تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب "انخفاض"    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    البيت الأبيض يرفض قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت    تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية بداخل القاعدة الجوية ببنسليمان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل فتح نقاش وطني حول: مشروع مذكرة إصلاح القضاء بالمغرب (3)

بادرت مجموعة من المنظمات الحقوقية الى إعداد »مشروع مذكرة حول إصلاح القضاء بالمغرب« التي حصلنا على نسخة منها سنعمل على تعميم نشرها حتى يطلع عليها الطلبة والاساتذة وكل مهتم بحقوق الانسان وحرياته عله يساهم في إغنائها إن لم يكتف بالاستفادة منها.
وإذ نقدر هذا العمل. ونثمن المجهودات الفكرية والذاتية التي أنجزته، فإننا نتساءل عن عدم تواجد النقابة الوطنية للصحافة المغربية بين المساهمين في هذه المبادرة الوطنية التي ستكون لامحالة مرجعا يؤخذ به.
كما نتساءل عن عدم إشراك القضاة أنفسهم من خلال إحدى مؤسساتهم المنتخبة: المجلس الاعلى للقضاء، أو الودادية الحسنية للقضاة، وكذلك كتاب الضبط من خلال مكاتبهم النقابية (الى جانب طبعا العدول، والخبراء والاعوان القضائيين، وكل المهن المتعاملة مباشرة مع المحاكم) لأن أي إصلاح لن يتم بدون رغبتهم وقناعتهم وإيمانهم بضرورته، ولكونهم هم من سينفذ خطة هذا الاصلاح.
وتجدر الاشارة أن »هذه المذكرة تم إنجازها بدعم مالي من الاتحاد الاوربي في إطار الشراكة مع جمعية عدالة، مع العلم أن مضمون هذه المذكرة والآراء المعبر عنها تقع تحت مسؤولية الهيئات الموقعة عليها ولا تعكس مواقف الاتحاد الاوربي«، كما تم توضيح ذلك في أولى صفحات الكتيب الصغير الحجم من فئة (100) صفحة.
الفصل الثالث.
معوقات الجهاز القضائي
على مستوى سير المحاكم وفعالية القضاء.
إن رصد معوقات الجهاز القضائي على مستوى سير المحاكم يقتضي الوقوف على الكيفية التي يتم بها الانتاج القضائي وتتبع المراحل التي يمر المتقاضي أو قضيته للكشف عن مواضن الضعف أو الخلل التي تؤثر على المنتوج النهائي.
وهذا يستدعي التطرق للهيئات القضائية (الفقرة الاولى) وكتابات الضبط (الفقرة الثانية) وصناديق المحاكم (الفقرة الثالثة) ومشاكل التبليغ والتنفيذ (الفقرة الرابعة) ومشاكل الخبراء (الفقرة الخامسة).
الفقرة الأولى:
سير الهيئات القضائية
يقتضي الأمر التطرق تباعا الى الثغرات التي تعتري تنظيم الهيئات القضائية وسير الجلسات العمومية والقرارات القضائية ومحتواها قبل التطرق الى مدى فعالية العدالة ودور المجلس الأعلى.
أولا: تنظيم الهيئات القضائية:
1 تتكون الجمعية العامة العامةة لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية طبقا لمقتضيات الفصل السادس من مرسوم 16 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة من جميع قضاة هذه المحاكم سواء كانوا قضاة الحكم أو النيابة العامة. ويحضر اجتماعاتها رئيس كتابة الضبط.
وتختص بتحديد عدد الغرف والاقسام وتكوينها وأيام وساعات الجلسات بالاضافة الى توزيع القضايا بين مختلف الغرف والأقسام.
غير ان الواقع أثبت ان القرار في ذلك يرجع الى رئيس المحكمة أو الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف على الرغم من التوافق الذي تسجله محاضر الجموع العامة والذي مرده في الحقيقة الى المصادقة على رغباته.
ونجد لهذا الخضوع تفسيرا في مقتضيات الفصل الثالث من مرسوم 23 دجنبر 1975 الذي يحدد شروط وكيفية تنقيط القضاة وترقيتهم من الدرجة والرتبة، الذي يخول الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية حق تنقيط القضاة التابعين لنفوذهم.
ثانيا:
سير الجلسات العمومية.
يعاب على سير جلسات القضاء الجماعي عدم احترام إجراءات المسطرة الكتابية التي تفرض على المقرر عدم إحالة القضية على الجلسة العمومية إلا بعد ان يكون الملف جاهزا للبث فيه مما يراكم ويضخم عدد الملفات المحالة على الجلسة قبل إتمام الاجراءات فيها.
أما في القضايا الجنائية وقضايا الارهاب والقضايا السياسية على الخصوص التي لم تنته بعد بكامل الأسف فإن حقوق الدفاع غالبا ما يتم الإجهاز عليها. إذ تختفي فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة ويتم البث فيها بسرعة ارتجالية.
ثالثا:
القرارات القضائية.
إذا كان الكثير من القضاة يبذلون جدها في تحرير قرارات معقولة فإن الممارسة تكشف هشاشة كفاءة القضاة في بعض المجالات: حقوق الانسان، التجارة الدولية، التأمين الاجتماعي... كما ان قرارات قضائية عديدة نجدها محررة ومعللة بشكل سيئ وأحيانا متعارض. وفي عصر المعلوميات لازالت كثير من القرارات تحرر بخط اليد وبشكل رديء تصعب قراءته، بل تستحيل، كما يتأخر تحرير القرارات وتبليغها مما لا يساعد المقتاضي والمحامي ومختلف المتدخلين على القيام بواجبهم في ظروف معقولة.
رابعا: نجاعة العدالة
تتم ترجمة نجاعة العدالة عادة من خلال ثلاثة مظاهر:
تقريب القضاء من المتقاضين..
الفعالية والسرعة في حسم النزاع.
تنفيذ الاحكام.
وسيتم التطرق لهذا المظهر الاخير في الفقرة المخصصة لذلك أسفله أما فيما يخص المظهر الاول فإنه كان على الدوام مشعل كل إصلاح.
غير ان التجربة بينت ان عدد محاكم الاستئناف لا يتجاوز 21 (عامة) وثلاثة تجارية واثنتين إدارية بالنسبة لمجموع التراب المغربي على شساعته.
وعدد المحاكم التجارية لا يتجاوز الثمانية.
وعدد المحاكم الادارية الذي لا يتجاوز التسعة.
محكمة عسكرية واحدة بالرباط تحتاج الى إصلاح جوهري وخاصة بالنسبة لاستقلالها عن السلطة المكلفة بالدفاع الوطني، وبالنسبة لتكوين أغلب قضاتها، وبالنسبة لحقوق الدفاع، وبالنسبة لغياب درجة الاستئناف لأحكامها وغياب إمكانية المطالبة بالحق المدني أمامها.
وهذه المحكمة مثل قضاء الجماعات والمقاطعات يتعين إعادج النظر فيها نحو الإلغاء أو الاصلاح الجذري لتوفير نفس ضمانات المحاكمة العادلة.
كما أن الولوج الى العدالة يصطدم:
بارتفاع تكلفة الصوائر القضائية خاصة أمام المجلس الاعلى أو عند طلب التعويض من أطراف في حالة عوز خاصة بالنظر لعدم فعالية مؤسسة المساعدة القضائية بفعل إجراءاتها المنهكة وبطء البث في الطلبات بشأنها عند عدم انتظام لقاءات مكتب المساعدة القضائية الذي تشرف عليه النيابة العامة.
إن الرسم القضائي المفروض للمفوض القضائي تتدخل فيه المسافة الفاصلة بين المحاكم ومقرات سكنى المبلغ إليهم وهو ما يجعل تلك الرسوم ترتفع بشكل مهول بالنسبة للبوادي والقرى حيث مقرات المحاكم بعيدة عن العديد من المداشر. وهكذا يؤدي عدم تقريب هذا النوع من المرافق العمومية من المواطنين الى إثقال كاهلهم.
وفيما يخص صدور الاحكام وتنفيذها فإن تعدد المحاكم المختصة: المحاكم التجارية والمحاكم الادارية قد قلص من وصول المتقاضين الى تلك المحاكم لدرجة انقلاب المبدأ. ذلك أنه أمام ثمانية محاكم تجارية وتسعة محاكم إدارية وثلاث محاكم استئناف تجارية واستئنافيتين إداريتين ينبغي الحديث في الحقيقة عن إبعاد القضاء عن المتقاضين الشيء الذي يؤثر سلبا على تنفيذ الاحكام.
ويطرح بطء العدالة مشكلان اثنان:
1 مشكل الثلاث ملايين من القضايا الرائجة والمتراكمة عبر السنين.
2 مشكل نقص عدد القضاة.
خامسا: المجلس الأعلى.
تم تزويد المجلس الاعلى بوسائل مادية وبشرية هائلة مكنته من تسريع نسبي لوثيرة البت في الطعون المقدمة أمامه وتسليم نسخ القرارات الصادرة عنه لأصحابه في حلة لائقة. إلا أنه لازال هناك:
بطء في البث في عدد من الطعون بما في ذلك خرق أحكام القانون بخصوص البث في أجل ثلاثة شهور في طلبات النقض المرفوعة من طرف المتهمين المعتقلين داخل أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ التوصل بالملف طبقا لمقتضيات المادة 546 من قانون المسطرة الجنائية.
ابتعاده عن دوره في توحيد الاجتهاد وتأويل القاعدة القانونية وذلك بالنظر الى الكم الهائل من قرارات عدم القبول التي يصدرها.
الفقرة الثانية:
كتابات الضبط..
تتميز الاوضاع المادية والمعنوية لموظفي كتابة الضبط بطابعها الصعب. وقد خاضوا جملة من الاضرابات في السنوات الاخيرة مطالبين بتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية ووضع قانون أساسي يضمن تطورا مهنيا وضمانات موضوعية لهذا التطور. كما طالبوا بحوار بناء وبالوفاء بالالتزامات التي يتم التعهد بها. ولازالت علاقتهم بالوزارة مطبوعة بالتوتر حتي نهاية العام 2008.
كما لا يحمي القانون كتاب الضبط ولا يضمن عمليا استقلالهم في مهامهم عن رئاسة المحكمة وعن القضاة.
ويؤثر هذا الوضع على أداء ومردودية كتابة الضبط وعلى الخصوص ما يتعلق بالتجرد والفعالية الضروريين لأي إدارة سليمة للعدالة.
الفقرة الثالثة:
صناديق المحاكم..
أهم العراقيل التي يعاني منها المتقاضون والمحامون أمام صناديق عدد من المحاكم يتجلى في رفضها استخلاص الواجبات القضائية بواسطة الشيك. وهذه الطريقة في التعامل علاوة على أنها غير قانونية فإنها تعقد تدخل المحامين خصوصا عندما يتعلق الامر بمبالغ كبيرة أو عندما ينتقل المحامي الى محكمة خارج دائرة الهيئة التي يعمل بها وخصوصا أيضا عندما يكون مضطرا الى أداء واجبات الطعن في آخر أجله القانوني.
الفقرة الرابعة:
مشاكل التبليغ والتنفيذ..
1 التبليغ:
يسند اليوم تبليغ الاستدعاءات والأحكام القضائية لمؤسستين متميزتين:
1 لأعوان التبليغ التابعين لكتابات ضبط المحاكم باعتبارهم موظفي وزارة العدل.
2 والمفوضين القضائيين المنظمة مهامهم وبق القانون رقم 03/81 الصادر الامر بتنفيذه بمقتضى الظهير رقم 23/06/1 بتاريخ 14 فبراير 2006 باعتبارهم يماسرون مهنة حرة.
ومن الناحية المبدئية فإن هذا القانون الاخير لا يفرض على المتقاضين اللجوء الى خدمات أحد المفوضين القضائيين بالضرورة مادام المشرع أبقى على دمات الاعوان القضائيين التابعين لكتابات الضبط كما كانت ولم يدخل عليها أي تعديل.
غير ان الواقع يؤكد ان بعض الصناديق تستلزم اختيار أحد المفوضين القضائيين وتسديد واجباته مسبقا قبل استخلاص الصائر القضائية وذلك في خرق سافر للقانون، مما يؤثر سلبا على حقوق المتقاضين ويزعج المحامين على وجه الخصوص، بل يعرقل سير أعمالهم ويوحي في النازلة بنوع من الزبونية لفائدة مؤسسة حرة.
وهناك تضارب بين المحاكم في تحديد المهام المسندة للمفوضين القضائيين. ففي حين يدخل من بين مهامهم في بعض المحاكم القيام ببعض الاعمال القضائية كالإنذارات الاستجوابية (الرباط، الدار البيضاء...) نجد بعض المحاكم تحرم عليهم ذلك: مراكش على سبيل المثال.
-2 التنفيذ:
يمكن ملاحظة التوافق الشبه العام بين مختلف الفاعلين في الحقل القضائي، من محامين ومتقاضين وجمعيات حقوقية ووزارة العدل نفسها، على عدم فعالية نظام التنفيذ في المغرب وافتقاد طرقه ووسائله للنجاعة الكافية، وكثرة عيوبه سواء من ناحية التنظيم التشريعي أو التطبيق الواقعي، فضلا عن تكلفته ومصاريفه المتزايدة والتي تحول عملية التنفيذ الى محنة حقيقية بالنسبة لجميع الاحكام أيا كان موضوعها وسواء صدرت في مواجهة أشخاص القانون الخاص أو العام.
ففيما يتعلق بأشخاص القانون الخاص، فقد حدد قانون المسطرة المدنية قواعد وأحكام التنفيذ وآلياته المختلفة. والمفروض ان تنفيذ الاحكام المدنية والتجارية يتم بصورة رضائية من طرف المحكوم عليه، فإذا امتند أو رفض فتحت أبواب المساطر القضائية الخاصة بالتنفيذ الجبري والتي تتراوح بين التنفيذ على الاموال المنقولة والعقارية للمحكوم عليه.
ورغم دقة المقتضيات القانونية بشأن هذه الوسائل فإن صعوبات جمة تحول دون تفعيله وتجعل التنفيذ فعلا قضية تدوم عدة سنوات بعد صدور الحكم.
ويعتبر تنفيذ الاحكام القاضية بالتعويض الصادرة في مواجهة شركات التأمين أحد أصعب صور التنفيذ بسبب تمركز هذه الشركات في مدينة الدار البيضاء، مما يوجب على جميع محاكم المملكة إرسال انتدابات قضائية للمحكمة الابتدائية للدار البيضاء قصد الاشراف على التنفيذ الفعلي.
وتجدر الاشارة هنا الى بطء صرف التعويضات المنفذة لضحايا حوادث الشغل وحوادث السير من طرف شركات التأمين وبقائها بصناديق المحاكم سواء تلك التي أشرفت بالدار البيضاء على عملية التنفيذ عبر إنابات قضائية أو المحاكم التي استقبلت طلبات التنفيذ ويحدث ان يفصل بين تاريخ تنفيذ هذا النوع من الاحكام وتاريخ إعلان العوم المكلف بالصندوق عن كون المبلغ جاهز لاستخلاص مدة قد تصل الى خمسة شهور.
ولا يقل تنفيذ الاحكام العينيةصعوبة، فالاحكام، القاضية بالإخلاء تعرف صعوبات حادة عندما يرفض المحكوم عليه التنفيذ، مما يضطر مأمور التنفيذ الى طلب القوة العمومية التي يتحكم في أمرها رجال السلطة بوزارة الداخلية.
أما التنفيذ ضد أشخاص القانون العام، فيعتبر أكثر صعوبة بسبب عدم وجود نظام واضح وقواعد محددة. ففضلا عن عدم تضمن قانون المسطرة المدنية لأحكام خصة بهذا التنفيذ، فإن مأمور التنفيذ يظل عاجزا عن إجبار الادارة على تنفيذ الاحكام سواء تعلق الامر بأداء أو بعمل، مما يجعل التنفيذ عرضة للتعطل.
وقد شعرت الدولة بخطورة هذه الوضعية ومدى أثرها، فوجه وزراء أولون متتابعون، خلال العشرية الاخيرة، مذكرات في شكل مناشير إدارية حثت الادارية العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية على تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة ضدها ومطالبتها بتخصيص اعتمادات مالية كافية في الميزانيات السنوية لضمان تنفيذ الاحكام القضائية. ومع ذلك فالمشكلة ماتزال قائمة وملحة. ويبدو ان هناك حاليا مشروع قانون يتم تدارسه لحل هذه المعضلة.
إن التنفيذ يعاني، بالاضافة لما سبق، صعوبات أخرى ناجمة بصفة أساسية عن أسباب مؤسساتية مرتبطة بالاجهزة والهيئات المخولة صلاحيات واختصاصات القيام بالتنفيذ ورقابتها.
فهيأة أعوان التنفيذ الموظفين عاجزة، بسبب قلةة عدد العاملين والإمكانيات المادية المخولة لهم، عن مواجهة آلاف طلبات التنفيذ. وهيأة المفوضين القضائيين المستقلين، التي أنشئت خصيصا لمواجهة هذه المعضلة هي نفسها أصبحت متجاوزة بسبب عدم توفرهم على الوسائل الجبرية اللازمة.
أكثر من ذلك فالمفوض القضائي الذي قلص المشرع من اختصاصاته فيما يرجع الى تنفيذ بعد القرارات القضائية صار يشكل واحدا من معوقات الجهاز القضائي وذلك للأسباب التالية:
يمارس المفوضون القضائيون مهامهم الحرة بدون الخضوع عمليا الى جهاز منظم من شأنه أن يؤطرهم ويسهر على حسن أدائهم والتصدي للإخلالات التي يرتكبونها.
وهم يوطنون مكاتبهم خارج المحاكم في مختلف أحياء المدينة التي يعملون في دائرة نفوذها وبحكم عملهم الذي يتطلب التنقل باستمرار فإنه يصعب كثيرا العثور عليهم في مكاتبهم وتبقى الوسيلة الوحيدة للاتصال بهم هو والهاتف النقال الذي لا يتم تشغيله في الغالب.
لا ينفذون أحيانا كثيرة الاحكام المسندة لهم في الآجال المحددة وعندما ينفذونها فإنهم يتباطؤون في تسليم المبالغ المنفذة لأصحابها.
يحتفظون أحيانا بالنسخ التنفيذية للأحكام وبملفات التنفيذ بكاملها ولا يرجعونها لكتابة الضبط إلا بعد عدة اتصالات وتذكيرات مما يعرقل حق المتقاضي في اللجوء الى مواصلة التنفيذ عندما يكون له سبب.
لا يخبرون المتقاضي أو محاميه بالاجراء الذي قاموا به لا إيجابا ولا سلبا مما يترك المحامي في غيب عن مآل طلبه وقد يتطلب الامر تدخل المحامي من أجل تسديد واجبات معينة لفتح المحل بالقوة أو لنشر إعلان بيع بالمزاد العلني.
ينصب بعض المفوضين القضائيين أنفسهم قضاة عندما يوافقون على ويمنحون المنفذ عليهم أجلا استرحاميا، بل آجالات متعددة.
وينصب بعضهم نفسه محاميا عندما يفتي للمنفذ عليه بسلوك مسطرة معينة للطعن في الحكم المبلغ إليه أو لتلافي التنفيذ.
وإن مراقبة عمل الهيئات والمصالح المكلفة بالتنفيذ لدى مختلف المحاكم تطرح هي أيضا مشكلة جوهرية. فقد كانت المراقبة الى عهد قريب موكولة الى رؤساء المحاكم الذين لم يكن باستطاعتهم، نظرا لمهامهم الكثيرة، الإشراف بصورة كافية وفعالة على مصالح التنفيذ، ولم يكن بإمكانهم التدخل إلا عندما يشتكي شخص لديهم. (25).
وقد حاول المشرع تفادي هذه الوضعية بإحداث مؤسسة القاضي المكلف بإجراءات التنفيذ. ورغم إيجابية هذا التطور في نظام التنفيذ القضائي إلا أنه تطور محدود لعدم تحديد واضح وصريح ودقيق للطبيعة القانونية لمهام هذا القاضي واختصاصاته وارتباطاتها أو اختلافها مع صلاحيات رئيس المحكمة.
الفقرة الخامسة:
مشاكل الخبراء
تطرح قضية الخبراء عدة مشاكل تعوق نزاهة وسرعة العدالة، فليس هناك تنظيم محكم بخصوص اعتمادهم ومراقبتهم وتحيين جداولهم.
كما تطرح مسألة الزبونية في التعيينات، وتطرح قضايا الرشوة والابتزاز الذي يمارسه بعضهم على المتقاضين مقابل خبرة لفائدتهم.
ويشتكي بعضهم من هزالج الأتعاب المقررة للخبرة، كما يلاحظ ضعف التكوين لدى البعض مما يطرح أسئلة حول اعتمادهم.
هوامش:.
25 تقرير المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة المشروع: »تعزيز حكم القانون والنزاهة في العالم العربي« حول وضع القضاء في المغرب التأليف تحت إشراف: الأستاذ رشيد الفيلالي المكناسي الرباط المغرب أكتوبر 2006 ص 40/38
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.