ان اهتمامنا بالعائلة الملكية وبشخص الملك والأميرات ليست نزوة عابرة، وإنما لأنها قضايا تكتسي أهمية كبرى لدى الرأي العام المغربي. في هذا الإطار اهتممنا صحافيا بالأميرة لالة سلمى، زوجة الملك، السيدة الأولى بالمملكة. فهذا الاهتمام يدخل ضمن مهمتنا الصحفية للتعريف بشخصيات المغرب وتقريب صورهم من المواطن المغربي. وهذا أمر لا يمكن أن يكون ممنوعا على الصحافة، في بلد سائر نحو ترسيخ الديمقراطية والحداثة لبنة لبنة. وفي البلدان الديمقراطية عموما، كل شخص اختار أن يصبح شخصية عمومية فلابد أن يتنازل، بشكل أو بآخر، عن جزء من حياته الخاصة باعتبار أنه يتقاسمها مع المواطنين ومع الرأي العام. الأميرة لالة سلمى هي أولا زوجة الملك، وتسعى للاهتمام بمهمتها الأولى، المهمة الأسرية، وثانيا القيام بجملة من المهام الاجتماعية والدبلوماسية لبلوغ أهداف ملموسة، وهذا في ظل زوجها الملك محمد السادس. وكل من ينظر إلى الأميرة لالة سلمى، يلاحظ ابتسامتها الخفية الدائمة ونظراتها المعبرة، وهي تسير بالقرب من زوجها بقامتها المنتصبة وملامحها الهادئة. اهتمت الأميرة بأنشطة اجتماعية وثقافية واضطلعت بمهام دبلوماسية. وعندما كثر ظهورها عاين المغاربة دقة حركاتها، فكل حركة من حركاتها مدروسة، بدون زيادة ولا نقصان. أحبها الملك وملكت قلبه، واستكمل هذا الحب واستفاض مع ميلاد ولي العهد. حب ظاهرة معالمه متى ظهر الملك، ومتى ظهرت الأميرة، وليس من الضروري أن يكونا معا لكي يلوح طيف هذا الحب. اللقاء الأول تعرف الملك محمد السادس على المواطنة المغربية التي ستملك قلبه في خريف سنة 1999، عندما كان وليا للعهد، شهورا معدودة قبل وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني. تعرف عليها في الخريف، واعتلى عرش البلاد في نفس السنة. كانت لالة سلمى آنذاك لم تكمل بعد دراستها العليا، إذ كانت تقضي فترة تدريب ميداني بمجموعة “أونا” قبل نيل ديبلوم مهندسة الدولة، في صيف 2000 تعرف عليها ولم يكن عمرها يتجاوز آنذاك 21 ربيعا، جمعتهما الظروف في إطار حفل مغلق مرتبط بالمساهمين في المجموعة الملكية “اونا” والعاملين بها، حدث ذلك في غضون شهر أبريل 1999، أي 4 أشهر قبل وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. آنذاك التقى الملك الأميرة التي أثارت انتباهه، وبعد حديث ومكالمات، توطدت العلاقة وبدأ التخطيط للغد، وبفعل الظروف التي عرفتها البلاد، ظلت العلاقة قائمة على امتداد ثلاث سنوات، انتعش خلالها الحب وترعرع، تأكد الحب، ودخلت المواطنة للا سلمى بناني التاريخ، بعد أن سلبت قلب الملك الشاب الذي طلب يدها من ذويها حسب الأعراف والتقاليد المغربية. وقصة تعرف الملك على السيدة الأولى، تدل على أن الزواج كان عن حب، وهي ظاهرة ظلت نادرة جدا في تاريخ الملوك والأمراء، أو على الأقل كشفها بهذه الطريقة الشفافة، وإشراك المغاربة منذ البداية في اختيار الملك مواطنة مغربية، مال قلبه إليها كزوجة لتصبح “أم ولي العهد” والسيدة الأولى بالمملكة. إن كشف قصة لقاء الملك بالفتاة التي سلبت قلبه، أعطت بعدا إنسانيا أكبر لشخص الملك بطريقة غير مسبوقة في تاريخ المغرب وفي الذاكرة الجماعية والشعبية المغربية، إنها خطوة عملاقة ساهمت في إعادة أنسنة “قدسية شخص الملك”، والتي ساهمت عدة أحداث ووقائع في حجبها على امتداد المرحلة السابقة، ومع استعادة هذه الأنسنة ترسخت بشكل جديد شعبية الملك وسط فئات الشعب المغربي، وعلى مدى أوسع وأشمل، وبتغيرات أصدق من السابق وأكثر من عفوية، من تلك التي كان يتدخل فيها رجال السلطة، الذين كانوا بتدخلهم هذا يفوتون الفرصة على المواطنين للتعبير عن حبهم للملك بطريقتهم الخاصة، وبالشكل الذي يرونه وليس باملاءات “مسامر الميدة” كما كان يقال آنذاك. وعموما تزوج الملك محمد السادس بالأميرة للا سلمى بعد أن تعرف عليها وأحبها. وقصة تعرفه عليها دفعت أحد المقربين للقصر إلى القول:”الزوج الملكي مثل كل الأزواج بالمغرب.. مرحلة التعارف، ثم حب، فخطبة، و”ضريب الصداق ثم زفاف”. وبهذا الخصوص قال الملك محمد السادس، في حواره مع الصحفية الفرنسية “آن سانكلير”، في أكتوبر 2001: “[...] فيما يخص خطيبتي، سلمى بناني التقينا منذ أكثر من سنتين، إنها مهندسة في الإعلاميات، وليست ابنة مصرفي كما قيل، وإنما هي ابنة رجل تعليم يقطن بفاس”. وأضاف جلالته لقد تفاهمنا معا على إشراك الشعب المغربي في حفل زفافنا الذي سنقيمه مثل أي زوجين في المغرب، في جو من الفرح والغبطة”. ملكت قلب الملك تزوج الملك محمد السادس فتاتا مغربية، عرفت طريقها إلى قلبه و يبدو أنه منذ البداية اكتشف الملك القدرة والقيمة التواصلية لزوجته لالة سلمى. وقد ظهرت عدة إشارات بهذا الخصوص، بمناسبة إجراء مجلة “باري ماتش” تحقيقا مفصلا عن العائلة الملكية. إذ أشاد الملك في إحدى أجوبته بقدرة زوجته، الأميرة لالة سلمى، على التحول من مواطنة عادية إلى زوجة ملك وأم ملك. في حين اكتفت الأميرة، التي ملكت قلب الملك بالقول، إنها حاولت أن تحدد السبيل لتكون مفيدة لبلادها لأقصى الحدود، في ظل زوجها ملك المغاربة. وعندما شعرت الأميرة لالة سلمى باهتمام الملك بها، زادها ذلك اتزانا وزادها حبها للملك رقة. وقالت إحدى زميلات الأميرة إن الملك كلما أحس بارتباكها يبتسم لها، فتسترجع الثقة بنفسها أكثر مما كانت عليه. وتساءل أحد الفضوليين، فقال في أية أوضاع يكون فيها الرجل مسيطرا على المرأة؟ فأجابه العارفون بالأمور.. عندما يقول لها بصدق.. أحبك بكل ما فيك. أعاد السائل الكرة فسأل ثانية..ما هي أحسن الأوضاع بخصوص المرأة في العلاقة الزوجية؟ فكان الجواب.. إن ملكت قلب الزوج دون عقله. بهذا المعنى يعتقد الكثير أن الأميرة لالة سلمى، سلبت قلب الملك محمد السادس. واجتهد بعض المجتهدين فأضافوا قائلين.. إن كان الحب قدرا، فإن الأميرة لالة سلمى قدر الملك، وإن كان الحب خيارا فهي خياره. اعتلى الملك عرش البلاد، واعتلت الأميرة لالة سلمى عرش فؤاد الملك. الأميرة التي أحبها الملك أحب الملك إحدى بنات الشعب، أحب مواطنة عادية حب الملوك والأمراء، لكن دون اللجوء إلى طقوسهم وبروتوكولاتهم. أحبها حبا كسر كل الحواجز والفوارق. وهو الحب الذي أنعش آمال المغاربة، وحول احباطهم الموروث إلى آمال انتظار الغد المشرق. تزوج الملك عن حب.. إنها عبارة لم يعهد المغاربة استعمالها، لكن مع عهد محمد السادس، درجت العبارة على كل لسان. أحب الملك إحدى المواطنات المغربيات فتزوجها.. عبارة بسيطة لكن مدلولها كان له وقع كبير ومؤثر وفعال على المغاربة والجو المغربي عموما. فحب الملك محمد السادس للأميرة لالة سلمى، بنت الشعب، اختزل نهجا للحياة ونظرة للغد ورؤية لكيف يجب أن يكون مغرب المستقبل. لقد أحب الملك امرأة ظلت مرتبطة بأصولها الشعبية، دأبت كعادتها على زيارة جدتها وذويها كأن شيئا لم يتغير. وعائلتها ظلت على حالها، ولم يغير حب الملك مجرى حياة أقاربها. فأحد أعمامها استقر منذ زمن بالقنيطرة لممارسة طب الأطفال، فكما كان بالأمس هو الآن، ولم يطرأ أي تغيير. لم يغير حياته، ولا إقامته، ولا عاداته، ولا قناعاته السياسية. كان ولازال ملتزما، في صفوف حزب العدالة والتنمية، وعضوا في مجلس الجماعة الحضرية ضمن فريق المعارضة. منذ أن تعرفت على الملك، ظلت الأميرة لالة سلمى تحيطه بحبها وعطفها، ولا تترك فرصة تمر، سواء أكانت مناسبة أو عيد ميلاد، دون أن تقدم له هدية تنتقيها بنفسها وتفرح بتقديمها إليه. وحسب أحد المقربين، تشعر باعتزاز كبير عند حديثها عن اليوم الذي التقت فيه زوجها لأول مرة وجملة من الذكريات تخصهما، سواء بالداخل أو بالخارج. إذن، أحب الملك مواطنة مغربية استثمرت هذا الحب لتكوين عائلة عصرية، يضطلع كل طرف فيها بمهامه بشفافية. ومنذ ظهورها الأول، رأى فيها المغاربة المرأة التي ملكت قلب الملك، الواعية بالمكانة التي تحتلها، ليس في قلب زوجها فقط، ولكن في قلوب المغاربة، وهي التي وصفت بأميرة القلوب. لقد أحب الملك مواطنة مغربية تمتاز شخصيتها بالصلابة والروح العلمية والمثابرة وقوة الإرادة، مدركة للقيمة المادية والمعنوية لما يحيط بها. كما تمتاز بسرعة وسهولة التكيف مع الناس، لاسيما البسطاء والصادقين مع أنفسهم والبعيدين عن التصنع، تحب التنقل والسفر ولا تتنازل عن اتخاذ قرارها بنفسها. في نظر زميلاتها خلال مشوارها الدراسي، الأميرة لالة سلمى حلوة الكلام طيبة العشرة، تكد في عملها، وكانت أحيانا كثيرة تتعب نفسها لمساعدة الغير، قاسية مع نفسها في العمل ولا تهمل أي شاردة أو واردة، تعتمد بالدرجة الأولى على مجهودها وعملها مدركة قيمتها وقيمة الآخرين، وهذا ما يزيدها احتراما من طرف الغير. استقطبت قلوب زميلاتها بسهولة كبيرة لأنها صديقة وفية واجتماعية بطبعها. وقد تكون أحيانا فوضوية ومشاغبة، لكن من طبعها الهدوء والرزانة. أما زملاؤها بمجموعة “أونا” (التي كانت تعمل فيها كمهندسة حاسوب ومعلوميات)، يرون فيها تلك الموظفة التي يمكن الاعتماد عليها، ذات القلب الدافئ، من طبعها الإصرار والتصميم، هادئة على الدوام وتحب الطمأنينة. وفي نظر المتعاونين معها، في المهام التي تضطلع بها، الأميرة لالة سلمى امرأة تجيد القيادة، لها قدرة على تحديد النواقص بسرعة للتركيز عليها قصد تجاوزها، ترفض كل الأمور التي لا تمت بصلة للمهام المنوطة بها، صارمة في تعاملها في نطاق العمل، لكنها صرامة عقلانية ومنصفة، وتمقت كثيرا تدبير الرداءة باعتبار أنها تقول دائما إن الرداءة لا تتماشى والتدبير العقلاني. وتولي الأميرة أهمية خاصة جدا لانطلاق الأمور، وكيفية الانجاز قبل الاهتمام بالنتائج، لكنها عنيدة لبلوغ الأهداف التي تحددها بدقة متناهية. وإذا كانت هناك كلمة تعبر عن طبيعة الأميرة التي أحبها الملك، فهي الكفاءة، فقدراتها فائقة وبرهنت عنها بامتياز على امتداد مشوارها الدراسي الطويل وحياتها العملية رغم قصرها، وتتحلى بقدرة هائلة على الصبر والاحتمال مما أثار إعجاب المقربين منها، وتتوفر على قدر من الهدوء يفتقر إليه الكثيرون. ويكاد يجمع المقربون من الأميرة لالة سلمى أن سرها في النجاح هو هذا الصبر وهذه القدرة على الاحتمال، وكلما حققت هدفا من أهدافها يزيدها ذلك رغبة في الالتصاق بالناس وبهمومهم. أول حديث الملك عن المواطنة التي ملكت قلبه تعرف المغاربة على المواطنة المغربية التي ملكت قلب الملك قبل أن يتحدث عنها بلسانه، وكانت المرة الأولى التي تحدث فيها الملك محمد السادس عن الأميرة للا سلمى بمناسبة الحوار الذي أجرته الصحفية “آن سانكلير” (مجلة باري ماتش) في غضون سنة 2002، إذ سألت جلالته عما إذا كان الزواج سيغير من وضع عقلية الملك وسيحدث تغييرا في المؤسسات، فكان رد الملك محمد السادس آنذاك أن الزفاف سيتم، بعد إنهاء أشغال مقر الإقامة الجديدة التي سيقيم فيها مع زوجته سلمى بناني، مضيفا جلالته أنه التقاها قبل ما يزيد عن سنتين (أي سنة 1999)، موضحا أنها ليست ابنة مصرفي كما تم الترويج لذلك، وإنما هي كريمة أستاذ مقيم بمدينة فاس، ثم أكد جلالته أن الزواج لن يغير شيئا من عاداته، وان الاحتفال بالزفاف أمر عادي، وهي الصيغة التي اختارها مع زوجته سويا، للاحتفال بالزواج كسائر الأزواج المغاربة، في جو الفرح والاحتفالية. كانت هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها الملك محمد السادس عن المواطنة التي امتلكت قلبه، وأصبحت أميرة، وأم ولي العهد، والسيدة الأولى في المملكة، وكل هذا تابعه المغاربة بكل شفافية لأول مرة في تاريخ المغرب. آنذاك اقتنع المغاربة أن حديث الملك عن رفيقة حياته بنفسه وعلانية، يعتبر خطوة فعلية على درب ترسيخ ديمقراطية حقة بالبلاد، والتي انتظروها طويلا وأدوا عنها ثمنا باهظا. تزوج الملك عن حب سبق للصحفية “ستيفاني لبرفين” (مراسلة “بي بي سي”) أن صرحت في إحدى اللقاءات، قائلة: “إن ملك المغرب تزوج عن حب، إنها عبارة قد تبدو بسيطة.. ولربما أضحت مبتذلة بين الناس، لكن معناها أكبر بكثير مما نتخيل، لاسيما بالنسبة لملك يضطلع بمهام جسام تستوجب أكثر من نوع من أنواع الحب، حب الوطن، حب الشعب.. وحب من استولت على القلب”. لقد تعرف الملك على شريكة حياته عندما كان وليا للعهد، قبيل وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني كما سبق الذكر، وبعد اعتلائه عرش البلاد في نهاية يوليوز 1999، بدأ المغاربة يتساءلون بخصوص زواج الملك، لاسيما وأن هناك اعتقاد ظل سائدا في صفوف أوسع فئات الشعب مفاده أن ملك المغرب يتزوج قبل اعتلائه عرش أسلافه، لكن الإعلان الرسمي لخطوبة الملك في أكتوبر 2001 وزواجه في 21 مارس 2002، وضع حدا لهذا الاعتقاد الذي ظل سائدا على امتداد قرون. وبذلك يكون الملك قد تزوج عن حب من التي عرفت كيف تتسلل إلى قلبه لامتلاكه. الأميرة والرياضة للأميرة لالة سلمى علاقة يومية مع الرياضة، لكنها تولي أهمية خاصة لمختلف أنواع الرياضات المرتبطة بالرشاقة، للحفاظ على قوامها الممشوق (SVELTE)، تمارس الرياضة يوميا، وتواظب على الأنواع المرتبطة بترويض الجسم للحفاظ على حيويته ورشاقته، ومن حين لآخر تمارس العدو في الطبيعة، وتحرص على حصة المشي يوميا. وبعد ولادة ولي العهد، اتجهت الأميرة إلى ممارسة رياضة التزحلق على الجليد أكثر من السابق، وخصصت لها وقتا كافيا حتى أتقنت مبادئها الأولى، بمساعدة مدربين مغاربة وأجانب، سواء داخل الوطن أو خارجه، لاسيما في الإقامة الملكية التي اقتناها الملك بالمنطقة الجبلية “كورشوفيل” بالديار الفرنسية، والتي دأبت الأميرة السفر إليها في رحلات خاطفة شخصية السيدة الأولى إذا أردنا اختزال شخصية السيدة الأولى في بعض من الصفات الكثيرة التي تمتاز بها، يمكن القول إنها شخصية مفعمة بالثقة بالنفس، كريمة مع من تحب، تقدس الحياة الزوجية، لها قدرة كبيرة على تنظيم الأمور والتدبير العقلاني، متعلقة بالتقاليد، تستحسن الحس الفني الرفيع وتهتم بأناقتها بطريقة مدروسة بدقة، فإذا قالت الأميرة لالة سلمى صدقت وإذا وعدت نفذت، وكلما نفذت أسعدت. إنها شخصية واقعية، ثائرة على كل ما هو سلبي، تنال إعجاب الجميع. حسب المقربين من الأميرة لالة سلمى، ظلت طفولتها مطبوعة في ذاكرتها، وليست من النوع السهل استمالته. كل شيء بالنسبة إليها يجب أن يخضع للعقل أولا. فمنذ صغر سنها، كانت تعرف ما تريد وتختار ما يلائمها لبلوغ هدفها، رغم أنها تألقت مرارا في ما تقوم به، ظلت تحب الحياة السهلة البعيدة عن التعقيد. تستطيع بسهولة كبيرة المشاركة في المناقشات العلمية والسياسية، لكنها قلما تخوض فيها عن إرادة، لأنها تفضل الحديث عن القرب والمنطق الواقع. ظلت الأميرة، السيدة الأولى، معروفة ومتميزة داخل أسرتها بالإخلاص للعائلة وللصديقات، كما عرف عنها أنها تفضل الصداقات طويلة الأمد. تقدر التقاليد والولاء وعاطفية جدا، لكن في إطار نوع العقلانية. ويشعر المرء أنها تعتمد على العقل أولا في كل تصرفاتها، كل شيء لديها يبدو مدروسا كأن الأمر يتعلق ببرنامج معلوماتي. لا تستحسن الأميرة الكلام المنمق أو المعقد بالألفاظ البراقة، وتفضل التواصل العادي بلغة بسيطة لكن دقيقة تكشف المقصود مباشرة. وحسب إحدى زميلاتها في الدراسة، تملك الأميرة حاسة مدهشة، فهي تتوقع نتائج ما خططت له، ونادرا جدا ما تخيب توقعاتها. تهوى الموسيقى التي تثير عواطفها. كما تعد الأميرة لالة سلمى من المحبين للفنون ولكل الأشياء الجميلة الدالة على الإبداع والخلق. تشعر بسعادة خاصة في الفضاءات المرتبة جيدا ولو كانت بسيطة، إنها “متولة” كما يقول المقربون منها. الأميرة لالة سلمى قوية الشخصية تمتاز الأميرة لالة سلمى بقوة شخصيتها التي تبرز في كل آن وحين، وفي كل الفضاءات التي تتحرك فيها، حتى بمناسبة زيارتها للخارج. وقوة شخصيتها تعطيها القدر الكافي من الشجاعة لمواجهة المشاكل في حينها، واتخاذ القرار اللازم دون أي تردد. ومع توالي مواقفها الإيجابية بكل الأوساط، سواء بالبلاط أو بالإقامة الملكية أو بمقر جمعيتها أو خلال سفرياتها ورحلاتها، اكتسبت الأميرة لالة سلمى صورة أكثر إشراقا وجاذبية في نظر أفراد العائلة الملكية، لاسيما الأمير مولاي رشيد الذي يتفاهم معها إلى أقصى درجة. علما أنه سبق وأن راجت بعض الأخبار في البداية عن بعض التشنج الذي كان يطبع علاقات السيدة الأولى مع الأميرات شقيقات الملك، إلا أنه سرعان ما تم تجاوزه بفعل حسن المعاشرة وآليات التواصل التي اعتمدتها زوجة الملك. ويؤكد أحد المقربين أن السيدة الأولى، تمتاز بشخصية جذابة وقريبة جدا من الشخصية الكارزماتية، لكنها بمواقفها الإيجابية في الخيارات المطروحة، امتلكت قلوب كل من يحيط بها بكل ثقة في النفس، توطد هذا الوضع بفعل وحدة الذكاء ودقة التصرف في الأمور وحسب كل الأوضاع. وحسب المقربين إن قوة شخصيتها وحسن خلقها، جعلا الأميرة لالة سلمى تحسن معاشرة ذويها ومعاونيها والقريبين منها بالبشاشة والتواصل المباشر. كما أن قوة شخصيتها جعلتها كذلك أكثر جاذبية وتفاعلا، الشيء الذي مكنها من التحكم في نفسها والتصرف تصرفا مناسبا حسب كل مقام وتبني علاقات جيدة مع المحيطين بها. إلا أنه قد تغضب أحيانا، ويكون غضبها شديدا لاسيما إذا سبق لها أن نبهت لشيء أو لتصرف ما وأعيد تكراره. الظهور الأول للسيدة الأولى لقد خرج الملك محمد السادس على عرف أسلافه بنشر صورة زوجته، عندما ظهرت الأميرة لالة سلمى في أول مناسبة رسمية رفقة زوجها، بدت الأميرة كملاك يمشي على الأرض بذلك الفستان الذي خاطته أنامل متخصصة في أشهر دور تصميم الأزياء في العالم. هكذا وصفت إحدى المذيعات الأوروبيات المشهد، وهي تقدم الخبر للمشاهدين. “هل رأيت زوجة الملك؟”.. جرى هذا السؤال على كل الألسنة، منذ أن قام الملك محمد السادس بخطبة المواطنة سلمى بناني، وذلك على الطريقة المغربية المعروفة. وبدءا من الساعات الأولى لنشر الخبر، بدأت بعض صور الأميرة تظهر على شبكة الويب، حيث تعرف عليها ملايين من “المبحرين” في الشبكة، لاسيما الصور المأخوذة بالمدرسة الوطنية العليا للمعلوميات وتحليل البرامج بالرباط رفقة بعض زميلات وزملاء دفعتها. لكن أول ظهور رسمي للسيدة الأولى كان رفقة زوجها، الملك محمد السادس، بمناسبة استقبال الرئيس الباكستاني “برفير مشرف” للترحيب بعقيلته “سهبة مشرف”، وكانت أول مرة ظهرت فيها الأميرة للا سلمى مرتدية لباسا عصريا من تصميم “جون لوي شرير”، وبمجرد ظهورها وانتشار صورها في مختلف وسائل الإعلام، قلدت أغلب الشابات المغربيات تسريحة شعرها ودأبن على مسك النظارات الشمسية بأيديهن، كما فعلت الأميرة عند استقبال ضيفتها بالقصر الملكي بالرباط. وتلى ذلك ظهور الأميرة مرتدية قفطانا مغربيا أصيلا باللون الرمادي والأسود، زادها أبهة في حفل العشاء على شرف الرئيس الباكستاني وعقيلته، أكثر من الصورة التي ظهرت فيها باللباس العصري، وبذلك شعر أغلب المغاربة آنذاك أن المغرب سيعيش عهدا جديدا. كما كان لظهور الأميرة، بمناسبة افتتاح مهرجان مراكش للسينما الأثر الكبير، لاسيما وانه تزامن مع أوج النقاش حول مدونة الأسرة، وكان الظهور الرسمي للسيدة الأولى، زوجة الملك، بمثابة تأكيد بأن للمرأة المغربية دورها إلى جانب الرجل. معالم الحياة اليومية للأميرة تحب الأميرة لالة سلمى أجواء البيت الهادئة، وتفضل من حين لآخر أن تقضي فترات خلوة في جو الطبيعة كلما سنحت لها الظروف. بعد ولادة ولي العهد لم تتغير حياتها اليومية، تقضي أغلب أوقاتها بإقامتها بدار السلام وتقوم بدور “لالة أم سيدي”، الأميرة أم ولي العهد، حسب تسمية العرف المخزني، ترعى ابنها وتشرف على إطعامه بنفسها واختيار ملابسه، ومن المعروف أنه لا يرافقها في زياراتها الرسمية، سواء داخل الوطن (إلا لماما) أو خارجه. إذ يتلقى سموه التربية الأميرية محاطا بمربيه بالإقامة الملكية. تقضي الأميرة لالة سلمى يومها بين الإقامة الملكية وإشرافها على الجمعية التي تديرها، وتتوصل بتقارير يومية عن أنشطتها وبرامجها. وبعد الغذاء تخلد إلى قسط من الراحة في القيلولة، وهي عادة دأبت على احترامها. عملت الأميرة على إعادة الهيكلة التنظيمية للعاملين بإقامتها بدار السلام. ففي البداية قلصت عدد الخدم إلى النصف، قبل التخلي عنهم وتعويضهم بخريجي المؤسسات الفندقية المغربية العالية، كما كان لها الفضل في تحديث العلاقات بينهم، والتصدي لبعض العادات المشينة التي كانت مستشرية داخل وسط العاملين بدار المخزن، فواجهت بقوة كل مظاهر التبدير وسوء التدبير، وبذلك سعت إلى اعتماد التسيير العقلاني لشؤون الإقامة الملكية. وبالرغم من أنها أضحت السيدة الأولى بالمملكة، ظلت الأميرة لالة سلمى مرتبطة بأصولها وبعض العادات القائمة وسط العائلات المغربية، كتسليم ملابسها وبعض الحاجيات للأقارب فيما بينهم، لاسيما بين الشقيقات وبنات العم أو الخال والقريبات، وهي عادة ظلت تواظب عليها، ويبدو أن الملك محمد السادس استحسن كثيرا التغييرات التي قامت بها الأميرة التي ملكت قلبه، بل دعمها كثيرا للاستمرار على هذا الدرب. الأميرة لالة سلمى تظل الأم الحنون التي لها مزاج خاص في تربية ابنها، ولي العهد. وتبقى الأولوية عندها في المحافظة على جو البيت العائلي الملكي، هادئا وشاعريا ومنسجما، في مختلف فضاءاته. فهي تهتم ببيتها كثيرا، والعمل خارجه لا يغريها. لذلك، كما سبق الذكر، تتوصل من المتعاونين معها بتقارير يومية، بخصوص المهام المكلفة بها، وقد تصدر تعليماتها من البيت، كما أنه يمكن أن تتجه إلى مكتبها بمقر جمعيتها أحيانا، قبل إنهاء الإطلاع عن التقرير اليومي إن دعا الأمر ذلك. تعشق الأميرة المأكولات المغربية الأصيلة ولا تستحسن المعلبات والأطباق سهلة التحضير، وإذا دعت ضيوفها إلى مائدتها قدمت لهم أطيب الأصناف وأكثرها ابتكارا. وفي هذا الإطار قالت زوجة سيناتور أمريكي، حضرت في حفل أقامته الأميرة لضيافة بعض الشخصيات النسائية، عندما زارت الولاياتالمتحدةالأمريكية، قالت مازحة في صدر حديثها عن الأميرة لالة سلمى: “إن مهارة وذوق الأميرة الملكية يثبتان بصدق وبوضوح المثل القائل “(معدة الرجل أقصر سبيل إلى قلبه)” – وهذا ما نشرته إحدى المواقع الإلكترونية النسائية الأمريكية. من آثار استمرار ارتباط الأميرة سلمى بأصولها، اهتمامها بأمور المطبخ والحرص على تقديم ما لذ وطاب من الوصفات المغربية الأصيلة التي يفضلها زوجها الملك، لاسيما من المطبخ الفاسي الأصيل الذي ورثته عن جدتها. فالأميرة تفضل الأطباق المغربية الأصيلة، ولا تستحسن تناول الساندويش والأكلات الخفيفة المعتمدة على المصبرات والتي لا تتناولها إلا نادرا جدا، كما تفضل شرب الشاي المنعنع الخفيف. تستحسن السيدة الأولى الزيارات العائلية، وبهذا الخصوص قال أحد المقربين “بيت الأميرة” فسيح كقلبها، فيه مكان للعائلة والأقارب والأصدقاء والضيوف”. إن لاحظت الأميرة تصرفا غير لائق تنفجر غضبا، ولحظة غضبها يصعب مواجهتها. تستهويها الأماكن الطبيعية الجميلة، وخصوصا التي تدل على عظمة الخالق. لا تستطيع العيش في فضاء خال من الزهور والنباتات حولها، إقامتها الملكية في جميع الفصول حديقة خضراء. ومما يدل على عشق الأميرة للطبيعة، كونها تحرص على أقصى درجة من النظافة في كل مكان، فإنها تحب رائحة الأسماك الطرية وحيوانات الإسطبل ونكهة الأرض العبقة في الصباح، وكل ما يذكرها بالطبيعة وبالتربة كما ان الاميرة.من حين لآخر تحب السماع للموسيقى وترتاح للألحان المبتكرة. الأميرة ومكافحة السرطان تلعب السيدة الأولى حاليا دورا حيويا في مكافحة أمراض السرطان بالمغرب، والأميرة لالة سلمى تعرف عن هذه الأمراض الكثير لأنها عاينت معاناة أحد أقربائها، وتتبعت صراعه مع أحد هذه الأمراض إلى أن وافته المنية. ساهمت عن قرب في تأسيس جمعية مكافحة أمراض السرطان وهيكلتها وبلورة برنامج عملها وأهدافها ومعاينة انطلاقتها بنفسها، وهي الآن تضطلع بمسوؤلية القيام عليها وتدبير شؤونها. ومن المعلوم أن الأميرة لالة سلمى استعدت للقيام بهذه المهمة، قبل عقد قرانها بالملك محمد السادس الذي سهر شخصيا على انطلاق جمعية الأميرة وتقعيدها، كما تكلف بكل مصاريف هذه المنشأة لترى النور في وقت وجيز جدا، وأمر بإحداث مقرها بفيلا بالقرب من القصر الملكي بالرباط، جهزت بأحسن الأثاث والمعدات. كما كان مبرمجا، تأسست جمعية الأميرة في 20 نوفمبر 2000، وعين الملك أحد المقربين للقصر الملكي لمساعدة الأميرة في مهامها، إنه عبد الصادق ربيع الكاتب العام للحكومة، وحصلت توا على صفة المنفعة العمومية، وانعقد أول مجلس إداري في 22 نوفمبر. آنذاك كانت الأميرة تحضر باستمرار إلى مقر الجمعية بحاسوبها المحمول لتقوم بزيارات، سواء غطتها الوسائل الإعلامية أم لم تغطيها، لمركز أمراض السرطان وبعض الأقسام الطبية في مختلف المستشفيات والمصحات. ولاحظ الجميع أنها كانت تطرق أبواب المكاتب قبل ولوجها، وقد انبهر الجميع لهذه التصرفات، آية في التواضع، الشيء الذي لم يسبق لهم أن عاينوه في أية زيارة رسمية، حتى تلك التي تقل أهميتها ومقامها عن زيارة السيدة الأولى بالمملكة. لاحظ الملك أنه في مغرب الألفية الثالثة، ليس من السهل ترسيخ إعادة تفعيل روح التضامن والتكافل الاجتماعيين، في وقت ظل فيه أصحاب الأموال وأغلب رجال الأعمال، لا يسعون إلا لتحقيق المزيد من الربح والسعي وراء احتلال رقعة أوسع من السوق، وفي وقت لم يعد السياسيون فيه يفكرون سوى في سبل الاحتفاظ على الموقع واللهاث وراء الارتقاء في الهرم الاجتماعي. في ظل هذا الجو توارى الاهتمام بالمهمشين وأصحاب الأوضاع الصعبة. وبإيعاز من السلطة العليا، ساهم في مجلسها الإداري كبار الشخصيات في مجال الاقتصاد والمال والاتصال، منهم سعد بنديدي (مجموعة أونا ) عبد السلام أحيزون (اتصالات المغرب) ونور الدين عمري (مجموعة البنك الشعبي) ونور الدين عيوش (وكالة شمس) وجمعية زاكورة للسلفات الصغرى، وكلها جهات تضمن تمويل أنشطة جمعية الأميرة وبرامجها، كما أن كلا من الجمعيات المهتمة بأمراض السرطان ارتبطت بها. كما يضم المجلس الإداري للجمعية بعض المقربين من الأميرة للا سلمى، ومنهم خالها محمد بنسودة وطبيبها الذي تابع حملها، مولاي الطاهر العلوي وفوزية العلوي مسفر. وكان أول مشروع أنجزته الجمعية بناء “دار الحياة” لاستقبال المرضى. علما أن الجمعية حصلت توا بعد تأسيسها على صفة المنفعة العامة، لتمكينها من جمع الأموال لتمويل أنشطتها المكلفة جدا اعتبارا لمجال اهتماماتها الأميرة للا سلمى أعطت صورة جديدة وعصرية للمغرب إن ظهور الأميرة للا سلمى بجانب زوجها واضطلاعها بجملة من المهام، وجرأتها على تغيير كل ما ترى أنه لا يتماشى مع العصر، والتصدي لجملة من العادات غير الإيجابية، أعطى للمغرب صورة جديدة وعصرية، لا سيما خارج الحدود. وإذا كان الملك وعقيلته قد كسرا تقليدا جرى العمل به في المغرب منذ زمن بعيد، عبر تمكين زوجة الملك من القيام بدور فعال ومرئي في الحياة العامة، فإن هذه الخطوة أبهرت المغرب قبل المغاربة، ولعل أولى الصور التي أعطت الانطلاقة لهذا الانبهار، تلك التي التقطتها وسائل الإعلام المغربي عند استقبال الملك محمد السادس وزوجته ملك وملكة اسبانيا في مطار مراكش، آنذاك ظهرت الأميرة للا سلمى بالقرب من زوجها بتواضع، وخصلات شعرها الأحمر يتلاعب بها النسيم. آنذاك كانت تبدو كلها ثقة بنفسها. وهذا ما أكد أن الإعلان عن خطبة الملك ثم زفافه، بعد اكتشاف المواطنة المغربية التي سلبت قلبه حتى قبل أن يصبح ملكا، لم يكن مجرد مشهد عابر للتكيف مع روح العصر، وإنما هو حلقة من حلقات الرؤية الملكية لمغرب الغد. وقبل هذا كان الملك قد أنجز خطوة أولى، فيما يتعلق بمسألة الحريم، وعندما أنجبت للا سلمى ولي العهد، نشرت صورة الملك يحمل الأمير المولود وبجانبه عقيلته. آنذاك نشرت جملة من الصحف المغربية أن الأميرة للا سلمى مصممة على لعب دور السيدة الأولى بالمغرب، ومنذ ظهورها الأول أصبحت شخصية عمومية شعبية، تقلد المغربيات طريقة لبسها وتسريحة شعرها، وهذا مظهر من مظاهر الصورة الجديدة والعصرية للمغرب التي ساهمت الأميرة في ترويجها داخل البلاد وخارجها الأميرة المتشبثة بأصولها ازدادت الأميرة لالة سلمى بمدينة فاس في 10 مايو 1978، فقدت أمها وعمرها لم يتجاوز بعد ربيعها الثالث، فتربت في أحضان جدتها بحي شعبي بالرباط. يمتهن والدها التدريس، ولها شقيقة متزوجة تمتهن الطب و 3 أخوات من أبيها. تابعت دراستها الابتدائية بالرباط بمدرسة حرة ثم التحقت بثانوية الحسن الثاني ومولاي يوسف، قبل ولوجها المدرسة الوطنية العليا للإعلاميات وبرمجة المنظومات بالرباط، حصلت على دبلوم مهندسة دولة في سنة 2000 وكانت الأولى في دفعتها، ثم اشتغلت بمجموعة “أونا”. وقبل استكمال دراستها العليا، شاء القدر أن تقترب من الملك، وتصبح السيدة الأولى بالمملكة. ورغم اضطلاعها بموقع السيدة الأولى، لم تغير من عاداتها المرتبطة بأصولها الشعبية. ظلت تزور جدتها وأختها رفقة ابنها بصفة منتظمة، بمقر سكناهما دون اعتماد قواعد البروتوكول الرسمي؛ تذهب لزيارة جدتها، التي ربتها، بحي القبيبات بالرباط، على متن سيارتها رفقة ولي العهد بدون بروتوكول ودون أي إجراءات أمنية مشددة، ما عدا مرافقة بعض الحراس لها دون إثارة الانتباه. وحسب شهود عيان دأبت الأميرة لالة سلمى على ارتداء الجلباب المغربي وأحيانا سروال الجينز، عندما تقوم بزيارة جدتها أو شقيقتها الطبيبة، وتسلم وتبادل تحية كل من تصادفهم من الجيران كما كانت تفعل قبل الزواج بالملك، بل تسمح لهم بتقبيل ولي العهد كما تفعل كل المغربيات. كما أنها فضلت عدم الإقامة بالقصر الملكي والاستقرار في إقامة ملكية بدار السلام، لتوفير أجواء الحياة العائلية الحميمية. وتستحسن قضاء أكبر جزء من وقتها بإقامتها للاعتناء ببيتها التي سهرت على تأثيته بذوقها الرفيع، والسهر على راحة ابنها. وتتحدث ببساطة مؤثرة عما يؤلمها ويحزنها ككل النساء، تستعمل اللغة الدارجة للتواصل العادي، واللغة الفرنسية إن دعت الضرورة لذلك، علما أنها تتقن العربية والفرنسية والإنجليزية وتعلمت مؤخرا اللغة الإسبانية. وأكد أكثر من مصدر أن الأميرة لالة سلمى لا تستثني نفسها من النساء العاديات، رغم التحاقها بالعائلة الملكية ورغم موقع السيدة الأولى بالمملكة الذي تحتله الآن. إنها تستقبل ضيوفها بتواضع وابتسامة مشرقة، وتفضل قضاء أكبر جزء من وقتها بإقامتها للاعتناء ببيتها وابنها، ومن هناك تتابع نشاط جمعيتها يوميا. هندام الأميرة في كل مرة تظهر فيها الأميرة لالة سلمى، يلاحظ المشاهدون أناقتها ومتابعتها لأحدث صيحات الموضة. ويبدو أن الأميرة تفضل تصميمات ”شانيل” الفرنسية بخصوص اللباس اليومي، أما بخصوص لباس السهرات والمناسبات، تتجه الأميرة نحو فساتين “فالانتينة: و “كريستان لاكروى” لكنها مع ذلك تظل من المعجبات بملابس المصمم “جون لوي شيرير”. وقيما يتعلق باللباس التقليدي، فالأميرة للا سلمى لا تتخلف عن عادات دار المخزن (التكشيطة بالسفيفة) المميزة بطولها، باعتبار أن عرف القصر الملكي يقر بأن عليها مسك “الجلايل” عندما تتحرك أو تمشي، وهي مرتدية “اللباس التقليدي”، وطوله يحول دون ظهور الساق رغم الإمساك بطرف اللباس. وكما للملك نمطه وطريقته في اختيار هندامه، فللأميرة للا سلمى نمطها وطريقتها، في هذا المجال الذي أبهرت فيه المغربيات بتناسب ما ترتديه من ملابس مع شخصيتها، فلا هي قلدت ولا هي اكتفت باعتماد آخر “تقليعة” كما يقال. وإنما انتهجت أسلوبا خاصا بها، إنه أسلوب “الأميرة للا سلمى المميز “(“لوك للا سلمى” كما يحلو للشابات المغربيات قوله). إن مظهر الأميرة يدل على شخصية قوية، تجسد عبر حركاتها وهندامها، حسب بعض المحللين، المغرب العصري الحداثي المرتكز على خلفية الأصالة والهوية المغربية. ولاحظ الكثيرون أن كل شيء تغير في الأميرة للا سلمى، الهندام وتسريحة الشعر والقدرة على التكيف السريع مع الأوضاع، لكن الثابت هو حرصها على تقوية روابطها بأصولها الشعبية، وهذا ما استحسنه المغاربة في الأميرة التي أضحت شخصية عمومية بامتياز. وتبقى الأميرة للا سلمى ككل المغربيات، تهتم بمظهرها، وحسب العارفات بهذه الأمور، فإن “لوك” الأميرة تغير كثيرا على ما كان عليه في ظهورها الأول، وقد تابعت المغربيات (لا سيما الشابات منهن) هذا التحول باعتبارهن يرون في السيدة الأولى بالمملكة مثلهن الأعلى، وقد همت تلك التغييرات تسريحة الشعر والماكياج، الذي لا يكاد يبين، لكنه يتناسب مع شخصيتها. والآن حسب العارفات بالأمور، أصبح للأميرة “لوكها” ونمطها الخاص، وهذا بشهادة الأجنبيات المتخصصات في المجال أنفسهن، اللواتي تؤكدن بالغرب وجود نمط أو “لوك الأميرة للا سلمى” في المظهر والأناقة. ويقرر أحد المقربين أن الأميرة للا سلمى دأبت على اقتناء ملابسها من الدار الفرنسية “شانيل”، علما أن الأخيرة مكلفة بلباس ومظهر جملة من العائلات الملكية عبر العالم.ويبدو أن هذه الأميرة تعشق اللون الأزرق ومشتقاته حيث يجلبها، ويليه اللون الوردي بجميع فروعه، لكن أكثر ما يجذبها في الألوان الانسجام والتناسق. وفي هذا الصدد أكد أحد المقربين أن الأميرة لالة سلمى لا تسمح لزوجها الملك محمد السادس الخلط بين الألوان، مهما كان الفرق دقيقا بينها. أما أفضل الأحجار الكريمة عند الأميرة هي الياقوت الأزرق والزمرد والمرجان، وعموما يلفتها الجمال وتجذبها الأناقة بذوق مميز، قد يبدو غريبا أحيانا. لالة سلمى سفيرة الحداثة المغربية
تأكد أن الأميرة لالة سلمى تقوم بدور دبلوماسي من نوع خاص، وهو سفيرة الحداثة المغربية، مبرزة صورة مغرب المستقبل. وقبل الاضطلاع بهذا الدور، تابعت الأميرة لالة سلمى تدريبا خاصا بالديار الألمانية، بعد ميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن، كما شرعت في تعلم اللغة الإسبانية إضافة لإتقانها لغة موليير ولغة شكسبير ولغة الضاد. ويبدو أن أغلب مهامها بالخارج أضحت في السنين الأخيرة ذات طابع ثقافي – حضاري، وتتجه نحو تقديم صورة المغرب العصري، مغرب الحداثة. وقد حرص الملك محمد السادس شخصيا على تكليف زوجته، الأميرة لالة سلمى بهذه المهمة، ألا وهي القيام بدور سفيرة الحداثة المغربية بالخارج. وفي هذا الإطار يمكن فهم الطريقة المدروسة لهندام الأميرة، وحركاتها، ومظهرها في مناسبات ظهورها، سواء بالمغرب أو خارجه، لاسيما في غياب زوجها. ومن المؤشرات الدالة على هذا المنحى، ظهور الأميرة لالة سلمى ب “التكشيطة” التقليدية لاستقبال رئيس جمهورية الصين الشعبية وعقيلته. إذ كانت تلك اللبسة بألوان العلم الوطني الصيني (أحمر وأصفر). ونفس الشيء لاحظه المشاهدون عندما سافرت الأميرة إلى تايلاند لتمثيل زوجها، الملك محمد السادس في الذكرى 60 لتنصيب العاهل التايلاندي، إذ ظهرت بفستان أصفر فاتح، علما أنه اللون الذي يرمز إلى الملكية بذلك البلد. كما أن رئاسة سموها احتفالات يوم المغرب بالديار اليابانية يدخل في هذا الإطار بامتياز، إذ استهدف دفع اليابانيين لاكتشاف الثقافة والعادات المغربية في حيز فضائي وزمني محدود. وقد فاز المغرب بجائزة “حكمة الطبيعة” الميدالية الفضية الأميرة والعمل تسعى الأميرة لالة سلمى دائما إلى تحقيق النجاح في كل ما تقوم به. وظلت علاقتها بالعمل مطبوعة بالنظرة العلمية إلى الأمور. لها قدرة خاصة لتحفيز معاونيها، وإشعارهم بالاطمئنان في جميع الظروف. وبشهادة الجميع تعتبر السيدة الأولى مديرة أعمال ممتازة، تتريث في اتخاذ قراراتها، وإن فعلت فلن تتردد أبدا في الذهاب حتى النهاية آنذاك تحب جني أكبر النتائج الإيجابية لبلوغ الهدف المتوخى كاملا غير منقوص، وفي كل مرة تسعى إلى الاقتراب من الكمال. تفضل التقدم ببطء لكن على أرضية صلبة أعدت مسبقا. وحسب أحد معاونيها، إن الأميرة لالة سلمى نشيطة في العمل، حريصة على تتبع التطورات لحظة بلحظة حتى وهي في إقامتها، ولا تخشى تحمل المسؤوليات. تفتخر بالعمل الذي تؤديه لأنها تحاول دائما تأديته على أكمل وجه. واعتبارا لتدبيرها العقلاني وتخطيطها المدروس ظل النجاح يسعى إليها، وكلما نجحت في خطوة سعت للخطوة الموالية، تحبذ العمل الذي تظهر نتائجه على أرض الواقع بسرعة، ومما يساعدها على ذلك أنها مخططة بارعة في مجال برمجة المهام وتسلسلها، مع ضمان للعاملين معها هوامش للمبادرة والاجتهاد لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية. إنها واقعية في تعاملها مع الأشياء، ولا تنفعل بسهولة أمام المصاعب. لها طريقة خاصة في تجزيئها للتغلب عليها، هذا هو منهجها في التعامل مع القضايا. ورغم شخصيتها العقلانية، فإن حب أسرتها يستحوذ على مكانة كبيرة في حياتها اليومية، حتى العملية منها. بكلمة، إن الأميرة لالة سلمى جدية في إدارتها للعمل، تعتمد على المنطق والوقائع في تفهمها للأمور، وحديثها في مجال العمل بسيط واضح دقيق وغير معقد. وتفضل أسلوب “خير الكلام ما قل ودل”، واقعيتها تساعدها على اعتماد أقصر السبل وأجداها لبلوغ المراد. وإن أعطت وعدا لا تخلفه، فالوعد عندها يكاد يكون مقدسا. وبخصوص اتخاذ القرار، يبدو أن الأميرة لالة سلمى ميالة إلى تبني أراء ثابتة اعتمادا على خبرات سابقة موثوق بها. تواجه الصعوبات بشكل هادئ ورزين، بهدف الحصول على نتائج فعالة ومجدية. فإذا واجهتها مشكلة في مجال العمل، حشذت فكرها لإيجاد الحل الملائم دون أن يظهر عليها ما يشير إلى تنازع الأفكار أو المشاعر، وتفضل التروي قبل اتخاذ المواقف النهائية. تتقن فن الاستماع أولا قبل الكلام. تصغي باهتمام إلى من يحدثها وتختصر في الرد، وقد تمر فترات لا تلفظ خلالها إلا بكلمتي نعم أو لا، ولكن عندما ترد تتحدث باقتضاب مصيبة الهدف مباشرة. وحسب جملة من المحللين النفسانيين، إن هذه الصفة رمز للصمود والقدرة على الوقوف في وجه العقبات والصعوبات. كما أكد أحد المعاونين للأميرة لالة سلمى في جمعيتها، تسكت أحيانا عن بعض الأخطاء وتغمض عينها عن بعض التقصير، مدركة أن الإنسان معرض لإرتكاب بعض الهفوات، وقد تتظاهر أحيانا بعدم معرفة الأمر وجهلها له، لكنها تنتظر من المقصر أن يدرك ما فاته، فالأميرة تغفر بسهولة إذا عاينت بذل الجهد لتجاوز الخطأ أو التقصير. يجمع كل المقربين من الأميرة أنها ذكية فطنة، وإن تحملت مسؤولية قامت بواجبها على أتم وجه، علما أنها لا تستحسن الانفراد بالرأي. وبهذا الخصوص أكد أحد المقربين أن كل أعمال الأميرة وأقوالها تسودها روح عملية ممتازة، ولا تتخلى قيد أنملة عن التفاؤل والطموح. ويمكن الاعتماد عليها في مجال المسؤوليات والعمل، كما يعتمد على الساعة الدقيقة أو الآلة الحاسبة، أليست الأميرة لالة سلمى مهندسة حاسوب ومعلوميات وتحليل البرامج؟ مهنة الأميرة، السيدة الأولى منذ يوم الخميس 21 مارس 2002 بدأت مسيرة إحدى بنات الشعب، لتصبح أميرة ثم لتحمل لقب السيدة الأولى بالمملكة. وقد اعتبرها الكثيرون خطوة فعلية عملاقة على درب المرور إلى مغرب الغد، مغرب الحداثة، إنه مرور أراد الملك محمد السادس انجازه رفقة الفتاة (24 سنة) المنحدرة من فئة متوسطة والتي تقطن في حي شعبي، لكنها سلبت قلبه واستحوذت عليه. ويبدو أن قوة هذا الحب مكنت الملك من القفز على جملة من الطابوهات، الشيء الذي، بشهادة الجميع، فتح جملة من الأبواب لتحديث البلاد من القاعدة إلى القمة، وقد عملت الأميرة لالة سلمى على ترسيخ هذا المنحى بعد ميلاد ولي العهد. لقد كان إعلان زواج الملك وكشف رفيقة حياته إعلانا عن تقوية موقع المرأة المغربية في مختلف المجالات، لاسيما الركح السياسي. حصلت المواطنة سلمى بناني، على صفة أميرة يوم 12 أبريل 2002، وإذا كانت هذه الصفة أميرة مخصصة لذرية الملك ومن يجري الدم الملكي في عروقهن، فإن لالة سلمى، بانتمائها عبر الزواج بالملك إلى الأسرة الملكية، امتلكت صفة “الأميرة”، وهذا ما حصل بالنسبة للأميرة لمياء الصلح (من أصل لبناني) أرملة شقيق الملك الحسن الثاني، الأمير مولاي عبد الله عم الملك محمد السادس، ووالد الأمير مولاي هشام. فقد دخلت الأميرة لالة سلمى إلى العائلة الملكية من أوسع الأبواب، أي عبر قلب الملك، فأصبحت أميرة في مستوى أميرات البلاد والسيدة الأولى في المملكة. حسم الملك محمد السادس هذا الأمر عندما صرح لمجلة “باري ماتش” سنة 2001 قائلا: “لا وجود لملكة عند المسلمين، وبالتالي فإن هذه القضية ليست مطروحة عندنا بالمغرب”. وفعلا لم يسبق المغرب عبر تاريخه أن عرف امرأة حملت صفة ملكة منذ دخوله الإسلام. وحسب أغلب المحللين، إن صفتي أميرة والسيدة الأولى بالمملكة، ساهمتا بشكل كبير في إصباغ الطابع الإنساني، وصفة القرب بخصوص شخص الملك بكيفية لم يسبق لها مثيل بالمغرب. وزاد من ترسيخ هذا المنحى كون المغاربة اقتنعوا، قناعة راسخة، أن الملك محمد السادس تزوج عن حب، وهذا أمر لم تسع أي جهة رسمية لإخفائه، خلافا لما كان يحدث بالأمس. إن زوجة الملك الآن، خلافا للسابق، أصبحت شخصية عمومية، تضطلع بمهام، وتمثل المغرب بالخارج في جملة من الفضاءات. وإذا كانت الأميرات، شقيقات الملك وعماته، دأبن على الاضطلاع بجملة من المهام الاجتماعية والرئاسة الشرفية لبعض الهيئات، فإن دور الأميرة لالة سلمى تجاوز هذا الحد، برغبة ملكية، لتظهر كشخصية عمومية تتابع مهاما، وتمثل الملك والمغرب خارج الوطن وداخله. وفي نظر بعض الملاحظين، تسعى الأميرة لالة سلمى إلى إبهار الملك، بالاجتهاد المستديم لبلوغ الأهداف التي رسمتها الجمعية التي تدير شؤونها، وهذا يصب في منحى واحد، ترسيخ الرؤية الملكية الخاصة بمغرب الغد، مغرب الحداثة. لكن، كان لزاما على الأميرة لالة سلمى أن تؤكد موقعها في الأسرة العلوية والبلاد، وهو فضاء لم تخبر مسالكه ودواليبه من قبل. منذ أن بلغ ولي العهد الأمير مولاي الحسن ربيعه الثالث، بدأت الأميرة لالة سلمى (28 سنة آنذاك) تقوي مكانتها كالسيدة الأولى بالمملكة، اضطلعت بمهام اجتماعية ودبلوماسية، وفي ظرف وجيز اكتسبت آليات “مهنة الأميرة”، وهذا ما برز على مختلف المستويات، هنداما ومظهرا وحركة واضطلاعا بالمسؤوليات التي على عاتقها الآن. فبعد مرور 4 سنوات فقط، اكتسبت السيدة الأولى دواليب “مهنة الأميرة الأولى”، لكنها قبل الانطلاق للاهتمام بمسؤولياتها، اهتمت أولا بدورها كزوجة للملك وكأم لولي العهد. لذا غابت عن الأنظار، ولم تعد تظهر في الصورة بقوة إلا بعد مدة مهام الأميرة
اهتمت الأميرة لالة سلمى بالمجال الاجتماعي واستعدت للاضطلاع بجملة من المهام، وهذا بإيعاز من الملك محمد السادس. ومن المعلوم الآن أن الأميرة لالة سلمى عاينت جملة من الأحياء الشعبية والهامشية، قبل زواجها بالملك، وذلك رغبة منها في الوقوف على الواقع الاجتماعي وظروف عيش الفئات الفقيرة. كما اهتمت مبكرا بقضية المرأة المغربية، لاسيما الأمهات العازبات المتخلى عنهن أو في وضعية صعبة. وبعد إنجاب ولي العهد أنشأت الأميرة جمعيتها المهتمة بمرضى السرطان، وهو أمر كانت تهتم به قبل علاقتها بالملك، منذ أن “خطف” السرطان إحدى أقربائها. ويرجع الفضل للأميرة لالة سلمى بخصوص الاهتمام بالمجال الطبي، إذ لم يسبق للأميرات شقيقات الملك أن اضطلعن بمهمة من هذا القبيل، ودأبن على النشاط في مجال الطفولة والبيئة والمجال الخيري بالأساس. مثلت الأميرة المغرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة (مكافحة داء السيدا)، وكان بمثابة تدشين انطلاقة مهمة جديدة لزوجة الملك، السيدة الأولى بالمملكة، وهي الاضطلاع بمهمة تأكيد دور المغرب في هذا المجال، علما أن الكثير من عقيلات رؤساء الدول الكبرى اهتممن بمكافحة داء السيدا عبر العالم. تكلفت الأميرة الآن بجملة من المهام الاجتماعية، داخل الوطن وخارجه، وتعامل معاونيها بطريقة تثلج صدرهم، ولا تتردد لحظة للمناداة عليهم إن دعت الحاجة إلى ذلك، حتى ولو كانت خارج الرباط. وقد حدث هذا أكثر من مرة، إذ كانت في زيارات ميدانية خارج العاصمة وأمرت بوضع طائرة خاصة رهن تصرف معاونيها للالتحاق بها على وجه السرعة. وبهذا الخصوص يقول أحد معاونيها بأنها اهتمت شخصيا بحجز غرف إقامتهم بالفندق، وبعد وصولهم إلى عين المكان، دعتهم لتناول وجبة طعام قبل الشروع في العمل. وقد أكد أكثر من مصدر تواضع السيدة الأولى في تعاملها مع معاونيها، وسعيها دائما لتوفير الشروط الملائمة للقيام بمهامهم في أحسن الظروف وأنسبها. وهذا مع حرصها على الصرامة المنصفة والمسؤولية في الأداء مهما كان موقع المكلف. وتحرص الأميرة على التواصل باستعمال لغة بسيطة في متناول الجميع، لاسيما فيما يرتبط بالحملات التحسيسية. وأشار أحد المقربين أن الأميرة تحث على استعمال “لغة الشعب” وتداولها. كما تذكر بذلك المحيطين بها باستمرار.
الأميرة والصحافة التايلاندية
عندما سافرت الأميرة لالة سلمى إلى تايلاند، لتمثيل زوجها الملك محمد السادس، في احتفالات ذكرى تنصيب ملك تايلاند، استقرت بإحدى الفنادق الراقية بمدينة بانكوك. وبمجرد وصولها إلى إقامتها بالعاصمة، طالبت إدارة الفندق بأن يكون كل طاقم العاملين على خدمتها من النساء؛ وهذا ما كتبت عنه الجرائد في صفحاتها الأولى واستحسنته كثيرا ونوهت به إلى درجة الانبهار. كما تابعت وسائل الإعلام التايلاندية مختلف تحركات الأميرة، سواء منها الرسمية أو الخاصة. ففي بانكوك، أولى الإعلام التايلاندي أهمية بالغة لفسحة الأميرة، إذ قامت بزيارة إحدى المحلات التجارية ووقفت على جملة من منتوجاتها؛ وفي هذا الصدد أكد أحد مرافقي سموها أنها اقتنت أحذية وأقمصة تحمل عبارة “نحن نحب الملك” عرضت للبيع في الأسواق التايلاندية، بمناسبة ذكرى تنصيب ملك البلاد، وقبل مغادرتها للمحل أراد صاحبه تقديم هدايا للأميرة، لكنها أصرت على معرفة قيمتها النقدية، لاسيما إن كانت مكلفة، قبل قبولها، وهذا ما كان، إذ رفضتها وأرادت أداء ثمنها لكن التاجر أصر على تقديم الهدايا، آنذاك استفسرت الأميرة أحد مرافقيها عن عبارات الشكر والامتنان المستعملة عادة من طرف التايلانديين، وبعد إخبارها قامت بشكر القائم على المحل على الطريقة التقليدية التايلاندية، حركة وعبارة. وقد خصصت مختلف وسائل الإعلام التايلاندية، المرئية والمسموعة والمكتوبة، حيزا مهما لتحركات الأميرة ببانكوك وغطت تفاصيل كل أنشطتها الرسمية والخاصة.
السيدة الأولى والصحافة
لازالت الصحافة المغربية عموما تتعامل بنوع من التحفظ مع الأسرة الملكية، والأميرة لالة سلمى على وجه الخصوص. وذلك رغم الكثير من المقالات التي كتبها صحفيون غربيون، تقر أن الأميرة مصممة على لعب دور السيدة الأولى، والزوجة المساندة للملك في قيامه بمهامه الجسام. كما يبدو أن العائلة الملكية مازالت تفضل الابتعاد عن الصحافة الوطنية، وتفضل الانفتاح على الإعلام الغربي؛ فلم يسبق، لحد الآن، أن قام الملك محمد السادس أو الأميرة لالة سلمى بتصريح أو لقاء إعلامي مع وسائل الإعلام الوطني. وقد تساءل الكثيرون بهذا الصدد دون أن يعثروا على جواب. إن العقلية السائدة إلى حد الآن تعتبر، خلافا لما هو قائم في أغلب بلدان العالم، أن وزارة القصور (التي هي بدون وزير الآن) هي الوحيدة التي يمكنها إصدار معلومات عن العائلة الملكية وأفرادها، وهذا في نظر الكثيرين أضحى لا يتماشى والتطورات التي عرفها المغرب، ويكاد يتناقض مع صورة المغرب الذي يسعى الملك لبنائه والذي تعتبر الأميرة لالة سلمى سفيرة حداثته. وهذا باعتبار أن أخبار العائلة الملكية تهم كل المواطنين، وليس من المحرم الكتابة عنها أو تتبع أخبارها، لأن هذا سبيل من سبل تمتين روابط التواصل والقرب بينها وبين الشعب؛ وهذا بالضبط ما يتناساه ذوو العقلية التي تريد منع الإعلام المغربي من تناول أخبار العائلة الملكية وأفرادها. إن إشكالية علاقة الصحافة المغربية المستقلة مع السلطة عموما، هي في واقع الأمر مرتبطة بإشكالية المشروع الديمقراطي المغربي، والذي يجب أن يروم ترسيخ نوع جديد من المصالحة بين المواطن والسلطة والعقلية السائدة بهذا الخصوص عموما مع الصحافة المستقلة. ومصالحة من هذه الطبيعة، لا مناص لها من المرور أولا عبر إزاحة وتنحية الخوف أو الحذر من إشراك الرأي العام في القضايا المصيرية، التي تعيشها البلاد وتتبع أخبار العائلة الملكية والقائمين على الأمور عن قرب. فهذا الخوف أو الخشية لازالا حاضرين، ولا أدل على ذلك كثرة محاكمات الصحفيين، علاوة على استمرار وجود حواجز قانونية وسياسية، وأخرى مرتبطة بالعقلية السائدة، والتي لا تسهل للصحافة القيام بدورها، كاملا غير منقوص، لاسيما بخصوص تشكيل جسر من جسور مشاركة الرأي العام في القضايا المصيرية، وتفعيل التواصل عبر أنسنة التعامل مع الأسرة الملكية وأفرادها بواسطة تتبع أخبارهم عن قرب. ومهما يكن من أمر، يبدو أن علاقة الصحافة بالسيدة الأولى في طريق التحول، بفعل وجود جيل شاب جديد من الصحفيين، يسعى إلى وضع قواعد وأسس لممارسة صحفية متحررة من مختلف الطابوهات والعقليات المحافظة، غير المستندة على أرضية تأخذ بعين الاعتبار التطورات الهائلة التي هي في طور الترسيخ على العقلية المغربية، والتي دشنها الملك محمد السادس منذ اعتلائه للعرش عموما، وزواجه بالأميرة لالة سلمى على وجه الخصوص. ولعل أهم ما غاب ولا زال يغيب عن العقلية المحافظة، هو أن الصحافة المستقلة تنطلق بالأساس من فرضية إعلام المجتمع، في حين أن تلك العقلية مازالت، عكسا لمنحى سيرورة التطور الطبيعي، متشبثة بفرضية إعلام السلطة. وهذه هي نقطة الخلاف الجوهرية. وهذا لسبب بسيط، وهو أن السلطة اليوم، كيفما كان نفوذها وجبروتها لا يمكنها أن تكمم أفواه الناس، وهذا ما وجب أن تعيه العقلية المحافظة السابحة ضد التيار. كما عليها أن تفهم جيدا أن المواطن إن لم يجد إعلاما حرا ببلاده، فإنه سيبحث عنه في الخارج ما دام العالم أضحى “عالم – قرية”.
السيدة الأولى والأمير مولاي رشيد إن الارتباط القوي بين ولي العهد الأمير مولاي الحسن وعمه الأمير مولاي رشيد، جعل هذا الأخير أقرب أفراد العائلة الملكية إلى السيدة الأولى، الأميرة لالة سلمى. وقرب الأمير مولاي رشيد من زوجة شقيقه الملك محمد السادس، ساعدها كثيرا في تقوية موقعها وسط الأسرة الملكية، وفي القصر الملكي. ففي بداية عهدها بالبلاط، لقت الأميرة لالة سلمى بعض الصعوبات في التكيف مع حياتها الجديدة ومع العادات السائدة هناك، وكان الأمير مولاي رشيد سندها الكبير في إرساء مكانتها بسرعة. وظلت هذه العلاقة حتى عندما فضلت السيدة الأولى الاستقرار بالإقامة الملكية عوض القصر الملكي، حيث كان يزور شقيقه هناك بكثرة ويتحدث لساعات مع الأميرة لالة سلمى، وزاد قربا منها بعد ولادة ولي العهد الذي يزوره باستمرار.
حقوق المرأة تبدأ من الأسرة الملكية عندما زار ملك إسبانيا خوان كارلوس وزوجته الملكة صوفيا، في غضون سنة 2005 المغرب، تركزت عيون المغاربة على شاشات التلفزة، وبالضبط، على الأميرة سلمى، الزوجة الشابة للملك محمد السادس. وعند استقبال الضيفين الملكيين الإسبانيين، في مطار المنارة بمدينة مراكش، وقفت الأميرة الجميلة ذات الشعر الأحمر بتواضع خلف زوجها الملك محمد السادس؛ لكن وجودها كان علامة على تكسير تقليد جرى العمل به على امتداد قرون في المملكة المغربية، حيث لم يكن لزوجات الملوك العلويين دور في الحياة العامة للبلاد. ولم تحضر الأميرة لالة سلمى إلى المطار من أجل إجراء بروتوكول رسمي فحسب، بل التقطت لها مجموعة من الصور طوال الزيارة الملكية، وبدت من خلالها بهية، تحمل لمسات من الأناقة الغربية دون محو لمسات التعبير عن الهوية المغربية الأصيلة في كل حركة من حركاتها المتزنة. وقد أجمعت كل الكتابات والتغطيات، التي واكبت زيارة العاهل الإسباني للمغرب، على القول إن مهندسة الإعلاميات (مهندسة الكمبيوتر) السابقة، البالغة من العمر 28 سنة، تتمتع بالثقة في النفس، وهي تستطيع أن تساهم في إعطاء صورة أكثر حداثة للمغرب، وأكثر جاذبية من الطريقة التي وصمت بها الملكة رانيا المملكة الهاشمية (الأردن). كما أن العديد من وسائل الإعلام الغربية ثمنت نشر صور زفاف الملك محمد السادس، وعلقت على هذا الأمر كثيرا وقارنت الأمر بزواج الملك الحسن الثاني عندما حدث، ولم يتعرف الشعب المغربي على زوجته “لالة لطيفة أم الأمراء” التي لم يسبق أن ظهرت في الصورة العائلية، إلا في لقطات عابرة سريعة، بمناسبة زفاف إحدى الأميرات، شقيقة الملك محمد السادس، لكن دون أن يتعرف عليها أغلب المغاربة. وكانت أول خطوة قام بها الملك محمد السادس بعد اعتلائه العرش، أنه أنهى مسألة الحريم ومنح لقب “أميرة” لزوجته بشكل رسمي وعلني، وهذا في خضم شن جلالته حملة لصالح حقوق المرأة. وعندما أنجب الملك محمد السادس والأميرة لالة سلمى ولدهما مولاي الحسن، نشرت صور للملك ولزوجته برفقة ولي العهد. كما أن الأميرة لالة سلمى بدأت تظهر في المناسبات، وتشارك في بعض المراسيم، وتقوم ببعض المهام والزيارات الرسمية، مثل افتتاح مهرجان مراكش السينمائي وهي مرتدية لباسا عربيا من تصميم “ديور” و “فالنتينو”. ومن مميزات الأميرة لالة سلمى التي شدت انتباه المغاربة والأجانب، القيمة التواصلية. وفي مقابلته مع مجلة باري ماتش الفرنسية، أشاد الملك محمد السادس بقدرة زوجته على التحول سريعا إلى زوجة وأم ملكية، في حين اكتفت الأميرة لالة سلمى بكلمات محدودة لكن ذات دلالات كبيرة، إذ قالت سموها أنها تحاول دائما تحديد كيف يمكن أن تكون مفيدة لبلادها لأقصى حد وأنها لا تقوم بنشاط رسمي مثل شقيقات الملك اللواتي تشاركن في أمور مثل العناية بالبيئة وذوي الاحتياجات الخاصة وقضايا المرأة. والآن أضحت الأميرة لالة سلمى شخصية شعبية، تقلد الشابات المغربيات تسريحات شعرها، وتعتبرها نموذج المرأة المغربية الواجب الإقتداء بها، آنيا ومستقبلا.
سأل أحد الصحفيين ملكة إسبانيا صوفيا عن الرومانسية بين الزوجين، فقالت: رومانسية الزوجين هي القدرة على الحفاظ على رومانسية بداية العلاقة عبر رومانسية الحوار والمشاركة والإحساس بوحدة الهدف، وهذا ما يجعل الإنسان يتجدد كل يوم، لأنه يحتاج لأن يشعر يوميا بأن شريك حياته في حالة تجدد نفسي وفكري بشكل يومي، حتى لا تفقد الحياة بريقها. وقد أعطت أمثلة للأزواج المشهورين الذين يعيشون مثل هذه الوضعية، ومن ضمنها ذكرت حالة الملك محمد السادس والأميرة لالة سلمى
الصحافة التايلاندية
كتب أحد الصحفيين التايلانديين أن الأميرة لالة سلمى بقدر ما هي راقية، بانتمائها الملكي بقدر ما هي مثال للمرأة العملية التي تحمل رأسها على كتفيها وتقف على أرض الواقع لتنجز ما يفيد
عبد الهادي التازي
قال الدبلوماسي والمؤرخ عبد الهادي التازي إن منح زوجة الملك لقب “لالة”، كما هو الشأن بالنسبة لشقيقات الملك وعماته، جعل قرينته في مستوى أميرات القصر الملكي. ومنذ البداية بات مفهوما أن زوجة الملك ستتولى مناصب لن تكون شرفية فحسب. ويضيف عبد الهادي التازي، إن تعامل القصر الملكي بهذه الطريقة دعم إلى حد كبير النهوض بأوضاع المرأة المغربية
أستاذة الأميرة
أجمع أساتذة الأميرة لالة سلمى أنها كانت من الطالبات النجيبات، تحتل على الدوام المراتب الأولى، مجتهدة ودؤوبة على المثابرة إلى أقصى الحدود، ولم تكن ترضى إلا بأعلى نقطة، كما امتازت بشخصية قوية تلفت أنظار من حولها.