تشهد الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة في كأس الأمم الإفريقية اثنين من أهم وأقوى اللقاءات، يجمع الأول الجارين العربيين تونسوالجزائر، والثاني الكوت ديفوار مع توغو. وإذا كانت التوقعات تعطي الأفضلية للجيل الذهبي في الكوت ديفوار، بقيادة ديدييه دروغبا الذي لم يسمح له بمعانقة الكأس، لتصدر المجموعة والذهاب بعيدا نحو منصة التتويج، فإن من حق المنتخبات الثلاثة الأخرى أن تطمح أو حتى تحلم بالوصول إلى أبعد الحدود. فالمنتخبات المغاربية الثلاثة، المشاركة في هذه الدورة، تريد الثأر والتعويض، وخاصة تونس بعد خروجها في النسخة الثامنة والعشرين في الغابون وغينيا الاستيوائية من الدور ربع النهائي على يد غانا القوية بخسارتها 1 - 2 بعد التمديد. وينوي المغرب الذهاب إلى أبعد من الدور الأول في المجموعة الأولى، فيما ستحاول الجزائر إثبات أن غيابها العام الماضي كان استثنائيا، وأنها قادرة على مقارعة الكبار. وأوقعت القرعة تونس في المجموعة الأصعب، ومع الجزائر بطلة 1990 على أرضها وجها لوجه، وبات مشروعا للمدرب سامي الطرابلس أن يتمنى أو يحلم بتكرار ما حققه «نسور قرطاج»، لكن هذه المرة على حساب الجزائريين. بيد أن الواقع العملي قد لا يتطابق مع الأحلام، فاستعدادات تونس لا توحي بأنها من المرشحين الأوفر حظا لتخطي الدور الأول، لأن يوسف المساكني أو من تطلق عليه تسمية «موزارت» لأسلوبه الأنيق في العزف داخل الملعب ورفاقه وصلوا متأخرين إلى جنوب إفريقيا، وتحديدا قبل يومين من انطلاق المنافسات. واقتصرت استعدادات المنتخب التونسي خلال الفترة التي سبقت «لقاء المسمار» مع الجزائر على حصص تدريبية، إحداها على رويال بافوكينغ في راستبرغ حيث تقام المباريات، ومشاهدة شرائط فيديو لمبارياتها الودية في مع إثيوبيا (1 - 1) والغابون (1 - 1) وغانا (2 - 4)، وأخرى لمباريات خاضها مؤخرا منتخب «الخضر» الجزائري. وخلافا للظاهر، يؤكد الطرابلسي أن اللاعبين «عملوا بشكل قاس خلال فترة الاستعداد، وأعتقد بأننا سنذهب بعيدا وأن نكون من يقرر مصير البطولة»، مستذكرا ما حدث في جنوب إفريقيا عام 1996 حين حلت تونس وصيفة بخسارتها أمام الدولة المضيفة. وعلى المقلب الآخر، يرى الفرنسي من أصل بوسني وحيد خليلودزيتش أن «المباراة الأولى ضد تونس ستحدد مصيرنا في البطولة»، مستبعدا فكرة الثأر من جانب الكوت ديفوار لخسارتها تحت إشرافه أمام الجزائر في ربع النهائي عام 2010، وقبل أن يقال من منصبه بعد المونديال في العام ذاته. ويقر خليلودزيتش بأن عناصر المنتخب الجزائري «لا يملكون الخبرة الكافية، لكن لديهم رغبة عارمة في الذهاب بعيدا. إذا ما بلغنا ربع النهائي فلا يمكن لأحد أن يعرف ماذا سيحصل لأن كل شيء ممكن في أمم إفريقيا ولم يكن أحد يراهن على فوز زامبيا باللقب في الدورة السابقة». وفي المقابل، تبدأ رحلة الظفر باللقب بالنسبة إلى منتخب «الفيلة»، المصنف أول إفريقيا و14 في العالم من الفوز على توغو، المحسوبة «خطأ» أنها قد تكون الحلقة الأضعف في السلسلة، والجسر الذي يعبر عليه أحد المنتخبين العربيين إلى ربع النهائي، نظرا إلى أنها خرجت من الدور في مشاركاتها الست السابقة. ويخوض منتخب الكوت ديفوار، القادم من أقاصي الغرب، البطولة القارية وهو كل مرة في طليعة المرشحين لإحراز اللقب الثاني، بعد الأول في السنغال عام 1992، لكنه لم يقترب منه في مشاركاته 18 الأخري إلا مرتين عامي 2006 في مصر عندما خسر أمام الدولة المضيفة، و2012 مع الجيل الذهبي الحالي، حين سقط بركلات الترجيح أمام زامبيا بعد أن حقق الفوز في 5 مباريات متتالية. وقبل سحب القرعة، كان مدربو المنتخبات 15 الأخرى يتمنون لو تجنبهم الوقوع مع الكوت ديفوار القادم بقوة حيث فاز في الكثير من المباريات الودية وتعادل في بعضها وخسر القليل منها. ويملك المدرب الفرنسي من أصل تونسي صبري لموشي لاعبين قد لا يتكرروا وقد لا تتكرر الفرصة أمامهم، أمثال دروغبا والشقيقين يايا وكالو توريه وأرثر بوكا وإيمانويل إيبويه وجيرفينيو وشيخ تيوتيه وسياكا تينيه وأرونا كونيه وسالومون كالو وديدييه زوكورا، والذين فاقت أعمار معظمهم الثلاثين. ويتعين على دروغبا وزملائه النجاح في أول خطوة، والمتمثلة بتجاوز عقبة التوغولي إيمانويل أديبايور، الذي احتاجت مشاركته إلى تدخل شخصي من رئيس البلاد فوري غناسنغبي، من أجل إقناعه بالتراجع عن قرار اعتزال اللعب دوليا. وستكون المعركة بين القائدين دروغبا وأديبايور من جهة وبين المدربين الفرنسيين لموشي الطري العود، الذي بدأ مهمته كمدرب مع الكوت ديفوار، وديدييه سيكس من جهة ثانية.