تشهد الجولة الاولى من منافسات المجموعة الرابعة في كأس الامم الافريقية التاسعة والعشرين لكرة القدم المقامة في جنوب افريقيا حتى 10 فبراير، اثنين من اهم واقوى اللقاءات يجمع الاول الجارين العربيين تونسوالجزائر، والثاني ساحل العاج مع توغو.واذا كانت التوقعات تعطي الافضلية للجيل الذهبي في ساحل العاج بقيادة ديدييه دروغبا الذي لم يسمح له بمعانقة الكأس، لتصدر المجموعة والذهاب بعيدا نحو منصة التتويج، فان من حق المنتخبات الثلاثة الاخرى ان تطمح او حتى تحلم بالوصول الى ابعد الحدود.. وتريد المنتخبات المغاربية الثلاثة عموما الثأر والتعويض خاصة تونس بعد خروجها في النسخة الثامنة والعشرين في الغابون وغينيا الاستيوائية من الدور ربع النهائي على يد غانا القوية بخسارتها 1-2 بعد التمديد، وينوي المغرب الذهاب الى ابعد من الدور الاول في المجموعة الاولى، فيما ستحاول الجزائر اثبات ان غيابها العام الماضي كان استثنائيا وانها قادرة على مقارعة الكبار. وشاءت الصدفة ان تضع تونس بطلة 2004 على ارضها في مواجهة المغرب بطل 1976 في اثيوبيا في المرة السابقة وتأهلت على حسابه مع الغابون المضيفة والغائبة عن البطولة الحالية، فخرج من الدور الاول خالي الوفاض. وتكررت الصدفة مجددا بعد عام فاوقعت القرعة تونس في المجموعة الاصعب ومع الجزائر بطلة 1990 على ارضها وجها لوجه، وبات مشروعا للمدرب سامي الطرابلس ان يتمنى او يحلم بتكرار ما حققه "نسور قرطاج" لكن هذه المرة على حساب الجزائريين. بيد ان الواقع العملي قد لا يتطابق مع الاحلام، فاستعدادات تونس لا توحي بانها من المرشحين الاوفر حظا لتخطي الدور الاول لان يوسف مساكني او من تطلق عليه تسمية "موزارت" لاسلوبه الانيق في العزف داخل الملعب ورفاقه وصلوا متأخرين الى جنوب افريقيا وتحديدا قبل يومين من انطلاق المنافسات. واقتصرت استعدادات المنتخب التونسي خلال الفترة التي سبقت "لقاء المسمار" مع الجزائر على حصص تدريبية احداها على رويال بافوكينغ في راستبرغ حيث تقام المباريات، ومشاهدة شرائط فيديو لمبارياتها الودية في مع اثيوبيا (1-1) والغابون (1-1) وغانا (2-4)،واخرى لمباريات خاضها مؤخرا منتخب "الخضر" الجزائري. وخلافا للظاهر، يؤكد الطرابلسي ان اللاعبين "عملوا بشكل قاس خلال فترة الاستعداد واعتقد باننا سنذهب بعيدا وان نكون من يقرر مصير البطولة" مستذكرا ما حدث في جنوب افريقيا عام 1996 حين حلت تونس وصيفة بخسارتها امام الدولة المضيفة. وعلى المقلب الاخر، يرى الفرنسي من اصل بوسني،وحيد خليلودزيتش ان "المباراة الاولى ضد تونس ستحدد مصيرنا في البطولة"، مستبعدا فكرة الثأر من جانب ساحل العاج لخسارتها تحت اشرافه امام الجزائر في ربع النهائي عام 2010 وقبل ان يقال من منصبه بعد المونديال في العام ذاته. ويتوجه خليلودزيتش الى الجمهور الجزائري قائلا "انسوا الثأر. لقد اتينا الى هنا مسلحين بالطموح والتصميم على تحقيق افضل نتائج ممكنة.ساعطي 100 في المئة من جهدي وخبرتي لمساعدة المنتخب على تحقيق هدفه" دون ان يحدد هذا الهدف. ويقر خليلودزيتش بان عناصر المنتخب الجزائري "لا يملكون الخبرة الكافية لكن لديهم رغبة عارمة في الذهاب بعيدا. اذا ما بلغنا ربع النهائي فلا يمكن لاحد ان يعرف ماذا سيحصل لان كل شيء ممكن في امم افريقيا ولم يكن احد يراهن على فوز زامبيا باللقب في الدورة السابقة". ويضيف "كانت لدينا بعض المشاكل على صعيد اختيار المجموعة المناسبة بسبب كثرة الاصابات لكن الامور حلت بسرعة، وسأبث روحا مغايرة فيها من خلال اعتماد اسلوب يميل اكثر الى الهجوم، وهو من المستجدات حيث كنا ندافع بثمانية او تسعة لاعبين واصبحنا اليوم اكثر فعالية ونستطيع التسجيل. ويشدد خليلودزيتش على انه لم يأت افريقيا "للسياحة"، لكن المنتخب الجزائري الذي وصل مطلع الشهر الحالي، كان الاكثر نشاطا على الصعيد السياحي: رحلة في براري جنوب افريقيا في احدى المحميات الطبيعة التابعة لمدينة راستنبرغ بعد التعادل مع منتخبها (صفر-صفر) وحفلات شواء وغيرها من عناصر الترفيه التي قد تكون من ضمن اسلوب الاعداد الذي يتبعه المدرب البوسني. ويقول اللاعب هلال العربي سوداني "وصلنا إلى جنوب افريقيا مبكرا وهذا ليس من اجل السياحة ، فالمدرب لديه أسلوب عمل خاص وقد تبنينا ذلك. وبعد أكثر من 10 أيام بدأنا نتأقلم مع المناخ و الحرارة، وهو الأمر الذي لن يكون إلا مفيدا لبقية البرنامج. التحضير البدني الذي أنجزناه سيؤتي ثماره". وتبدأ رحلة الظفر باللقب بالنسبة الى منتخب "الفيلة" المصنف اول افريقيا و14 في العالم من الفوز على توغو المحسوبة "خطأ" انها قد تكون الحلقة الاضعف في السلسلة والجسر الذي يعبر عليه احد المنتخبين العربيين الى ربع النهائي نظرا الى انها خرجت من الدور في مشاركاتها الست السابقة. ويخوض منتخب ساحل العاج القادم من اقاصي الغرب البطولة القارية وهو كل مرة في طليعة المرشحين لاحراز اللقب الثاني بعد الاول في السنغال عام 1992، لكنه لم يقترب منه في مشاركاته ال18 الاخرى الا مرتين عامي 2006 في مصر عندما خسر امام الدولة المضيفة، و2012 مع الجيل الذهبي الحالي حين سقط بركلات الترجيح امام زامبيا بعد ان حقق الفوز في 5 مباريات متتالية وقبل سحب القرعة، كان مدربو المنتخبات ال15 الاخرى يتمنون لو تجنبهم الوقوع مع ساحل العاج القادم بقوة حيث فاز في الكثير من المباريات الودية وتعادل في بعضها وخسر القليل منها. ويملك المدرب الفرنسي من اصل تونسي صبري لموشي لاعبين قد لا يتكررون وقد لا تتكرر الفرصة امامهم امثال دروغبا والشقيقين يايا وكالو توريه وارثر بوكا وايمانويل ايبويه وجيرفينيو وشيخ تيوتيه وسياكا تينيه وارونا كونيه وسالومون كالو وديدييه زوكورا والذين فاقت اعمار معظمهم الثلاثين.. ويؤكد دروغبا "هذه البطولة هي الاخيرة لي على الصعيد الافريقي لكني ساستمر على الصعيد الدولي حتى مونديال 2014 في البرازيل اذا تأهلت ساحل العاج. لقد اتينا وكلنا ايمان واصرار على احراز اللقب بعد ان تعلمنا من دروس الماضي وعدنا لتحقيق الهدف المنشود". لكن يتعين على دروغبا وزملائه النجاح في اول خطوة والمتمثلة بتجاوز عقبة التوغولي ايمانويل اديبايور الذي احتاجت مشاركته الى تدخل شخصي من رئيس البلاد فوري غناسنغبي من اجل اقناعه بالتراجع عن قرار اعتزال اللعب دوليا. وستكون المعركة بين القائدين دروغبا واديبايور من جهة وبين المدربين الفرنسيين لموشي الطري العود الذي بدأ مهمته كمدرب مع ساحل العاج، وديدييه سيكس من جهة ثانية. ويؤكد سيكس "لسنا خائفين من هذه المنتخبات الثلاثة الكبيرة. انها هي خائفة من مواجهتنا. انا شخصيا لست قلقا على الاطلاق وسنخوض كل مباراة بالطريقة التي يجب ان يكون التعامل معها". من جانبه، يعتبر لاعب وسط فري ستايت الجنوب افريقي، دوفيه ووميه ان المجموعة "صعبة لكن لا يوجد منتخب يسهل الفوز عليه. لدينا جيل شاب يريد ان يترك بصمته ويسجل اسمه. بعبارة اخرى، امامنا كل شيء للفوز به وفي المقابل لا نملك شيئا نخسره".