واقع السير والجولان بالمغرب، يعكس فشل الوزارة الوصية في تدبير ملف السلامة الطرقية، ويجر بالمواطن أن يتساءل على أي استراتيجية نتحدث في ظل بنيات تحتية متهالكة، وحفر اغرقت بعض الشوارع وتجعلها لا تصلح لمرور العربات المجرورة فبالأحرى السيارات، والأرصفة الخاصة بالراجلين مستغلة من طرف المقاهي والمحلات التجارية، إلى جانب الفوضى بأهم الشوارع الرئيسية، مع انتشار ظاهرة النقل السري، والباعة المتجولون والمتسولون يستوطنون الطرق. أمام هذا الخصاص، اكتفت وزارة النقل والتجهيز الوصية على السلامة الطرقية بالقيام من حين لآخر بحملات التوعية، اعتقادا منها بأن الارتفاع المهول لحوادث السير بالمغرب، وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية على الاقتصاد الوطني، وانعكاسها السلبي على الاستثمار والقطاع السياحي بالبلاد، مرتبط فقط بالعنصر البشري، بحيث اعتمدت في صياغتها لمدونة السير الجديدة على الرفع من الغرامات المالية والعقوبات السالبة للحرية من أجل الحد من هذه الآفة، في حين أن الواقع يفند ذلك، لأن هناك عوامل أخرى متداخلة وأقوى بكثير من العنصر البشري، كالحالة المزرية للطرقات، غياب علامات التشوير، غياب ثقافة السياقة مبنية على التسامح والتفاهم والاحترام المتبادل، وخروقات وتجاوزات عند اجتياز امتحان رخصة السياقة، بحيث يلاحظ المهتمون أن وزارة النقل والتجهيز لم تقم بأي خطوات تدل على تحملها المسؤولية في تدبير ملف السلامة الطرقية، بقطاع نقل يغوص في فوضى عارمة (اقتصاد الريع، فوضى توزيع لكريمات، سيارات متهالكة، استغلال بشع من طرف أباطرة القطاع، سائقون يشتغلون في ظروف مأساوية يوم بأكمله دون أبسط الحقوق لا ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية)، العمل بالبطاقة المهنية بعيد المنال، الدعم المخصص لتجديد أسطول سيارات الأجرة لا يزال متعثرا رغم صدوره بالجريدة الرسمية بتاريخ 31 دجنبر 2009 ،هذا الوضع يدل على الفشل الذريع للوزارة الوصية في الإعداد لتطبيق مدونة السير. وعلى صعيد آخر يستوطن المتسولون مختلف الممرات والمدارات غير آبهين بمخاطر الطريق، حيث وجدوا بها ضالتهم وهدفهم رغم ما يشكله ذلك من عرقلة السير واحتمال حدوث حوادث سير، بحيث يسجل هناك انتشار كبير ومفرط لهذه الفئة بمختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، التي طورت أساليب وطرق التسول لديها، وأصبحت أكثر تنظيما. ومن بين هذه الطرق اختيار الكلمات والعبارات التي تجلب الكثير من الرأفة، حيث وقفت الجريدة أكثر من مرة عند بعض الحالات المزيفة التي امتهنت التسول ليدر عليها أموالا طائلة، قد لا يحصل عليها موظف في شركة أو عامل حر. وفي جولة، بمدار طريق صفرو شد انتباهنا أن المنطقة أصبحت الوجهة المفضلة للكثير من المتسولين من مختلف الأعمار، وأصبح أمر وجودهم مألوفا يوميا من طلوع الشمس إلى غروبها، والكل له طريقته الخاصة التي يتفنن فيها قصد استمالة قلوب المواطنين والظفر ببضع دراهم لسد رمق عيشه، فهذا يدعي أنه مسؤول عن عائلة مكونة من 10 أفراد، والآخر يحمل بيده وصفة دواء ولا يستطيع شراء الدواء لابنه المعاق، وأطفال صغار مسحت البراءة من وجوههم، يدعون أنهم أيتام بدون أب، وشيخ التهب رأسه شيبا ويجلس على كرسي متحرك يتمتم بعبارات فيها الكثير من الغضب على أبنائه الذين رموه إلى عالم التسول، وأم تحمل ابنها الرضيع، رافعة يديها إلى السماء تدعو على زوجها الذي طلقها وتركها عرضة لذئاب الشوارع، الأمر لا يقتصر على هذا المدار، بل يمس جل مفترقات الطرق وأمام الإشارات الضوئية، حيث يلاحقون كل سيارة تستعد للوقوف، مما يعرضهم لحادثة سير هناك. وعن الرأي القانوني حول ظاهرة التسول أكد جواد لكناوي محام بهيئة فاس« أن مشكلة التسول هي من جرائم الاعتياد والتي لا تتحقق إلا بتكرار الفعل والإتيان به بشكل يومي، ولابد من المعاقبة واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشارها وتفشيها »، مشيرا الى» أنه لا يختلف اثنان على أنها ظاهرة تسيء لواجهة البلد من حيث انتشار هذه الفئة في الشوارع بشكل غير طبيعي بحكم أن المدينة مرتبطة بحزام من البوادي، مشددا على أهمية أن يكون لجهات الاختصاص دور كبير في منع مثل هذه الظواهر لما لها من تأثير خطير على الفرد والمجتمع، وما يترتب عليه من حوادث المرورية مميتة للباعة المتجولين وتعطيل حركة المرور بالإضافة إلى أن المنظر غير حضاري البتة، داعيا الجهات المعنية لمنعهم وليس لعقابهم ووقف هذه التصرفات غير القانونية . » سيارات الأجرة، تشكل هي الأخرى عاملا أساسيا في فشل تدبير ملف السلامة الطرقية بالمغرب، حيث تجدها تصطف وتقف في المنعرج وفيالموقف الثاني أو الثالث غير آبهة بما تتسبب فيه من شلل لحركة السير أو حدوث حوادث سير. وعن الحفر المنتشرة في شوارع المنطقة والتي تحولت إلى قبور تلتهم الجميع دون ذنب سوى ذنب الخدمات التي لا تأتي إلا بثمن، وللأسف يكون الثمن في كثير من الأحيان فادحا، إذ إن ضعف الرقابة على المشاريع التي ينفذها المقاولون أفرز مثل هذه المشاكل التي شوهت الوجه الجميل لطرق المنطقة حتى تحولت إلى مصائد للعابرين، مما جعله يناشد المسؤولين بعدم منح مؤسسة واحدة أكثر من عقدي عمل لتنفيذها في وقت واحد حتى لا تقوم تلك الجهات بتعطيل المشاريع ومن ثَم حفر الشارع أكثر من مرة في وقت واحد، مشددا على ضرورة محاسبة الجهات المسؤولة عن ذلك الضرر قبل الشركات المنفذة، قائلا «إن إخلاء وتطهير الطريق من كل هذه المعيقات والسماح بحركة السير وتأمينها، مهمة علينا أن ندعمها ونشارك فيها، بعيدا عن «بعبع» لوبي الفساد».