أتذكر حين انتهيت من الاستماع الى الخطاب المعلن في 9 مارس عن الدستور الجديد ومباشرة، اتصلت بالزميل حميد اجماهري وقلت له كيف تلقيت الخطاب، فأجابني مباشرة إنه ثورة جديدة أشبه بثورة الملك والشعب وعدد لي المزايا، والتقينا بعدها مع عدد من الأصدقاء من مشارب مختلفة كان الكل مبتهجا بهذا الأمل والأفق الدستوري... اليوم بعد أزيد من سنة ونصف، مازال الدستور الجديد مجرد مشروع منقوص الأركان، لأن عدداً من مقتضياته الأساسية والهامة تركت للمشرع وللحكومة، لكن ولا مشروع قدم لنواب الأمة للمصادقة رغم أن ظاهر الأمور يوحي بوجود أغلبية متحصنة وراء مصباح بنكيران الذي يبدو أنه لا يضيء كل الوطن، بل مساحة صغيرة من الوطن لاغير!؟ وغيب ملايين المغاربة الذين صوتوا على الدستور في شبه إجماع على دستور ممغرب لأول مرة، حيث غابت يد الصانع الفرنسي وأنجز بطريقة فريدة ساهم فيها الجميع، واليوم يترك أمر الأجرأة لأغلبية حازت أصواتا لا تصل إلى 10 في المائة من أصوات ملايين المغاربة، والحال كان يقتضي حكومة توافق وطني لا تتجاوز الصرح الوطني الدستوري بنفس الطريقة التشاركية، لأن الفراغ القانوني جعلنا اليوم أمام دكتاتورية بنكيران على شاكلة مُرسي والغنوشي.. وغيرهما، الأمر يحتاج الى توافق وطني لا نستجديه ولكن لأنه مطلوب مغربياً ويكمن في حكومة توافق وطني. سبب هذا الموضوع هو تقديم رفاق الصبار في المجلس الوطني لتقاريرهم حول إصلاح العدالة بما فيها المحكمة الدستورية وجعل المحاكمة العسكرية تعود إلى حجمها في الفصل القضائي، كما الشأن في الدول الديمقراطية. كما أعطى للمغاربة حق الطعن في دستورية القوانين، كما نص على ذلك الدستور، وهو حق أساسي يجعل المغربي ينازع في أي قانون يطبق عليه، لأن السلطة الشعبية أقرت ذلك عبر الاستفتاء، وليس منة من أحد بعد اليوم بالنسبة لهذا المكتسب. مقترح رفاق الصبار ثمنه جلالة الملك عبر بيان رسمي صدر السبت الماضي، وحيى المجهود بما يعني أن الإرادة الملكية متشبثة بالإصلاح الدستوري والقانوني وتسير على نهجه، لكن يبقى السؤال: أين الحكومة في كل هذا وهي التي أفردت وقتها لمعاقبة الأطر العليا ومرمدتهم أمام البرلمان في تنكر لقرار رسمي، وكأن الدولة ولدت مع بنكيران وليست استمرارا كمرفق عمومي وكذلك تهتم بمطاردة وسلخ علني لرفاق السعيدي في نقابة العدل بدل الإصلاح القضائي، وكذلك تتنكر لالتزاماتها في الحوار الحكومي مع النقابات بما يضمن كرامة العاملين والموظفين، بل وجعلت هذه الحكومة من البرلمان والمؤسسات مجرد واجهة للفرجة وطحن المعارضة، ومحاولة خلق هوة بين المغاربة باستجداء الأصوات عبر البكاء على الأرامل واليتامى والفقراء في الوقت الذي تثقل كاهلهم بالزيادات لمحو الفقراء والفئات الوسطى، وأقر زيادة شملت السجائر وهي تمس كل الفئات المغربية، لأن التدخين ظاهرة مغربية لا نشجع عليها،ولكنها صارت إدماناً لملايين المغاربة وغيرهم في محاولة لجني ملايير الضرائب، مما يجعلنا أمام السجائر حلال وأموالها حرام، وهي ذات الأموال التي تمول كل المرافق في البلد بما فيها المدارس والمستشفيات والمساجد وغيرها. فهل بعد هذا نفاق أشد؟ تم الحديث عن إلغاء 51 مليار من دعم صندوق المقاصة بدعوى الاصلاح من أجل مزيد من قتل القدرة الشرائية للمواطنين جميعا وبدون استثناء لأن الاستهداف موجه للجميع مع نهج سياسة «فرق وزد» في الاسعار . لقد أتاحت النصوص الجديدة واجتهادات رفاق الصبار ، تمكيني كمواطن من حق الطعن في لادستورية القوانين، ومن منطلق ما يجري وفي انتظار إطلاق المحكمة الدستورية أتقدم من الآن بدعوى لإبطال كل تصرفات حكومة بنكيران، لأنها تعمل خارج القانون وخارج دستور 2011، وأطالب برحيل بنكيران، لأنه عطل المؤسسات، لأن الأمر يحتاج أن نشرع أول ما نشرع في البناء القانوني الذي نحتكم إليه. إذن السيد بنكيران من فضلك، وباسم الدستور: ارحل واش فهمتي ولا لا؟ أما ونحن ننتظر ثورتنا التي أعلن عنها الخطاب الملكي، اخي حميد إن التماسيح الملتحية تقضم ربيعنا وتسرق أحلامنا. وقد عرف هذا الشكل النضالي الحضاري مشاركة قوية ومتميزة لمناضلات ومناضلي النقابة الديمقراطية للعدل بالخميسات، أبلغوا من خلالها الرميد احتجاجهم وتذمرهم العميق مما آلت إليه الأوضاع نتيجة الرعونة والتشنج المبالغ فيه والمواقف المتعنتة لوزارة العدل والحريات، مسانَدين في وقفتهم السلمية بأعضاء من المكتبين المحليين للنقابة الديمقراطية للعدل بكل من الرباط وتمارة والكاتب العام للاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بالخميسات ومنظمات حقوقية أخرى. إن المكتب المحلي وهو يسجل بفخر واعتزاز تجند مناضلاته ومناضليه لإنجاح هذه الوقفة الاحتجاجية السلمية، فإنه يؤكد ما يلي : * يحيي القيادة الوطنية للنقابة الديمقراطية للعدل التي تابعت نضالات الاتحاد المحلي عن كثب وبقيت على اتصال دائم به، رغم إكراهات الزمن والمكان. إلى تنظيم هذا الشكل النضاليالحضاري، وتشبثهم بتنظيم الوقفة الاحتجاجية مهما كان الأمر، ويحييهم على صمودهم ووقوفهم زهاء ثلاث ساعات، قبل حلول «الوفد الرسمي» إلى حين مغادرته، ملتزمين بالشعارات التي رددتها لجنة الشعارات ومحافظين على نظامهم، مظهرين بذلك صورة حضارية راقية لموظفين يطالبون بصون كرامتهم وتحقيق مطالبهم المشروعة في حرية التعبير والاحتجاج على السلوكات البائدة «لوزارة العدل والحريات» التي نالت من قُوتهم اليومي وضيقت على حرياتهم. * ويخص المكتب المحلي بالشكر كافة «المناضلات» واللواتي أبنَّ عن حماس منقطع النظير، عبر ترديد الشعارات بأعلى صوت وإطلاق «أحلى الزغرودات»، دون أن نسيان الأخوات والإخوة المناضلين من «ذوي الاحتياجات الخاصة» والذين صمدوا رغم الإعاقة الحركية والبصرية وساندوا إخوانهم في شكلهم النضالي. * يجدد الشكر الموصول إلى كافة مناضلات ومناضلي النقابة الديمقراطية للعدل بكل ربوع الوطن الحبيب الذين اتصل البعض منهم للاطمئنان والمؤازرة، وحل البعض الآخر مشاركا في هذا الشكل النضالي، خاصة مناضلات ومناضلي فرعي الرباط وتمارة. * يحيي عاليا الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بالخميسات، الذي ما فتئ يساند وقفات الاتحاد بشكل مباشر بالحضور والمشاركة، دون إغفال المنظمات الحقوقية المحلية. * يشكر الإعلام الحر والنزيه ممثلا في الصحافة المحلية ومراسلي الصحافة الوطنية المقروءة والإلكترونية على تغطيتهم لهذه الوقفة الاحتجاجية، ومتابعتهم لمعركة العدليين النضالية، غير آبهين بمحاولات التشويش وإخراس الصوت الإعلامي الحر. إن المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للعدل وهو يسجل للتاريخ النجاح الكبير لوقفته الاحتجاجية «للزيارة غير المرحب بها للوزير»، يؤكد استعداده الدائم وتجنده لإنجاح المعركة الوطنية التي تخوضها النقابة في مواجهة كافة أشكالالاستهتار والاستخفاف بمطالبها العادلة والمشروعة.