضرية تحت نير تحديدات معلبة بين فضاء عام وفضاء خاص. بالنسبة للفوتوغرافيين المشاركين في هذه التجربة، المنظمة في اطار «اللقاءات الفوتوغرافية للرباط»، لا يتعلق الأمر بالقبض على مشاهد وحركات عابرة من وحي الصدفة، بل بمقاربة فنية مبرمجة، وبحث فني مفكر فيه يفضي الى إنتاج الصورة التي تعكس فكرة، أو على الاقل، مساءلة وزحزحة رؤى مسبقة ومشاهد مترسخة في الاعتيادي. يقول نبيل بودرقة، الفوتوغرافي الشاب : «بالنسبة لي، كرسام، فإن الفوتوغرافيا واجهة تمكنني من استكشاف أبعاد فنية لا تمكنني منها الريشة والألوان» مضيفا أن بلورة موضوعه الفوتوغرافي تمر عبر مسلسل بحث وتوضيب، وترسى ملامحه في مسودات على الورق. إنه ينطلق من الفكرة، ليبحث عن مداخل لاعطائها الشكل البصري من خلال استخدام تقنيات التقاط الصورة. عبد الغني بيدت، وهو فوتوغرافي وفنان إنشاءات وفيديو، يشدد على أن أعماله الفوتوغرافية، بعيدا عن أي عفوية، هي نتيجة لمقاربة بصرية، وبحث فني ينتظم في مسلسل تجريبي. فبصدد كل تيمة، يبدأ المسلسل الإبداعي بقراءات متنوعة أدبية وفلسفية ، ومسودات ورقية من أجل تجسيد الفكرة قبل الذهاب نحو الصورة. وبخصوص موضوع اللقاءات الفوتوغرافية، قال عبد الغني ان بحثه انصب على التصور الفردي لتأويل الفضاء الخاص مقارنة مع الفضاء العام، مضيفا أن مشروعه الفوتوغرافي تناول الابهام الذي يشوب الحدود بين الفضاءين اللذين يؤطران الحياة الاجتماعية للمجتمع الحديث. بالنسبة لغالبية الفنانين، فن الفوتوغرافيا هو أساسا مقاربات فردية متفردة، ذاتية، ولو جاءت أحيانا متمردة على القواعد المستقرة للممارسة المهنية. فإن كان دارجا أن يطارد الفوتوغرافي المشاهد في تلقائيتها وطبيعتها، فإن للفنان أن يتجرأ على إعادة تشكيل موضوعه وتقديمه في رؤية إخراجية. تلك قناعة هشام بنوحود، الفنان الفوتوغرافي المراكشي، الذي يذهب الى ما وراء التجريد، مستفزا بقوة أحيانا، عين المشاهد، من خلال مشاهد تتعايش فيها مكونات وعناصر «غير متحققة» في اليوميات المعتادة. يذكر أن الدورة الثانية لملتقيات الفوتوغرافيا بالرباط 2017 تنظمها الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، بشراكة مع مؤسسة صندوق الايداع والتدبير ورواق نيكبوس (نيم-فرنسا). وتستقبل الدورة كضيف شرف الفوتوغرافي الفرنسي السويسري زومشتاين مايكل بمشاركة العديد من الفنانين الفوتوغرافيين المغاربة، من مختلف الحساسيات والأجيال.