انعقدت الدورة الثانية للجنة الإدارية الوطنية للحزب على مدى يومي السبت والأحد 20 و 21 أبريل الجاري بالمقر المركزي للحزب بالرباط، لتدارس جدول أعمال بسبع نقط أساسية، جعلت هذه الدورة محطة تأسيسية بامتياز بعد المؤتمر الوطني التاسع. وعرفت أشغال اللجنة الإدارية الوطنية التي ترأسها الحبيب المالكي، جوا من الانضباط والوعي بالمسؤولية، وميز افتتاحها تقرير المكتب السياسي الذي تقدم به إدريس لشكر الكاتب الأول. اعتبر ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الاتحاد يرفض رفضا قاطعا المبادرة الأمريكية لتوسيع طبيعة مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، مضيفا في السياق ذاته أن احترام حقوق الإنسان برمتها تعني الاتحاد كحزب اشتراكي ديمقراطي، سواء كانت في الشمال أو الجنوب وفي المغرب كله انطلاقا من طنجة إلى لكويرة، وكل مس بها لن نفصل فيه بين هذه المنطقة من المغرب أو تلك. وأوضح لشكر في الدورة الثانية للجنة الإدارية التي التأمت على مدى يومي السبت والأحد الماضيين، أن الاتحاد ظل متميزا في مواقفه وتدبيره لملف القضية الوطنية، والتاريخ يشهد على ذلك، «وسنبقى كذلك متميزين سواء في الأصول أو المستقبل ويجب أن يكون تدبير هذا الملف مع الحزب بمنهجية تشاركية.» وفي السياق ذاته كشف لشكر أن حزب الاتحاد مباشرة بعد المؤتمر الوطني التاسع وفي إطار تهييء اشتغاله المستقبلي، كان المكتب السياسي قد وضع في برنامجه قبل أن يقع ما وقع اليوم من تطورات في القضية الوطنية، تنظيم ندوة دولية حول القضية الوطنية، كما اطلع في نفس الوقت، اللجنة الإدارية على المبادرات الاستعجالية التي اتخذتها القيادة بهذا الخصوص والمتمثلة في الدعوة بتنسيق مع الفريقين الاشتراكيين للحزب بالبرلمان، لطلب عقد جلسة طارئة للجن العدل والتشريع والشؤون الخارجية بالبرلمان، ناهيك عن طلب لقاءات سفراء الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن المعتمدين بالمغرب. ونبه لشكر في ملف القضية الوطنية، أيضا، إلى أن توطيد الجبهة الداخلية يمر عبر اتخاذ مبادرات تعيد بناء عناصر الثقة داخل الأقاليم الصحراوية لتيسير انخراط قواها الحية في مشروع متجدد ممهد للحكم الذاتي مع ما يتطلبه ذلك من عزيمة وصرامة في تدبير طموحات الجيل الجديدة من المواطنين والمواطنات الصحراويين. وبخصوص التدبير الحكومي وتعامله مع تفعيل الدستور الذي صادق عليه الشعب المغربي، سجل الكاتب الأول للحزب في تقريره السياسي، أن هناك تلكؤا وبطءا في الاداء الحكومي لتفعيل مقتضيات دستور 2011، واعتماد مقاربة محافظة في تطبيقه، ونهج أسلوب انفرادي وإقصائي للمعارضة في هذا الورش الدستوري والتشريعي الهام، وأن المخطط التشريعي الذي وضعته الحكومة والمقرون بأجندة انفرادية هو محاولة لمصادرة حق البرلمان في التشريع. وسجل الكاتب الأول بنفس المناسبة أن الارتجال الذي كشفت عنه القرارات الاخيرة للحكومة بخصوص حذف 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار ، هو نفس الارتجال الذي يطبع مواقف الحكومة وهي تتحدث عن معالجة صندوق المقاصة للحد من عجز الميزانية. وانتقد بشدة مجددا القرار الحكومي الانفرادي المتجلي في حذف نفقات الاستثمار التي تصل الى 15 مليار درهم، معتبرا أن هذا السلوك الحكومي هو تهميش للمؤسسة التشريعية التي تمت مصادرة حقها في أي تعديل في الميزانية العمومية التي أقرتها. واعتبر لشكر الحكومة قد حجبت الحقيقة عن الرأي العام المتعلقة بالحالة المزرية للتوازنات الماكرو اقتصادية والمالية للبلاد، مبرزا في هذا الصدد أن هذه الأخيرة قد أقحمت أغلبيتها التي أيدت مشروع الميزانية في حينه في مقاربة خاطئة عند وضع الميزانية وتخمينات نسبة النمو وعجز الموازنات، ومستوى المديونية الداخلية والخارجية. وشدد لشكر في الجانب التنظيمي على أن الانبعاث الجديد للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لن يتحقق بالمشروع المجتمعي والخط السياسي والبرامج والأفكار وحدها، بل يحتاج إلى رجال ونساء وشباب من مختلف فئات المجتمع يؤمنون بتلك المشاريع. وأضاف لشكر في ذات السياق أن التنظيم الحزبي ليس آلة صماء، وليس مجرد دواليب مؤسساتية جامدة وباردة، وليس مجرد قواعد ولوائح وإجراءات، بل هو أساسا تنظيم يتأسس على عمل مناضلين يتحركون استنادا إلى أفكار ومبادئ ومراجع ومثل وقيم. وفي تفاعل لشكر مع مداخلات أعضاء اللجنة الادارية، أكد لشكر على أن الاتحاد عازم على ان يحترم الرأي والرأي الأخر داخل صفوفه كما كان دوما، وكما هي ثقافته وممارساته السابقة المتميزة بعدد من القيم والمبادئ التي يؤطرها الحوار الديمقراطي ما بين أعضائه. وفي جانب التحالفات أكد لشكر أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيتحالف مع اليسار الذي يتواجد في الحركات الاجتماعية والاحتجاجية المتواجدة في الميدان، كما أن القيادة الحزبية عازمة كل العزم على التنسيق مع المركزيات النقابية التي لها حضورها في الساحة الاجتماعية من أجل ربح الرهانات والتحديات التي تخص المعركة الاجتماعية، والتي تهم عددا من الملفات التي أصبح أمر الاصلاح فيها مستعجلا ومنها أنظمة التقاعد بالمغرب، صندوق المقاصة، اصلاح النظام الضريبي ، تفعيل الدستور، إجبار الحكومة على تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011 . وبخصوص طبيعة المعارضة للحزب، أوضح لشكر أن الاتحاد قرر أن يتموقع في المعارضة انطلاقا من نتائج صناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية التي احتل فيها المرتبة الخامسة، والأجهزة القيادية للحزب والمؤتمر الوطني التاسع قد حدد الخط السياسي وطبيعة المعارضة التي ينهجها الحزب، مضيفا في هذا الاطار أن المعارضة لن تكون فقط معارضة مؤسساتية وحسب بل ستكون معارضة مجتمعية مع الجماهير الشعبية، وداخل الحركات الاجتماعية من أجل ان يسترجع الاتحاد مكانته داخل المجتمع ودوره الريادي في النضال. واعتبر لشكر أن قدر العائلة الاتحادية التي تضم أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي والحزب العمالي ثم الحزب الاشتراكي، هو الوحدة، داعيا للعمل على إعادة توحيد الطاقات الاتحادية التي يجمعنا وإياها التاريخ النضالي المشترك، وفرقت بيننا وبينها ملابسات تدبير الخط السياسي في مراحل سابقة. وأكد الكاتب الأول أن هذه الوحدة هي رغبة جماعية لكل الاتحاديات والاتحاديين، وهي أيضا ضرورة نضالية تفرضها التطورات السياسية التي نعيشها اليوم، وحاجة مجتمعية يفرضها علينا جميعا مستقبل بلدنا، وحماية مكاسبه الديمقراطية التي دفعنا من أجلها جميعا التضحيات الجسام. ودعا الكاتب الأول أعضاء اللجنة الإدارية للتفكير جديا في خلق مؤسسة اتحادية وطنية للتضامن، تعنى بقضايا التضامن وتقديم المساعدات الإنسانية وفتح اعتماد مالي في البداية يقدر ب 200 ألف درهم. كما اقترح للمصادقة لشكر يوما سنويا للوفاء للشهداء والمناضلين الاتحاديين والاتحاديات 29 أكتوبر من كل سنة يوم اختطاف المهدي بنبركة من باريس. وكان الحبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية قد افتتح أشغال الدورة الثانية اللجنة الإدارية صبيحة يوم السبت 20 ابريل 2013، مذكرا بمقتضيات المقرر التنظيمي الذي ينص على عقد أربع دورات كل سنة لهذا الجهاز التقريري بعد المؤتمر، مشددا في نفس الصدد على أن هذه الدورة التي تأتي كذلك بعد الدورة الأولى للجنة الإدارية التي انعقدت في 19 يناير الماضي، لها طبيعة خاصة تتمثل في أنها دورة تأسيسية وتدخل في إطار استكمال الأجهزة الحزبية بعد المؤتمر الوطني التاسع. وعدد المالكي الأسباب الأساسية التي تجعل من هذه المحطة للجنة الإدارية محطة تأسيسية بامتياز، حيث أوضح هذا الأخير أنه طبقا لروح المقرر التنظيمي حاول المكتب المنتخب للجنة الإدارية أن ينضج منهجية جديدة لتحضير هذه الدورة، وذلك بوضع مخطط ليصبح التواصل بين الدورتين تواصلا منتظما، ويهدف هذا المخطط بالأساس إلى إخبار وإشراك كل أعضاء اللجنة الإدارية، وتوفير جميع الشروط الضرورية ليصبح كل عضو داخل اللجنة عضوا فاعلا رئيسيا يتحمل كامل مسؤولياته مع احترام حقوقه وواجباته. والسبب الثاني يقول رئيس اللجنة الإدارية هو «حاجتنا جميعا لتسريع بناء الحزب المؤسسة وهذا ما نقترحه عليكم في جدول أعمال هذه الدورة ، لأن الاتحاد في حاجة لأدوات عمل جديدة من أجل اعتماد عقلية جديدة في معالجة القضايا المطرحة لبناء علاقات جديدة بين مكونات الحزب، وكل ذلك يتطلب التوجه نحو المستقبل متضامنين ومتماسكين كي نواجه خصوم الديمقراطية والحداثة». وأشار المالكي بنفس المناسبة إلى أن التوجه إلى المستقبل يتطلب من الجميع تجاوز سلبيات الماضي، وأن الاتحاد في حاجة إلى جميع أبنائه وبناته في وقت أكثر من مضى»، مذكرا بالسياقات الداخلية المتسمة بالأزمة الاقتصادية والتدبير الحكومي للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، العاجز عن إبداع الحلول والاجتهادات المناسبة لمواجهة الأزمة والارتباك في اتخاذ القرارات المصيرية للبلاد، ثم السياقات الخارجية المتمثلة أساسا في تطورات القضية الوطنية ومخاطر الوحدة الترابية، مذكرا في السياق ذاته أن مسؤولية الاتحاد اليوم مسؤولية تاريخية تجاه الوطن لذلك يجب أن لا نخلف الموعد. ويذكر أن جدول الأعمال للدورة الثانية للجنة الإدارية الوطنية قد تضمن سبع نقط: عرض المكتب السياسي المناقشة والخلاصات، المصادقة على مقتضيات النظام الداخلي المتعلق باللجنة الإدارية الوطنية، المصادقة على اللائحة الداخلية لسير أشغال اللجنة الإدارية الوطنية، المصادقة على النظام الداخلي الخاص باللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات ثم اللجنة الوطنية للمراقبة المالية والإدارة والممتلكات، المصادقة على مشروع ميزانية 2013، انتخاب أعضاء اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات واللجنة الوطنية للمراقبة المالية والإدارة والممتلكات، هيكلة اللجنة الإدارية الوطنية. وقد تناول أعضاء اللجنة الإدارية بالدراسة والتحليل في الصباح والمساء ليوم السبت، العرض السياسي للكاتب الأول ثم بعض نقط جدول الأعمال المتعلقة بالنظام الداخلي للجنة الإدارية الوطنية واللائحة الداخلية لها، حيث ساد نقاش غني ومستفيض هم عددا من القضايا في إطار حوار ديمقراطي وفي جو من الوعي والمسؤولية. ومن بين القضايا التي استأثرت بالنقاش، طبيعة المعارضة المنسجمة مع الخط السياسي للحزب، وحدة الحزب وتمنيعه، القضية الوطنية والتطورات المستجدة، توحيد العائلة الاتحادية، الجبهة الاجتماعية والتنسيق مع النقابات لتحقيق الإصلاحات التي تهم المسألة الاجتماعية، والمؤسسة الاتحادية الوطنية للتضامن. ومن جملة القرارات التي توصلت إليها أشغال اللجنة الإدارية، هي مصادقة أعضاء اللجنة الادارية الوطنية بالاجماع صبيحة يوم الأحد يوم 21 أبريل بعد نقاش ديمقراطي، على المقررات التنظيمية المدرجة في جدول الأعمال ويهم الأمر بمقتضيات النظام الداخلي المتعلق باللجنة الإدارية الوطنية، ثم اللائحة الداخلية لسير أشغال اللجنة الإدارية الوطنية، بالإضافة إلى المصادقة على النظام الداخلي الخاص باللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات ثم اللجنة الوطنية للمراقبة المالية والإدارة والممتلكات. كما صادقت اللجنة الادارية توصية بجعل يوم 29 أكتوبر من كل سنة يوم الوفاء لكل الشهداء والمناضلين الاتحاديين ثم بالإضافة إلى المصادقة على توصية خلق المؤسسة الاتحادية الوطنية للتضامن وتم التفويض للجنة التنظيم والحكامة الحزبية تهييء مقررها أخد بعين الاعتبارات الملاحظات والاقتراحات لأعضاء اللجنة الادارية، فضلا عن ان اللجنة الادراية قد فوضت للمكتب السياسي استدعاء ممثلي الحزب عن إقليم الخارج (أوروبا) ثم عقد ملتقى سنوي للمغاربة المقيمين بالخارج.