بادرت مجموعة من المنظمات الحقوقية الى إعداد «مشروع مذكرة حول إصلاح القضاء بالمغرب» التي حصلنا على نسخة منها سنعمل على تعميم نشرها حتى يطلع عليها الطلبة والاساتذة وكل مهتم بحقوق الانسان وحرياته عله يساهم في إغنائها إن لم يكتف بالاستفادة منها. وإذ نقدر هذا العمل، ونثمن المجهودات الفكرية والذاتية التي أنجزته، فإننا نتساءل عن عدم تواجد النقابة الوطنية للصحافة المغربية بين المساهمين في هذه المبادرة الوطنية التي ستكون لا محالة مرجعا يؤخذ به. كما نتساءل عن عدم إشراك القضاة أنفسهم، من خلال إحدى مؤسساتهم المنتخبة: المجلس الاعلى للقضاء، أو الودادية الحسنية للقضاة، وكذلك كتاب الضبط من خلال مكاتبهم النقابية (الى جانب طبعا العدول، والخبراء والاعوان القضائيين، وكل المهن المتعاملة مباشرة مع المحاكم) لأن أي إصلاح لن يتم بدون رغبتهم وقناعتهم وإيمانهم بضرورته، ولكونهم هم من سينفذ خطة هذا الاصلاح. وتجدر الاشارة أن «هذه المذكرة تم إنجازها بدعم مالي من الاتحاد الاوربي في إطار الشراكة مع جمعية عدالة، مع العلم أن مضمون هذه المذكرة والآراء المعبر عنها تقع تحت مسؤولية الهيئات الموقعة عليها ولا تعكس مواقف الاتحاد الاوربي« كما تم توضيح ذلك في أولى صفحات الكتيب الصغير الحجم من فئة (100) صفحة. القسم الثاني توصيات من أجل الإصلاح انطلاقا من التحليلات السابقة ومن التوصيات الصادرة عن مختلف مكونات المجتمع المدني المعنية بملف حقوق الإنسان والقضاء والسجون، وتماشيا مع ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر العام السادس والعشرين لجمعيةة هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بطنجة أيام 17/16/15 ماي 2008، من كون »إصلاح القضاء شأن وطني لا يمكن النهوض به إلا بتكاثف وتكامل جهود جميع أعضاء أسرة العدالة وفي مقدمتهم القضاة والمحامون، تؤطرهم فلسفة وثقافة التشارك والمواطنة. (...) وأن أي إصلاح حقيقي يجب أن ينطلق من مبدأ راسخ وهو ان واقع القضاء يتجاوز جهاز القضاء باعتباره حقلا شاملا لكل المهن والفئات والانظمة التي تساهم في صناعة العدالة بدءا من المتقاضي نفسه الى مختلف مساعدي العدالة وكل من يساهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة في إصدار القرار القضائي وفي مقدمتهم المحامي (...) وان هذا الحقل الشامل يعاني في مجمله ومنذ عقود من اختلالات جوهرية سواء في مكوناته أو أجهزته وأنظمته وبنياته. يمكن التقدم بالتوصيات التالية: أولا: توصيات بخصوص القواعد المرجعية 1 الاتفاقيات الدولية قصد الاستجابة لتوصيات هيأة الإنصاف والمصحلة وتوصيات المنظمات الحقوقية المغربية والدولية، وللوفاء بالتزامات الحكومة المغربية عند ترشيح المغرب لمجلس حقوق الانسان (رسالة البعثة الدائمة للمملكة المغربية في نيويورك بتاريخ 17 أبريل 2006) فإن المغرب مدعو للمصادقة على الاتفاقيات الدولية التالية التي تعد أساسية لتحسين وضع القضاء ونظام حماية حقوق الانسان. معاهدة روما حول المحكمة الجنائية التي وقعها المغرب في شتنبر 2000 (توصية هيأة الإنصاف والمصالحة والمنظمات غير الحكومية المغربية). الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 دجنبر 2006 وفتحت للتوقيع والمصادقة منذ 6 فبراير 2007 (الالتزام الذي أخذه المغرب على عاتقه عند ترشيحه لمجلس حقوق الإنسان وتوصيات المنظمات غير الحكومية). البروتوكولان الملحقان بالعهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية (توصيات لجنة حقوق الانسان وهيأة الانصاف والمصالحة والمنظمات الحقوقية المغربية). البروتوكول الاختياري الملحق بالمعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب (الخاص بالزيارات). الاتفاقية رقم 87 لمنظمة الشغل الدولية حول الحرية النقابية وحماية الحق النقابي (توصيات أجهزة منظمة الشغل الدولية والتزام الحكومة مع النقابات منذ فاتح غشت 1996). كما ان الحكومة المغربية مدعوة لرفع تحفظاتها على بعض الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل، وعليها ان تخبر الرأي العام بتفاصيل رفع التحفظات. 2 الإصلاح الدستوري: التأكيد بكل وضوح على سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية المصادق عليها على القوانين الداخلية. مراجعة المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمجلس الاعلى للقضاء بما يكفل: توسيع اختصاصاته قصد تمكينه من سلطة تقرير حقيقية. تمكين مكونات أخرى في المجتمع وخاصة هيآت المحامين والجامعيين من اقتراح مرشحين طبقا لمعايير ومساطير محددة مع مساهمة هيآت أخرى في الاقتراح (البرلمان وجمعية هيآت المحامين في المغرب). ويجب أن يدقق قانون تنظيمي هذه الضمانات. ضمان التعويض عن الضرر الناتج عن التصرفات الصادرة عن الدولة دون الحق في الطعن فيها قضائيا. التأكيد الواضح على استقلال السلطة القضائية وقضاة الاحكام والنيابة العامة. تأكيد حق البرلمان في التشريع في مجال العفو طبقا للقانون الدولي المعاصر (لا عفو يخرق حق الضحايا في معرفة الحقيقة وفي الانتصاف القضائي وفي جبر الأضرار وحصر حق العفو الخاص في الحالات التي تم الحكم فيها). تفصيل الضمانات المتعلقة ببعض الحقوق الأساسية (حق الحماية ضد الاختفاء، ضمانات قرينة البراءة، والحق في الحماية ضد الاعتقال التعسفي والحماية من التعذيب والحق في حرية تكون الجمعيات وحرية الصحافة والحق في الوصول الى المعلومات وغيرها من الحقوق الاساسية) وذلك حتى لا يترك للمشرع إمكانية إفراغ هذه الحقوق من محتواها. تسهيل اللجوء الى المجلس الدستوري من طرف الاقلية البرلمانية بخصوص الطعن في دستورية القوانين (تمكين عشر أعضاء أي مجلس من هذا الحق)، وتمكين المواطنين من الدفع بعدم دستورية القوانين التي قد تطبق عليهم، خاصة في الحالات التي يعتقدون أنها تمس بحقوقهم المضمونة دستوريا أو لخرقها لالتزام دولي في مجال حقوق الانسان، والتي ستطبق عليهم بمناسبة سريان مسطرة قضائية. تعزيز استقلال وشفافية المجلس الدستوري بما في ذلك منح أعضاء حقا فرديا في التعبير عن رأي مخالف كلما ككانوا غير متفقين على القرار الذي اتخذه أغلبية الاعضاء. تحديد أجل البث في النزاعات الانتخابية في سنة واحدة كحد أقصى تبدأ منذ تقديم الطعن. ثانيا: التوصيات المتعلقة بالإصلاحات التشريعية الضامنة لاستقلال القضاء المجلس الأعلى للقضاء 2 مهام المجلس الأعلى للقضاء: يتعين توضيح مهام المجلس الاعلى للقضاء (بالدستور ثم بالتفصيل في قانون تنظيمي) باعتباره الممثل الدستوري الضامن لاستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ويمكن أن تشمل هذه المهام: تتبع الحياة للقضاة منذ تعيينهم الى تقاعدهم. تتبع سير المحاكم على مستوى ضوابط توزيع المسؤوليات والقضايا والمهام القضائية والتدبيرية للمحاكم. تتبع التكوين. السهر على التنفيذ بأخلاقيات المهنة وإقرار جزاءات على الإخلال بها. تقديم اقتراحات للسلطتين التشريعية والتنفيذية في مجال الاصلاحات التشريعية والمؤسساتية وأمور الميزانية والسياسات العمومية التي تهم العدالة ومهنها. مراقبة شروط تسيير المهن المساعدة للقضاء. 2 تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء: باعتبار القضاء مسألة تهم الشأن العام ومجموع المواطنين والمتقاضين ودفعا لشبهة التكتل المصلحي والتحيز الفئوي، فلا مناص من توسيع التمثيلية في تشكيلة المجلس الاعلى للقضاء لأطراف الى جانب القضاة لأشخاص آخرين (ممثلون للمحامين وللقوانين مثلا يقترحهم البرلمان وممثلو المجتمع الحقوقي) لأن هناك خطرا في أن يقوم القضاة، والقضاة فقط، بتقييم أداء زملائهم القضاة والبث في أمور ترقيتهم ومسؤولياتهم وتأديبهم. وليس من الضروري ان يشكل هؤلاء الاشخاص الاكثرية الانتخابية، لكن وجودهم هو وسيلة لإعطاء الثقة الى عامة الناس على أنه لا توجد مجموعة متضامنة وسرية تتخذ وحدها القرار بهذه المسائل. يمكن أن يشمل التوسيع فئة المحامين بحيث ترشح المجالس المهنية التي تمثل نقابات المحامين عددا (يحدده القانون التنظيمي) إضافة الى رجال ونساء القانون. ويجب أن يكون المرشحون مشهودا لهم بالنزاهة الاخلاقية والخبرة العلمية والفقهية والادارية بناء على معايير يتفق عليها (أساتذة جامعيون، حقوقيون مشهود لهم بالكفاءة القانونية، قضاة سابقون في المجلس الدستوري، أطر إدارية عليا..). ملاءمة تشكيلة وعدد ممثلي القضاة في المجلس الاعلى للقضاء مع التحولات التي طرأت على المشهد القضائي: (إنشاء محاكم إدارة وتجارية ومحاكم أسرة) حتى تمثل كل المحاكم بشكل ملائم. تولي رئاسة المجلس الاعلى للقضاء من طرف قاض سام لفترة محددة وثابتة. 3 وسائل عمل المجلس الأعلى للقضاء: أن يكون للمجلس الأعلى للقضاء ميزانية خاصة به ومقر لائق وموظفون إداريون تابعون له ومسؤولون أمامه. يساعدونه على القيام بمهامه المتنوعة بما في ذلك دراسة التصاريح بالممتلكات ودراسة الملفات المتعلقة بالتعيينات والترقيات وغيرها بناء على معايير متفق عليها. يفضل زن يكون جهاز التفتيش القضائي تابعا لمؤسسة مستقلة ويمكن ان يشكل من هيئة مشتركة بين المجلس الاعلى للحسابات والمجلس الاعلى للقضاء. تحال جميع تقارير التفتيش والشكايات على المجلس الاعلى للقضاء. 4 المسار المهني للقضاة وضمان استقلالهم بكل فئاتهم. يستتبع ما سبق تعديل قانون 11 نونبر 1974 المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة بواسطة قانون تنظيمي: فالمجلس الاعلى للقضاء يجب أن يسهر فعليا على تعيين القضاة وتكوينهم ونقلهم وترقيتهم وتأديبهم وتقاعدهم. ويجب أن يمكن من الوسائل التي تمكنه من القيام بمهام بفعالية (ميزانية مستقلة ومقر وموظفون). النص في القانون التنظيمي على مقتضيات تدعم استقلال جهاز النيابة العامة عن وزير العدل. إصلاح قانون المسطرة الجنائية بهدف موازنة السلطات الواسعة للنيابة العامة باستقلال أقوى لقضاة التحقيق وبضمانات أقوى لحقوق الدفاع ولذلك: يتعين توحيد قواعد ومعايير اختيار وتعيين قضاة التحقيق من طرف المجلس الاعلى للقضاة على غرار تعيين قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة بحسب حاجيات على محكمة ودون حصر ذلك التعيين في الزمن ومن تم يتوجب إلغاء المادة 52 من قانون المسطرة الجنائية. يجب الرجوع الى إحياء مؤسسة »عميد قضاة التحقيق« من جديد الذي يتولى وحده أمر توزيع القضايا على قضاة التحقيق في نفس المحكمة سواء القضايا التي تحال عليه من طرف النيابة العامة أو التي تقدم بين يديه في شكل استدعاء مباشر من طرف المتضررين ولا نزاع في أن مؤسسة عميد »قضاة التحقيق« ستضمن استقلال قضاة التحقيق تجاه النيابة العامة. كما ينبغي تقوية هذا الاستقلال بإلغاء جميع المقتضيات القانونية التي توجب على قاضي التحقيق أخذ رأي النيابة العامة قبل اتخاذ أي قرار. إلغاء مقتضيات الفصل 56 من ظهير 11 نونبر 1974 الذي يضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة وزير العدل وبالتالي فإن تعيين قضاة النيابة العامة يجب أن يتم بالاستناد الى نفس المعايير بالنسبة لجميع القضاة ومن طرف نفس السلطة القضائية أي المجلس الاعلى للقضاء. يستتبع إلغاء الفصل 56 من ظهير 11 نونبر 1974 الذي يضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة وزير العدل وبالتالي فإن تعيين قضاة النيابة العامة يجب أن يتم بالاستناد الى نفس المعايير بالنسبة لجميع القضاة ومن طرف نفس السلطة القضائية أي المجلس الاعلى للقضاء. يستتبع إلغاء الفصل 56 من النظام الاساسي لرجال القضاء إلغاء المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية الذي يخول وزير العدل مهمة تنفيذ السياسة الجنائية عن طريق الوكلاء العامين للملك نظرا لما تسببه مقتضياته من مساس بخصوص القاعدة القانونية: العموم والإلزام والتجريد. لا يمكن أن يقف إشراف النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية عند مجرد الشكليات، بل يجب أن يتعداها ليشمل مجموع مبادرتها من أجل ضمان احترام حقوق المشتبه فيهم وتحرير تقرير شامل بكل ذلك يكشف عن الإخلالات المرتكبة والعقوبات المتخذة لزجر مرتكبيها. وضع معايير موضوعية مبنية على التجربة والكفاءة والنزاهة كأساس لترقية وتعيين القضاة في مناصب المسؤولية. تقيد النيابة العامة بالقانون والأوامر المكتوبةة فقط الصادرة عن الرؤساء. 5 إصلاح المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الملكية: بضمان استقلالها عن السلطة المكلفة بالدفاع الوطني وتحريك المساطر والضمانات طبقبا لقانون المسطرةة الجنائية العادية. تشكيلها من أغلبية من القضاة المدنيين. تكوين القضاة المدنيين. تكوين القضاة العسكريين. تمتيع المحاكمين أمامها بنفس الضمانات التي توفرها المحاكم العادية. تقليص عدد الجرائم التي تحال عليها وحصرها في المحاجم العادية. تقليص عدد الجرائم التي تحال وحصرها في الجرائم التي لها طبيعة عسكرية أو تمس بسير ومصالح المؤسسة العسكرية. تمكين المحاكمين أمامها من درجة الاستئناف لأحكامها. تمكين المحاكمين أمامها من درجة لأحكامها. تمكين المتضررين من المطالبة بالحق المدني أمامها. 6 حق القضاة في ممارسة الحريات وحرية التعبير وتكوين الجمعيات تمكين القضاة بالقانون: بالحق في تكوين نقابات أو جمعيات مهنية للدفاع عن مصالحهم وتشجيع تكوينهم المهني وحماية استقلال القضاء. بالحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع مع مراعاة الحفاظ على على كرامة مهنتهم ونزاهة ونزاهة واستقلال القضاء. يتبع