المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصر الملكي المغربى: أحداث و خبايا، مشاهد ومواقف
نشر في أريفينو يوم 10 - 05 - 2009

في العالم بأسره يهتم الناس كثيرا بحياة الملوك والأمراء والأميرات. وقد ظلت حياة القصر بالمغرب تحيط بها قدسية من نوع خاص، لكن اليوم، مع العهد الجديد تغير الوضع وتم اعتماد مسار نحو التفتح عبر التخفيف من البروتوكولات وظهور أفراد العائلة الملكية في وسائل الإعلام أكثر مما كان سائدا في السابق.
بالأمس القريب، كانت حياة الملك والأسرة الملكية يحجبها جدار سميك من السرية ولم يكن أحد يتجرأ على التفكير في تناولها كموضوع إعلامي رغم أن كافة المغاربة ظلوا شغوفين بمعرفة كل شيء عن ملوكهم وأمرائهم وأميراتهم وكانوا يفتخرون فيما بينهم بما يملكونه من أخبار ومعلومات عن الملك والقصر والأسرة الملكية، في حين أن العقلية المسكونة بالهاجس الأمني ظلت تعتبر هذا المجال من المحرمات على الشعب، آنذاك كان المغاربة “يتقززون” من تصرفات رجال السلطة الذين كانوا يفرضون عليهم أساليب معينة للتعبير عن وطنيتهم وحبهم للملك ويحرمونهم من التعبير عنها بتلقائية وصدق وأصحاب هذه العقلية هم الذين يرون حاليا أن تناول الصحافة المستقلة، لجوانب من الحياة الخاصة للملك وأفراد الأسرة الملكية، بمثابة تطاول وجب مواجهته بالردع الشديد، متناسين أن اهتمام المغاربة بهذا الخصوص هو نابع أصلا من حبهم للملك ومن وطنيتهم الصادقة النقية وليس من الوطنية “المفبركة” التي تألق أصحاب هذه العقلية تلقينها للمغاربة رغما عنهم.
إن التطرق إلى مثل هذه المواضيع لا يضر البلاد كما يعتقد هؤلاء، بل على العكس من ذلك، يؤكد على أن المغرب من أفضل البلدان العربية من حيث احترام حرية الصحافة وتعددية الأحزاب السياسية من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية ومن حيث شعور المواطن بالأمن والأمان.
وفي هذا الملف، نعرض على القارئ ثلة من الأوراق عن مراحل تاريخية تعكس خبايا ومواقف ومشاهد وأحداث وطرائف مرتبطة بشكل أو بآخر ببعض خبايا القصر والحياة خلف أسواره.
من الطقوس القديمة
إن عادة تقبيل يد الملك ظلت من الطقوس القديمة الساري بها المفعول إلى حد الآن، علما أن الرعايا كانوا يسجدون للملوك العلويين ويقبلون أحذيتهم. وعادة تقبيل يد الملك يعتبر الكثيرون من قبيل واجب الاحترام لشخص الملك، في حين يرى البعض أنها أضحت لا تتلاءم مع مفهوم المواطنة ومبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا.
ففي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، على كل مغربي مسلم كان أم يهودي أن يقبل يده ما عدا “العلماء”، الفئة الوحيدة المعفاة من هذا التقليد، إذ عوض تقبيل يد الملك كانوا يكتفون بتقبيل كتفه. وقد عرف عن الملك الراحل الحسن الثاني أنه لم يكن ليتنازل عن هذه العادة، لكن مع عهد الملك محمد السادس لم تعد هذه المسألة إجبارية وملزمة، بل أضحت أمرا اختياريا يتعلق بكل شخص. وفي هذا الصدد، فقد سبق لإحدى البرلمانيات أن صرحت أنها كانت تحمل هما ثقيلا قبل لقائها مع الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية قبل بضع سنين، وقالت إن مبادئها لا تسمح لها بالانحناء لتقبيل يد الملك، لكن البرلمانية اجتازت هذا الامتحان بسلام إذ لم تكن الوحيدة التي صافحت الملك دون الانحناء لتقبيل يده وقد تأكد لها آنذاك أن تقبيل يد الملك أضحى أمرا اختياريا وليس إجباريا كما كان الحال في عهد الملك الحسن الثاني. وعندما استقبل الملك محمد السادس وفد المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لم يقبل بعض أعضائه يد الملك، فقام عبد الحق المريني (حارس التقاليد المخزنية) بتنبيههم بشدة آمرا إياهم بضرورة وإلزامية تقبيل يد الملك.
وللإشارة فإن ملك السعودية قد أعلن رسميا عن التخلي عن تقبيل اليد بمملكته وأن هذه العادة قد تم إلغاؤها من البروتوكول الملكي السعودي وتمنى العديد من المغاربة أن يكون المغرب سباقا لمثل هذه التغييرات بفعل الخطوات التي حققتها البلاد.
إحياء تقليد القرن السادس عشر
من التقاليد التي أثارت الكثير من التساؤلات في السر، تقليد تقبيل الظهائر الشريفة أو الرسائل الملكية قبل تلاوتها، إذ كان المكلف بتلاوة الرسالة الملكية أو أحد الظهائر الخاصة بالتعيينات السامية، ملزما بتقبيل الأوراق المحتوية للنص ثلاث مرات قبل الشروع في قراءتها وأحيانا كانت تحضر فرقة من “مخازنية” القصر لترديد عبارة “الله يبارك في عمر سيدي”.
وأكد جملة من المؤرخين أن هذا التقليد كان معمولا به في القرن السادس عشر كرمز لحضور الملك رغم غيابه عن المكان وقد عمل الملك الراحل الحسن الثاني على إعادة إحياء هذا التقليد، في كل مناسبة أتليت فيها رسالة أو كتاب ملكي أو بمناسبة تعيين القضاة أو شخصيات وازنة في مواقع سامية.
الملوك الثلاثة
يرى الكثير من المحللين أن صورة الملك محمد السادس في مخيلة العديد من المغاربة هي أقرب إلى جده الملك الراحل محمد الخامس منها إلى والده الملك الراحل الحسن الثاني، فإذا كان هذا الأخير يلقب ب “ملك المغرب” أكثر من أي لقب آخر، فإن أول لقب نعت به الملك محمد السادس بعد اعتلائه عرش البلاد (بعد لقب M6) هو لقب “ملك الفقراء” وهو لقب قريب جدا من اللقب الذي أطلقه الفرنسيين على جده الملك الراحل محمد الخامس “ملك كاريان سانطرال” وهما اشتركا معا في ميزة لاحظها الجميع، وهي توحيد المغاربة ولفهم حول الأمل في الغد. علما أن الملك الراحل الحسن الثاني دأب على الاستشهاد بجده السلطان الحسن الأول أكثر من أي سلطان آخر وفي هذا الصدد قال الصحفي “إينياس دال” : “إن الحسن الثاني، مثل محمد السادس تشنجت العلاقة بينه وبين والده في أواخر حياته”.
زفاف الأمراء والأميرات
من العادات التي ظلت سارية بالقصر الملكي، جملة من ضوابط وقواعد إحياء حفلات زفاف الأمراء والأميرات.
ففي السابق، كان زفاف الملوك المغاربة غالبا ما يقترن بزواج الأمراء والأميرات والأعيان وخدام الأعتاب الشريفة والمقربين من دار المخزن وكان يتم إشراك أبناء الشعب في هذه الاحتفالات إذ يعقد قرانهم بموازاة مع زواج الملوك والأمراء.
وقد عمل الملك الراحل الحسن الثاني على إعادة إحياء هذا التقليد بمناسبة زواج بناته الأميرات للا مريم وللا حسناء وللا أسماء، كما كان والده الملك الراحل محمد الخامس حريص على نفس الشيء بمناسبة عقد قران الأمير الراحل مولاي عبد الله وشقيقاته، الأميرات للا مليكة وللا نزهة وللا عائشة.
وطبعا كان الملك يتكلف بجميع مصاريف تلك الزيجات
طفولة الأميرات
عاشت الأميرات طفولتهن في عالم سحري، في إقامات كبيرة وسط آلاف اللعب وكانت تحت تصرفها قاعات سينما وحدائق تحتضن المئات من أنواع الزهور وحديقة للحيونات ومدرسة ومعهد ومربيات ومدرسين خاصين، من أحسن رجال التعليم بالمملكة.
في هذا الفضاء، كانت الأميرات يخضعن لتربية خاصة بتربية الأميرات. وعاش أبناء الحسن الثاني في إقامات خاصة بهم تحت إمرة مربيات أجانبيات وفي جو من البروتوكولات الواجب احترامها بالحرف. ولإخراجهم من الوحدة، عمل الملك على إحاطتهم بعدد من أقرانهم وهكذا كان الحال بالنسبة للأمراء والأميرات، أبناء الملك محمد الخامس.
وفي مرحلة الشباب، استقر الأمراء في إقامات خاصة، محاطين بأناس يسهرون على تلبية حاجياتهم في أحسن الظروف وكانوا يستقبلون أصدقاءهم ويشاركونهم في اهتماماتهم وهوايتهم وهم أصدقاء الدراسة الذين ظلت تربطهم علاقة بالأمراء والأميرات بعد نهاية المشوار الدراسي.
حياة الأميرات اليومية
إن البرنامج اليومي للأميرات يختلف حسب وجودهن بالمغرب أو خارجه. علما أن بعضهن يسافرن بكثرة إلى الخارج وتبقى الأميرة للا مريم أكثرهن سفرا إلى الخارج، لاسيما لأوروبا وفرنسا بالتحديد.
ويتوزع يومهن عموما بين إلتزامتهن العائلية والاجتماعية والرسمية. وغالبا ما يخصصن بعد الزوال للبيت والتفرغ للأبناء. وقد أكدت إحدى الأميرات أن كل واحد من أبناء الملك الراحل الحسن الثاني يتميز عن الآخر وقد يختلفون في هذا الأمر أو ذاك، لكنهم متلاحمون على الدوام.
لكل أميرة من الأميرات ذوقها وأسلوبها في اللباس، لكن يوحدهن إعجابهن بالقفطان واللباس التقليدي المغربي، لاسيما اللباس المخزني المتميز بطوله وأكمامه الواسعة، وهو اللباس الذي كان الملك الراحل الحسن الثاني يفرضه على الأميرات في كل المناسبات المقامة بالقصر الملكي. وبخصوص مفهوم السعادة، فإن الأميرات اللواتي يملكن كل شيء يعتبرن أن السعادة بالنسبة إليهن ترتبط بالتمتع بالصحة والعافية والاستمتاع بالجو العائلي أكثر من أي شيء آخر
ظل الكثيرون يعتقدون أن حياة القصور في عهد الحسن الثاني مطبوعة بمشاهد ألف ليلة وليلة ومؤثثة بالأواني الذهبية والفضية والبلور القح (الذي ينفجر بمجرد احتوائه لمادة مسمومة) والعربات الذهبية والعبيد وحريم يضم العديد من النساء والسهرات الباذخة.
كما شاعت في الأوساط الشعبية جملة من الاعتقادات، من قبيل الاجتهاد في الحصول على روث الحصان الذي يمتطيه الملك وذلك للتبرك منه وسادت جملة من المعتقدات عسيرة التفسير من قبيل “التبارود” الخليط الخاص الذى كان يدهن به الملك وجهه وحرص الملوك العلويين على عدم عبور واد ماسة والتشاؤم من مصادفة عيد الفطر أو عيد الأضحى ليوم الجمعة والامتناع عن زيارة مدينة وزان وعدم إلزامية الملوك للقيام بالحج وكلها أمور بقيت مستعصية على الفهم لدى عموم المغاربة.
ومن التقاليد التي كانت قائمة في القصر أن المكلفين بإلباس السلطان الزي السلطاني الرسمي دأبوا على احترام جملة من القواعد ومن الإشارات الدالة عليها احترام مقاييس مضبوطة للجزء الظاهر من “الشاشية الحمراء” تحت العمامة البيضاء وقيل أن كبر أو صغر الجزء الظاهر من “الشاشية” يشير إلى مزاج السلطان ذلك اليوم، إذ إن كبر ذلك الجزء يفيد أنه غاضب، والعكس بالعكس.
ميزانية القصور
نشرت “تيل كيل” في إحدى أعدادها تعليقات على ميزانية القصر ونفقات الملك الخاصة، حيث قدرت ثروة الملك بما يناهز 20 مليار دولار.
وأجرت جملة من المنابر الإعلامية مقارنة بين ميزانية القصور في بعض البلدان وكانت الحصيلة كالتالي: تقدر ميزانية القصور بالمغرب ب 144.6 مليون جنيه استرليني في العام، وتكلفة الملكة إليزابيت الثانية (بريطانيا) بما يناهز 8 ملايين جنيه، أما الميزانية المخصصى للرئيس الفرنسي، جاك شيراك فتبلغ ما يناهز 23 مليون جنيه في السنة.
وحتى ميزانية القصور لم تنج من وباء الفساد الذي ما زال مستشريا عندنا، كما عانت من النهب والاختلاسات وهذا ما أكدته نازلة محافظ القصر الملكي بأكادير ومتابعته بتهمة الاختلاس وتحويل مبالغ مالية هامة لحسابه الخاص بمشاركة بعض معاونيه، إلا أنه يبدو أن المسطرة قد توقفت، بعد مفاوضات مع المعني بالأمر، قيل إنها تمت تحت إمرة إحدى الشخصيات الوازنة. ويبلغ عدد القصور الملكية بالمغرب 15 قصرا رسميا وجملة من الإقامات في مختلف المدن المغربية وتعتبر رسميا ملكا للدولة ومصاريف تدبيرها وصيانتها وتسيير شؤونها موكولة لمحافظين وموظفين تابعين للكتابة الخاصة للملك وتحت إمرة كاتبه الخاص وتغطى كل تلك المصاريف من طرف ميزانية الدولة.
والقصر الملكي في المعتقد الشعبي، ليس مجرد بناية فاخرة تحوي ما لا تحويه أي بناية بالبلاد من تجهيزات،لوازم، مرافق، ديكورات إكسيسوارات وإنما فضاء مقدسا، تفوق درجة قدسيته قدسية الأضرحة والمساجد وهذا ما أكده تدخل النيابة العامة في ملف متابعة الصحفي علي المرابط، التي اعتبرت أي حجر من بناية القصر الملكي من المقدسات بالمغرب وهذا ما استعصى فهمه على الكثيرين، سواء منهم المتخصصين في القانون أو عامة الناس.
انصاف الشمال
قليلون هم الذين يعرفون أن الملك الراحل الحسن الثاني لم يكن يسمح للملك محمد السادس، ولي العهد آنذاك، بالتوجه إلى مدينة طنجة لممارسة هواياته المفضلة، (جيط سكي) بشواطئ البحر الأبيض المتوسط الهادئة التي يعشقها ويفضلها وبعد اعتلاء العرش بمدة وجيزة قام الملك محمد السادس بجولة رسمية إلى المناطق الشمالية (بما فيها الريف) التي ظلت مهمشة منذ أحداث 1958 وبذلك يكون قد كرس المصالحة، التاريخية والحضارية، مع هذه الأقاليم وأنصفها بعض دام مدة طويلة.
المكلفون بمهام خاصة جدا
هناك جملة من الأشخاص كانوا قريبين جدا من الملك الراحل الحسن الثاني مكلفين بمهام خاصة لا يعلم طبيعتها أحد، من هؤلاء يمكن ذكر “الدكتور روبير” والإغريقي المهدي و “الدكتور بيهي”.
فالدكتور روبير والمهدي كانا حاصلين على درجة سفير وفي حوزتهما جوازي سفر ديبلوماسيين ورهن إشارتهما طائرتين خاصتين ونفس الشيء بالنسبة للدكتور بيهي، الذي كان سفيرا خاصا ويقطن بالقصر ومكلف بمهمة خاصة.
رواية الإيطالية
من القصص التي راجت بين المغاربة كثيرا، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي قصة حب الملك الراحل الحسن الثاني، عندما كان شابا وليا للعهد، لإحدى الإيطاليات وهي قصة انتشرت كثيرا بين الفئات الشعبية بالرباط وسلا، اختلطت فيها روائح الخيال مع رحيق الحقيقة ربما لأن رواتها شاؤوا أن يكون ولي العهد بطلها.
آنذاك، كان جلالته قد تألق في جملة من المواقف أعلن عنها في فرنسا، سواء بخصوص حاضر المغرب ومستقبله أو بخصوص احترام فرنسا لتاريخها ولجوهر ما قامت عليه الجمهورية الفرنسية من عدل ومساواة وأخوة وقيل إن فتيات فرنسا كن ترين في الملك الحسن الثاني، الشاب الذي تنبض أفكاره بالثورة ونموذجا لفارس الأحلام الذي كان شامخا حتى في جلوسه بمدرج الكلية أو المقهى الذي اعتاد لقاء أصدقائه و”شلته” فيها، ويرين فيه أيضا الفتى القادر على فعل كل ما يريد مهما كانت المخاطر والصعوبات والعراقيل والمثبطات.
وظلت هذه القصة منتشرة وترددت على الكثير من الألسنة، وشاعت أكثر عندما تناولتها إحدى الجرائد الأوروبية آنذاك.
الأميرات وفضول المغربيات
الكثير من النساء المغربيات يهتم بتتبع حركات الأميرات ويفضلن ظهور سموهن بكثرة في وسائل الإعلام، لاسيما المرئية منها.
تعشق المغربيات معاينة الأميرات عن قرب وملاحظة تصرفاتهن وحركاتهن وشكل لباسهن وتسريحة شعرهن ومجوهراتهن والأكسيسوارات والحقائب والأحذية التي يفضلن.
وتتطلع المغربيات، لاسيما الشابات، دائما لمعرفة من أين تقتني الأميرات لباسهن وهناك مغربيات أصبحن خبيرات في هذا الأمر، فبمجرد رؤية اللباس الذي يظهرن به، يتمكن من معرفة مصممها الذي قد يكون “شانيل”، “ديور”، “جون بول كوتيي”، “دولشي كابانا”، “كوسي”، “برادا” وكلها دور تصميم الأزياء ذائعة الصيت عالميا، علما أن الأميرات يقتنين ثيانهن من هذه الدور، كما أن أحذيتهن وحقائبهن مصممة من طرف أكبر المصممين العالميين من أمثال “ماسارو” و “فراتيلي روسيتي” و “هوكان” وهؤلاء من أشهر مبدعي الأحذية في العالم الآن.
أما عطور أميرات المغرب، فهي فريدة ومن صنع وتوقيع أكبر خبراء العطور في العالم وأشهرهم وغالبا ما تهيأ تحت الطلب لتكون عطورا تليق بمقامهن الخاص ومن ضمن هؤلاء: “كيرلان” و “إيف سان لوران” و “باتو”.
وأغلب الظن أن الأميرات المغربيات لا يتوجهن إلى محلات الحلاقة وإنما يجدن تحت تصرفهن متخصصين في الحلاقة والتجميل يقومون بواجبهم بمحل إقاماتهن كلما دعت الضرورة لذلك. ويظل القفطان هو اللباس المعتمد في المناسبات والسهرات الرسمية وهو اللباس الذي تفضل أغلب المغربيات أن يشاهدن الأميرات يرتدينه.
وعموما، تظل حياة الأميرات شبيهة بحياة نساء الأسر المغربية الثرية، لكنها خاضعة لقواعد وإجراءات وخصوصيات تقلص من حرية التحرك وتستجيب لمقتضيات البروتوكول وجملة من التقاليد الملكية المحضة.
وقد صرحت إحدى الأميرات أن المرأة تظل امرأة حتى ولو كانت أميرة وقد تستولي الغيرة على قلبها أحيانا وقد تغضب وتهدأ وقد تفرح أو تحزن وقد تصيب وتخطئ وقد يقبل طلبها أو يرفض.. وعموما لازالت الحياة الخاصة للأميرات بالمغرب تخضع لجملة من الشروط والقواعد تجعلهن
ومن المعروف أن الملك الراحل الحسن الثاني، كان يهتم شخصيا بهندام الأميرات ومظهرهن الخارجي منذ صغر سنهن وكان دائما يفرض أن يتجاوز الفستان الركبة، وهذا بشهادة الأميرات أنفسهن.
بعيدات عن المواطنين العاديين.
الفنان الذي حلم بالزواج بالأميرة
بعد إحياء جملة من السهرات الخاصة بحضرة الملك الراحل الحسن الثاني وشق طريقه في مجال الأغنية المغربية، أراد أحد الفنانين المعروفين أن يصبح من علية القوم ووجهائهم فقرر خطبة إحدى الأميرات من الملك.
لم يكتف ذلك الفنان بحدود دوره، المتمثل في إحياء سهرات خاصة في حضرة الملك، فخطط لمصاهرته معتقدا أن قربه من الملك إبان السهرات الخاصة سيشفع له اقحام نفسه ضمن ذوي الحظوة الخاصة.
كان مجرد إقدامه على خطبة أميرة من قبل المخاطرة والمغامرة، وكانت عاقبة تصرفه معروفة إذ شاعت القصة وترددت على كل الألسن، بمن فيهم زملائه الفنانين والعازفين، غاب الفنان المغامر عن الأنظار وقيل أنه غادر المغرب.
وعندما طوى النسيان قصته، ظهر بالعاصمة على مثن سيارة من نوع “موستانك” زرقاء اللون تحمل لوحاتها الأمامية والخلفية اسمه مكتوبا باللون البرتقالي
الملك محمد الخامس يطالب بالتعويض عن المنفى القسري
كشف الصحفي “إيناس دال”، الذي عمل خمس سنوات كمراسل للوكالة الفرنسية للأخبار (AFP) بالمغرب، عن برقية “لأندري لويس ديبوا” مؤرخة في 3 يناير 1956، جاء فيها أن السلطان محمد الخامس كان يرغب أن تقوم فرنسا بتعويضه بشكل مناسب عن 26 شهرا التي قضاها رفقة أسرته الملكية في المنفى بكورسيكا ومدغشقر وكان قد قدر ما صرفه بما يناهز 70 مليون فرنك فرنسي آنذاك خلال المنفى بكورسيكا.
كما أشار “إيناس دال” إلى أن فرنسا وافقت بسرعة فائقة على تخصيص ما قدره 600 مليون فرنك فرنسي كتعويض عن الضرر الذي لحق السلطان محمد الخامس.
وفي 4 يناير 1956 أذن “آلان سافاري” بتحويل التعويض لحساب السلطان.
لكل أميرة نشاطها
شاركت أميرات المغرب في الحياة العامة مبكرا، فالأميرات، بنات الملك الراحل محمد الخامس وعمات الملك محمد السادس، اضطلعن بمهام رسمية وتكلفن بقطاعات اجتماعية وإنسانية ورياضية، وبهذا ساهمن في إقلاع الحركة النسوية بالمغرب منذ السنوات الأولى من استقلال المغرب وسارت على دربهن الأميرات للا مريم وللا حسناء وللا أسماء، بنات الملك الراحل الحسن الثاني وشقيقات الملك محمد السادس.
فالأميرة للا مليكة ظلت على رأس الهلال الأحمر المغربي منذ ولادته في نهاية خمسينيات القرن الماضي إلى أن غطت شبكته مختلف التراب الوطني (71 فرعا في مختلف جهات المملكة). أما الأميرة للا أمينة، فقد اختارت تشجيع ألعاب القوى بفعل اضطلاعها برئاسة الألمبيات المغربية الخاصة وكذلك بمهمات على الصعيد العالمي بهذا الخصوص. علما أنه سبق للأميرة أن ساهمت في تقريب رياضة ركوب الخيل إلى الأوساط الشعبية بعدما كانت حكرا على الفئات الميسورة.
واهتمت الأميرة للا أسماء بإشكالية الطفل، لاسيما الأطفال الصم البكم وتعمل المؤسسة التي تحمل اسمها (مؤسسة للا أسماء للأطفال الصم البكم) على تحقيق جملة من الأهداف، منها تسهيل ظروف وشروط تمدرس هذه الفئة من الأطفال وتمكينهم من تعليم أساسي يحترم البرامج المعتمدة وتكوين مهني يستجيب لأوضاعهم ومواهبهم (فنون تشكيلية، حلاقة، تصميم الأزياء، خياطة..) وللإشارة، فإن مؤسسة للا أسماء تستقبل 130 تلميذا وتوفر لهم شروط تعليم وتكوين جيد وقد تمكن الكثير منهم من الاندماج بسهولة في الحياة المهنية وحقق بعضهم نجاحات استحسنها الجميع.
وتخصصت الأميرة للا حسناء في البيئة والحفاظ عليها رغم اضطلاعها بمهام أخرى كالرئاسة الشرفية للعصبة الوطنية للنساء الموظفات في القطاعات العمومية وشبه العمومية وجمعيات قرى الأطفال (SOS) والجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث ورئاستها الفعلية لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة وتعتبر الأميرة للا حسناء مهندسة حملة “شواطئ نظيفة” منذ سنة 1999.
أما الأميرة للا مريم، فقد اهتمت بالطفولة وبالأعمال الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية، كما تترأس الجمعية المغربية لمساندة اليونسيف ومؤسستي الحسن الثاني، الأولى تعنى بالمغاربة المقيمين بالخارج والثانية بقدماء المحاربين وتترأس كذلك المرصد الوطني المغربي لحقوق الطفل وتبقى للا مريم، الأميرة المغربية أكثر ظهورا في وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية.
محمد الخامس يفاجأ بوجود قنابل نووية بالمغرب
بعد حصول المغرب على الاستقلال، فوجئ الملك الراحل محمد الخامس بوجود قنابل نووية على التراب المغربي ولم ينكشف أمرها للقصر إلا بعد عودة الملك من فرنسا بعد نهاية مفاوضات “إيكس ليبان”.
في يناير 1952، في خضم أجواء الحرب الباردة، أصدر الرئيس الأمريكي هنري ترومان أمره لترحيل قنابل نووية ساكنة (أي لا تحتوي على حمولة نووية من اليورانيوم والبلوتونيوم) إلى المغرب ووافق على تسليح بعضها وإيداعها بثلاث قواعد إستراتيجية في نظر واشنطن آنذاك، وهي: قاعدة بن كرير (ناحية مراكش)، قاعدة النواصر (الدار البيضاء) وقاعدة سيدي سليمان (ناحية القنيطرة) وقد تأكد أن تلك القنابل النووية ظلت مودعة بتلك القواعد الأمريكية من مايو 1954 إلى شتنبر 1963، علما أن قرار إيداعها لم يكن في علم فرنسا أو المقيم العام الفرنسي بالمغرب قبل الاستقلال.
وخلافا لما كان سائدا من قبل، أن أولى القنابل النووية المودعة خارج التراب الأمريكي، كانت بالمغرب وليس ببريطانيا كما تم الترويج لذلك.
وقيل أن الملك محمد الخامس تعرف على وجود القنابل النووية الأمريكية بالمغرب من أحد المسؤولين الأمنيين الأمريكيين في إطار حديث يخص تقوية العلاقات الإستراتيجية الأمريكية المغربية مباشرة بعض حصول المغرب على استقلاله.
المهمة الخاصة التي دفعت المذبوح إلى التفكير في الانقلاب
قبل انقلاب الصخيرات بشهور، كلف الملك الراحل الحسن الثاني المذبوح بمهمة خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية تحت غطاء تهيئ الزيارة الخاصة لأمريكا التي كانت مقررة في الأسبوع الأخيرة من شهر أبريل 1971.
علما أن المهمة الحقيقية كانت هي البحث عن الأسباب الحقيقية لغضب حكومة واشنطن من المغرب.
وحسب مجلة “إكسبريس” الفرنسية تمكن المذبوح من معرفة السبب بسهولة إذ أن الأمر يتعلق برسالة وجهها المدير العام لشركة “باناميريكان إيرويز” إلى صديقه “وليام روجرس”، كاتب الدولة، مرفوقة بنسخة من كتابات واردة من المغرب وتهم قطعة أرضية بمدينة الدار البيضاء كانت الشركة ترغب في اقتنائها لتشييد فندق راق. وفي إحدى الرسائل المرفقة، أضاف أحد المقربين للقصر بخط يده العبارة التالية: “يجب دفع كذلك 600 مليون...”.
إضافة لهذا اكتشف المذبوح بالمغرب شبكة منظمة لتهريب المعادن النفيسة تحت إمرة شخصيات وازنة.
وقد قيل، إن هذين الاكتشافين هما اللذان دفع المذبوح إلى التفكير في إعداد انقلابه بسرعة.
وفاة الملك محمد الخامس
يوم الأحد 10 رمضان، في منتصف النهار خرج الملك الراحل الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) من المصحة التي كان يتواجد فيها الملك الراحل محمد الخامس والتي وافته المنية آنذاك وبمجرد ظهوره بمدخل المصحة توجه نحو بعض المقربين المتجمهرين بالبهو لسؤاله عن حال الملك، فأجابهم بعبارات عامة دون إخبارهم بالحقيقة.
اتجه الملك الراحل الحسن الثاني إلى القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية وأشرف على تنظيم مصالح لحفظ الأمن بمدينتي الرباط والدار البيضاء وأعلن حالة الطوارئ في صفوف رجال الأمن.
بعد ذلك، دعا لاجتماع المجلس الوزاري وأخبر الحاضرين بوفاة الملك وبعد صلاة العصر تم إخبار الشعب المغربي بالمصاب الجلل عبر الإذاعة وبواسطة “البراح” في مختلف أرجاء المملكة.
لغز السياسة الخارجية في عهد الحسن الثاني
تساءل الكثيرون بخصوص الضوابط التي كانت تتحكم في السياسة الخارجية المغربية في عهد الحسن الثاني. وبعد سنوات تبين أن لغز هذه السياسة ارتبط بالأساس بتعريف فحوى ومضمون الدولة المغربية من جهة ومن جهة أخرى بطبيعة العلاقة بين الملك والأحزاب السياسية المنبثقة عن الحركة الوطنية (لاسيما المعارضة منها) فيما بين 1961 و 1999.
وقد تحكم هذان العنصران في السياسة الخارجية المغربية الحسنية، لكن كيف كان الملك الحسن الثاني يحدد اختياراته الديبلوماسية في مرحلة مطبوعة بتشنج العلاقة بين القصر والمعارضة وإكراهات الموقع الجيوسياسي للمغرب وضغوطات النظام العالمي آنذاك؟
تعتبر الديبلوماسية عموما والسياسة الخارجية على وجه الخصوص، من المجالات التي تبين بجلاء دور كل من المقرر الأول والأخير وهو الملك وبعض المساهمين في صناعة القرار الديبلوماسي في الكواليس والدور المقزم للأحزاب السياسية المغربية والباطرونا والهيآت الوطنية غير الحكومية.
لقد ظلت السياسة الخارجية المغربية في عهد الملك الحسن الثاني مطبوعة بالحضور الدائم لحرص الملك على ضمان قوة واستقرار النظام السياسي وبتدبير الصراع القائم بين القصر وأحزاب المعارضة في اتجاه يقوي المؤسسة الملكية آخذا دائما بعين الاعتبار إلتزاماته وتوافقاته، العلنية والسرية، مع حلفائه وأصدقائه الخارجيين الذين كانوا يضمنون له مقابل ذلك، توازنا إقليميا مغاربيا دون الإضرار بالمغرب آنيا واستراتيجيا
كلمة السر
بعد فشل انقلاب 16 غشت 1972، اعتقلت عائلة أوفقير واقتيدت الأم وأطفالها إلى الجنوب لوضعهم في سجن خاص بهم.
كل صباح وعلى امتداد سنوات وكان القصر الملكي يتوصل ببرقية عبر الراديو موجهة لشخص واحد دون سواه، الجنيرال مولاي حفيظ العلوي، أحد أقارب الملك ووزير القصور والتشريفات الملكية والذي تكلف بكل القضايا الشائكة والسرية بالقصر الملكي.
كل صباح كان من يوصل البرقية يبدأ كلامه بالعبارة التالية” “C.L.T 55′′ قبل سرد مستجدات اليوم بتفصيل دون ذكر أي اسم. كانت البرقيات اليومية تتحدث عن “الأم” و”البنت البكر” و”الأطفال” دون التفوه بأي اسم واستمر الوضع على هذا الحال على امتداد 15 سنة.
الملك يأمر بترحيل عائلة أوفقير من ورزازات إلى بير الجديد.
في أحد أيام سنة 1974 توصل القصر الملكي بالبرقية اليومية من تازناخت (ضواحي ورزازات) بعد الإعلان عن كلمة السر “CLT55′′ والأخبار بالمستجدات وأحوال “الأم” و “الأطفال”.
وخلافا للسابق، أجاب المستمع (الجنيرال مولاي حفيظ) قائلا: “عليكم اتخاذ كل التدابير اللازمة لترحيل “الأم” و “الأطفال” إلى مكان آخر”.
في هذا السنة، توصل القصر الملكي إلى معلومات تفيد أن المخابرات الجزائرية يحاولان التخطيط لعملية تهريب عائلة أوفقير من المغرب وقيل أن الخطة تكلف بتنفيذها عناصر جزائرية جاءت للمشاركة في مسابقة التزلج على الجليد بمنحدرات “أوكايمدن”.
للإشارة كان الجنيرال محمد أوفقير على علاقة بالجزائر في عهد بومدين، لاسيما مع أحمد المدغري وزير الداخلية والكولونيل عبد القادر شابو، الكاتب العام للرئاسة الجزائرية ورفيقه في حرب الهند الصينية.
بلعالم أقرب للملك من جميع الوزراء
بلعالم، أحد المسؤولين بوزارة الداخلية، كان أقرب للملك في الستينيات من كل الوزراء وهي الشخصية التي لازال لم يكتشف عنها الكثير رغم دورها في جملة من المحطات البارزة وعلى رأسها قضية اختطاف واغتيال المهدي بن بركة. وقد اضطلع بلعالم بمهمة سكرتير الديوان ثم عين كاتبا عاما لوزارة الداخلية وهو في واقع الأمر من كان يسير فعلا وفعليا وزارة الداخلية عندما كان الجنرال أوفقير على رأس هذه الأخيرة.
محمد السادس و “الفيراري
“فيراري” من أنواع السيارات التي كانت تجذب الملك محمد السادس منذ أن كان وليا للعهد. و”فيراري” أثارت انتباه شخصيات عالمية مشهورة من أمثال شاه إيران وأغا خان وطوني كورتيس، كل هؤلاء توجهوا بأنفسهم إلى مدينة “مرانيلو” الإيطالية لاستيلام سيارتهم وهذا ما قام به كذلك الملك محمد السادس سنة 2000، لاختيار لون السيارة وأكسسواراتها الداخلية ولتجريبها بالحلبة.
الملوك والصحافة
ظلت علاقة الملوك بالصحافة المغربية علاقة خاصة استعصت على الفهم، فلم يسبق للملك الراحل الحسن الثاني أن أجرى حديثا صحفيا مع منبر إعلامي مغربي وقد سار الملك محمد السادس على هذا النهج، كان الملك الراحل الحسن الثاني يستحسن اللقاءات مع الصحفيين الأجانب، لاسيما الفرنسيين منهم وكان أول لقاء صحفي للملك محمد السادس، بعد اعتلاءه العرش، من حظ إحدى الصحف الفرنكوفونية وبعده أفسح المجال للإعلام الغربي وأجرى لقاءات وحوارات مع منابر أجنبية دون الصحافة الوطنية.
أجرت 6 منابر إعلامية أجنبية حوارات خاصة مع الملك وهي مجلة “تايمز” الأمريكية، “الشرق الأوسط” السعودية الصادرة بلندن، “لوفيغارو”، “باري ماتش” “ماتش دي موند” الفرنسية و “إلباييس” الإسبانية.
الحسن الثاني يكره الحديث عن الفقر
أقرت الأميرة للا فاطمة الزهراء العزيزية، بنت السلطان مولاي عبد العزيز، أن الملك الراحل لم يكن يحب الحديث عن الفقر ولم يكن يستحسن أن يناقشه أحد من خصوصه.
ولما كلفها الملك بقضية المرأة المغربية وتحررها، كانت تجتهد اجتهادا حتى لا تتفوه بعبارات مرتبطة بالفقر أو بالفقراء في لقاءها معه.
من البلاط توطدت علاقة العرب بإسرائيل
لعب القصر الملكي دورا مهما في تقريب رؤساء العرب من القادة الإسرائيليين وفي التأسيس لمسار السلام بالشرق الأوسط منذ أمد بعيد.
فالمغرب أقام علاقات تعاون وثيقة مع الدولة العبرية منذ مطلع ستينيات القرن الماضي وعمل على تكريس التطبيع الديبلوماسي إثر توقيع اتفاقيات “أوسلو”. إذ وقع وزيرا خارجية المغرب وإسرائيل سنة 1994 على اتفاق لإقامة علاقات ديبلوماسية وافتتاح مكتبين تمثيليين في كل من الرباط وتل أبيب وفتح هذا الاتفاق الأبواب للقاءات علنية ودورية بين المسؤولين المغاربة والإسرائيليين في أكثر من مجال وإقامة تبادل سياحي وتجاري.
إلا أن المغرب، في هذا الصدد بخلاف كل البلدان المغاربية كان سباقا إلى إقامة علاقات العلنية مع الدولة العبرية، إذ استقبل الملك الحسن الثاني “بيريز” في قصر إيفران أمام عدسات المصورين سنة 1985 غير مبال بموجة الانتقادات الواسعة داخل المغرب وخارجه وقبل هذا كان قد التقى سرا بمسؤولين إسرائيليين بالمغرب من ضمنهم “موشي دايان”.
وكشف أكثر من مصدر أن الملك الحسن الثاني لعب دورا أساسيا في إقناع الرئيس المصري أنور السادات بزيارة القدس والتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد سنة 1979.
وتعود قنوات الاتصال المباشرة الأولى بين القصر وإسرائيل إلى ما قبل 1960، عندما كان الملك الحسن الثاني وليا للعهد وطالبا بالديار الفرنسية، لاسيما عندما كشف الإسرائيليون عن مؤامرة ضده في أكتوبر 1959 ومنذئذ تطور التعاون بين الطرفين بعد توليه مقاليد الحكم واعتلاء عرش المغرب سنة 1961 وتأكد التعاون السري في المجال الأمني منذ تلك الفترة حين فتحت المخابرات الإسرائيلية (الموساد) مكتبا لها بالمغرب ولعل عملية اختطاف المهدي بن بركة مثلت أهم محطة للتعاون الأمني المغربي – الإسرائيلي في سنة 1965 وقد كشفت حينذاك صحيفة متخصصة في الصور الخليعة “بول” الإسرائيلية عن هذا التعاون أمام هذه الوضعية الحرجة، أمرت السلطات الإسرائيلية بجمع أعداد الصحيفة من السوق (تم جمع 30 ألف نسخة)، كما قدم كاتب المقال إلى المحاكمة بتهمة إفشاء أسرار الدولة وأدين بسنة سجن نافذ.
ومن المعلوم أن رموز الطائفة اليهودية بالمغرب لعبوا دور الجسر بين الحكومتين، المغربية والإسرائيلية، عبر تفعيل علاقاتهم وصداقاتهم هنا وهناك، علما أن بعض اليهود المغاربة اضطلعوا بمسؤوليات سياسية وقطاعية في عهد الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، مثل “ليون بنزاكن” (وزير البريد والمواصلات في أول حكومة بعد الاستقلال و “سيرج بيرديغو” الذي تولى منصب وزير السياحة فيما بين 1993 و 1955 و “أندري أزولاي” مستشار الملك والذي ظل يحتفظ بعلاقات حميمية مع كبار المسؤولين الإسرائيليين.
لم ينساها الحسن الثاني لعبد الرحيم بوعبيد
من التصرفات التي لم ينساها الملك الحسن الثاني للكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رفضه تلبية طلب الملك محمد الخامس لتحمل مسؤولية وزارية في الحكومة التي يترأسها الملك الحسن الثاني، ولي العهد آنذاك، نيابة عن والده الملك محمد الخامس وقيل أنه لهذا تم نقل عبد الرحيم بوعبيد من سجن لعلو بالرباط إلى سجن أحد القرى بأقصى الجنوب لإدلاله والنيل من كبريائه.
في نهاية صيف 1960 وبعد مرور نصف عام على إقالة حكومة عبد الله إبراهيم ولج الاتحاديون حلبة المعارضة السياسية، في وقت كان الملك الحسن الثاني قد تولى فعليا وعمليا تسيير الحكومة مباشرة نيابة عن والده.
آنذاك قام الملك محمد الخامس باستشارات سياسية مع شخصيات وهيئات سياسية قصد مشاركتها في الحكومة وتحمل مسؤولية وزاراتها وفي هذا الإطار طلب الملك من عبد الرحيم بوعبيد (النائب السابق لرئاسة الحكومة ووزير الشؤون الاقتصادية والمالية) الاستمرار في تحمل المسؤولية والاضطلاع بوزارة الخارجية، لكنه اعتذر وفضل البقاء في المعارضة.
وبعد هذا اللقاء، استدعى الملك الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) عبد الرحيم بوعبيد واجتمع معه إلى ساعة متأخرة من الليل.
وتعتبر القضية الدستورية من القضايا الأولى التي ساهمت في التشنج العلني للعلاقة بين القصر والقيادة الاتحادية في أواخر سنة 1960، إذ تم تعيين أعضاء مجلس الدستور لكن سرعان ما انفجر بمجرد انتخاب علال الفاسي على رأس الهيئة التي طلب منها الملك محمد الخامس إعداد دستور المملكة بدلا من إسناد هذه المهمة إلى الهيئة المنتخبة، أي مجلس تأسيس كما طالب ذلك عبد الرحيم بوعبيد باسم الاتحاديين.
هذا ما لم يفوته الملك الحسن الثاني للزعيم الاتحادي، لاسيما وأنه كان من القلائل الذين أبانوا آنذاك على جرأة في الدفاع عن مواقفهم، علما أنه أصر على دعم المشاركة في حكومة يترأسها ولي العهد نيابة عن الملك.
وعندما سنحت الفرصة حسب العارفين بخبايا الأمور، قام الملك برد الصاع صاعين حيث تم نقل عبد الرحيم بوعبيد من سجن الرباط إلى سجن في قرية صغيرة بأقصى جنوب المغرب للمزيد من إدلاله والنيل من معنوياته.
لا بد أن أقابل الملك
عندما علم أحد اليهود المغاربة المقيمين بالشيلي وهو سوسان غوري بالزيارة الملكية لهذا البلد شرع في البحث عن سبل تمكنه من حظوة اللقاء بجلالته بأي ثمن.
واعتبارا لكونه كان قائما على أحد المعابد بالشيلي، حاول استغلال كل علاقاته للوصول لمبتغاه لكن بدون جدوى.
ويقول: “لقد حلمت طوال حياتي بأن أقترب من الملك ولو لحظة وجيزة لأراه عن قرب وأعاين تصرفاته لتأكيد ما كان بخاطري، إذ كانت تمتلكني فكرة منذ صغر سني وهي أن ملوك المغرب ليسوا كباقي الملوك وأنهم من طينة مختلفة”.
تجدد حلم صاحبنا عندما أخبره صديقه “موريس” أنه سيكون ضمن وفد رجال الأعمال الشيليين الذين سيشاركون في الاستقبال الرسمي للملك محمد السادس بالمطار.
ويضيف: “إن مقابلة الملك ومعاينة جلالته عن قرب ظل حلم كل طفل مغربي، يهوديا كان أم مسلما”.
استعطف صديقه موريس لكي يتدخل له لأحد معارفه المغاربة حتى يتمكن من تحقيق حلمه الذي ظل يراوده منذ الطفولة، منذ عهد السلطان الراحل محمد الخامس وبعده الملك الراحل الحسن الثاني.
وبعد أيام أخبره صديقه أنه سيكون من ضيوف أندري أزولاي وسيستغل الفرصة ليقدم له طلب مقابلة الملك.
بعد يوم اتصل سفير المغرب بالشيلي بالحاخام، المغربي الأصل ليؤكد له موعد لقاء الملك. نزل فجأة خبر لقاء الملك في وقت لم يكن ينتظره وامتلكه مزيجا من الفرج والقلق، فقالت له زوجته (وهي يهودية مغربية الأصل كذلك): “اهدأ وتذكر دعاء الملك سليمان حين قال: “قلب الملك مثل النهر بيد الخالق الأبدي يوجه مساره الوجهة التي يرديها”.
توجه سوسان غوري إلى الفندق الذي كان يقيم به الملك محمد السادس، واستقبله “أندري أزولاي”، مكث معه بعض الوقت ثم نودي عليه لمقابلة الملك، رافقه أحد الحراس إلى الطابق الأول وفي الممر لاحظ ما يناهز 30 حارسا مغربيا، يتحكمون في كل شبر من المكان وفتح الباب ووجد الملك محمد السادس جالسا، اندفع سوسان غوري نحو جلالته كالسحاب إذ غمره إحساس أنه يحلق ولا يمشي على قدميه، اقترب من الملك وقبل يده ونطق بدعوات بالعبرية، شكره الملك وقال له: “أستدعيك شخصيا لزيارتي بالمغرب، أنت وزوجتك
إدريس ولد القابلة
كاتب و صحافي مغربي.
دبلوم الدراسات الجامعية العامة في الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس
مكلف بمهمة بمركز “حقوق الناس”
باحث في مجال السياسة والتنمية المحلية والبيئة وحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.