تعتبر الأميرة للا سلمى رمزا لابنة الشعب التي لم تتمكن من الوصول إلى أعلى مكانة داخل القصر الملكي فحسب، بل نجحت أيضا في دخول قلب ملك البلاد، لترسم معه صورة حداثية جديدة ومميزة للأسرة الملكية. رأت للا سلمى، واسمها الكامل سلمى بناني، النور يوم 10 ماي 1978 في مدينة فاس، ونشأت في كنف والدها، الذي يشتغل أستاذا في أحد المدارس العليا بالمدينة، وجدتها لأبيها التي تولت رعايتها بعد أن توفيت والدتها، والمنحدرة من عائلة بنسودة، بعد ثلاث سنوات فقط على ولادتها. انتقلت إلى الرباط، حيث تلقت تعليمها الابتدائي في إحدى المدارس الخاصة. وفي المرحلة الثانوية التحقت بالمدرسة النموذجية بثانوية الحسن الثاني حيث أثبتت تفوقها وحصلت على شهادة البكالوريا بميزة «حسن» في شعبة «العلوم الرياضية». وهو ما مهد لها الطريق للالتحاق بالأقسام التحضيرية للمدارس العليا التي قضت بها سنتين قبل ولوج المدرسة الوطنية العليا للمعلوميات وتحليل النظم التي تخرجت منها بدبلوم مهندسة دولة في المعلوميات. ولقد أثارت الأميرة للا سلمى فضول واهتمام مختلف وسائل الإعلام الدولية منذ إعلان القصر الملكي عن زواجها بملك البلاد سنة 2002، حيث كان الزفاف الملكي حدثا عالميا وتاريخيا بامتياز، إذ كانت تلك المرة الأولى التي تظهر فيها زوجة الملك أمام الملأ، رغم أن البعض طرح تساؤلات حول ما إذا كانت أصولها الاجتماعية قد تشكل عائقا أمام اندماجها مع تتطلبها طبيعة الحياة داخل البلاط الملكي مع ما يرافق ذلك من إجراءات وتدابير وبروتوكولات. وكان أول ظهور رسمي للأمير للا سلمى إلى جانب الملك خلال استقبال رئيس الوزراء الباكستاني السابق برويز مشرف وعقيلته سهبة مشرف، قبل أن تنخرط في العمل الإنساني من خلال ترؤسها الفعلي لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، إذ تتوصل بتقارير يومية حول مسار وبرامج المؤسسة، والحالات التي تشرف عليها. وفي وقت لاحق ستحمل الأميرة صفة سفيرة النوايا الحسنة لدى منظمة الصحة العالمية. وعلاوة على الشعبية التي تحظى بها الأميرة للا سلمى في المغرب، فإن معجبيها في مختلف مناطق العالم كثر لدرجة أن مجلة «جون أفريك» سبق أن نشرت بورتريها خاصا بها تحت عنوان «للا سلمى، سيدة كباقي السيدات، وأميرة دون غيرها»، حيث كشفت فيه أن بعض المعجبين بالأميرة نادوها خلال أحد أسفارها بالملكة، لكنها ردت بالقول: «أنا لست ملكة، أنا أميرة». وأشادت المجلة الفرنكفونية الواسعة الانتشار بتواضع الأميرة، خصوصا في ما يتعلق بتمسكها بعاداتها من خلال اصطحابها الدائم للابنيها، الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة، إلى منزل جدتهم في حي القبيبات بالرباط، وحرصها على زيارة شقيقتها الطبيبة، وتخليها في الكثير من الأحيان عن البروتوكول الذي قد يجلب إليها الأنظار، حتى أنها تقود سيارتها بنفسها وتتبادل التحايا مع من تلتقيهم خلال زيارتها لأفراد أسرتها. وحسب مجموعة من التقارير الإخبارية، فإن للاسلمى تقضي غالبية أوقاتها في إقامتها بدار السلام، حيث توفر الرعاية لابنيها، وتشرف بنفسها على إطعامهما واختيار ملابسهما. وكانت الأميرة حريصة على تخفيض نفقاتها في إقامتها بدار السلام، إذ عملت في البداية على تخفيض عدد الخدم إلى النصف، قبل أن تستقطب في وقت لاحق خريجي المعاهد المغربية للفندقة. تمسك الأميرة بالتقاليد المغربية يظهر أيضا في مطبخها، إذ تحرص على جعل ضيوفها، خصوصا إذا كانوا من الأجانب، يكتشفون المأكولات المغربية، إذ جاء في تصريح مازح لإحدى السيناتورات الأمريكيات، المنشور على موقع للنساء الأمريكيات، قولها: «إن مهارة وذوق الأميرة تجسيد واضح لمقولة معدة الرجل أقصر طريق إلى قلبه». والملاحظ أيضا هو أن الأميرة للا سلمى تسرق الأضواء في كل المناسبات التي تحضرها بفضل الأناقة التي تظهر بها، والتي تحرص فيها على الظهور بالزي المغربي التقليدي، خصوصا خلال حفل زواج الأمير وليام في بريطانيا وفي حفل تنصيب ملك هولندا، وهو ما جعلها تحظى باهتمام خاص من طرف مجلات المشاهير العالمية. وخلال أحد أسفار الأميرة للا سلمى إلى تايلاندا لتمثيل جلالة الملك في احتفالات ذكرى تنصيب ملك تايلاندا، لقيت اهتماما خاصا من طرف وسائل الإعلام المحلية، التي ذهلت عندما وجدتها تتجول بشكل عاد في مراكز التسوق وتقتني تذكارات من مختلف المتاجر، حتى أن صاحب أحد المحلات أراد أن يقدم لها هدية، فأصرت الأميرة على معرفة قيمتها المالية كي تؤدي ثمنها، لكن صاحب المحل رفض وأصر على جعلها هدية منه، الأمر الذي جعل الأميرة تقبلها لتسأل أحد التايلانديين عن طريقة تقديم الشكر باللغة المحلية، لتخاطب بها صاحب المحل، الذي عبر عن سعادته الكبيرة من تصرف الأميرة. وبفضل شخصيتها المنفتحة، تمكنت الأميرة للا سلمى من تكوين علاقات طيبة بأميرات وملكات وسيدات متميزات من مختلف مناطق العالم، كالملكة صوفيا والأميرة البلجيكية ماتيلدا واليابانية تاكا مادو والنرويجية مات ماريت وبرنارديت شيراك، زوجة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وإيمون جيسكار ديستان، وهيلاري كلنتون والملكة رانيا.