لم تنم مراكش ليلة الأربعاء، و لم تعرف شوارعها السكينة، و لم تهدأ بها أجواء الانتشاء الجماعي الذي فجره فريق الرجاء البيضاوي إثر فوزه التاريخي على الفريق البرازيلي أتليتيكو مينيرو و تأهله للمباراة النهائية لكأس العالم للأندية . منابع الفرح تدفقت في شوارع مراكش وأخرجت الآلاف من ساكنة المدينة من بيوتهم للالتحاق بحشود المحتفلين بهذا الإنجاز غير المسبوق في تاريخ الكرة المغربية . و ما كاد الفريق المغربي يرسي الهدف الثاني في شباك الفريق البرازيلي، حتى تعالت الهتافات الجماعية التي ملأت فضاء الشوارع الكبرى والدروب والأزقة . وتوقفت حركة السير في العديد من الطرقات بالمدينة بعد أن اكتظ بها المحتفلون، مرددين شعارات تحيي الفريق الأخضر على إنجازه وتطالبه بإنجاز مصيري في مباراة النهاية . المشجعون الذين ملأوا الملعب الكبير لمراكش حماسا، وحقنوا أداء الفريق المغربي طاقة لا تخبو، التحقوا بدورهم بطوابير الجماهير المنتشية، وضاعفوا أجواء الفرح الذي غمر القلوب ودفع الناس من مختلف الأعمار إلى المشاركة في تخليد هذه اللحظة النادرة، التي تستعيد فيها الرياضة المغربية ألقها وتشبع توق الناس إلى المزيد من التألق . الاحتفالات التلقائية بفوز الرجاء و تأهله إلى قمة الكأس العالمي، تواصلت إلى غاية الخميس، حيث لم يستنفد الليل حماس الكثير من الشباب الذين وجدوا في إنجاز الرجاء البيضاوي، فرصة لتجديد حلمهم بالأجمل والأحسن والأقوى. ورغم أن الإحساس العام كان يرى في تأهل الرجاء إلى مستوى نصف النهاية إنجازا في حد ذاته، إلا أن تأهله إلى النهاية، أشعل تطلع الجمهور إلى أن يرى كأس التتويج تعلو يد الفريق المغربي . وعاشت مراكش أجواءاستثنائية قبل مباراة النصف، وعلى بعد يومين تكاثفت الحركة في شوارعها، التي أضحى فيها مشهد الأيدي الملوحة بالأعلام الخضراء، روتينا يتكرر في كل مكان وفي أية لحظة . واستقبل مطار المنارة المزيد من أفواج المشجعين البرازيليين، الذين قطعوا آلاف الكيلومترات لمؤازرة فريقهم. وأبدوا سلوكا جميلا، وحضورا أنيقا في مختلف فضاءات الجميلة التي كانوا يتجولون فيها بطلاقة رجالا ونساء وأطفالا، وحمل بعضهم شعارات الفريق تتوسطه الراية المغربية، وشوهد البعض الآخر يحمل أعلام أتلتكو منيرو والرجاء البيضاوي . وعملت السلطات المختصة على تحقيق شروط الدخول الآمن للملعب الكبير، حيث أرست سلسلة أمنية تمتد من مدارة ماكدونالد بشارع عبد الكريم الخطابي حتى الملعب الكبير، وشوهدت عدة حافلات تنقل عددا كبيرا من المشجعين إلى الملعب امتلأت عن آخرها وامتطى العشرات سطحها، مثلما استقبلت محطة القطار أفواجا متلاحقة من المشجعين . وهيمن على شوارع مراكش قبيل انطلاق المباراة حالة من التأهب الأمني، بغية ضمان الشروط المحققة لسلامة مستعملي الطريق، وتيسير حركة السير بها، خاصة وأن مراكش استقبلت صباح الأربعاء أعدادا إضافية من السيارات القادمة من مدن أخرى . ورغم حالة التذمر التي أصيب بها الآلاف من المشجعين الذين لم يستطيعوا الحصول على تذكرة الدخول إلى الملعب الكبير بمراكش لمتابعة مباراة نصف النهاية، إلا أن أعدادا كبيرة منهم فضلوا الاصطفاف إلى جانب الطريق في انتظار نتيجة إيجابية لإطلاق الاحتفالات . وقال مشجعون رجاويون إنهم باقون بمراكش إلى غاية يوم السبت، رغم أنهم لا يتوفرون على بطاقة الولوج إلى الملعب، لأنهم ينتظرون من الرجاء تحقيق حلمهم في موقعة باير ميونيخ، وأنهم سيظلون ينشرون الحماس بشوارع المدينة ويستنهضون تأهب أبنائها من أجل نصر قريب المنال، رغم أن الطريق إليه ليس سهلا .