انطلاق العمل بقضاء القرب لتطوير الأداء القضائي المهني وضمان نجاعته يدخل القانون المتعلق بقضاء القرب حيز التنفيذ، يومه الاثنين، بمختلف مناطق المملكة وذلك لتقريب القضاء من المتقاضين وتطوير مستوى الأداء القضائي المهني وضمان نجاعته. ويندرج هذا القانون في إطار مراجعة التنظيم القضائي بهدف عقلنته والرفع من نجاعته، عبر إحداث جهة قضائية محترفة مؤهلة لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة وفق مسطرة مبسطة. وأوضح الكاتب العام لوزارة العدل والحريات، عبد المجيد غميجة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بهذه المناسبة، أن قضاء القرب يندرج في سياق المجهود العام لإصلاح منظومة العدالة والرامي لتسهيل الولوج إلى العدالة والقانون، وذلك استجابة لتطلعات المتقاضين ومختلف الفاعلين في الميدان القضائي. وترتكز هذه التطلعات، حسب غميجة، بالأخص على توفير قضاء قريب وفعال وناجع وضمان الولوج السهل للعدالة، وتعميم المعلومة القانونية والقضائية، الأمر الذي يحققه قانون قضاء القرب، لاسيما في ما يتعلق بإحداث إطار قضائي مؤهل لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة وتيسير سبل التبليغ والتنفيذ. ومن أهم ما جاء به القانون الجديد، إحلال قضاء القرب محل محاكم الجماعات والمقاطعات التي مر على العمل بها قرابة أربعة عقود وهي التجربة التي أبانت عن قصورها. وأشار الكاتب العام للوزارة إلى أن قضاء القرب يتموضع كقسم بالمحاكم الابتدائية ومراكز القضاة المقيمين ويسند البت في القضايا المعروضة عليه إلى قضاة تعينهم الجمعية العمومية للحكومة. هكذا سيتولى هذا القضاء قضاة محترفون، بدل حكام الجماعات سابقا? يبتون في القضايا من خلال مسطرة شفوية مجانية بسيطة وسريعة، مع فتح المجال لبذل محاولة الصلح بين الأطراف، يضيف غميجة. ومن أهم مستجدات قانون قضاء القرب على مستوى الاختصاص القيمي، رفع القيمة إلى 5000 درهم في المادة المدنية بدل ألف درهم بمحاكم الجماعات، مما سيؤدي مباشرة إلى ارتفاع عدد القضايا المعروضة أمام هذا القضاء. ويوضح غميجة أنه تستثنى من اختصاصات هذا القضاء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والإفراغات، في حين تنحصر اختصاصاته في المادة الزجرية في زجر المخالفات البسيطة التي يحكم بشأنها بغرامات جد بسيطة. ولا توجد قابلية للطعن في أحكام قضاء القرب، في حين يمكن طلب الإلغاء أمام رئيس المحكمة وذلك في حالات خاصة. وحدد أجل البت في القضايا المعروضة على قضاء القرب في 30 يوما وأسند التبليغ للمفوضين القضائيين مع إمكانية القيام بذلك من لدن السلطة الإدارية إذا كانت الأطراف المتنازعة تقيم بمناطق لا تتوفر على مفوضين قضائيين. كما يمكن عقد جلسات تنقلية بإحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي لقسم قضاء القرب للنظر في القضايا التي تدخل ضمن اختصاص هذا القضاء، خاصة في المراكز النائية. ولتنزيل هذا القانون في أحسن الظروف، قامت الوزارة، حسب غميجة، بجرد شامل لعمل مراكز القضاة المقيمين (178 مركز) والمقار التي كانت توجد بها محاكم الجماعات (241 جماعة) واجتمعت بالمسؤولين القضائيين من أجل وضع تصورات لتنزيل قضاء القرب على مستوى مختلف الدوائر القضائية، والوقوف على الحاجيات التي يتعين تلبيتها. ويطرح تطبيق هذا القانون بالفعل عددا من الإشكاليات المرتبطة أساسا بضعف وغياب التجهيزات في بعض المراكز القضائية، وتلاشي بعض البنايات وحاجتها للصيانة، وعدم تفعيل بعض المراكز رغم وجود البناية، إلى جانب عدم توفر بعض المحاكم على سيارات المصلحة أو قدمها أو عدم ملاءمتها لصعوبة المسالك والطرق. وعلى مستوى الموارد البشرية، تعاني بعض المراكز من عدم تعيين قضاة مقيمين بها أو الخصاص في القضاة وكتاب الضبط في أخرى. ويشير الكاتب العام للوزارة، في هذا الصدد، إلى أنه إذا كان تنزيل قضاء القرب لا يطرح مشاكل على مستوى المحاكم الابتدائية وبعض المراكز الكبرى، فإن وضعية بعض المراكز النائية تطلبت بذل مجهودات لتوفير قضاة وموظفين وتجهيزات. كما أوضح أن الأمر يتطلب في الأمد القريب تمكين أقسام قضاء القرب من استعمال المعلوميات، إلى جانب توفير وسائل النقل للقضاة والموظفين لإجراء الجلسات التنقلية.