ب - عدم تفعيل مسطرة المقرر في جل المحاكم الابتدائية إن لم أقل كلها. ج - عدم تفعيل مسطرة القيم من طرف بعض النيابات العامة. د - إصدار أحكام تمهيدية في قضايا لا تحتاج إلى إصدار مثل هذه الأحكام لتنتهي في الأخير بعدم قبول الطلب. و - تعيين خبراء بموجب أحكام تمهيدية لا علاقة لتخصصهم بالنزاع موضوع الخبرة. ر - صدور أحكام غير واضحة في منطوقها أو تحمل أسباب عدم تنفيذها كما في قضايا القسمة حتى تقضي هذه الأحكام بانتهاء حالة الشياع و فرز النصيب في عقارات يستلزم تقسيمها إذن من السلطات الإدارية. ز - عدم تفعيل بعض النصوص الآمرة مما يترتب عنه صور أحكام متناقضة يستحيل تنفيذها للتناقض المذكور كصدور حكمين قضائيين لفائدة منخرط و حيد بتعاونية سكنية بإفراغ شقتين حيث حصل على أكثر من حكم بإفراغ عدة أشخاص بسبب عدم تفعيل محاكم الموضوع لمقتضيات الفصل 234 من قانون الالتزامات و العقود التي توجب على المتعاقد رافع الدعوى القضائية تنفيذ ما عليه أولا أو على الأقل عرض الوفاء بالتزامه أولا. ن - عدم البحث عن الإرادة الحقيقية للمشرع و نيته و الوقوف عند ظاهر النصوص و من ذلك النظر إلى طلب التعدد بمثابة دليل قطعي على الخوف من عدم العدل بين الزوجات للقول برفض الطلب و بتجاوز هذه النظرة في ملفات. - عدم تفعيل دور الحكمين في مسطرة الطلاق و التطليق لا سيما عدم تفعيل دور المجالس العلمية و تضارب الأحكام بمناسبة البت في طلبات المتعة للمطلقة في باب التطليق للشقاق و الوقوف عند ظاهر النص عند طلب ثبوت الزوجية في الزواج المختلط أو في زواج القاصرين و لو تم الزواج و تعذر سلوك المساطر القانونية لطلب الحصول على الإذن بالزواج و ترتب عن هذه العلاقة إنجاب أطفال، أو الوقوف عند ضرورة إشهاد شاهدين مسلمين على الزواج المنعقد بالخارج رغم تمام الزواج و ثبوت الاتصال الشرعي و إنجاب الأطفال. و - عدم وضوح بعض النصوص القانونية يراكم ملفات على محكمة دون أخرى تبعا لرغبة المواطن و انسياقا مع المصالح كما في مسطرة التعدد أو زواج القاصرين حيث لم يوضح المشرع الاختصاص المكاني، وهذا ما فتح المجال للتقدم بطلبات بأعداد كثيرة أمام بعض المحاكم دون أخرى. 5 - الأسباب الخاصة بكتابة الضبط و كتابة النيابة العامة إن الأسباب الخاصة بكتابة الضبط عموما كثيرة و متنوعة، و كنا نتمنى أن يتولى التطرق إليها موظف تابع لإحدى الكتابتين، غير أني أذكر ببعضها للمناسبة فقط. - اعتبار بعض الموظفين أن الشأن القضائي أمر خاص بالقاضي، فلا يشيرون عليه إن بدا أن الأمر يستلزم ذلك إيمانا منهم بأن الحياد و استقلال السلطة القضائية يتنافى مع ذلك. - كثرة الوقفات و الإضرابات التي و إن كانت حقا دستوريا، فقد أثرت بشكل جلي على سير القضايا مما ساهم في عدم الرفع من النجاعة القضائية. - تعيين بعض الموظفين الوافدين من قطاعات أخرى و تخصصات لا علاقة لها بالميدان أثر بشكل ملحوظ على السير العادي للإجراءات المسطرية. - ضعف الموارد البشرية الموزعة على المحاكم و لا سيما الموظفين العاملين بمراكز القاضي المقيم. - عدم إخضاعهم لفترات التكوين المستمر. - نظرة بعض الموظفين لأنفسهم بكونهم موظفين فقط و أن موقعهم لا يسمح لهم بتفعيل مسطرة التقاضي انطلاقا من تفعيل مسطرة الاستدعاءات و التبليغات - عدم سعي البعض منهم إلى الرفع من الكفاءات المهنية بإتمام تعليمه الجامعي ومواكبة المستجدات القانونية و الإدارية و القضائية و تطوير مهاراته الشخصية خاصة في مجال التقنيات التواصل الحديثة. - عدم تخليق الحياة العامة عند بعض الفئات ، و هذا سبب عام و قد تعرضنا له عند حديثنا عن الأسباب العامة لعدم تحقيق النجاعة القضائية. - عدم ضبط القوانين المسطرية لا سيما تلك المتعلقة بالاستدعاءات حيث غالبا ما يتم إبطال الاستدعاءات و التبليغات لعدم استيفائها للبيانات القانونية الاستدعاء والتبليغ أولا و ملء البيانات بدقة. - عدم تفعيل إجراءات التنفيذ و لا سيما مسطرة رفع الصعوبة. خامسا : الحلول المقترحة للرفع من النجاعة القضائية. إذا نظرنا إلى بعض مسببات عدم تحقيق النجاعة القضائية يتبين لنا جليا أن وسائل الرفع من النجاعة المذكورة إنما تكمن في تجاوز المسببات نفسها و من ذلك مثلا أننا بينا من مسببات عدم تحقيق النجاعة القضائية على مستوى النيابة العامة هيمنة المسؤول القضائي على مصدر القرار أو تداخل الاختصاص بين نيابتين عامتين، فيكون الحل المقترح لتجاوز ذلك عدم تهميش دور النائب، و الأخذ بآرائه إن كانت صائبة فلا يضر قضاء قضيته بالأمس ثم راجعت فيه الحق فتبين أنه لم يكن كذلك أن تعدل عنه، و تحديد الاختصاصات و تنسيق النيابة العامة بالمحكمة الزجرية مع النيابة العامة بالمحكمة. و هكذا يكون تجاوز المسبب في حد ذاته حلا للرفع من النجاعة. و لن أطيل في ذلك إذ يكفي الرجوع إلى كل سبب لتجاوزه ففي تجاوز السبب حل لمعضلة النجاعة القضائية إنما أضيف حلولا أخرى للرفع من النجاعة القضائية كالتالي: 1) القطع مع شهادة الإجازة كشرط أولي للانتقاء سواء تعلق الأمر بإجازة أربع سنوات أو غيرها و اشتراط دبلوم الماستر أو ما يعادله أو الخدمة الفعلية بإحدى الهيئات التابعة لقطاع العدل أو المساعد له، و انتقاء المترشحين لولوج المهنة. 2) إعادة النظر في الجانب التكويني للملحق القضائي و للقاضي الممارس في إطار التكوين المستمر، مع رفع جودة التكوين و التكوين المستمر. 3) توزيع المسؤوليات القضائية على القضاة الشباب ممن يتوسم فيهم الكفاءة والأخلاق 4) تعزيز المراقبة المخولة للمسؤول القضائي و تعزيز التفتيش المركزي والتسلسلي. 5) تشجيع البحث العلمي بعقد شراكات مع كليات الحقوق بالمغرب أو خارجه للرفع من جودة التكوين. 6) العمل بالتخصص القضائي بكل محكمة لآماد معينة ثم العمل على تناوب الأدوار بين السادة القضاة على المادة القانونية. 7) تبسيط المساطر القانونية و تعزيز المحاكم بأعوان تنفيذ كافين و تعزيز دور النيابة العامة و رئاسة المحكمة في تفعيل إجراءات التبليغ و الاستدعاء بتعاون مع رؤساء كتابات الضبط و رؤساء كتابات النيابة العامة و الشرطة و الدرك. 8) الحرص على جودة الأحكام و طبعها لتكون واضحة و تمكين المواطن من نسخها في آجال معقولة 9) تفعيل دور الوسيط بالمحاكم و توسيع دائرة تدخله و خلق وسائل بديلة لحل النزاعات و تفعيل مسطرة الصلح و توسيع مجال إعماله. 10) البت في القضايا في آجال معقولة 11) إعادة النظر في النصوص القانونية المتعلقة بالتبليغ باعتماد التبليغ بوسائل الاتصال الحديثة كإمكانية مساعدة للتغلب على صعوبات التبليغ 12) تنفيذ الأحكام القضائية لاسيما الحكام الصادرة ضد أشخاص القانون العام وشركات التأمين 13) سد الخصاص في بعض المحاكم و لاسيما مراكز القضاة المقيمين من الموارد البشرية و تفعيل المراكز المذكورة و تحسين بنيتها التحتية و توفير التجهيزات المعلوماتية و تدريب السادة القضاة على التمكن منها وربط المحاكم بالشبكة العنكبوتية لتسهيل مهمة البحث العلمي. 14) تفعيل مقتضيات الفصل 5 من قانون المسطرة المدنية المتعلقة بالتقاضي بحسن نية منعا للتقاضي الكيدي الذي يساهم في تدفق الملفات و القضايا على المحاكم. 15) التركيز على النقاط الخلافية بين محاكم أول درجة و محاكم الاستئناف بغية إيجاد حلول له و محاولة خلق إجماع قضائي يساهم فيه جميع قضاة المملكة. 16) تكثيف الندوات و المناظرات و اللقاءات الثقافية التي تعقدها محاكم للاستئناف مع قضاة المحاكم الابتدائية. 17) إعادة النظر في قضاء التحقيق 18) تخليق الحياة القضائية 19) التحفيز المادي للقاضي 20) إعادة النظر في بعض القوانين المبطئة للرفع من النجاعة القضائية كما هو حال مدونة السير و بعض المقتضيات في مدونة الأسرة التي جعلت الشقاق كوسيلة لانفصام العلاقة الزوجية أكثر منها مسطرة للإصلاح، و سمحت بالتقدم بطلبات زواج القاصر و الزواج المختلط دون تنظيم لقواعد الاختصاص. الخاتمة : لقد قيل الكثير عن موضوع رفع النجاعة القضائية من غير أن يوثق للرجوع إليه عند الحاجة، و قد أعياني البحث عن مراجع أو مقالات تخص الموضوع دون أن أجد ضالتي إلى أن اهتديت إلى نشرة داخلية تصدرها وزارة العدل و الحريات من خلال قسم التواصل التابع لمديرية الدراسات و التعاون، و قد صادفت هذه النشرة بعد أن أتممت تحرير الموضوع وفقا للتصميم أعلاه. و قد تضمنت النشرة كعنوان بارز «الرفع من النجاعة القضائية»، ذكرت فيه الوزارة ببرامجها المتعلقة بالنجاعة القضائية بشكل عام دون أن تتعمق في الموضوع ببيان مظاهر الاختلال في الأداء القضائي و أسباب ذلك. و لست هنا لأعيب على جهة أو أزايد عليها و إنما أريد فقط أن أشير إلى أن الرفع من النجاعة القضائية موضوع شائك يحتاج إلى إرادة حقيقية و وسائل عمل فعالة و إستراتيجية واضحة تبتدئ من القاضي و الموظف و المحامي و الخبير والعون و كل مساعدي العدالة لتمر عبر النص القانوني و البنيات التحتية و الحافز المادي للقاضي باعتباره العمود الفقري لكل إصلاح. إن الرفع من النجاعة القضائية مطلب ينادي به الجميع، و يأمل في تحقيقه الكل و لذلك فالجهود متضافرة لتحقيقها و قد ابتدأ مسلسل إصلاح منظومة العدالة بمشاركة أغلب الفاعلين الحقوقيين و المهتمين بالشأن القانوني كرهان دولة تسعى إلى حماية حقوق مواطنيها و تفعيل دور العدالة إيمانا منها بأن العدل أساس الملك حتى تتمكن المملكة المغربية من خلف نموذج ديمقراطي تنموي متميز يحق للمغاربة التشبث به. و لذلكم حضرنا جميع في هذا اليوم الدراسي الذي أتمنى أن يكلل بالنجاح وأن يخرج بتوصيات يتم تفعيلها على أرض الواقع.