لايزال مسلسل الإجهاز على التنوع الايكولوجي لمدينة الصورة مستمرا، ليأخذ مؤخرا أبشع صوره من خلال تحويل المجال الغابوي المجاور للمدينة إلى مطرح لنفايات أوراش البناء على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والمنتخبة ومصلحة المياه والغابات. مساحات غابوية كبيرة اكتسحتها الأحجار والأتربة التي تراكمت بشكل عشوائي على الممرات وفوق الاغراس مما ينذر بتحويل الغابة التي انتعشت أخيرا بفعل انتظام تهاطل الأمطار إلى مقبرة لنفايات أوراش البناء. ولا يمكن لأي احد أن يدعي بأنه لا يعلم بالأمر، لأن «درهم ديال الجاوي كا تبخر الصويرة »، ولأن أوارش عربات نقل نفايات مواد البناء تعبر ممرات المدينة طيلة اليوم جيئة وذهابا بحمولتها التي باتت تؤثث المشهد المؤلم لغابة المدينة. لكن للصويرة سجل حافل بالجرائم البيئية التي تؤرخ لإصرار غريب من طرف البعض على تدمير التنوع الايكولوجي الذي تزخر به المدينة بكثبانها الرملية وبحيراتها وغطائها النباتي المتنوع وشاطئها وأنواع الطيور التي تعيش وتتكاثر بها سواء بشكل موسمي أو دائم. لقد شكل الإجهاز على مئات الهكتارات من الكثبان الرملية التي تعد صمام الأمان بالنسبة لموكادور ضد زحف الرمال أبشع مظاهر الاجتراء على المجال البيئي بالمدينة تحت مسمى المشاريع المهيكلة والتوسع الحضري، ليتم إقبار عشرات السنين من العمل والتضحيات التي استلزمتها عمليات التثبيت والتعريش وتكثيف الغطاء النباتي بقصد تثبيت الكثبان الرملية لتصبح نقط مراكمة وامتصاص للرمال الزاحفة على المدينة . ملايين الأمتار المكعبة من رمال الشاطئ والكثبان الرملية تم استنزافها خلال السنوات الأخيرة بدون رادع أو رقيب، ومازالت العملية مستمرة ... فأية وجهة تتخذها الشاحنات المحملة برمال الكثبان الرملية للمدينة؟ ومن يستفيد من القيمة المالية الكبيرة للرمال المستنزفة؟ الأكيد هو أن المدينة لا تستفيد شيئا، وأن صدى السؤال لن يراوح مكانه لأن القضية قد سبقت إثارتها من طرف الجريدة مذ سنوات، ولم تتحرك أية جهة للتحقيق في الأمر، أو بالأحرى احترام المنشور الذي أصدره الوزير الأول في يونيو 2010، و يمنع بشكل شامل استخراج الرمال من الكثبان الرملية الواقعة داخل الأراضي التابعة للملك الغابوي، والملك الخاص للدولة والشواطئ، وكذا منع الرمال الشاطئية، مشددا على إلزامية الحصول المسبق على الموافقة البيئية قبل الشروع في الاستغلال، مع إحداث لجنة وطنية للمقالع تتولى السهر على المراقبة الدورية للمقالع، بالوسائل التقنية المتاحة، مثل الصور الجوية، والأقمار الاصطناعية، لتتبع تطور وضعيتها وتحديد المناطق التي تتعرض للنهب أو الاستغلال المفرط ، مع الإشارة كذلك إلى مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الحكومة مؤخرا والقاضي بتجريم أفعال نهب وسرقة الرمال من الشواطئ ومن الكثبان الرملية الساحلية ومن أماكنها الطبيعية عبر تغيير وتتميم الفصل 517 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك في إطار مواكبة السياسة العمومية للدولة في مجال المحافظة على المجال البيئي. المجال الغابوي المحاذي لشاطئ أسفي بما يختزنه من بحيرات وتنوع نباتي وحيواني تعرض لكارثة بيئية بكل المقاييس منذ سنوات، تم إغراقه بمياه الواد الحار (المعالجة) جزئيا بمحطة التطهير. عشرات الهكتارات اخترقتها المياه الملوثة كالأفعى، مجهزة على آلاف الأشجار باختلاف أنواعها ومدمرة تنوعا ايكولوجيا متفردا. أذكر أن المصالح المتدخلة في المشروع تراشقت المسؤولية آنذاك، وأن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب قد أقر بعد حين بأن محطة التطهير قد انطلقت غير مكتملة بفعل عدم انجاز أشغال الأنبوب الموصول بالمنطقة البحرية والكفيل بتصريف المياه المعالجة ، وفي ظل عدم انجاز أشغال ربط المحطة بمحطة المعالجة الخاصة التي يفترض أن تنجزها الشركة المسيرة لمشروع الصويرة موكادور لغرض استغلال المياه المعالجة في سقي ملاعب الكولف... تداخلت المسؤوليات وتشعبت، وتراكمت الأخطاء لتدفع الغابة الثمن في نهاية المطاف، ولتجتاح« شنيولة» المدينة وقد توفر لها مجال خصب لتبيّض وتتكاثر في هدوء بدون أن يحرك المسؤولون ساكنا.