فيضانات إسبانيا.. وزارة الخارجية تعلن استعدادها لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق المتضررة        مجلس الحكومة يطلع على اتفاقية دولية لتسليم المجرمين بين المغرب وهولندا    مطار تطوان الدولي يستقبل أكثر من 260 ألف مسافر خلال 9 أشهر    مراكش 'إير شو 2024': التوقيع على عدة اتفاقيات شراكة في قطاع صناعة الطيران    الإيرادات السياحية.. تقدم المغرب 10 مراتب في التصنيف العالمي    انخفاض جديد مرتقب في أسعار الغازوال بالمغرب    انييستا: مونديال 2030 يتوفر على "جميع المقومات لتحقيق نجاح كبير"    جماهير اتحاد طنجة تتوجه بنداء لوالي الجهة لإنهاء حرمانها من حضور المباريات    إسبانيا تحصي خسائرها من الفيضانات والسيول.. والأرصاد تحذر ساكنة المناطق المتضررة    إسبانيا تحت وطأة الكارثة.. الفيضانات الأسوأ منذ نصف قرن    نشر أخبار كاذبة والتبليغ عن جريمة غير واقعية يجر شخصاً للاعتقال    المغرب يتابع أوضاع مواطنيه في إسبانيا ويسجل حالة وفاة واحدة    7 نوفمبر بالمسرح البلدي بتونس "كلنا نغني" موعد العودة إلى الزمن الجميل    بدء مناقشة مشروع قانون الإضراب في مجلس النواب في أجواء مشحونة        ائتلاف مكون من 20 هيئة حقوقية مغربية يطالب ب "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن فؤاد عبد المومني        المنتخب المغربي للفوتسال يواجه فرنسا وديا يوم 5 نونبر القادم    ماكرون: موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية بصدد تحريك مواقف بلدان أوروبية أخرى    ملف طلبة الطب.. بايتاس يؤكد عدم وجود مستجدات والحل بيد الوسيط    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يُكرم الراحلة نعيمة المشرقي، والممثل الأمريكي شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ    المحكمة تقرر تأجيل محاكمة "الستريمر" إلياس المالكي    الكاتب المغربي عبد الله الطايع يفوز بجائزة "ديسمبر" الأدبية    مريم كرودي توثق رحلتها في ورشات الشعر بكتاب "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة"    يهم الصحافيين.. ملفات ساخنة على طاولة لجنة بطاقة الصحافة المهنية    الشرطة الألمانية تطلق عملية بحث مكثفة عن رجل فرّ من شرطة برلين    حماس ترفض فكرة وقف مؤقت لإطلاق النار وتؤيد اتفاقا دائما    اعتقال إسرائيليين بتهمة التجسس لإيران    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    اعتقال ومتابعة صناع محتوى بتهمة "التجاهر بما ينافي الحياء"    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    لبنان.. ميقاتي يتوقع إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غضون أيام    الطاقة الخضراء: توقيع اتفاقية شراكة بين جامعة شعيب الدكالي وفاعلين من الصين    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    مصرع شاب في حادثة سير بتازة    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    منفذو الهجوم الإسرائيلي على إيران يتحدثون للمرة الأولى    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد أوعياش رئيس «كومادير»:مستقبل الفلاحة مرهون بالعمل التعاوني والتجميع وبدعم الفلاح الصغير

- سبق التأكيد في عدة مناسبات رسمية على اعتماد الفلاحة كقاطرة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن مضاعفة ميزانية الوزارة الوصية بأكثر من ثلاث مرات في ظرف ثلاث سنوات لم تخفف من آثار الجفاف ولم تحد من مشاكل الفلاحين الصغار الذين ينتجون حوالي 80 % من الحبوب واللحوم والحليب, بماذا تفسرون عجز هاته القاطرة، التي يعول عليها في تحقيق الاكتفاء الذاتي، عن تحقيق الأمن الغذائي؟
- المغرب بلد فلاحي بامتياز، والقلة القليلة هي التي لا تتفق على هذا الطرح، والفلاحة هي مستقبل المغرب لأن الصناعة وباقي القطاعات لم تتمكن من تحقيق التطور المرغوب فيه لكي تمتص الساكنة وتحول دون احتداد الضغط على البادية وعلى الأرض، وهذا الطرح يعززه الوضع العالمي، إذ تتحدث التقديرات عن بلوغ ساكنة الأرض حوالي 9 مليار نسمة في أفق سنة 2050 وهذا يحتم تنمية الإنتاج الفلاحي في العالم بمعدلات تتراوح بين 50% و 70%، أضف إلى ذلك أن الفلاحة التي كانت تسير بطريقة سلسة صارت تواجه عدة معطيات جديدة أهمها التقلبات المناخية وتعاني من تدبير ندرة الماء خاصة, وكما تبين من الحوار الوطني حول الماء في نهاية التسعينيات وبداية الألفين، فإن المغرب يعاني من شح المياه,
مند الاستقلال أعطت الحكومات المتعاقبة أهمية بالغة للفلاحة، فهي وإن لم تجعل منها قاطرة للتنمية إلا أنها جعلت منها أولى الأولويات، وهذا ما تجلى في الرؤيا التي يبدو أنها صائبة، والتي تقوم على تعبئة المياه عبر السدود الكبيرة والمتوسطة والصغيرة بهدف الرفع من الإنتاج وتحسين جودته,
هناك كذلك مخططات قطاعية أعطت أكلها مثل الخضر والفواكه واللحوم الحمراء واللحوم البيضاء، أما بالنسبة للسياسة الفلاحية الحالية القائمة على مخطط المغرب الأخضر فقد جاءت بعدة إيجابيات وامتيازات في مجال الفلاحة التصديرية، ولكنها مند انطلاق المخطط لم تعط للجوانب المرتبطة بتحقيق الأمن الغذائي الأهمية التي تستحقها، وهذا يتضح جليا من الإحصائيات التي تفيد بأن الزراعات السكرية لا يتعدى فيها معدل المساحة هكتارا واحدا للضيعة، كما أن إنتاج الحليب لا يتعدى فيه معدل القطيع بقرتين أو ثلاثة لكل كساب، ونفس الشيء بالنسبة للحبوب التي تعتبر زراعة الفقراء والمناطق المهمشة، فقد كان من المفروض تقوية الفلاحين الصغار الذين يساهمون بحوالي 80 % من الإنتاج ونضرب، كما يقال، عصفورين بحجر واحد,
إن هذا الخلل يفرض مراجعة الاتجاه وإعادة النظر فيه ، ولنا في مجال التأطير وإيصال المعلومة عن طريق التعاونية إلى الفلاح الصغير مثلا أن نستفيد من تجربة بعض الدول المجاورة مثل فرنسا، فعلى هذا المستوى نسجل أن القانون الخاص بالتجميع، الذي يرمي إلى التوجه نحو الفلاح الصغير من خلال المجمع الذي سيتولى مهام تمويل الفلاحين وتأطيرهم وشراء منتوجهم، لم يخرج بعد إلى حيز الوجود، نفس الشيء ينطبق على التجمعات المهنية التي قطع مشروع القانون المتعلق بها عدة مراحل ثم بقي حبيس الرفوف وبعد مرور سنتين عاد إلى نقطة الانطلاق,
فالأمر يتعلق بقانونين مهمين لأنهما يتجهان إلى معالجة وضعية الفلاحين الصغار وإلى تأهيل القطاعات الأكثر تعرضا للمخاطر والأكثر انتشارا في المساحات الصالحة للزراعة وفي مقدمتها زراعة الحبوب، وعدم صدور القانونين حرم الفلاحين من التنظيم ومن التأطير وترتب عنه خلل يطال حتى الحالات التي يكون فيها الإنتاج وفيرا, إذ كيف يجوز لفلاح أن يشغل نفسه ويخلق فرص شغل لغيره بينما نظم التسويق المعمول بها تعرضه في آخر المطاف إلى خسائر؟ وكيف لاستمرار وضع مثل هذا أن يحفز على الاستقرار في الوسط القروي ويحد من الهجرة نحو المدن؟
هذه هي المشاكل المطروحة بحدة، أما بقية القطاعات مثل الحليب واللحوم والخضر والفواكه فإنها كانت منظمة وحققت نجاحات قبل انطلاق المخطط المغرب الأخضر، فالمخطط لم ينطلق من الصفر وإنما ارتكز على مخططات قطاعية جاهزة وكان من المفروض أن يتجه بسرعة إلى مواقع الخلل ومعالجتها للمرور من حسن إلى أحسن, بل الأهم من هذا هو أن قطاعي الحوامض والزيتون حققا الآن الأهداف المرسومة لسنة 2020 علما بأن غرس الأشجار تم قبل انطلاق المخطط بعدة سنين, فوضع مثل هذا يفرض الانفتاح على الآخر وتقوية الحوار مادام أن لا أحد من المعنيين يملك عصا سحرية لحل المشاكل القائمة,
إن الأمر لا يتعلق بالتقدم بوصفات جاهزة ولا بإنجاز المزيد من الدراسات، إذ يعتبر المغرب من أكثر الدول إنجازا للدراسات، وإنما يتعلق بالقيام بتحليل موضوعي لمواجهة الثغرات القانونية ونوفر، على غرار الدول التي سبقتنا في الميدان، إطارا قانونيا أو قانونا توجيهيا يحدد الأهداف والوسائل ومواعد التقييم، فمهما يكن فإنه لا يمكن تقييم نتائج المخطط اعتمادا فقط على حجم الاستثمارات وعلى عدد مناصب الشغل التي وفرها وإنما اعتمادا على قيمة الأرباح التي حققها الفلاح الصغير وعلى مستوى تقلص حجم الواردات, ومن هنا فإن الصراحة تقتضي التأكيد على أن وزارة الفلاحة ليست مسؤولة بمفردها، ولن تكون كذلك إلا إذا رفضت الحوار، فهي لا تحرث ولا تحصد، فلا يمكن أن نحاسبها على كون الأمطار لم تسقط بالمستويات المطلوبة في الأوقات المطلوبة، وإنما نحاسبها على طريقة التدبير، ومن هنا تبرز مكانة المقاربة التشاركية الجادة والحقيقية لكي نكون معا مسؤولين عن النجاحات وعن الإخفاقات, فما نسجله هو أن القوانين التي تهم الصغار هي التي تأخرت ولم تصدر بعد علما بأنها هي التي يرتكز عليها التمويل والتأطير, إن السياسة الفلاحية ركزت على الفلاحة الكبيرة التي يسهل إيجاد حلول لمشاكلها بينما الفلاحة الصغيرة يتم تفاديها والتعامل معها وكأنها سلة من الثعابين يجب الامتناع عن وضع اليد داخلها,
- راهن المغرب على أن تكون الفلاحة الموجهة للتصدير مكملة للفلاحة الموجهة للسوق الداخلية، ولكن وباستثناء بعض الحالات فإن النتيجة غير مرضية في كلا الجانبين، بماذا تفسرون الفوارق القائمة بين نوعية الخبرات والكفاءات المكتسبة وبين ضعف النتائج المحققة؟
- من المؤكد أن الزراعات الموجهة للتصدير تواجه مشاكل مختلفة، ولكن حتى المنتجات الموجهة للسوق الداخلية مثل اللحوم والحليب والحبوب تعاني من قلة المردودية ومن مشاكل التسويق، فالتسويق صار عاملا يشمل الكل بما في ذلك الزراعات التي لم تكن تواجه من قبل أي مشكل, لكن الملاحظ هو أن إنتاج الزيتون في المغرب فاق التوقعات قبل أن تصل الأشجار التي زرعت في إطار مخطط المغرب الأخضر مرحلة أوج الإنتاج، ومع ذلك فإن الزيوت المستوردة من الدول المجاورة أغرقت السوق الداخلية
المشكل الثاني المرتبط بالتبادل الحر وبالزراعات الموجهة للتصدير يتجلى في كون مجرد استحواذ إحدى المناطق على حوالي 60% من إنتاج الحوامض يفرض الحديث عن الهشاشة، إذ أن مجرد تعرض هذه المنطقة إلى مشكل ما يمكن أن يترتب عنه خلل في ميزان التعامل مع الاتحاد الأوربي، أضف إلى ذلك أن السوق الأوربية تعتبر بالنسبة للمغرب سوقا تقليدية لكن اتساع الاتحاد الأوربي ليضم دولا جديدة يقلص حصة المغرب في الأسواق الأوربية ويفرض تعويض الضائع بالبحث عن أسواق بعيدة
في نفس السياق يندرج وضع الحضر والفواكه التي يتم إنتاج حوالي 70% من مجموع صادراتها في منطقة صارت مهددة بالجفاف وبالتصحر، وهذا ما يفرض الاجتهاد لحل مشكل الهشاشة في النسيج الإنتاجي إذ ليس من السهل احتلال مواقع بديلة في الأسواق البعيدة وليس من السهل تخطي تبعات ارتفاع كلفة الماء والمشاكل البيئية الناتجة عن ندرة المياه, فالسوق الأمريكية مثلا قادرة على استيعاب المنتوج المغربي ولكن ولوجها ليس بالأمر السهل، إذ تتميز هذه السوق بعدة مشاكل من أبرزها مشكل اللوبيات التي تعتبر الطريق الجيد، إن لم يكن الوحيد لغزوها، ثم مشكل الكمية التي تتطلب تكثيف جهود المنتجين والتنسيق فيما بينهم حتى يصبحوا قوة وازنة، فالأمر يتطلب التوفيق بين حماية السوق الداخلية من الغزو الأجنبي وبين احتلال مواقع في أسواق أجنبية جديدة, والأمر يتطلب كذلك إيجاد حلول منصفة للحركات الاحتجاجية التي اتسعت في مناطق التصدير الهشة، علما بأن الأمر يتعلق بمنتجات لا مجال لمقارنتها بالمعادن أو غيرها من المنتجات القابلة للتخزين وإنما يهم منتجات فلاحية معرضة للتلف، فبعد أن صارت عدة ضيعات مهددة بالإفلاس بفعل الإضرابات العشوائية فقد صار من المفروض التعاون من أجل التوصل إلى اتفاقيات جماعية ومن أجل معالجة ندرة اليد العاملة المؤهلة بالوسط القروي علما بأن الفلاحة تستوعب حوالي 80% منها في الوسط القروي
إننا ننظر للتسويق من بابه الواسع ونعتبر أن طريقة تسيير أسواق الجملة تقتضي مراجعة جذرية ونفس الشيء بالنسبة للمجازر، فسواء تعلق الأمر بالفلاحة الموجهة للتصدير أو للسوق الداخلية فإن الكل يعاني من مشكل تثمين الإنتاج لكي نحصل على قيمة مضافة مرتفعة إما عبر التسويق أو عبر التحويل, فالفلاحة تختلف عن الطريق السيار، إذ في حالة الطريق تكون الرؤيا واضحة وطويلة الأمد بينما الفلاحة تخضع لتقلبات عدة عوامل إذ في نفس السنة يمكن أن تعاني الفلاحة من الجفاف بمنطقة ما ومن الفيضانات في منطقة أخرى وهذا ما يفرض المزيد من الاحتياط وبالتالي المزيد من مواعد التقييم,
- أدى الفصل بين الفلاحة والتنمية القروية إلى ندرة اليد العاملة المدربة في الوسط القروي وإلى عزوف الجيل الجديد عن مزاولة الأنشطة الفلاحية الموروثة عن الآباء, ما هو تقييمكم لهذا الوضع؟ وماذا تقترحون للحد من مخاطره؟
- مشكل اليد العاملة يطرح نفسه الآن، وخاصة في فترة زمنية معينة، فبالنسبة لمنطقة تادلة مثلا فإن بداية الموسم تعرف تزامن جني الزيتون مع جني البرتقال المبكر ومع غرس الشمندر ومزروعات أخرى، فخلال هذه الفترة الزمنية يحدث في سوق اليد العاملة خلل بين العرض والطلب وارتفاع في الكلفة، أما خلال منتصف
السنة فإن الطلب على اليد العاملة يتراجع، وبالتالي ليس هناك توازن على مدار السنة، وبالنسبة للشق الثاني من السؤال المرتبط بعزوف الشباب، فسواء تعلق الأمر بالعمال الزراعيين أو بالورثة فمن الملاحظ أن الذين يدرسون يعزفون عن مزاولة أنشطة فلاحية لأنهم غير راضين عنها، بينما العمال يفضلون العمل في المدن وحتى في البناء لأنهم يعتبرونه أقل محنة وربما أكثر أجرا، غير أن توجه الضيعات الكبرى نحو المكننة واتساع مجال نشاط الجرارات وآلات الحصاد ليشمل حتى الاستغلاليات الصغرى، وانتشار السقي الموضعي قلص من الطلب على اليد العاملة، ولكن من لم يتمكنوا من متابعة دراستهم ومن الحصول على مناصب عمل أخرى يجدون في المستغلات العائلية منفذا لولوج سوق الشغل وهذا الصنف يجب تشجيعه وتحفيزه على الاستقرار في البادية، وهنا يجب أن نذكر بأن حوالي 40% من الفلاحين هم في نفس الوقت عمال فلاحيين يتخذون من العمل في الضيعات المجاورة، وخاصة منها الكبيرة، مكملا يحققون به استقرارهم، ومن هنا فإن مراجعة الحد الأدنى للأجر الفلاحي سيمكن الفلاحين من الاستفادة منه بطريقة أو بأخرى,
- شاركتم في عدة منتديات وطنية ودولية حول التغذية والإنتاج الفلاحي، ولاشك أنكم وقفتم على تجارب بعض الدول التي حققت تقدما ملحوظا في الإنتاج مثل الهند والبرازيل, ما هي الخلاصات التي خرجتم بها؟ وما هي مكانة التنظيم التعاوني والجمعوي في المنظومة الإنتاجية؟ وما الذي ينقص المغرب لكي يحقق نفس النتائج؟
- كما أشرت إلى ذلك في البداية فإن على المغرب أن يتوفر على فلاحة متنوعة تشمل التضامنية والتعاونية، فدون أن نرتكز على تجارب الهند والبرازيل البعيدتين عنا يمكن أن نقف عند تجربة الجارتين فرنسا وإسبانيا، فالكثير يجهل أن إسبانيا التي تعتبر من كبريات الدول في مجال إنتاج الزيتون لا تتوفر على الفلاحين الكبار فقط، فإقليم الأندلس بأكمله تنتشر فيه الضيعات الصغيرة ولكن الملاكين مجتمعين في تعاونيات وتنظيمات لها قوة تفاوضية تمكنها من الدفاع عن حقوقها وهذا النظام ليس غريبا عن الثقافة المغربية التي كان النشاط الفلاحي فيها يقوم على «التويزة»، فتجربة التعاونيات يجب الاقتداء بها علما بأنها بدورها ليست غريبة عنا إذ أنها انطلقت في قطاعات الحليب والسكر مثلا مند حوالي 30 سنة ، فدور التنظيم التعاوني بارز ولكن القوانين المحفزة على الانخراط فيه غير متوفرة,
الجانب التأطيري الذي لا يقل أهمية يتمثل في الجهوية المتقدمة التي تعتبر المنطلق لحل إشكالية اللاتمركز، فالقطاع الفلاحي مؤهل أكثر من غيره للاستفادة من الجهوية, فإذا كان التقسيم الإداري يقوم على حوالي 13 جهة فإن التقسيم الفلاحي يمكن أن يقوم على 5 أو 6 جهات حسب نمط التقسيم، إذ يمكن مثلا لكل من عبدة دكالة ? مراكش تانسيفت ? الشاوية ورديغة ? بني ملال أزيلال، فهذه كلها يمكنها، أن تشكل جهة، وهناك أيضا إمكانية تحديد الجهات على أساس الجبال أو على أساس الأحواض المائية
فالجهوية تعتبر دعامة قوية للعمل التعاوني، ولا داعي للتذكير في هذا الباب بمثال التعاونية التي توجد في الجنوب والتي استطاعت أن تجمع حوالي 14 ألف متعاون أغلبهم من صغار المنتجين، فهي وإن كانت قد انطلقت بإنتاج الحوامض فإن نشاط الحليب صار هو الطاغي على مهامها ومع ذلك فهي لا تزال تسعى إلى تنويع أنشطتها، فالتعاونيات والتجميع هما المنفذ لحل إشكاليات التأطير والتموين، والخلاصة أن الحكم على العمل التعاوني لا ينبني على بعض التجارب التي فشلت بفعل العامل البشري وبفعل سوء التدبير، وإنما على التجارب الناجحة سواء داخل المغرب أو في الدول المجاورة، وهذا ما يقتضي التفكير بشكل جماعي بهدف التوصل إلى نتائج حسنة
- حقق البحث العلمي في المجال الفلاحي تقدما ملموسا رغم ضعف الميزانية وندرة الباحثين، غير أن تعميم الاستفادة على صغار الفلاحين يصطدم بقلة الوسائل وخاصة منها الموارد البشرية, أي دور ل «كومادير» في اعتماد البحث العلمي كدعامة للرفع من الإنتاجية والجودة داخل مختلف مكونات الوسط القروي؟
- البحث العلمي أساسي في الإنتاج الفلاحي، والدليل على هذا هو أن عدة دول لم تعد تقتصر على المؤسسات العمومية في تطوير البحث العلمي،ففي كل البلدان المتقدمة نجد أن البحث في القطاع الخاص يمثل أكثر من 90 % من محصول النتائج ، فالبحث يحتاج إلى تكاليف كبيرة قبل الشروع في جني ثمار النتائج، ففي فرنسا مثلا كان معدل إنتاج الهكتار الواحد من الحبوب في السبعينيات محصورا في حوالي 30 قنطارا ، وبفضل ابتكار أصناف البدور الملائمة لكل منطقة وربح قنطار أو قنطار ونصف في كل سنة فإنه صار يقترب من 100 قنطار في الهكتار, فكما أن وثيرة البحث في قطاع تكنولوجيا الإعلام تسير بسرعة فائقة فإن الفلاحة يمكنها كذلك أن تسير بوثيرة متسارعة إذا كان هناك دعم، وبالنسبة للمغرب لا يمكن لأي كان أن ينكر نتائج البحث بدليل أن أغلبية البدور المستعملة تم التوصل إليها في مختبرات مغربية، لكن ما يدعو إلى الأسف هو أن البحث العلمي في المغرب كان قد عرف تقدما ساهمت فيه السلسلة العمومية في مراقبة استنباط وإنتاج البدور، ومن باب الإنصاف علينا أن نذكر بأن مكتب التسويق والتصدير هو الذي أدخل للمغرب أصناف الطماطم والحوامض
- بعد أن صادق الاتحاد الأوربي على الاتفاقية الفلاحية مع المغرب، هل بإمكان الفلاحة التصديرية أن تواكب الحصص الجديدة والطلب الخارجي؟ وهل بإمكانها أن تواجه المنافسة الخارجية دون إدماج صغار الفلاحين في خيارات الرفع من الإنتاج والجودة؟
- الاتفاقية كما يعلم الجميع ليست جديدة، وما وقع هو تجديدها لأنها ككل الاتفاقيات قابلة للتغيير، وأعتقد أن أول ما يفترض في الوزارة القيام به هو شرح مضامين هذه الاتفاقية ليكون جميع الفلاحين على بينة بمقتضياتها في حلتها الأخيرة, وكون الاتفاقية قابلة للتغيير فهذا معناه أن الموقعين بما في ذلك المغرب، بإمكانهم المطالبة بالتغيير خاصة أن الاقتصاد العالمي يتغير ولا أحد يمكنه أن يتكهن بمسار التغيير، وهذا في حد ذاته يقتضي وضع بنود التجديد والتغيير، كما يقتضي أن يكون هناك نوع من الازدواجية بين طرفي المعاهدة لتحديد المصالح المشتركة، عوض اقتصار كل طرف على النظر إليها بالشكل الذي يلائمه, فإذا أخدنا مثلا حالة سوس ماسة درعة، التي تنتج 70% من الفواكه والخضر المصدرة، فإنه لا أحد يمكنه أن يتكهن بما إذا كان بمقدورها أن تساير الطلب الأوربي في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وفي ظل التقلبات المناخية التي تهددها بالجفاف، ولهذا طالبنا بوضع دراسة لتحديد من يستفيد من هذه الاتفاقية خاصة أن الأوربيين دفعوا أثناء التفاوض بكون الفلاحين الصغار لا يستفيدون من الاتفاقية، فالأوربيون لم يكونوا ضد استفادة الفلاحين الكبار ولكنهم كانوا ضد إقصاء الفلاحين الصغار، وكانوا مع احترام المعايير الاجتماعية ومعايير الجودة والمعايير البيئية,
الاتجاه الثاني الذي يجب استحضاره يستمد بدوره قوته من صعوبة التكهن بمسار التحولات، إذ من يؤكد لنا مثلا أن إسبانيا التي تعتبر أكبر منافس للمغرب في مجال تصدير الطماطم سوف لن تتعرض لمعيقات طبيعية أو اقتصادية تجعلها غير قادرة على الإنتاج، ففي هذه الحالة فإن المغرب الذي ينتج الطماطم طيلة 5 أشهر عليه أن يتأقلم مع جميع الحالات, والخلاصة هي أن على المغرب أن يوضح أولا مضامين الاتفاق ليكون جميع الفلاحين على علم بها، وأن يعمل ثانيا على تنويع إنتاجه وعرضه ليكون قادرا على التأقلم مع التقلبات المناخية وغيرها
في غياب إستراتيجية اقتصادية وصناعية فإن الفلاحة تبقى أساسية بالنسبة للمغرب، وبينما نلاحظ أن كلا من البنك الدولي والمنظمة العالمية للتغذية «الفاو» وجميع المنظمات الدولية تتحدث عن الفلاحة كثروة وخاصة إذا تطورت وظيفتها الجديدة كمصدر للطاقة وصار استعمالها في مجال إنتاج الطاقة يلتهم قسطا كبيرا من الإنتاج على حساب تغذية الإنسان والحيوان، نسجل بأن المغرب يتوفر على مؤهلات طبيعية ومياه مجندة وكفاءات بشرية كبيرة غير متوفرة في البلدان المجاورة, فهذا الرصيد يجب استثماره، أما بالنسبة للمخطط الأخضر فإنه إستراتيجية من اللازم أن تتعامل معها كل الأطراف بشكل جماعي وأن يتم تدبيرها على أساس مقاربة تشاركية، فالمخطط الأخضر قابل للتغيير، وكما أن له إيجابيات فإن له كذلك سلبيات وعلى الجميع أن يعمل على الرفع من وثيرة إنجازه
الخلاصة أنه يجب معالجة عدة جوانب بما في ذلك المصادقة على القوانين التي تهم الفلاحين الصغار والعمل على تثمين المنتوج سواء تعلق الأمر بأسواق الجملة أو بالمجازر ومعالجة إشكالية التسويق بشقيه الداخلي والخارجي، والرفع من مستوى جودة المنتوج وجعله في متناول المغاربة عوض الاقتصار على تلبية مطالب الأجانب، والأهم في كل هذا المسلسل هو الاهتمام بالفلاح الصغير، الذي يقترن بالاكتفاء الذاتي، ليس فقط عبر تمكينه من وسائل الإنتاج وإنما كذلك بحمايته عند البيع لكي يحقق الربح من الفلاحة ويتفادى الدخول في دوامة المديونية المفرطة ويستقر في البادية، فبلوغ هذه الأهداف النبيلة يقتضي استحضار قيم التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني، فالفلاحون الصغار ليست لهم فقط وظيفة فلاحية وإنما لهم كذلك وظيفة الحفاظ على البيئة، وإذا كانت الفلاحة ضرورية في تحقيق التماسك والتضامن فإنها غير كافية إذ لابد من دعمها بالتنمية القروية، ومهما يكن فإن المقاربة التشاركية هي أساس الحكامة الجيدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.