مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    بعد استهدافها بصواريخ باليستية من إيران.. إسرائيل تهدد برد قوي وحازم    بعشرة لاعبين.. اتحاد طنجة يتعادل مع بركان ويتربع على صدارة البطولة الوطنية    اقليم اسفي : انقلاب حافلة للنقل المدرسي واصابة 23 تلميذا    الحبس النافذ لطبيب بتهمة الإساءة للقرآن والدين الإسلامي على وسائل التواصل الاجتماعي    تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. منح مساعدات مالية مهمة للسكان الذين هدمت مساكنهم جراء فيضانات الجنوب الشرقي‏    نقابة مغربية تتضامن مع عمال فلسطين    نتائج اليوم الثاني من جائزة "التبوريدة"    تعنت نظام الكبرانات.. احتجاز فريق مغربي بمطار جزائري ليلة كاملة ومنعهم دخول البلاد    نائلة التازي: الصناعات الثقافية و الإبداعية رهان لخلق فرص الشغل    ملكة هولندا "ماكسيما" تفتتح معرضاً حول "الموضة المغربية" في أوتريخت    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    السياحة المغربية: رافعة أساسية للتشغيل، لكن هناك حاجة ملحة لتعبئة أكبر لجميع المناطق    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين بمحطات الوقود    الرئيس الإيراني يتعهد ب"رد أقسى" في حال ردت إسرائيل على الهجوم الصاروخي    في العروق: عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    طقس الخميس .. امطار بالشمال الغربي ورياح قوية بالواجهة المتوسطية    مواجهة أفريقيا الوسطى.. منتخب الأسود يقيم في مدينة السعيدية        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري البريطاني لمناقشة تعزيز التعاون الأمني    بلينكن يجدد دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء        دريانكور: الجزائر تنسى اتفاق الحدود مع المغرب .. والنظام يعاني من العزلة    أساتذة الطب والصيدلة يتضامنون مع الطلبة ويطالبون ب"نزع فتيل الأزمة"    الودائع لدى البنوك تتجاوز 1.200 مليار درهم    "حزب الله" يعلن تدمير 3 دبابات إسرائيلية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في معارك مع حزب الله بجنوب لبنان    القاهرة.. الجواهري يستعرض التجربة المغربية في مجال دور المصارف المركزية في التعامل مع قضايا التغير المناخي    إحباط عملية للتهريب الدولي لشحنة من الكوكايين بمعبر الكركرات    الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: انتهاء مرحلة تجميع المعطيات من لدن الأسر    اعتداء جنسي على قاصر أجنبية بأكادير    فيلم…"الجميع يحب تودا" لنبيل عيوش يتوج بجائزتين    الدنمارك: انفجار قنبلتين قرب سفارة إسرائيل    بسبب "عدم إدانته" لهجوم إيران.. إسرائيل تعلن غوتيريش "شخصا غير مرغوب فيه"    الصويرة بعيون جريدة إسبانية    لقجع: "سننظم كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة 2028 وسنفوز بها على أراضينا"    نزاع يؤدي إلى طعن النائب البرلماني عزيز اللبار ومدير الفندق    إيران تقصف إسرائيل وتهدد باستهداف "كل البنى التحتية" لها    لهذا السبب تراجعت أسعار الدواجن !    ابتداء من 149 درهما .. رحلات جوية صوب وجهات اوروبية انطلاقا من طنجة    الولايات المتحدة تعيد التأكيد على دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء كحل جاد وموثوق وواقعي    وفاة شاب في الأربعينات متأثراً بجروح خطيرة في طنجة    الولايات المتحدة تثمن الدور الحيوي الذي يضطلع به جلالة الملك في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب        الاعلان عن موسم أصيلة الثقافي الدولي 45 بمشاركة 300 من رجال السياسة والفكر والادب والاعلام والفن    أبطال أوروبا.. أرسنال يحسم القمة أمام سان جرمان وإنتصارات عريضة للفرق الكبيرة    احتفاء بذكرى المسيرة الخضراء.. الداخلة تستعد لاحتضان حدث رياضي دولي في المواي طاي    السيد: مستشرقون دافعوا عن "الجهاد العثماني" لصالح الإمبراطورية الألمانية    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    رجل يشتري غيتاراً من توقيع تايلور سويفت في مزاد… ثم يحطّمه    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    جدري القردة يجتاح 15 دولة إفريقية.. 6603 إصابات و32 وفاة    تناول الكافيين باعتدال يحد من خطر الأمراض القلبية الاستقلابية المتعددة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيدرو كناليس يدافع عن سبقه الصحفي العالمي

عندما سألنا "بيدرو كناليس": كيف تنظر الصحافة الإسبانية إلى الملك محمد السادس؟ أجاب، على التو، دون أي تردد قائلا: "بخصوص رأي الصحافة الإسبانية في الملك محمد السادس، من واجبي أن أقول، إن تقييمها إيجابي عموما. تراه ملكا شابا، عصريا، يمتاز بديناميكية، ومقاول جيد، لكن الفكرة الشائعة أنه، كرئيس دولة، لا يتوفر على مشروع واضح المعالم، وأنه أحيانا يبدو وكأنه يناهض الديمقراطية ولا يعمل بها في حدود عدم المساس بسلطاته وصلاحياته". ""
المقال الأول الذي أثار القيل والقال
"بيدرو كناليس" هو صاحب المقال الصادر في الموقع الإسباني [المحايد] والذي كشف عن خضوع الملك محمد السادس مؤخرا لعملية جراحية بباريس تكللت بالنجاح، لكنها تمت في سرية تامة، وهذا ما كذبه بلاغ وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة مع التأكيد أن الملك محمد السادس يتمتع بصحة جيدة وعافية تامة وبأن زيارته للعاصمة الفرنسية، باريس، كانت زيارة خاصة لغاية الراحة وليس بقصد الاستشفاء أو لإجراء عملية جراحية كيفما كان نوعها.
إن مقال "بيدرو كناليس" الذي استوجب إصدار بلاغ وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، المنشور بموقع "إيل إمبرسيال" في 26 فبراير 2008 تحت عنوان فرعي "قلق واضطراب سياسي في المغرب" وعنوان رئيسي: "الملك محمد السادس يخضع لعملية جراحية بباريس في سرية تامة"، قد جاء في مقدمته:
"خضع الملك محمد السادس لعملية جراحية بباريس في سرية تامة يوم 20 يناير الماضي جراء مضاعفات، بعد علاج مكثف بخصوص "الكوتيكويد"، حسب ما اطلعت عليه "إيل إمبرسيال" عن مصدر قريب من المخابرات الفرنسية، وقد كللت العملية بالنجاح".
"هذا في وقت عاش فيه المغرب، فراغا مطبوعا بتداعيات الهاجس الأمني وجملة من النقاشات بخصوص إشكالات دستورية وسياسية وأمنية منذ وفاة الحسن الثاني في 1999".
ويواصل بيدرو قائلا:
"وفقا لمعلومات حصلت عليها صحيفة "إيل إمبرسيال" من مصدر مخابراتي فرنسي، علمت أن الملك محمد السادس سافر إلى العاصمة الفرنسية، باريس، يوم 15 يناير ليخضع بعد خمسة أيام لعملية جراحية بالديار الفرنسية، وقد أثارت هذه السفرية عدة إشاعات في أوساط السياسيين والمثقفين، سيما وأنه كان بالإمكان إجراء تلك العملية بالمغرب، إذ يتوفر القصر الملكي على مصحة مجهزة بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية، يشرف عليها أكبر الأطباء المتخصصين بالمغرب وأفضلهم.
وحسب مصادر من الرباط، كان لزاما إجراء العملية بعد حدوث تعقيدات، جراء علاج كان قد اتبعه الملك من قبل، مرتبط ب "الكوتيكويد".
وقد أحيطت العملية الجراحية بسرية تامة وتزامنت مع ركود سياسي عرفته البلاد مما ساهم في بروز جملة من التساؤلات.
خلال فترة تواجده بالديار الفرنسية لم يقم الملك بأي نشاط علني أو شبه رسمي، علمت به وسائل الإعلام، كما جرت العادة في الزيارات الملكية الخاصة كلما حل الملك بفرنسا خلال السنوات الماضية. حيث كان يخصص يومين أو ثلاثة للتزلج على الجليد في جبال الألب أو الاسترخاء والراحة في إقامته بضواحي باريس.
هذه المرة سافر العاهل المغربي رفقة ابن عمه، الأمير مولاي إسماعيل، الذي لم يغادر لحظة واحدة إلى حدود رجوعه للقصر الملكي بالرباط.
تزامنت العملية الجراحية، التي خضع لها الملك بالديار الفرنسية، مع إحدى أكبر الأزمات السياسية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة، والتي برز في خضمها الرجل الثاني في النظام، فؤاد عالي الهمة، الذي يحاول خلق حزب جديد، "حركة لكل الديمقراطيين" المزمع تحويلها على المدى المتوسط إلى حزب وحيد، على غرار نماذج الديكتاتوريات والأنظمة الاستبدادية، التي مازالت آثارها قائمة في جزء مهم من العالم العربي، داخل صالونات النقاشات التي يرتادها مستشارو الملك، تثار فيها تشخيصات ومحادثات بخصوص سيناريوهات مستقبل المغرب "من أجل التمكن من استمرار التحديث الذي يستوجب أداة سياسية جديدة، اعتبارا لكون الأحزاب القديمة محسوبة على عالم الأموات".
إن التجربة التي صممها عالي الهمة فشلت إلى حد الآن بفعل مقاومة حزبين عريقين، حزب الاستقلال القومي وحزب الاتحاد الاشتراكي(usfp)، اللذان رفضا معا تحكم القصر في العملية عن بعد. لقد تخلى فؤاد عالي الهمة عن منصبه كعنصر فاعل في دائرة صناعة القرار وكوزير منتدب في الداخلية (والذي من خلاله كان يراقب ويوجه الإدارة المخزنية: السياسة الداخلية والخارجية، قضية الصحراء، الأجهزة الأمنية بما فيها الاستخباراتية)، وذلك من أجل الترشيح للانتخابات كمستقل (غير منتمي) في دائرة ريفية خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في الخريف الماضي، وحقق سابقة لم يعرف المغرب مثيلها، إذ فازت لائحته بامتياز كبير بعد التصويت عليها حتى من طرف مناضلي الأطراف المتناحرة، وبذلك فازت بالمقاعد الثلاثة المخصصة للدائرة الانتخابية.
بعد افتتاح البرلمان، وفر فريق عالي الهمة مأوى لأكثر من ثلاثين سياسيا ساندوه وثمنوا نجاحه ملتحقين به كسبيل من سبل الارتقاء في عالم السياسة.
ومع إشعاع نجاحه أراد فؤاد عالي أن تفتح له "حركة لكل الديمقراطيين" أبواب خلق حزب سياسي جديد، الذي وفقا لأصدقائه ومسانديه، من شأنه تحويل المغرب إلى بلد حديث وعصري بإحداث قطيعة مع مخلفات الماضي المطبوعة بالتخلف والإقطاعية والفساد.
"فؤاد عالي الهمة لا يعرف المغرب على حقيقته [المغرب كما هو]"، هذا ما صرح به العربي المساري، إسباني الثقافة وأحد قادة حزب الاستقلال المرموقين، الذي سبق له أن كان وزيرا وسفيرا في عهد الحسن الثاني، مضيفا، "تكون بالمعهد الملكي ثم بوزارة الداخلية، ولا يعرف شيئا عن حقيقة المغرب".
أما مصطفى العلوي، مدير صحيفة "الأسبوع"، الأكثر انتشارا بالمغرب، كان أكثر وضوحا، حيث قال: "إن تجربة عالي الهمة، اكتسبها في دهاليز المخابرات وتتلمذ على يد إدريس البصري (وزير داخلية عهد الحسن الثاني على امتداد 20 سنة)".
ترى الأحزاب السياسية أن المغرب بصدد تكرار التجربة التي خطط لها الحسن الثاني في الستينات على إيقاع مستشاره، أحمد رضا كديرة في شبكة من أجل خلق أحزاب سياسية موالية مستعدة لتطبيق كل ما يريد.
أحاطت ب "صديق الملك" هيأة أركان عامة "من الموالين له شخصيا وللملك، للشروع في التجربة، لكن هذه المجموعة الجديدة استمرت في اعتماد نفس النهج والممارسات التي ينتقدونها: المحسوبية، الغموض، الزبونية والمصالح الشخصية، وهذا ما لاحظه وعاينه مراسل صحفي طلب مقابلة مع بشير الزناكي، الناطق الرسمي باسم "حركة لكل الديمقراطيين"، إذ استدعاه إلى مكتبه، وبعد المكوث في قاعة الانتظار لمدة ساعة، خرج إليه الزناكي ليتهرب من الحديث معه دون أي تفسير.
هذا ما جعل الصحافة الأجنبية تعتقد أنه من العسير جدا تحديث النظام والبلاد بوجود مثل هذه الممارسات والتصرفات.
رد بيدرو كناليس على البلاغ 28 فبراير 2008
ردا على بلاغ وزارة القصور والتشريفات والأوسمة، كتب "بيدرو كناليس" مقالا نشره تحت عنوان: "EL PALACIO REAL MARROQUI RESPONDE A LA EXCLUSIVA DE EL IMPARCIAL" (القصر الملكي يرد على "إيل إمبرسيال"، مما جاء فيه: "[...] إن بلاغ القصر الملكي يعترف بسفر الملك محمد السادس إلى باريس في غضون شهر يناير الماضي قصد الراحة، وفي نفس الوقت أكد هذا البلاغ أن الملك يتمتع بصحة جيدة ولم يخضع لأية عملية جراحية بالديار الفرنسية".
ثم تساءل "بيدرو كناليس": "لماذا صدور هذا البلاغ ما دام أن وزارة القصور والتشريفات والأوسمة ليست من عاداتها الرد على ما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية؟ [...] وللإشارة إن سفريات الملك الخاصة قصد الراحة بالديار الفرنسية، غالبا وعادة ما تكون قصيرة بجبال الألب ب "كورسوفيل"، ويظهر خلالها للعموم".
ويختم "بيدرو كناليس" مقاله بالتذكير، إن مرض الملك الحسن الثاني ظل سرا، على الأقل مدة 4 سنوات، دون أن يعلم بذلك الرأي العام المغربي.
رد 29 فبراير 2008
استمر الصحفي الإسباني، "بيدرو كناليس" في ردوده، دفاعا عن مقاله الأول الذي أعلن فيه عن خضوع الملك محمد السادس لعملية جراحية بالديار الفرنسية في سرية تامة، بنشر رد يوم 29 فبراير 2008، تحت عنوان: "بخصوص صحته، ظهور الملك يضع حدا للإشاعات"، مما جاء فيه: "[...] لازال المغاربة لا يعلمون ماذا حدث خلال 35 يوما التي قضاها الملك بباريس رغم صدور البلاغ الذي كذب، جملة وتفصيلا، ما أورده موقع "إيل إمبرسيال" بخصوص العملية الجراحية التي خضع لها العاهل المغربي هناك. علما أنه في غضون شهر أكتوبر الماضي، خضعت الشقيقة الكبرى للملك، الأميرة لالة مريم، لعملية جراحية بسيطة تكللت بالنجاح، إلا أنها ظلت سرا قبل كشف الأمر بعد شهر من حدوثه، وعندما كشفت الصحافة عن عملية الأميرة، ووجهت بالتكذيب في البداية من طرف الدوائر المقربة من القصر الملكي، وبعد ثلاثة أسابيع اعترفت جهات رسمية بالأمر الواقع.
مازال هناك حرص شديد على سرية كل ما له علاقة بحياة العائلة الملكية، بدءا من الملك [..] إنها القاعدة السائدة، وتحرص الجهات الرسمية على تكريسها بأي ثمن. ويظل الاستثناء الوحيد بهذا الخصوص، حالة "الأمير الأحمر"، مولاي هشام، الذي خضع لعملية "القلب المفتوح"، وهو نفسه الذي بادر بإخبار أصدقائه والمقربين منه بالأمر، لإبلاغ الصحافة ومدها بصورته التي نشرت بالمغرب.
" نقص المعلومات" رد 2 مارس 2008
في مقال ثالث نشره في 2 مارس 2008 تحت عنوان "نقص المعلومات"، استمر "بيدرو كناليس"، في رده على بلاغ وزارة القصور والتشريفات والأوسمة، مما جاء فيه: "[..] تهافت المغاربة على شبكة الانترنيت قصد الإطلاع على كل ما من شأنه إفادتهم عن الحالة الصحية لعاهلهم، الملك محمد السادس، وذلك اعتبارا لفقر المعلومات الواردة في وسائل الإعلام [..] وعرفت صفحة موقع "هسبريس"، الذي نقل خبر خضوع الملك لعملية جراحية بفرنسا نقلا عن موقع "إيل إمبرسيال"، إقبالا منقطع النظير، لم يسبق أن عرفته صفحة أخرى بالموقع...".
ويضيف "كناليس": "مرد هذا التهافت الكبير أن المنابر الإعلامية المغربية، لم تول الاهتمام المنتظر لهذا الحدث، سيما وأن غياب الملك محمد السادس عن المغرب دام أكثر من شهر (35 يوما)، في صمت، وختم الصحفي الإسباني مقاله قائلا: "[..] أفادت مصادر ديبلوماسية لصحيفة "إيل إمبرسيال" أن العملية الجراحية لم تجر بالمستشفى العسكري ل "فال دو كراس" بباريس، الذي استقبل ياسر عرفات سابقا، ومؤخرا عبد العزيز بوتفليقة، وذلك حرصا على ضمان السرية [..] سيما وأن عشرات المدنيين يعملون به (المستشفى)".
النبش في "النقط السوداء" و"المناطق المستترة"
أثارت زيارة الملك محمد السادس للديار الفرنسية جدالا واسعا في الأوساط السياسية المغربية، علما أنها كانت طويلة نسبيا خلافا لسابقاتها، حيث دامت أكثر من شهر (35 يوما)، شوهد خلالها بإقامة والدته بباريس وفي "أورو ديزني"، وتناسلت بخصوصها إشاعات بالداخل والخارج في ظل صمت مطبق، امتد حتى كسره البلاغ الأخير لوزارة القصور والتشريفات والأوسمة لتكذيب السبق الصحفي الدولي بخصوص الكشف عن العملية الجراحية التي خضع لها الملك محمد السادس بفرنسا حسب الصحفي الإسباني "بيدرو كناليس" بصحيفة "إيل إمبرسيال".
أصدرت وزارة القصور والتشريفات والأوسمة بلاغها، بخصوص تكذيب كل ما نشر حول خضوع الملك محمد السادس لعملية جراحية بالديار الفرنسية، جملة وتفصيلا، وهذا أمر حسم فيه من منظور القصر والجهات الرسمية، لكن ما يهمنا ليس هو البحث حول صحة أو صدقية ما نشره "بيدرو كناليس" من عدمهما، وإنما همنا الأساسي هو محاولة فهم لماذا اختصت بعض وسائل الإعلام الغربية، البصرية والمسموعة والمكتوبة، الرسمية منها وغير الرسمية، في النبش على بعض الجوانب من حياة وتصرفات الملك، بنية سيئة؟ ولماذا الاقتصار في تناولها لما أضحى ينعته البعض ب "النقط السوداء" دون إدراجها في سياقها الحقيقي، إذ يكفيها الانطلاق من إشاعة، أو مما هو أقل منها؟ ثم لماذا تسعى بعض وسائل الإعلام الأجنبية إلى النيل من الملك والأسرة الملكية والقصر بالتركيز على بعض الجوانب أو النفخ فيها أو افتعال بعضها، سيما تلك المتعلقة بالحياة الخاصة للملك وأسرته بمناسبة تواجده بالخارج؟
فما هو غرضها وراء ما تقوم به في نهاية المطاف؟ هل هو فعلا تحقيق سبق صحفي لرفع مبيعاتها وجلب المزيد من القراء؟ أم أن غرضها غير المعلن، هو النيل من أهم رمز من رموز البلاد؟ وقبل هذا وذاك، لماذا أغلب "السكوبات" المتصلة بالملك والعائلة الملكية والقصر، تأتي على الدوام من وراء البحار؟
ستظل زيارة الملك الأخيرة للديار الفرنسية، والطويلة نسبيا مقارنة بسابقتها، شاخصة في الأذهان اعتبارا لكثرة الإشاعات التي حامت حولها، وللظرفية التي أتت فيها، وكذلك لارتباطها ببلاغ التكذيب الصادر عن وزارة القصور والتشريفات والأوسمة.
ومن الملفت للنظر أنه، قبل صدور البلاغ المذكور تناسلت عدة إشاعات داخل المغرب في صفوف أوسع الفئات الشعبية بخصوص الحالة الصحية للملك وزيارته لوالدته، "أم الأمراء" لالة لطيفة، بالعاصمة الفرنسية حيث تقيم منذ سنوات.
ومن الملفت للنظر أيضا في المدة الأخيرة، أن القائمين على أمور البروتوكول المخزني أضحوا يهتمون أكثر من أي وقت مضى، بتكذيب ما تنشره الصحافة، سواء المغربية أو الغربية، في آوانه، وهذا ما سبق وأن حصل بخصوص خبر حمل الأميرة لالة سلمى الثاني ووضعها، حيث تم تكذيب الخبر قبل الإعلان عن الوضع بأسبوع، وهذه ممارسة لم تكن قائمة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
ويرى الكثيرون في إصدار بلاغات التكذيب، الرامية إلى إظهار الحقيقة، من شأنه المساهمة في وأد الإشاعات في إبانها وسد الطريق على أعداء المغرب الذين طالما استفادوا من صمت القائمين على الأمور وعدم الاكتراث بما ينشر بهذا الخصوص، علما أنه في السابق كان يتم الاقتصار على منع المنابر التي تنشر ما لا يروق القائمين على الأمور، من الدخول إلى المغرب، وهو أمر أضحى متجاوزا حاليا بفعل التطور التكنولوجي وانهيار الحدود التقليدية.
منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش البلاد تأكدت ظاهرة، أضحت قامة الآن، حيث أنه ما إن تنشر صحيفة إسبانية أو فرنسية، معروفة بعدائها، الظاهر أو المستتر، للمغرب ولملكه خبرا، حتى يلقى الصدى السريع والمباشر في جملة من وسائل الإعلام الجزائرية، والعكس صحيح أيضا، حتى ولو كان الأمر مرتبطا بمجرد إشاعة أو "خبر" صادر عن جهة غير موثوق بها. وهناك أمثلة كثيرة أثبتت هذه الظاهرة بدءا من الزيارات الملكية الرسمية بأمريكا وأوروبا، والزيارات الخاصة للأميرة سلمى والأميرة مريم والتداعيات المرتبطة بالحملة ضد الأمير هشام، واستغلال نازلة هشام المندري وقضية جزيرة ليلى، أما قضية الصحراء، فكانت على الدوام منطلقا للنفخ في الإشاعات والأخبار غير الموثوق بصحتها، سيما بعد إعلان المغرب عن مبادرة الحكم الذاتي التي أربكت كل الجهات المعادية للبلاد.
لقد أضحى معروفا عن الوسائل الإعلامية المعادية، سرا أو جهرا، للمغرب ولملكه، أنها تستغل أية ثغرة، مهما كانت بسيطة، لإثارة جو من الشك والريبة وافتعال التساؤلات، وخلق الإشاعات حتى ولو اقتضى الأمر ذلك، أو تضخيم تصرفات عادية بعد فصلها عن سياقها الحقيقي.
لا يستبعد البعض أن هناك جهات تستهدف الملك والعائلة الملكية، ولا تتردد في استغلال الإشاعات أو النفخ في تصرفات أو أحداث عادية جدا بغية تحقير المغرب في عيون الرأي العام الدولي، ولو أدى الأمر إلى هجوم مجاني على الملك لإفقاده هيبته وبريقه بين المغاربة.
ومما يسهل مهمات هذه الجهات في النيل من المغرب، استعمالها لبعض المغاربة المقيمين بالخارج، والذين يعتبرون أن وضعهم وتموقعم هناك يمكنهم من إظهار رغبتهم في تحقير المغرب لإبراز شخصيتهم، وشبكة الانترنيت تعج بكتابات هؤلاء الأشخاص، لكن دون أن يتمتعوا بالشجاعة الأدبية للكشف عن هويتهم، شغلهم الشاغل هو محاولة النيل من سمعة الآخرين، وهو واقع حال أضحى راسخا، مفاده أن "الملك في المغرب ليس موضوع أي نقاش أو اختلاف أو رفض من طرف الأغلبية الساحقة من المغاربة".
إن هم تلك الجهات المعادية للمغرب ولملكه، هي العمل على إظهار بأن الحكم المغربي هو حكم ضعيف، وفي هذا الصدد سبق لبعض الجهات أن استغلت حمل بعض أعضاء الحكومة لجنسيات أخرى، إضافة للجنسية المغربية، ولعبت على تباهيهم بحمل جنسية ثانية للنيل من المغرب على الصعيد العالمي، وحتى حدود اليوم تَمَّ إقصاء أكثر من ستة وزراء حاليين أو وزراء سابقين يحملون جنسيات أجنبية.
ففي أكثر من مناسبة لوحظ بوضوح، أنه من حين لآخر، يتم تسريب بعض الأخبار أو الإشاعات إلى بعض الصحف، منها من تسعى لتحقيق سبق صحفي، ومنها من تروم التهويل والاجتهاد في النفخ في بعض الأحداث أو التصرفات العادية لعرضها كنقط سوداء، للإيهام بأن العائلة الملكية تعيش أزمة داخلية أو خلافات، وغالبا ما يهم هذا الأمر صحفا صغيرة أو محدودة الصيت، وهذا ما سبق أن حصل بخصوص صحف ألمانية وبلجيكية وإسبانية وفرنسية، منها صحيفة "VSD" الفرنسية و"إيل إمبرسيال" الإسبانية و"باقشيش" الفرنسية وغيرها، وهي نفس الجهات والمنابر، بل نفس الصحفيين والصحفيات، الذين يهتمون أكثر من غيرهم بالملك والعائلة الملكية منذ 1999. وحتى بعد وفاة الحسن الثاني، لم ينج الملك محمد السادس وشقيقه الأمير رشيد وزوجته وشقيقته الكبرى وابن عمه الأمير هشام من شباك هؤلاء. وقد سارت تلك الصحف في اتجاه، هم في البداية الملك ومحيطه، ثم حملات ركزت على "الأمير الأحمر" ثم الأشخاص الأكثر قربا من الملك، لتعود من جديد إلى الاهتمام بالملك وزوجته، عبر استغلال صورة أو تصرف أو مشهد أو إشاعة كلما حلا بالخارج.
وإذا كان من الإيجابي قيام وزارة القصور والتشريفات والأوسمة بالرد، وهي ممارسة وجب تكريسها، إلا أنه يجب أن يكون في إبانه وأن يتضمن ما يشفي غليل الرأي العام بخصوص الصدقية والمصداقية والفحوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.