هي مشاهدات نسجلها هنا بكل أمانة وبكل مسؤولية، شهادات ننقلها للقارئ الكريم لنقربه من وضع سوريالي تعيشه المدينة في زمن تكالب عليها أصحاب المصالح واغتالوا ماتبقى من جمالها فتركوها للرياح في زمن العبث في التسيير والتدبير، زمن المآسي والمعاناة، زمن الجرائم البيئية واغتيال ذاكرة الإقليم والوطن... مجلس العبث... واللاعقاب تعيش مدينة الصويرة أسوأ ازماتها السياسية منذ سنوات كثيرة، عنوانها الابرز القطيعة مع المؤسسات التمثيلية التي باتت تعكس وجها مظلما لواقع الحياة السياسية التي باتت تختزن ظواهر مرضية ورموزا خارج الطبيعة تقتات على الفراغ، وبطء... العدالة، والتباسات المشهد المحلي الذي يبقى عنوانه الابرز هو التبديد الذي تجاوز المادي إلى الرمزي والإنساني في موكادور الهادئة المسالمة الآملة الحالمة متى استطاعت للأمل والحلم سبيلا. ونحن على مسافة من الانتخابات الجماعية لسنة 2009 ، وعلى مرمى حجر من الاستحقاقات الجماعية المقبلة، يبقى رصيد المجلس البلدي الحالي مخجلا على مستويات كثيرة، ولعل اكثر شيء تفوق فيه هو تعزيز مساحة الالتباسات ، وتكريس نفور المواطن الصويري من الحياة السياسية. فالمجلس البلدي الحالي دشن ولايته بفضيحة تفويت اراض املاك جماعية لأشخاص ذاتيين بينهم مسؤول امني ومسؤول سابق في ادارة الشؤون العامة بعمالة الصويرة مقابل 600 درهم للمتر المربع خارج مسطرة المنافسة وضوابط الشفافية. لتتلوها فضيحة سندات الطلب التي تجاوز مجموع قيمتها مليون و800 الف درهم والصادرة لصالح نفس الممون بتواريخ جد متقاربة وتهم مجالات انشطة متباعدة كمواد التزيين، والتحف الفنية والهدايا،ومواد البناء، والتجهيزات والمواد الكهربائية، ومواد الصيانة المنزلية،والخشب،وصيانة البنايات الإدارية بقيمة 159 ألف درهم، وتوريد تجهيزات مكتبية وقاعات المطالعة بقيمة 189 و120 درهما، وتزويد البلدية بأربع آليات ضخ بقيمة 199 ألف و200 درهم،ونشاط غير واضح يتعلق بالملاعب والقاعات الرياضية بقيمة 199 ألف و 333 درهم،ودراجات نارية بقيمة 199 ألف و922 درهما، إضافة إلى خدمات الاستقبال والإطعام والإيواء مقابل 34 ألف و 440 درهم، والأغراس والنباتات بقيمة 197 ألف و 940 درهم. حيث بلغ مجموع قيمة سندات الطلب التي استفاد منها نفس الممون إ قرابة المليون و800 ألف درهم. وبقدرة قادر، كانت قيمة الكثير من سندات الطلب موضوع التحقيق تصل إلى 200 ألف درهم إلا قليلا !! وكان التحقيق في القضية من طرف وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بأسفي، فقضية السب والقذف في حق مستشارة استقلالية خلال احدى دورات المجلس،فظاهرة « اليد الذهبية» الذي يوقع كل شيء من التعمير الى الممتلكات الى الشؤون الإدارية ولا من حسيب ولا رقيب، فتفويت الملك الجماعي المتواجد قرب ثكنة الدرك الملكي لصالح الكاتب العام الاسبق لعمالة الصويرة. خلال ولاية المجلس البلدي الحالي، اصبحت مكونات الاغلبية تطلع على الساكنة بميزانيتين : واحدة للفراع وأخرى لفريق ضامن اغلبيته. ويبدأ الشد والجذب خلال الدورة وصولا الى درجة تجفيف المنابع ... ،في مشهد عبثي ابعد ما يكون عن مقاصد الديمقراطية التمثيلية في مستواها المحلي. وفي انتظار صدور تقرير المجلس الجهوي للحسابات الذي افتحص بلدية الصويرة في اكثر من مهمة تفتيش خلال السنتين الأخيرتين فان سكان المدينة حائرون ... يتساءلون عن وضعية اللاعقاب التي يستفيد منها رموز الخروقات والتجاوزات والعبث بمدينة الصويرة في مغرب ما بعد فاتح يوليوز 2011 ، والذي اثمر دستورا يربط المسؤولية بالمحاسبة، ودستر ترسانة قانونية ومؤسساتية ضامنة لمرتكزات الحكامة الجيدة في مستواها الترابي والقطاعي. مأساة الملاح والكرنة في مدينة الصويرة ، تعيش عشرات الاسر مأساة حقيقية من الملاح الى المجزرة القديمة، منسيو برنامج اعادة الايواء الذين فروا من المساكن المتداعية الى الخيام أو جحور الكرنة حيث تمتهن الذات الانسانية وتستنزف ترسانة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المضمنة في دستور 2011 . ملف اثمر توترا متصاعدا، وأشكال احتجاجية يبقى عنوانها الابرز معتصم الكرامة الذي يتوسط حي الملاح حيث يزهر البؤس وتنتعش تجارة الانتخابات والمخدرات والكحول في الزوايا المعتمة للدور المتساقطة تباعا. السكان يتحدثون عن »الرشوة وإقحام أسماء لا علاقة لها بحي الملاح في لوائح المستفيدين وإقصاء أسر من اللوائح رغم توفرها على الشروط المطلوبة«،. كما يعددون حالات أسر لا تملك من الحياة إلا العدم ولا تملك بالتالي القدرة على تحمل أية نفقات أو دفعات في إطار مسطرة الاستفادة من البرنامج، في ظل بقائها تحت سقوف قابلة للانهيار في أية لحظة. وهو ما يستدعي مقاربة اجتماعية وأكثر إنسانية من طرف الجهات المسؤولة اعتبارا لحساسية الملف الذي لم يعد مرتبطا فقط بالحق في السكن، بل بالحق في الحياة والكرامة وحرمة الحياة الخاصة والأمن والخدمات الأساسية في ظل ما يعرفه حي الملاح من مشاكل اجتماعية وأمنية واقتصادية باتت تتخذ طابعا بنيويا يحمل السكان مسؤولية تفاقمها للقائمين على الشأن المحلي وكذا الجهات الأمنية. ومن الملاح الى « الكرنة» يكتمل مشهد الفضيحة الاجتماعية التي تعيشها الاسر في ظل عجز برنامج اعادة الايواء عن احتواء مشاكلها، 30 أسرة بأطفالها، ونسائها، وشيوخها وعجائزها تعيش منذ سنوات داخل جحور المجزرة القديمة، بلا ماء ولا كهرباء، وسط النتانة والبرودة والرطوبة. 30 أسرة لجأت من بيوت آيلة للسقوط إلى جحور آيلة للسقوط ، حيث تتكدس المعاناة، والآمال المضيعة، والكبرياء المنكسر على صخر القسوة والآذان الصماء. هنا يستهلك الاهمال انتظارات عشرات المواطنين منذ سبع سنوات، هنا تستنزف المأساة كل الترسانة الحقوقية المضمنة في الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011 . هنا تعيش الفصل الثاني من مذبحة برنامج إعادة إيواء قاطني ساكنة حي الملاح بمدينة الصويرة، تحول المؤقت إلى وضع دائم، ومازال المرحلون في انتظار الذي لا يأتي. مدينة الجرائم البيئية المخزون الايكولوجي للفاتنة النائمة على ذراع المحيط يعرف حالة استنزاف غير مسبوقة،تحول المجال الغابوي المجاور للمدينة إلى مطرح لنفايات أوراش البناء على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والمنتخبة ومصلحة المياه والغابات. مساحات غابوية كبيرة اكتسحتها الأحجار والأتربة التي تراكمت بشكل عشوائي على الممرات وفوق الاغراس وتحولت الغابة إلى مقبرة لنفايات أوراش البناء. تدمير مئات الهكتارات من الكثبان الرملية التي تعد صمام الأمان بالنسبة لموكادور ضد زحف الرمال شكل أبشع مظاهر الاجهاز على المجال البيئي بالمدينة تحت مسمى المشاريع المهيكلة والتوسع الحضري، ليتم إقبار عشرات السنين من العمل والتضحيات التي استلزمتها عمليات التثبيت والتعريش وتكثيف الغطاء النباتي بقصد تثبيت الكثبان الرملية لتصبح نقط مراكمة وامتصاص للرمال الزاحفة على المدينة . ملايين الأمتار المكعبة من رمال الشاطئ والكثبان الرملية تم استنزافها خلال السنوات الأخيرة بدون رادع أو رقيب، فأية وجهة تتخذها الشاحنات المحملة برمال الكثبان الرملية للمدينة؟ ومن يستفيد من القيمة المالية الكبيرة للرمال المستنزفة؟ الأكيد هو أن المدينة لا تستفيد شيئا، وأن صدى السؤال لن يراوح مكانه لأن القضية قد سبقت إثارتها من طرف الجريدة مذ سنوات، ولم تتحرك أية جهة للتحقيق في الأمر، أو بالأحرى احترام المنشور الذي أصدره الوزير الأول في يونيو 2010، و يمنع بشكل شامل استخراج الرمال من الكثبان الرملية الواقعة داخل الأراضي التابعة للملك الغابوي، والملك الخاص للدولة والشواطئ، وكذا منع الرمال الشاطئية، مشددا على إلزامية الحصول المسبق على الموافقة البيئية قبل الشروع في الاستغلال، مع إحداث لجنة وطنية للمقالع تتولى السهر على المراقبة الدورية للمقالع، بالوسائل التقنية المتاحة، مثل الصور الجوية، والأقمار الاصطناعية، لتتبع تطور وضعيتها وتحديد المناطق التي تتعرض للنهب أو الاستغلال المفرط ، مع الإشارة كذلك إلى مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الحكومة مؤخرا والقاضي بتجريم أفعال نهب وسرقة الرمال من الشواطئ ومن الكثبان الرملية الساحلية ومن أماكنها الطبيعية عبر تغيير وتتميم الفصل 517 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك في إطار مواكبة السياسة العمومية للدولة في مجال المحافظة على المجال البيئي. المجال الغابوي المحاذي لشاطئ أسفي بما يختزنه من بحيرات وتنوع نباتي وحيواني تعرض لكارثة بيئية بكل المقاييس منذ سنوات، تم إغراقه بمياه الواد الحار (المعالجة) جزئيا بمحطة التطهير. عشرات الهكتارات غطتها المياه الملوثة ، مجهزة على آلاف الأشجار باختلاف أنواعها ومدمرة تنوعا ايكولوجيا متفردا. أذكر أن المصالح المتدخلة في المشروع تراشقت المسؤولية آنذاك، وأن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب قد أقر بعد حين بأن محطة التطهير قد انطلقت غير مكتملة بفعل عدم انجاز أشغال الأنبوب الموصول بالمنطقة البحرية والكفيل بتصريف المياه المعالجة ، وفي ظل عدم انجاز أشغال ربط المحطة بمحطة المعالجة الخاصة التي يفترض أن تنجزها الشركة المسيرة لمشروع الصويرة موكادور لغرض استغلال المياه المعالجة في سقي ملاعب الكولف... تداخلت المسؤوليات وتشعبت، وتراكمت الأخطاء لتدفع الغابة الثمن في نهاية المطاف، ويجتاح البعوض المدينة وقد توفر لها مجال خصب لتبيّض وتتكاثر في هدوء بدون أن يحرك المسؤولون ساكنا. وأخيرا وليس آخرا، نذكر جميعا جريمة تلويث مصب واد القصب بمياه واد الحار المستخرجة من حفر التطهير السائل بالغزوة ، كارثة بيئية حقيقية استهدفت منطقة مصنفة ، ومرت الجريمة دون عقاب كسابقاتها، وتم تراشق المسؤوليات، وطوي الملف كما لو ان المغرب لا يتوفر على قانون بيئي. التبول على التاريخ في مدينة الصويرة يتخذ التبول على التاريخ شكلا ماديا وآخر رمزيا، اذ يكفي ان تجيل ناظريك قرب « بحر كلوب» لتكتشف بيسر بان المكان قد تحول الى مرحاض عمومي، وان اسوار صارت تجتذب المتبولين من مختلف الاعمار والانتماءات الاجتماعية. لم يعد الامر حكرا على المتشردين والسكارى أو المنحرفين، بل شمل مختلف الفئات. وكل شيء يتم على مرأى ومسمع من السلطات الامنية التي لا تحرك ساكنا اما هذه الممارسات المشينة التي تجهز بالتدريج على القيمة الرمزية والتاريخية لتراث انساني ذو صبغة كونية، ويشكل الرأسمال الاساسي لمدينة الصويرة التي تراهن على الثقافي كمنتوج سياحي . الاعتداء على اسوار المدينة وتراثها لا يتوقف عند هذا الحد، اذ تحولت بالتدريج الى واجهات لتعليق اللافتات باستعمال المسامير التي تدق بكل اريحية في قبل تاريخ طويل من التأسيس لفضاء انساني عنوانه التعايش والتنوع والانفتاح وعشق الحياة . اما موقع السقالة القديمة الدفاعي المحصن المطل على الواجهة البحرية والذي يعتبر موقعا أساسيا على مستوى المدار والمنتوج السياحي للمدينة، فيعرف حالة تدهور مستمرة بفعل تكالب عوامل التعرية وجيوش البوالة وسراق المدافع والحجر المنجور في ظل غياب الحراسة. في زيارة إلى هذا الموقع التاريخي سابقا ، فوجئنا بوجود مدفع مرمي على ألأرض وأخرى مختفية، وعربات فارغة ومتدهورة الحالة، وسرقة وتساقط أعداد مهمة من الأحجار المنجورة، وتدهور أرضية السقالة بشكل كبير،ناهيك عن انتشار البول والفضلات البيولوجية في العديد من الأركان خصوصا بأحد أبراج المراقبة. هذه الوضعية السيئة التي تعود إلى عوامل طبيعية بسبب التعرية، تعود كذلك إلى السلوكات اللامسؤولة للمواطنين الذين يستبيحون هذا الفضاء الجميل، بسبب غياب الحراسة وغياب الصيانة وغياب آليات للمراقبة والزجر لحماية هذا الإرث الثمين. لان الصويرة تعيش على موروثها الثقافي بموسيقاه ومساراته الإنسانية ومواقعه التاريخية. وبالتالي فكل مس بهذا الإرث هو ضرب لمصالح المدينة وإهدار لماضيها ومستقبلها. كل ذلك يتم في ظل الصمت المطبق لجميع الأطراف المسؤولة على هذا الملف والمعنية مباشرة بتداعياته .