اعتبر سياسيون ومحللون أن الولاياتالمتحدة لن تترك ملف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل للفراغ أو لأطراف دولية اخرى، أيا كان التقييم الذي سيتمخض عنه لقاء الرئيس الأميركي باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري لبحث الصعوبات التي تواجه المفاوضات المتعثرة. ورأى هؤلاء المحللون ل»الغد»، ان هذا التقييم الأميركي «لن يؤدي الى انسحاب الولاياتالمتحدة من الوساطة في المفاوضات»، مشددين على ان الوضع الاقليمي «متوتر بما فيه الكفاية»، وان أميركا «ليست بحاجة الى زيادة منسوبه»، وان كيري، الذي بدأ مهمته في هذا الصدد، بسقف عال، الصيف الماضي، اضطر بعد اربع جولات لخفض سقف توقعاته، وانه قد يلتفت الى معالجة قضايا ثانوية، دون التوغل في المواضيع الرئيسة. ففيما يعتقد مراقبون غربيون، ان المهم هو استمرارية المفاوضات «بغض النظر عن نتيجتها»، التي سيحل موعدها النهائي نهاية الشهر الحالي، أعلن كيري أنه يريد أن يناقش مع أوباما «الاستمرار في تخصيص هذا الحجم من الوقت والجهد السياسي في عملية، تقوضها إجراءات إسرائيل والفلسطينيين»، بحسب صحف غربية. الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، يعتقد ان الولاياتالمتحدة «لن تنسحب من هذا الملف»، لأنها «لن تتركه للفراغ ولن تتركه لأطراف دولية اخرى». كما ان الوضع الاقليمي فيه «توتر بما يكفي، ولا تريد أميركا مزيدا منه»، اما التكتيك القادم فهو «ادارة الأزمة»، وفقا للرنتاوي، «بمعنى ان كيري بدأ بالمهمة، بسقف عال، واضطر بعد اربع جولات، واصطدامه بموقف إسرائيلي متعنت، الى خفض سقف توقعاته الى اتفاق اطار». ويتابع «والآن واشنطن ستخفض من سقف توقعاتها للمرة الثالثة، الى حد يلامس ضفاف ادارة الأزمة، وليس حلها عن طريق معالجة قضايا وملفات ثانوية، دون التوغل في المواضيع الرئيسية، وربما يعملون على اطلاق سراح دفعة الأسرى، وربما إعلان ملتبس من نتنياهو عن تخفيف وتيرة الاستيطان». كما ان «كل الأطراف لا تريد التوصل الى نتيجة فشل المفاوضات»، وثمة سؤال يحرج جميع الأطراف هو: «ماذا بعد؟» بحسب الرنتاوي. اما بخصوص رأي الرنتاوي الشخصي، حول الجدوى من المفاوضات، فقال «انا مع ان يذهب الجانب الفلسطيني للمفاوضات.. ولكن هل هذا الطريق سيفضي لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه؟ لا». ورأى ان الأوراق، التي يتعين على الجانب الفلسطيني ان يلعب بها هي، «مقاومة شعبية، ووحدة وطنية، والانضمام لهيئات دولية، ومطاردة إسرائيل في المحافل الدولية، ولتفعل إسرائيل ما تريد». من جانبه، يرى النائب السابق والمحلل السياسي حمادة الفراعنة، ان المباحثات الجارية الآن، بين الفلسطينيين والأميركيين والإسرائيليين، تهدف فقط الى استمرارية المفاوضات، «فلم تعد قضية المفاوضات بحد ذاتها هي القضية». وبرأي الفراعنة، فان المفاوضات تهدف الى تسوية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، الذي قال عنه «له حقان، لا ثالث لهما، وهما اولا عودة اللاجئين الى مناطق 48، وفق القرار 194، واستعادة ممتلكاتهم في اللد والرملة وصفد وبئر السبع وعكا»، و»ثانيا اقامة دولة فلسطينية وفق القرار الدولي 181»، اما الباقي فكله تفاصيل، مثل القدس والحدود والأمن، اما الحقان فقط فهما «العودة والاستقلال». ويبدي الفراعنة أسفه لأن ما يجري حاليا هو «حديث عن تمديد المفاوضات»، ف»هناك شروط من الجانب الفلسطيني تتمثل بوقف الاستيطان مقابل تمديد المفاوضات، اما الجانب الإسرائيلي فيريد المفاوضات غطاء لاستمرارية الاستيطان، وليظهر امام المجتمع الدولي ان هناك مفاوضات وسلام، وبحث عن صيغ للتوصل الى تسوية». واعتبر في هذا السياق، ان حكومة نتنياهو تمارس «العنصرية في مناطق 48، والاحتلال الاستعماري في مناطق 67، ولا تريد التوصل الى اي تسوية، بل تسعى لحل القضية الفلسطينية خارج فلسطين». وفيما اذا تعثرت المفاوضات، رأى الفراعنة ان «الأردن لا يتأثر بهذه المفاوضات، التي يريد نجاحها من اجل عودة اللاجئين والنازحين، والتعويض عما قدمه من خدمات لهم»، بحسب عباراته، لأن «قضايا مثل الحدود والأمن والمياه فجميعها قضايا حلت في معاهدة السلام، والقضية العالقة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي هي قضية اللاجئين والنازحين». واعتبر ان الأردن ينحاز للجانب الفلسطيني، لأن له مصلحة في حل القضية الفلسطينية، وعليه ان يدعم منظمة التحرير والشعب والمفاوض الفلسطيني، من اجل استعادة حقوقه من خلال القرارين 194 و181. وشهدت عملية المفاوضات وتحرك كيري أخيرا توترا يهدد بتقويض المفاوضات، حيث كان يفترض ان تفرج اسرائيل في 29 مارس الفائت، عن 30 اسيرا فلسطينيًا، وفقا لاتفاق مسبق بينها وبين السلطة الفلسطينية برعاية كيري، وهو اتفاق اوقفته إسرائيل، ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأسبوع الماضي الى توقيع طلبات الانضمام الى 15 منظمة ومعاهدة دولية في الاممالمتحدة، فيما تم الغاء زيارة لكيري لرام الله كانت مقررة الاربعاء الماضي.