سارع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى الزيادة في أسعار المحروقات وإلى الإعلان عن الشروع في مسلسل حذف صندوق المقاصة بشكل نهائي، وتعويضه بدعم الفقراء والمعوزين بشكل مباشر، غير أنه وبعد أن رفض تطبيق الضريبة على الثروة، عمد إلى التزام الصمت تجاه الإعفاءات الضريبية التي تحرم الخزينة من المداخيل الضريبية وتجعل من النشاط الفلاحي المعفى من الضريبة، بوابة تحت تصرف كبار الملاكين للتملص من الواجبات الضريبية في باقي القطاعات التي يمارسون بها، وخاصة منها الأنشطة العقارية والصناعية والخدماتية. سيكون على بنكيران فرض «لقاء خاص» دوري على القنوات التلفزية العمومية لعله يفلح في تفسير انعكاسات الإجراءات التي دخلت حيز التنفيذ على كل فئة شعبية، لأن السائد هو أن زيادة درهمين في لتر البنزين مست حتى من «مسك الله عليهم» من ذوي الدراجات النارية وقلصت قدرات الطبقة الوسطى على ممارسة التضامن مع المعوزين بشكل مباشر من خلال التضامن العائلي، ومن خلال الهبات التي لولاها لما تحول التسول إلى مهنة يواجه فيها المعوزون منافسة المحتالين ومن اختاروا الكسب بدون عمل. إذا كان بنكيران مقتنعا بأن كل المواطنين مستعدون لأداء 10 أو 20 درهما في الشهر من أجل الدعم المباشر للفقراء والمعوزين، فما الذي يمنعه من فرض اقتطاع 20 درهما عن كل دخل مقابل حذف صندوق المقاصة وتأمين استقرار الأسعار عندما يتعلق الأمر بالاستهلاك المنزلي مع تطبيق حقيقة الأسعار في الاستهلاك التجاري. إن صندوق المقاصة لا يشكل إلا جانبا محدودا من صيغ الدعم، فما الذي يبرر خيار الاقتصار على جوانبه التي تمس بالقدرة الشرائية وبتنافسية المقاولة، بينما باقي المجالات التي تنتج «أثرياء الدعم» حافظت على حصانتها وكأن الجانب الشعبي في الحكومة مقتصر على مطالبة الفئات الشعبية بالمزيد من التحمل.