لن تجادل وأنت تلج مدينة الأسماء المختلفة (كانبولو، القشلة، المدينة الخضراء) والكتابات المتنوعة (ابن سليمان، بن سليمان، بنسليمان) في أن منطقة الولي الصالح سيدي امحمد بن سليمان اغتصبت في شبابها وخضرتها وتاريخها وانشغل عنها مسؤولوها، وأن حلم الساكنة الذي أيقظه الملك الراحل الحسن في الثاني بداية الثمانينيات حين أمر بجعلها مدينة خضراء ومتنفسا لساكنة العاصمتين الإدارية والاقتصادية، تبخر بعد أن تحولت معظم الحدائق على طول شارع الحسن الثاني(أمام دار الشباب، خلف السوق الحضري المتعفن، أمام مقر مفتشية حزب الاستقلال، وحديقة للا مريم... ) إلى مراقد للمشردين والمنحرفين والعاهرات ولاعبي (الضامة والكارتة)، وبعد أن تعفنت كل الأزقة والشوارع وامتلأت بالحفر والبرك المائية وانتشرت الأزبال أمام المنازل وعلى طول الشريط الغابوي المحيط بالمدينة وسور كولف المنزه وفوق أرض السوق الأسبوعي المهجور، وانتشرت معها كل أشكال العنف ضد الساكنة من طرف منحرفين يستغلون الظلمة والفضاءات المهجورة، وبعد أن فقد السكان حقهم في الصحة والاستشفاء باستمرار إغلاق المستشفى الجديد، رغم تدهور مستشفى الحسن الثاني، المركز الاستشفائي الوحيد، وانهيار بنايته. تمتم سعيد قبل أن يطلق لسانه للبوح بما يعيشه من معاناة داخل مدينة أقسم ذات يوم ألا يفارقها. قال سعيد ابن الحي الحسني : «كل المدن تتطور وتزدهر وتنتعش معها ساكنتها، إلا مدينتنا، سنة بعد سنة تسير إلى الوراء: إصلاحات عشوائية، ومشاريع تسير في الاتجاه المعاكس للساكنة، ومقر للبلدية بني بملايير السنتيمات منذ حوالي 20 سنة، يسكنه المشردون والمنحرفون، وشارع الحسن الثاني يخضع لإصلاحات عشوائية بعد أن تمت إزالة زليج من النوع الرفيع وتغييره بآخر رديء، والحي الحسني الذي صرفت عليه الملايير يغوص تحت الماء والحفر...». فقاطعه صديقه محمد: «نسيتي العمالة (القصر) اللي كا يدخليها المواطن غير من باب صغير من الخلف، وحتى الشكايات إلى وضعتيهم في مكتب الضبط بحال إلى حطيتهم في الخلا، لا توصيل ولا جواب... عمالة مبنية فوق حي إداري بدون بنية تحتية، وشارع الجيش الملكي الذي تدهورت بنيته على مستوى حي الحدائق والفلين، ولم تبادر البلدية إلى بناء رصيف له يحمي التلاميذ من شبح حوادث السير الذي يلاحقهم يوميا عند خروجهم من ثانوية الشريف الإدريسي أو مدرسة الرازي أو دار الطالب، وحي الفلين اللي حلفات البلدية ما تسلمو، رغم أنها كتخلص في الضرائب السنوية من الساكنة لأزيد من 10 سنوات». وقال أحمد: «الغابة المجاورة للحي الحسني وحي السلام أصبحت غير آمنة، فقد تحولت إلى منطقة خاصة بالاتجار في المخدرات، من نافذتي أتابع يوميا الشباب يذهبون إلى داخل الغابة حيث يشترون المخدرات ويعودون». حيثما وجهت ميكرفونك لتستقي آراء المواطنين، تصلك خيبة أملهم في المنتخبين الذين تعاقبوا على تسيير بلديتهم. مدينة رفع المسؤولون عنها منذ عقود شعارات من قبيل أنها سياحية رغم أنها لا تتوفر ولو على فندق واحد، ولا تمتلك ولو مطعما واحدا يمكن أن يستهوي الزوار الوافدين على الغابة المجاورة. كما أن شريط الأزبال الذي يفصل المدينة عن الغابة، رغم مبادرة العمالة بتنقية جزء منه مِؤخرا، يقف جدارا مانعا من ولوج الساكنة والزوار الغابة انطلاقا من المدينة، كما أن كولف المنزه الذي يوجد فوق ثلث مساحة المدينة، ويحتل مساحات أرضية شاسعة مهملة يلجه المنحرفون والمشردون، وقد سبق أن تعرضت العديد من الفتيات للاعتداء ومحاولة الاغتصاب من طرف عصابات تستغل غابة خلف سور الكولف للفرار من قبضة عناصر الأمن الوطني. كما رفع المسؤولون شعارا من قبيل أنها فلاحية، رغم أن معظم القرويين أرغموا على بيع أراضيهم بسبب سنوات الجفاف وغياب الدعم وعدم أهلية مناطقهم لتربية وتعليم أطفالهم، وسقط البعض الآخر تحت رحمة المضربين العقاريين، منهم منتخبون وشخصيات نافذة اشتروا أراضيهم برخص التراب على أمل تحويلها إلى مشاريع سياحية وتجزئات سكنية دون التفكير في إنجاز مشروع واحد للسكن الاقتصادي لفائدة فئة عريضة من الموظفين في القطاعات الحكومية والخاصة وعناصر الأمن الوطني والجنود و أصحاب الدخل المحدود، الذين لا يجدون ما يصرفونه على أسرهم في النصف الثاني من كل شهر. واليوم يرفع المسؤولون الجدد شعار مدينة البيئة النقية، ويلمحون بأنهم يسعون إلى تحويلها إلى قطب بيئي، رغم أن عدة منازل بأحيائها (الحي الحسني، المحمدي) توجد فوق برك مائية متعفنة، وقنوات تصريف المياه تصرف المياه العادمة قطرة قطرة (كوت أ كوت)، وتتعرض للاختناق كلما أمطرت السماء، كما أن بعض المنازل لازالت تؤوي الدواب والماشية وتطلقها ليلا لتتجول داخل المدينة باحثة داخل حاويات الأزبال عن قوت استعصى توفيره من طرف أصحابها، و وسط المدينة لايزال يحتضن مطارح أزبال صغيرة خلف مدرسة الجولان وعلى طول سور الكولف وداخل السوق الأسبوعي. استمرار العبث بالشارع الوحيد للمدينة يستمر العبث بالشارع الوحيد للمدينة من طرف مسؤولي البلدية والمشرفين على مشروع تهيئة وتعبيد الشارع ومحيطه، وسط استياء وغضب شديدين لسكان المدينة، الذين أشاروا إلى أنه بعد انتهاء مدة الإنجاز المتفق عليها بأزيد من شهرين، لازالت العشوائية تطغى على سير وتدبير المشروع الذي يهدف إلى تهيئة جزء كبير من شارعي الحسن الثاني والجيش الملكي، والذي كلف البلدية مليارا و800 مليون سنتيم، كما أن المعنيين بالمشروع لم يجدوا من مخرج لتجاوزاتهم سوى محو فترة الإنجاز من اللوحة الإشهارية للمشروع المنصوبة على طول الشارع، والاتفاق على منح الشركة فترة تمديدية على أمل أن ينتهي كابوس الأشغال الذي شل المدينة وعطل مصالح المحالات التجارية والخدماتية، دون أن يتم إنذار أو معاقبة أصحاب الشركة على الاختلالات والتجاوزات التي وقفوا عليها، بل إن بعض المسؤولين بالبلدية ينوبون عن أصحاب الشركة في إعطاء التبريرات الواهية من قبيل أن الأمطار حالت دون عملهم، أو أن معمل الزليج تأخر عن بيعهم الزليج، أويغضون الطرف عن أجزاء الزليج التي اقتلعت بمجرد وضعها فوق الرصيف، وعن عمليات الحفر وإعادة الحفر التي تتم دون تصميم واضح وكذا عن نوعية الأتربة المستعملة التي يتم جلبها من جماعة الفضالات، والتي أكد مصدر مطلع أنها لا تحمل المواصفات اللازمة. كابوس الأشغال حرك سكان الحي المحمدي وكريم القاطنين على طول الشارع، بعد أن وقفوا على الطريقة التي يتم بها تزليج الرصيف، والنوعية الرديئة للزليج المستعمل، وتساءلوا عن سبب إقدام البلدية على إزالة الزليج القديم من النوع الرفيع، الذي لم يتعد عمره السنتين، وزاد تخوف السكان بعد أن تأكد لهم أن الرصيف المنتظر إنجازه سيزيد علوه عن مداخل منازلهم ومحلاتهم، مما سيجعل منازلهم عرضة للفيضانات. وتضاف إلى الإنجازات العشوائية عملية إعادة تهيئة الأكشاك الموجودة على طول الشارع، حيث خلصت إبداعات المجلس البلدي إلى أن فرض بناء الأكشاك الموجودة فوق أراض تابعة للملك العمومي بالإسمنت غير أماكن بعضهم دون احترام قانون البناء والتعمير. أكثر من هذا أكد أعضاء من المجلس أنه تم انتقاء كشك بعينه ليكون كشكا نموذجيا، في الوقت الذي لازال آخرون ممنوعين من بناء أكشاكهم بالإسمنت. مسؤول بالبلدية سبق أن أقر بتجاوزات المشرفين على المشروع، وأكد ل«المساء» أن البلدية تدخلت عدة مرات من أجل تنبيهه إلى نوعية الزليج الرديئة، التي أرغم على استبدالها، كما تدخلت من أجل حثه على الإسراع في العمل وتوفير العتاد والموارد البشرية اللازمة لإتمام المشروع في الموعد المحدد وبالمواصفات والجودة المتفقين عليها. مشاريع كشفت رداءتها مياه الأمطار كشفت الأمطار الأخيرة ضعف البنية التحتية بالمدينة، وأبانت بوضوح عن عشوائية الإصلاحات والمشاريع التي عرفتها وتعرفها المدينة. وتعيش الساكنة تحت رحمة الحفر والأزبال والأوراش العشوائية التي فتحت هنا وهناك لتهيئة محيط الشارع الرئيسي (الحسن الثاني) وتعبيد عدة أزقة وشوارع، أراد لها مسؤولو البلدية أن تنطلق متزامنة مع الانتخابات الجماعية الأخيرة. ولم يعرف أحد منهم متى ستنتهي. فبعد أن ذبلت كل أغراس حدائق الشارع الرئيسي وتحطمت الكراسي والسياجات، أصبحت فضاء للقاء المومسات ولعب الضاما والكارتة ولقاء بعض المنحرفين ليلا، وبعد معاناة طويلة ومستمرة مع الانقطاعات الكهربائية المتكررة التي أفقدت السكان شهية الفرجة والسمر الليلي، وأتلفت أجهزتهم المنزلية تحولت المدينة إلى ورش كبير لأشغال ترصيص وتعبيد عدة أزقة وشوارع، وهي العملية التي أعاقت السير والجولان وطرحت أكثر من سؤال حول مدى جودتها وجدية أصحابها، خصوصا أن بعض السكان تحدثوا عن تهميش أزقتهم، فيما أشار آخرون إلى أن المشاريع التي أنجزت قبل أشهر لم تكن في المستوى وأن الحفر عادت لتؤثث أزقتهم. وذكر مجموعة من سكان المدينة في تصريحات متفرقة ل»المساء» بمشروع إعادة تهيئة الحي الحسني أفقر حي بالمدينة المدعم من طرف قسم من الجماعات المحلية بمبلغ مليار و680 مليون سنتيم، والذي أنجز تحت مراقبة أعضاء من البلدية على وقع التجاوزات والتلاعبات في الإسمنت والحديد، مما جعل سكان الحي يعمدون في عدة مناسبات إلى طرد العمال ووقف البناء إلى حين إجراء تحقيق ميداني، مشيرين إلى أن الحفر وبعد أشهر من نهاية المشروع، عادت لتؤثث الحي، كما أن مشروع تبليط الحي المحمدي وحي الفرح، الذي موّل من طرف مندوبية الإنعاش الوطني بمبلغ 400 مليون سنتيم، عرف هو الآخر تجاوزات وانتقادات من طرف ساكنة المدينة، إذ أن بنية الحي التحتية عادت للتدهور. ونفس الشيء بالنسبة لمشروع إعادة تهيئة حديقة الحسن الثاني الممول الآخر هو من طرف مندوبية الإنعاش الوطني بحوالي 300 مليون سنتيم. مئات الملايين من السنتيمات تم تدبيرها على شكل قروض تضاربت الآراء حول مدى أهميتها، و لأي دفتر تحملات خضع صرفها، خصوصا أن المدينة عاشت على وقع عدة أوراش مختلفة وعشوائية، وتبقى عمليات تسديد ديون القروض على عاتق المجالس المقبلة، مما يجعل حملها أثقل ويصعب عليها تدبير فائض مالي يعيد للمدينة بريقها. حي الفلين خارج تغطية خدمات البلدية و تبقى قمة المعاناة داخل حي الفلين المحدث منذ عشر سنوات ، والذي أصبح يصفه الساكنة ب«الابن الضال» الذي رفضت البلدية الاعتراف بأمومته، إذ يعيش السكان في عزلة تامة عن بقية المدينة بسبب غياب أدنى الشروط الخدماتية و الصحية والاجتماعية، كما يعانون من تدهور البنية التحتية للحي وافتقار بعض البقع الأرضية لقنوات الربط الصحي، وتفكك الأزقة والشوارع التي أنجزت بطرق مغشوشة لا تحترم دفتر التحملات، كما يتخبط سكان الحي وسط أكوام من الأزبال والفيضانات كلما أمطرت قليلا، بسبب الانسدادات المتكررة لبعض قنوات صرف المياه العادمة وعدم وجود شاحنة يومية لنقل الأزبال وتنظيف الأزقة، إضافة إلى تكاثر بقايا الأتربة ومواد البناء وافتقار الحي لخدمات البريد وانعدام محلات للمواد الاستهلاكية والخدماتية. كما أن بعد الحي عن مركز الأمن الوطني جعل عدة منازل وسيارات تتعرض للسطو ليلا في غياب أصحابها. إضافة إلى وجود عدة حفر غير محروسة أبرزها حفرة القبو التي أنجزت فوق أرضية مشروع الحمام وسط الحي والتي تحولت مؤخرا إلى بركة مائية ذات عمق يفوق المترين . وأكد سكان الحي في تصريحات عديدة ل»المساء» أن مسؤولي بلدية ابن سليمان رفضوا تقديم أي خدمات لساكنة الحي الذي يضم أزيد من 700 سكن، كما رفضوا إجراء أي إصلاحات، مبررين رفضهم بكون البلدية لم تستلم بعد الحي من طرف الشركة المكلفة بتهيئته، وهو سبب عدم الإسراع في إيجاد حل لفك الحصار عن الحي، وأن مسؤولي البلدية هم من منحوهم رخص البناء ورخص السكن، ويواظبون منذ سنوات على استخلاص كل الواجبات القانونية الخاصة بسكانه من ضرائب، والسلطات المحلية تمنحهم شواهد السكنى على اعتبار أنهم تابعون لبلدية ابن سليمان. وأوضح مسؤول بالبلدية أن الشركة التي تكلفت بإنجاز المشروع لم تحترم دفتر تحملاته، مما جعل مسؤولي البلدية يرفضون تسلمه. وأضاف أن التجاوزات التي أحدثتها الشركة المكلفة بتجهيز الحي لا تلائم بنود دفتر التحملات المتفق عليها بين البلدية ووكالة المساكن والتجهيزات العسكرية صاحبة المشروع، مما أدى إلى مطالبتها بالإسراع بإصلاح الشوارع والأزقة وربط قنوات تصريف المياه العادمة لدى بعض المساكن، حتى لا تضطر البلدية إلى رفع دعوى قضائية ضدها، مشيرا إلى أن مبلغ الضمان 200 مليون سنتيم، المودع من طرف الوكالة، لا يكفي لإصلاح الحي. مسؤولون لم يتوحدوا حتى في كتابة اسمها على طول مداخل المدينة وشارعها الذي لازال يئن تحت الأوراش العشوائية، تجد اللوحات الإشهارية وعلامات التشوير تحمل كتابات مختلفة لمدينة لم يتفق بعد أصحابها على الاسم الجدير بإنهاء مأساتها ولو أن سكانها مستعدون لشراء الذبائح اللازمة لهذا الاسم المنتظر. فقد كتب على التجمع السكاني لقبائل الزيايدة وبنيورة وسلالة الشرفاء الأدارسة وأولاد سيدي امحمد بن سليمان أن يعيش ولادة عسيرة خلال الاحتلال الفرنسي، وأن يتم تسمية التجمع(المولود الجديد) سنة 1908 باسم فرنسي مركب يوضح تبعيتهم للحاكم الفرنسي حينها (بولو)، فأراد لها الفرنسيون الذين جعلوها قاعدة عسكرية لهم أن تحمل اسم (ثكنة بولو)، ولبسها السكان والجوار ونطقوها كما أرادها الفرنسيون وبلغتهم الفرنسية (كانبولو). مرت السنون ومرت معها عواصف المقاومة والنضال الذي أفرز جلاء المستعمر ومعه الاسم الفرنسي الذي تم تعويضه باسم الولي الصالح سيدي امحمد بن سليمان، لكن رغم حداثة الاسم، وكونه نابعا من ثقافة وجذور الساكنة، فإن اعتماد الجيش المغربي على المنطقة لتكون قاعدة عسكرية وحامية للقوات المسلحة الملكية والقوات المساعدة وحاضنة لأكبر خزان للأسلحة والعتاد العسكري حوّل المنطقة إلى مدينة تعج بالعسكريين الذين استقروا وتزاوجوا وزاد عددهم، لتتحول مدينة الولي الصالح إلى منطقة عسكرية مائة بالمائة، وهو ما جعل العديد ممن يقطنون المدينة أو زوارها يسمونها ب«القشلة»، ليصبح الاسم المتداول شفويا بين الأشخاص، ويبقى اسم الولي الصالح اسما رسميا يدون في الوثائق ويستعمل في المناسبات والأنشطة الرسمية للسلطات المحلية والقطاعات الحكومية. مرت السنون وبدأ اسم «القشلة» يشكل حرجا لساكنة المدينة التي تحولت إلى عمالة بتاريخ 19 يوليوز من سنة 1977، وجاء الفرج على لسان الملك الراحل الحسن الثاني، الذي بعد أن زارها عدة مرات، ومارس بها رياضة الكولف داخل الكولف الملكي المنزه، ووقف على جودة مناخها، أمر بجعلها مدينة خضراء، ومتنفسا للعاصمتين الاقتصادية والسياسية، لتعود البسمة إلى الساكنة وفرحة الاسم الجديد (المدينة الخضراء) الذي أصبح متداولا لدى كل الجهات الرسمية وغطى على اسم «القشلة». اخضرت المدينة وكثرت حدائقها في فترة الثمانينيات وبداية التسعينيات، ولو أن شبابها كانوا ينتظرون أن تخضر معها آفاقهم المستقبلية في الشغل وبناء أسرة، لكن تلك الخضرة و«الوجه الحسن» لم يدوما طويلا، فقد عادت المدينة لتعيش حالة فوضى وتعفن لم تشهد لها مثيلا. ذبلت أزهار معظم الحدائق التي كانت تنعم بها الأسر السليمانية إلى درجة تسمية سكان المدينة بالفراشات، ولم يبق من تلك الحدائق سوى صور تذكارية لها(كارت بوسطلات) تباع داخل المكتبة الوحيدة بالشارع الوحيد. ورغم كل المتغيرات السلبية التي رافقت الأطفال وشباب المدينة اليابسة، لم تجد وزارة الداخلية من خبر تزفه للسكان سوى أن تبشرهم بأنها تخلت عن الاسم الرسمي للمدينة (ابن سليمان)، وتعويضه باسم (بنسليمان). بحثت فعاليات المدينة عن السبب الذي جعل وزارة الداخلية تختار تغيير اسم المدينة الذي يعود إلى الولي الصالح باسم شخصي متداول ومجهول الهوية. بعض الباحثين وعلى سبيل الدعابة افترضوا أن «يكون الاسم هو «تيمنا» بالجنرال حسني بنسليمان القائد العام للدرك الملكي، بحكم أن الجنرال أصبح من أبناء المدينة بعد أن اشترى ضيعة بضواحي المدينة». الغريب في أمر هذا الاسم الذي لازال يرفضه الجسم السليماني، أنه اسم متداول بشكل رسمي فقط على مستوى وزارة الداخلية وأقسام بعض القطاعات الحكومية فقط، وأن العامة ومعهم مندوبيات ومديريات قطاعات عمومية لازالوا يستعملون اسم «ابن سليمان» أو «بن سليمان» في لوحاتهم الإشهارية أو التعريفية التي يضعونها أمام مقراتهم أو التي تشير إلى بعض مصالحهم. مندوبية السكنى والتعمير وفي لوحتين معلقتين أمام بابها الرسمي كتبت اسم المدينة بطريقتين مختلفتين: «ابن سليمان وبن سليمان». كما أن القليل منهم من ينتبه إلى كيفية كتابة اسم المدينة رسميا كما أرادت له وزارة الداخلية أثناء الإعداد لملفات أو التوقيع على اتفاقيات أو شراكات، ولعل الأغرب أن مسؤولا إقليميا لازال يحمل طابعه اسم «ابن سليمان» ولازال يختم به الوثائق.