ساعتان من الحوار والمساءلة والمكاشفة الصريحة شارك فيها كل من ادريس لشكر، الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط تناولت محاور الشطر الأول من اللقاءات الحوارية التي ينظمها منتدى كفاءات من أجل المغرب ، تحت عنوان «حوارات الجامعة»، حيث تناول الحوار مجموعة من القضايا تخص الاحزاب السياسية، عزوف الشباب عن العمل السياسي، قضايا الجامعة اليوم، الحركة الطلابية بالمغرب..،وكما نوقش السياسي، حضر السؤال الثقافي والبحث الجامعي... وكما كان الحوار والتواصل مابين ادريس لشكر ، الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وطلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن المزايدات والشعارات السياسية.. ، كانت لغة شفافة، واضحة المعالم والمواقف، جعلت من الحوار الذي استمر لمدة ساعتين، يلامس ثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل التي كانت حاضرة في وجهات النظر التي عبر عنها الطلبة والطالبات، قضية التعيلم اليوم التي يجب التعاطي معها ليس بصيغة «الميثاق» ، بل اعتبارها ملفا يوازي شكل التعاطي الذي عرفه ملف الاسرة والمرأة.. ، بالاضافة إلى سؤال العمل السياسي داخل الجامعة المغربية.. في الوقت الذي كان فيه النقاش السياسي تهمة ويجب العقاب عليها والتضييق على الطلبة الذين يدخلون غمار المناقشات السياسية للقضايا الأساسية للبلاد داخل فضاء الجامعة المغربية بالأمس القريب، اليوم نجد فضاء الجامعة يحتضن ندوات علمية وفكرية وسياسية يتداول فيها فاعلون اجتماعيون وسياسيون وطلبة وأكاديميون أهم القضايا التي تشغل بال النخب المغربية والشعب المغربي، بل الأكثر من هذا نجد جمعيات ومنتديات تأسست داخل فضاء الجامعات المغربية وهي المسؤولة عن تنظيم هذه الأنشطة. مناسبة هذا الحديث ، هو الحدث الفكري والسياسي الذي خلقه «منتدى كفاءات من أجل المغرب» حين استضاف إدريس لشكر ، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في إطار «حوارات الجامعة» أول أمس، في فضاء كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط. بالفعل، لقد كانت لحظة تاريخية بامتياز، جعلت شريطا نوستالجيا سريعا يمر في ذاكرة لشكر حول الدور الفاعل الذي قامت به الجامعة المغربية في تكوين النخب السياسية والاقتصادية وإنتاج قيادات المجتمع المدني المغربي والأحزاب السياسية والأدوار الطلائعية التي لعبها الطلبة المغاربة في النقاش السياسي العالي لأهم القضايا التي تهم المجتمع المغربي والمشهد السياسي المغربي، فضلا عن كيف كانت الجامعة تلعب دور القاطرة في التنمية. ملامح لشكر، التي كانت تعلو محياه، حين دلف بأول خطوة فضاء كلية الحقوق ويتم استقباله بحشد كبير من الطلبة الذي كان ينتظر قدوم هذا الفاعل السياسي، كانت تؤشر بالملموس على أن هناك شعورا كبيرا بالاعتزاز بهذا الدور التاريخي الذي لعبته الجامعة، ولم تمر إلا هنيهة حتى حاصرته أسئلة الصحفيين والصحفيات في مدخل الجامعة الذين هرعوا لعين المكان من أجل تغطية هذا الحدث الذي عرف حضورا كبيرا ونوعيا من أساتذة جامعيين من كلية الحقوق وكلية العلوم الإنسانية والآداب، فضلا عن عدد هائل من الطلبة الذين ينتمون للكليات والمعاهد المجاورة لكلية الحقوق بمدينة العرفان. تحول كبير أن يأتي قيادي أو الرجل الأول في حزب سياسي للجامعة، وأن تطأ قدماه فضاء الجامعة ويدخل في حوار سياسي عميق مع الطلبة داخل المدرج الجامعي وبحضور عميد الكلية، في جو من الهدوء والنقاش الحضاري والمقارعة بالحجة والإقناع. لقد شهدت كلية الحقوق حضورا مكثفا من الطلبة بمختلف تخصصاتهم والشعب التي يدرسونها ومن جميع المستويات، ما جعل أستاذا جامعيا ينتمي لكلية الحقوق أن يؤكد على أن هذا دليل على التعطش الكبير لدى هؤلاء الطلبة للالتقاء بالقيادات السياسية المغربية التي تمارس داخل المشهد السياسي، والتي كان ولا يزال لها تاريخ نضالي وبصمات في الساحة الوطنية من أجل مد الجسور فيما بينها ولربط الحاضر بالماضي، ثم لكي يشبعوا نهمهم وإيجاد أسئلة حارقة تشغل بالهم وفكرهم. ففي بداية هذا اللقاء كرس الدكتور خالد البرجاوي، عميد كلية الحقوق السويسي، هذه الحقيقة المتميزة في هذا التحول السالف الذكر ، حيث قدم كلمة مختصرة رحب بها بالكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي له تجربة سياسية وقانونية كبيرتين، مؤكدا في السياق ذاته أن الكلية تسعى جاهدة للانفتاح على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من أجل خلق فرص للاحتكاك مع هذه الفعاليات وتبادل الرأي ووجهات النظر في عدد من القضايا المجتمعية والسياسية والاقتصادية، كما أشاد بهذه المبادرة التي قام بها «منتدى كفاءات من أجل المغرب»، معبرا في هذا الصدد عن أنه استجاب بسرعة لها ودعمها معنويا. وبنفس المناسبة، شكر عماد خاتر، رئيس «منتدى كفاءات من أجل المغرب»، عمادة الكلية على دعمها اللامشروط من جهة، وإدريس لشكر الذي استجاب للفكرة دون تردد حين زاره المنتدى بمقر الحزب المركزي لعرض الفكرة عليه ليحل ضيفا على فضاء كلية الحقوق السويسي بالرباط، ورحب كذلك بمحاور النقاش التي تهم المشروع المجتمعي للحزب، التعليم العالي بالمغرب، ثم ماذا أعد الاتحاد الاشتراكي للمشاركة السياسية للشباب. ففي أول مداخلته، عبر إدريس لشكر عن ما كان يعتريه من فرح وبهجة وهو يدخل رحاب الجامعة، وهو يرى عشرات ومئات الطلبة متحلقين ينتظرون، ما جعله يتذكر حين كانت الجامعة المغربية جامعة سياسية بامتياز ، وبمقتضى الأمر الواقع حيث كانت هناك حلقات يومية للنقاش السياسي وتجمعات حوارية تجمع كل الفصائل يسودها نقاش سياسي ديمقراطي سلمي، وفي المقابل كان الطلبة يواجهون بقمع شرس وهجومات مباغتة ومضايقات وتعسفات واعتقالات خاصة في أيام سنوات القمع والرصاص.. توجت كل هذه المضايقات والتعسفات بالحظر على المنظمة الطلابية الرائدة آنذاك اتحاد طلبة المغرب. وسجل لشكر في ذات السياق أن اليوم هناك تطورا وتحولا ملموسا يدل على أن الذين ناضلوا وضحوا واعتقلوا من أجل الحريات والحقوق لم تذهب نضالاتهم وتضحيات سدى، بل نرى ثمرة هذه النضالات في هذا الانفتاح الكبير الذي تشهده الجامعة المغربية اليوم في خلق منتديات فكرية وثقافية كملتقيات النقاش والحوار وتبادل الرأي والأفكار والاستفادة من الخبرات والتجارب المتعددة والمتنوعة. ونبه لشكر ، خلال هذا اللقاء ، أن المشاركة السياسية للشباب المغربي كانت بالأمس مطلبا ملحا، لكنها اليوم أصبحت عرضا، فعلى الشباب المغربي أن يتحمل مسؤوليته لكي لا يقصي نفسه بنفسه ويساهم وينخرط في الفعل السياسي والحزبي ليكون حاضرا وموجودا، وبالتالي حضور قضاياه وطموحاته وآماله وتطلعاته في كل المشاريع سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وحذر لشكر الطلبة وعموم الحاضرين، بنفس المناسبة ، على مخططات تبخيس السياسة بالمغرب منذ زمن بعيد والمخطط الجهنمي الذي مورس لإظهار أن كل الأحزاب متساوية ، والتي عبر عنها الاتحاد الاشتراكي فيما مضى لمواجهة هذا المخطط الجهنمي بمقولة «كل أولاد عبد الواحد بحال بحال»، حيث كان يتم تثبيت أن كل الأحزاب السياسية بحال بحال، ولا فرق بينها، في الوقت الذي كانت فيه أحزاب سياسية تتقدم وتدافع عن حرية وكرامة الشعب المغربي. قيمة الحوار الذي جمع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بطلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، استحضر من خلاله الطلبة مجموعة من الاسئلة تناولت: ظاهرة العزوف السياسي، مطالبة الاحزاب السياسية بإجراء إصلاحات داخلية، ماهو المطلوب في عملية تأطير الشباب، ضرورة اعتماد معايير انتخابية مطبوعة بالمصداقية في اختيار ممثلي الأحزاب في الانتخابات، ماهو دور الأحزاب في الدفع بالشباب إلى عالم السياسة، وأن الاحزاب تمجد الماضي عن الحاضر، في المقابل نجد أن الجيل الحالي يعطي الأولوية للحاضر عن الماضي، ضرورة انخراط الأحزاب فيما يقع اليوم عوض الالتفات الى الماضي، من المسؤول عن فشل منظومة التعليم، وبالتالي نريد إصلاحات حقيقية عوض نهج سياسة الترميم، الجامعة اليوم أصبحت متقوقعة على نفسها، تراجع الوعي السياسي عند الطالب الجامعي، سؤال المعارضة من أجل المعارضة، واقع الساحة السياسية الطلابية ، وما تعرفه من اعتقالات واعتداءات عليهم، ألم يحن الوقت لتقديم عرض أو مشروع سياسي يميز الاحزاب اليسارية عن باقي الأحزاب، غياب السياسة في الجامعة عنوان ودليل على تواجد السياسة فيها.. في هذا الشق المتعلق بتفاعل الطلبة والطالبات مع مداخلة الكاتب الأول، أوضح ادريس لشكر أن الأمر اليوم يختلف في الخطة، حيث يتم تبخيس السياسة بالخلط والالتباس ودر الغموض حتى لا تتضح الرؤية أمام الشباب المغربي، بل هناك مخططات متطرفة كذلك تسعى جاهدة لغسل الأدمغة والجز بالشباب في اتجاهات محافظة تقليدية بغلاف إيديولوجي ديني. كما أشار لشكر إلى أن اليوم هناك من يمارس السياسية بشكل نفعي، والواقع المرير أصبح يزكي هذا الواقع بتواطؤ البعض مع الأسف، مستنكرا في نفس الوقت هذه الثقافة والممارسة الرديئة، موضحا في هذا الإطار أن الملاحظ اليوم هو ممارسة السياسة بمنطق «الكامبو والمطور» ، ف «الكامبو» يقول لشكر ، هو من يمارس السياسة بشكلها النبيل والحامل للقيم والمبادئ والمترفع عن الذاتيات والأنانيات والمصالح الشخصية، وفي المقابل «المطور» هو الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، والذي يريد أن يحرق المراحل ولا يحمل قيما أو مبادئ ويبحث عن المصلحة الشخصية ويحضر ذاته في كل تحرك. موصيا الطلبة ، في هذا السياق ، بأن السياسة أخلاق، ومبادئ وقيم، وليست كذبا ونفاقا ورياء، بل هي عمل متواصل والتزام مبدئي من أجل الدفاع عن الوطن والمصالح الكبرى للبلاد، وخدمة القضايا الحيوية للأمة ولا يتأتى ذلك إلا بالمشاركة السياسية للشباب على جميع المستويات والأصعدة للمساهمة في صنع القرار السياسي والاقتصادي للبلاد. أما المشروع المجتمعي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، يقول لشكر، إن المشروع الذي يدافع عنه الاتحاد والذي قدم من أجله شهداء واعتقل العديد من مناضليه وتم اختطافهم على مدى سنين خلت وجل الضحايا المحصيين بهيئة الإنصاف والمصالحة، تؤكد هذه الحقيقة على أن جلهم اتحاديون قدموا الكثير من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة لهذه البلاد، وبكلمة اختصر لشكر المشروع المجتمعي للحزب، هو المشروع الديمقراطي الحداثي الذي يتوخى فيه الاتحاد أن يصبح كل مواطن مغربي له حقوق وواجبات في إطار دولة الحق والقانون واحترام المؤسسات وإقرار الحرية والديمقراطية والكرامة للشعب المغربي. وعن «حركة 20 فبراير»، قال لشكر، إن هذه الحركة ملك لكل الشعب المغربي وليست ملكا لأحد دون الآخر، ولا يحق لأحد أن يتبجح بأنه هو «حركة 20 فبراير»، التي تعتبر التعبير الأسمى عن مطالب الاتحاد الاشتراكي الذي استبق أحدات الربيع العربي بسنتين، حين قدم مذكرة لجلالة الملك للمطالبة بالإصلاحات السياسية والدستورية في ماي 2009، وهناك من اعتبرها آنذاك على أنها مزايدات سياسية من قبل الاتحاد الاشتراكي. وبخصوص الملكية البرلمانية، اعتبر لشكر، أن الاتحاد الاشتراكي هو السباق الذي طالب بها خلال المؤتمر الوطني الثامن، وضمنها في بيانه الختامي للمؤتمر الى جانب موقفه من التحالفات والإصلاحات السياسية والدستورية، لذلك يقول لشكر، سنترك هذا الأمر للمؤرخين وعلماء الاجتماع والباحثين، هم من سينصفون الاتحاد في هذه الحقائق السياسية والتي تسجلها وثائق وأدبيات الحزب التي نضعها رهن إشارات الباحثين الدارسين. وبالنسبة للمجهودات التي يقوم بها الاتحاد حيال السياسة الخارجية، أوضح لشكر، أن حزب الاتحاد يقوم بدوره على الوجه الأكمل سواء في لقاءاته الثنائية مع الشخصيات السياسية والدولية أو خلال المنتديات الدولية والعالمية التي يحضرها أو من البرلمانات والمجالس الدولية للدفاع عن المصالح العليا للبلاد وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، وكمثال بارز ماحققناه خلال مجلس الأممية الاشتراكية المنعقد باسطنبول بتركيا، حيث حاصرنا الخصوم ولم يخرج في مقررات المجلس أية إشارة سلبية عن قضية الصحراء، وفندنا كل المغالطات والأطروحة التي تروج لها البوليساريو وصنيعتها الجزائر خلال لقائنا بالكتاب العامين للأحزاب الاشتراكية بأوروبا (الفرنسي البلجيكي الاسباني..) والحزب المعارض بتركيا وعدد من اللقاءات مع أحزاب اشتراكية بأمريكا اللاتينية وافريقيا. وبخصوص منظومة التعليم العالي ، أكد لشكر، أن المنظومة التعليمية بالمغرب قد أبانت عن فشلها، ودعا الى قانون ملزم للجميع للمنظومة التعليمية يتم التوافق عليه عبر حوار وطني وتتم المصادق عليه ليتم تطبيقه وتنفيذه. في الوقت الذي كان فيه النقاش السياسي تهمة ويجب العقاب عليها والتضييق على الطلبة الذين يدخلون غمار المناقشات السياسية للقضايا الأساسية للبلاد داخل فضاء الجامعة المغربية بالأمس القريب، اليوم نجد فضاء الجامعة يحتضن ندوات علمية وفكرية وسياسية يتداول فيها فاعلون اجتماعيون وسياسيون وطلبة وأكاديميون أهم القضايا التي تشغل بال النخب المغربية والشعب المغربي، بل الأكثر من هذا نجد جمعيات ومنتديات تأسست داخل فضاء الجامعات المغربية وهي المسؤولة عن تنظيم هذه الأنشطة. مناسبة هذا الحديث ، هو الحدث الفكري والسياسي الذي خلقه «منتدى كفاءات من أجل المغرب» حين استضاف إدريس لشكر ، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في إطار «حوارات الجامعة» أول أمس، في فضاء كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط. بالفعل، لقد كانت لحظة تاريخية بامتياز، جعلت شريطا نوستالجيا سريعا يمر في ذاكرة لشكر حول الدور الفاعل الذي قامت به الجامعة المغربية في تكوين النخب السياسية والاقتصادية وإنتاج قيادات المجتمع المدني المغربي والأحزاب السياسية والأدوار الطلائعية التي لعبها الطلبة المغاربة في النقاش السياسي العالي لأهم القضايا التي تهم المجتمع المغربي والمشهد السياسي المغربي، فضلا عن كيف كانت الجامعة تلعب دور القاطرة في التنمية. ملامح لشكر، التي كانت تعلو محياه، حين دلف بأول خطوة فضاء كلية الحقوق ويتم استقباله بحشد كبير من الطلبة الذي كان ينتظر قدوم هذا الفاعل السياسي، كانت تؤشر بالملموس على أن هناك شعورا كبيرا بالاعتزاز بهذا الدور التاريخي الذي لعبته الجامعة، ولم تمر إلا هنيهة حتى حاصرته أسئلة الصحفيين والصحفيات في مدخل الجامعة الذين هرعوا لعين المكان من أجل تغطية هذا الحدث الذي عرف حضورا كبيرا ونوعيا من أساتذة جامعيين من كلية الحقوق وكلية العلوم الإنسانية والآداب، فضلا عن عدد هائل من الطلبة الذين ينتمون للكليات والمعاهد المجاورة لكلية الحقوق بمدينة العرفان. تحول كبير أن يأتي قيادي أو الرجل الأول في حزب سياسي للجامعة، وأن تطأ قدماه فضاء الجامعة ويدخل في حوار سياسي عميق مع الطلبة داخل المدرج الجامعي وبحضور عميد الكلية، في جو من الهدوء والنقاش الحضاري والمقارعة بالحجة والإقناع. لقد شهدت كلية الحقوق حضورا مكثفا من الطلبة بمختلف تخصصاتهم والشعب التي يدرسونها ومن جميع المستويات، ما جعل أستاذا جامعيا ينتمي لكلية الحقوق أن يؤكد على أن هذا دليل على التعطش الكبير لدى هؤلاء الطلبة للالتقاء بالقيادات السياسية المغربية التي تمارس داخل المشهد السياسي، والتي كان ولا يزال لها تاريخ نضالي وبصمات في الساحة الوطنية من أجل مد الجسور فيما بينها ولربط الحاضر بالماضي، ثم لكي يشبعوا نهمهم وإيجاد أسئلة حارقة تشغل بالهم وفكرهم. ففي بداية هذا اللقاء كرس الدكتور خالد البرجاوي، عميد كلية الحقوق السويسي، هذه الحقيقة المتميزة في هذا التحول السالف الذكر ، حيث قدم كلمة مختصرة رحب بها بالكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي له تجربة سياسية وقانونية كبيرتين، مؤكدا في السياق ذاته أن الكلية تسعى جاهدة للانفتاح على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من أجل خلق فرص للاحتكاك مع هذه الفعاليات وتبادل الرأي ووجهات النظر في عدد من القضايا المجتمعية والسياسية والاقتصادية، كما أشاد بهذه المبادرة التي قام بها «منتدى كفاءات من أجل المغرب»، معبرا في هذا الصدد عن أنه استجاب بسرعة لها ودعمها معنويا. وبنفس المناسبة، شكر عماد خاتر، رئيس «منتدى كفاءات من أجل المغرب»، عمادة الكلية على دعمها اللامشروط من جهة، وإدريس لشكر الذي استجاب للفكرة دون تردد حين زاره المنتدى بمقر الحزب المركزي لعرض الفكرة عليه ليحل ضيفا على فضاء كلية الحقوق السويسي بالرباط، ورحب كذلك بمحاور النقاش التي تهم المشروع المجتمعي للحزب، التعليم العالي بالمغرب، ثم ماذا أعد الاتحاد الاشتراكي للمشاركة السياسية للشباب. ففي أول مداخلته، عبر إدريس لشكر عن ما كان يعتريه من فرح وبهجة وهو يدخل رحاب الجامعة، وهو يرى عشرات ومئات الطلبة متحلقين ينتظرون، ما جعله يتذكر حين كانت الجامعة المغربية جامعة سياسية بامتياز ، وبمقتضى الأمر الواقع حيث كانت هناك حلقات يومية للنقاش السياسي وتجمعات حوارية تجمع كل الفصائل يسودها نقاش سياسي ديمقراطي سلمي، وفي المقابل كان الطلبة يواجهون بقمع شرس وهجومات مباغتة ومضايقات وتعسفات واعتقالات خاصة في أيام سنوات القمع والرصاص.. توجت كل هذه المضايقات والتعسفات بالحظر على المنظمة الطلابية الرائدة آنذاك اتحاد طلبة المغرب. وسجل لشكر في ذات السياق أن اليوم هناك تطورا وتحولا ملموسا يدل على أن الذين ناضلوا وضحوا واعتقلوا من أجل الحريات والحقوق لم تذهب نضالاتهم وتضحيات سدى، بل نرى ثمرة هذه النضالات في هذا الانفتاح الكبير الذي تشهده الجامعة المغربية اليوم في خلق منتديات فكرية وثقافية كملتقيات النقاش والحوار وتبادل الرأي والأفكار والاستفادة من الخبرات والتجارب المتعددة والمتنوعة. ونبه لشكر ، خلال هذا اللقاء ، أن المشاركة السياسية للشباب المغربي كانت بالأمس مطلبا ملحا، لكنها اليوم أصبحت عرضا، فعلى الشباب المغربي أن يتحمل مسؤوليته لكي لا يقصي نفسه بنفسه ويساهم وينخرط في الفعل السياسي والحزبي ليكون حاضرا وموجودا، وبالتالي حضور قضاياه وطموحاته وآماله وتطلعاته في كل المشاريع سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وحذر لشكر الطلبة وعموم الحاضرين، بنفس المناسبة ، على مخططات تبخيس السياسة بالمغرب منذ زمن بعيد والمخطط الجهنمي الذي مورس لإظهار أن كل الأحزاب متساوية ، والتي عبر عنها الاتحاد الاشتراكي فيما مضى لمواجهة هذا المخطط الجهنمي بمقولة «كل أولاد عبد الواحد بحال بحال»، حيث كان يتم تثبيت أن كل الأحزاب السياسية بحال بحال، ولا فرق بينها، في الوقت الذي كانت فيه أحزاب سياسية تتقدم وتدافع عن حرية وكرامة الشعب المغربي. قيمة الحوار الذي جمع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بطلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، استحضر من خلاله الطلبة مجموعة من الاسئلة تناولت: ظاهرة العزوف السياسي، مطالبة الاحزاب السياسية بإجراء إصلاحات داخلية، ماهو المطلوب في عملية تأطير الشباب، ضرورة اعتماد معايير انتخابية مطبوعة بالمصداقية في اختيار ممثلي الأحزاب في الانتخابات، ماهو دور الأحزاب في الدفع بالشباب إلى عالم السياسة، وأن الاحزاب تمجد الماضي عن الحاضر، في المقابل نجد أن الجيل الحالي يعطي الأولوية للحاضر عن الماضي، ضرورة انخراط الأحزاب فيما يقع اليوم عوض الالتفات الى الماضي، من المسؤول عن فشل منظومة التعليم، وبالتالي نريد إصلاحات حقيقية عوض نهج سياسة الترميم، الجامعة اليوم أصبحت متقوقعة على نفسها، تراجع الوعي السياسي عند الطالب الجامعي، سؤال المعارضة من أجل المعارضة، واقع الساحة السياسية الطلابية ، وما تعرفه من اعتقالات واعتداءات عليهم، ألم يحن الوقت لتقديم عرض أو مشروع سياسي يميز الاحزاب اليسارية عن باقي الأحزاب، غياب السياسة في الجامعة عنوان ودليل على تواجد السياسة فيها.. في هذا الشق المتعلق بتفاعل الطلبة والطالبات مع مداخلة الكاتب الأول، أوضح ادريس لشكر أن الأمر اليوم يختلف في الخطة، حيث يتم تبخيس السياسة بالخلط والالتباس ودر الغموض حتى لا تتضح الرؤية أمام الشباب المغربي، بل هناك مخططات متطرفة كذلك تسعى جاهدة لغسل الأدمغة والجز بالشباب في اتجاهات محافظة تقليدية بغلاف إيديولوجي ديني. كما أشار لشكر إلى أن اليوم هناك من يمارس السياسية بشكل نفعي، والواقع المرير أصبح يزكي هذا الواقع بتواطؤ البعض مع الأسف، مستنكرا في نفس الوقت هذه الثقافة والممارسة الرديئة، موضحا في هذا الإطار أن الملاحظ اليوم هو ممارسة السياسة بمنطق «الكامبو والمطور» ، ف «الكامبو» يقول لشكر ، هو من يمارس السياسة بشكلها النبيل والحامل للقيم والمبادئ والمترفع عن الذاتيات والأنانيات والمصالح الشخصية، وفي المقابل «المطور» هو الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، والذي يريد أن يحرق المراحل ولا يحمل قيما أو مبادئ ويبحث عن المصلحة الشخصية ويحضر ذاته في كل تحرك. موصيا الطلبة ، في هذا السياق ، بأن السياسة أخلاق، ومبادئ وقيم، وليست كذبا ونفاقا ورياء، بل هي عمل متواصل والتزام مبدئي من أجل الدفاع عن الوطن والمصالح الكبرى للبلاد، وخدمة القضايا الحيوية للأمة ولا يتأتى ذلك إلا بالمشاركة السياسية للشباب على جميع المستويات والأصعدة للمساهمة في صنع القرار السياسي والاقتصادي للبلاد. أما المشروع المجتمعي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، يقول لشكر، إن المشروع الذي يدافع عنه الاتحاد والذي قدم من أجله شهداء واعتقل العديد من مناضليه وتم اختطافهم على مدى سنين خلت وجل الضحايا المحصيين بهيئة الإنصاف والمصالحة، تؤكد هذه الحقيقة على أن جلهم اتحاديون قدموا الكثير من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة لهذه البلاد، وبكلمة اختصر لشكر المشروع المجتمعي للحزب، هو المشروع الديمقراطي الحداثي الذي يتوخى فيه الاتحاد أن يصبح كل مواطن مغربي له حقوق وواجبات في إطار دولة الحق والقانون واحترام المؤسسات وإقرار الحرية والديمقراطية والكرامة للشعب المغربي. وعن «حركة 20 فبراير»، قال لشكر، إن هذه الحركة ملك لكل الشعب المغربي وليست ملكا لأحد دون الآخر، ولا يحق لأحد أن يتبجح بأنه هو «حركة 20 فبراير»، التي تعتبر التعبير الأسمى عن مطالب الاتحاد الاشتراكي الذي استبق أحدات الربيع العربي بسنتين، حين قدم مذكرة لجلالة الملك للمطالبة بالإصلاحات السياسية والدستورية في ماي 2009، وهناك من اعتبرها آنذاك على أنها مزايدات سياسية من قبل الاتحاد الاشتراكي. وبخصوص الملكية البرلمانية، اعتبر لشكر، أن الاتحاد الاشتراكي هو السباق الذي طالب بها خلال المؤتمر الوطني الثامن، وضمنها في بيانه الختامي للمؤتمر الى جانب موقفه من التحالفات والإصلاحات السياسية والدستورية، لذلك يقول لشكر، سنترك هذا الأمر للمؤرخين وعلماء الاجتماع والباحثين، هم من سينصفون الاتحاد في هذه الحقائق السياسية والتي تسجلها وثائق وأدبيات الحزب التي نضعها رهن إشارات الباحثين الدارسين. وبالنسبة للمجهودات التي يقوم بها الاتحاد حيال السياسة الخارجية، أوضح لشكر، أن حزب الاتحاد يقوم بدوره على الوجه الأكمل سواء في لقاءاته الثنائية مع الشخصيات السياسية والدولية أو خلال المنتديات الدولية والعالمية التي يحضرها أو من البرلمانات والمجالس الدولية للدفاع عن المصالح العليا للبلاد وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، وكمثال بارز ماحققناه خلال مجلس الأممية الاشتراكية المنعقد باسطنبول بتركيا، حيث حاصرنا الخصوم ولم يخرج في مقررات المجلس أية إشارة سلبية عن قضية الصحراء، وفندنا كل المغالطات والأطروحة التي تروج لها البوليساريو وصنيعتها الجزائر خلال لقائنا بالكتاب العامين للأحزاب الاشتراكية بأوروبا (الفرنسي البلجيكي الاسباني..) والحزب المعارض بتركيا وعدد من اللقاءات مع أحزاب اشتراكية بأمريكا اللاتينية وافريقيا. وبخصوص منظومة التعليم العالي ، أكد لشكر، أن المنظومة التعليمية بالمغرب قد أبانت عن فشلها، ودعا الى قانون ملزم للجميع للمنظومة التعليمية يتم التوافق عليه عبر حوار وطني وتتم المصادق عليه ليتم تطبيقه وتنفيذه.