بعد أن أصبحت مطرحا للأزبال ومستقرا لليالي الحمراء ومرحاضا لبعض المنحرفين، وبعد أن غطتها الأعشاب والأشواك، وباتت مستقرا للأفاعي والعقارب، واستحالت زيارتها من قبل الأهل والأحباب، تطوع مجموعة من شباب مدينة ابن سليمان لتنقية وتزيين وصباغة وطلاء قبور المسلمين داخل المقبرة الوحيدة للمدينة التي تحتضنها منطقة الولي الصالح سيدي محمد بن سليمان، في الوقت الذي لم تبادر أي جهة معنية، سواء على صعيد المشرفين على الضريح أو مسؤولو البلدية من أجل وضع حد للعبث الذي لازم داخل ومحيط المقبرة. خرج كريم الصالحي صباح يوم أمس الأربعاء متوجها رفقة ثلاثة عشر من أقرانه، حاملين عتادا متواضعا ومتوجهين من الحي الإداري حيث يقطنون إلى المقبرة، من أجل تنقية المقبرة ومنح أسرهم وأقاربهم فرصة ولوج المسالك المغلقة والممرات المغطاة بالأعشاب والنجاسات وزجاج قنينات الخمر. قال الصالحي في تصريح ل»المساء» التي زارت ورش الشباب المتطوعين إنه من العار أن تجد مقبرة الآباء والأجداد بهذا التعفن، وأن ما فعلوه طيلة يوم الأربعاء يجب أن يكون ورشا مفتوحا لكل من له طاقة في التنظيف والصباغة والطلاء لتطهير مقابر المسلمين التي تدنست بسبب الإهمال. وأضاف أن الفريق الذي صمم على تنقية المقبرة مكون من شباب لا يمتلكون قوت يومهم، مياومون وأصحاب حرف تقليدية تعتمد أسرهم على مواردهم اليومية الهزيلة، لكن رغم فقرهم فقد قرروا ترك مهامهم والتطوع من اجل تنقية المقبرة. وأشار أن ضعف وسائل العمل وغياب دعم محلي، موضحا أن المتطوعين الفقراء ساهموا بعشرة دراهم للفرد من أجل شراء دجاجة وكيلو كسكس وضمان وجبة غداء تعوضهم جهدهم اليومي. مقبرة الولي الصالح التي تعد الملجأ الوحيد لموتى المدينة تقع على أرض شاسعة، يصعب على 13شابا متطوعا بعتاد متواضع أن ينظفوا داخلها ومحيطها، كما أن منع لجوء البعض إليها لقضاء حاجاتهم أو لمعاقرة الخمر والسمر داخلها رفقة المومسات ليس من مهام الشباب كما صرح بعضهم غاضبا، وأن على الجهات المعنية أمنيا أن تنظم دوريات لحماية المقبرة من العابثين والمفسدين، وتنظيم ورش كبير مفتوح يكون بمثابة الإعلان الرسمي عن مقبرة نظيفة في مستوى جثث المسلمين المدفونة داخلها.