قال رئيس الشبكة الدولية لكراسي اليونسكو في الاتصال أوربيكوم، بيرتراند كابيدوش، الأحد بالصخيرات، إن النقاشات التي دارت في إطار الأيام الدولية حول التنوع الثقافي واللسني أبرزت ميزات التقنين الذاتي وأهميته في تدبير مشهد إعلامي في تحول مستمر. وأوضح، في كلمة ألقاها بمناسبة اختتام أشغال هذه الأيام، والتي نظمتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بشراكة مع شبكة «أوربيكوم»، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أن التقنين من طرف هيأة خارجية «أبان عن محدوديته وكبحه للإبداع والازدهار في العرض الإعلامي»، محذرا في الآن ذاته من «إطلاق الأمور على عواهنها والارتكان إلى قوانين السوق». وأشار إلى أن نقاشات المشاركين ركزت أيضا على أهمية النهوض بالممارسات التقنينية والاتجاه بها من الممارسة العمودية إلى مبادرات أكثر تشاورا وأفقية تفسح المجال لآراء وأفكار مختلف الفاعلين في المشهد السمعي البصري. وقال إنه بالرغم من أهمية التقنين الذاتي، يبقى اختيار اللجوء إلى ممارسة تقنينية أكثر تشددا مطروحا على الأقل في حالتين، «تتعلق الأولى بحماية الحياة الشخصية للأفراد وحرية التعبير، والثانية بحماية حقوق الملكية الفكرية والحفاظ على التراث اللامادي من أعمال أدبية وفكرية وثقافية وسينمائية وما إلى ذلك». من جهته، أكد نائب المدير العام لليونسكو، يانيس كاركلينس، على «دور هيآت التقنين وكذا مختلف الفاعلين في المجال في الإتيان بمقاربات مبتكرة لمواجهة التحديات الجديدة المرتبطة بتدبير التنوع داخل مشهد إعلامي في تحول مستمر». واعتبر أنه «لا يمكن بحال من الأحوال معالجة هذه التحديات من لدن الحكومات لوحدها»، داعيا إلى «إشراك المجتمع العلمي والخبراء التقنيين والفاعلين في المجال بصفة أكبر». من جانبه، أبرز المدير العام للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، جمال الدين الناجي، أن تنظيم هذه الأيام جاء بغرض فهم واستيعاب رهانات التنوع التي تطرحها وسائل الإعلام التقليدية والجديدة بشكل أعمق. وقال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عقب اختتام أشغال هذه الأيام، إن وسائل الإعلام الجديدة من مواقع تواصل اجتماعي ومدونات صارت تطرح إشكاليات كبيرة في الشق المتعلق بالتقنين. وأكد أن الأفكار التي خرج بها المشاركون في هذه الندوة ستسهم بلا شك في إغناء التعددية في ظل الوحدة الوطنية بمفهوميها الثقافي والحضاري. وتوزعت أشغال هذه الندوة على ثلاث محاور تتعلق بتحديد الإطار المفاهيمي للتنوع مع استعراض مبادئه وحقوله، وتدارس علاقة وسائل الإعلام بما فيها الأنترنيت برهانات التنوع، وأخيرا مقاربة موضوع التنوع من زاوية الضبط، والمؤشرات والتصديق خصوصا من خلال طرح شهادة الجودة في الصناعة الإعلامية. وتكتسي هذه الندوة، حسب المنظمين، ببعديها الفكري والعلمي، أهمية مزدوجة، حيث أنها إلى جانب «الفرصة التي تتيحها لاكتشاف الآفاق المفتوحة على تنوع الإنسان والمقاربات والخبرات والتجارب»، تقدم أيضا «الإضاءة الضرورية التي تساعد على إنضاج التفكير الوطني حول التنوع الثقافي واللسني ورهاناته من حيث ضبطه والنهوض به، وذلك انسجاما مع التوجهات والالتزامات الدستورية الجديدة، في أفق وضع إطار معياري وإجرائي عصري يعمل على تعزيز دور وسائل الاتصال السمعي البصري في إبراز تنوع المجتمع المغربي وضمان انسجامه، وفي نفس الوقت تكريس وتقوية مكتسبات انفتاحه على الآخر».