سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية«كومادير» أحمد أوعياش: الخيار الناجح هو الذي تكون له انعكاسات إيجابية يحس بها صغار الفلاحين وسكان الوسط القروي
اعتبر أحمد أوعياش رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية «كومادير» في حوار لنا معه أن المخاطر التي عانت منها الانشطة الفلاحية والوسط القروي، طيلة العقود التي تميزت بالجفاف الحاد والمستمر، لم تعد قائمة نظرا لأن التساقطات المطرية المسجلة منذ ثلاث سنوات وفرت ظروف رفع الانتاج، وحسنت حقينة السدود والفرشة المائية، ولذلك فإن أي خيار، وأي نشاط لايمكن له ان يكون ناجحا إلا اذا كانت له انعكاسات إيجابية يحس بها صغار الفلاحين وسكان الوسط القروي. اما بالنسبة للدورة الثالثة للملتقى الدولي لتمويل الفلاحة والوسط القروي التي ستحتضنها مراكش ما بين 28 و30 اكتوبر الجاري، فاعتبر أن مجرد انعقادها في المغرب يقتضي الإشادة بمجموعة القرض الفلاحي لأنها ستكون مناسبة لتقييم التجربة المغربية وللاستفادة من تجارب الدول التي حققت نجاحات تستحق أن يقتدى بها. - تزايدت حاجيات الوسط القروي والقطاع الفلاحي للتمويل الكافي لمواكبة الخيارات الاستراتيجية، القطاعية منها والمرتبطة بالتنمية البشرية، كيف تنظرون في «كومادير» الى إشكالية ضعف حصة القطاع الفلاحي والوسط القروي من التمويل البنكي للاقتصاد، والى سوء التوزيع بين المستثمرين الذين تتوفر فيهم شروط الاقتراض وبين الباقي الذي يكتفي بالقروض الصغرى أو بالمساعدات الاستثنائية؟ - إن القطاع الفلاحي، على خلاف باقي القطاعات، عانى من تأخر مرحلة استقطاب الاستثمارات، وهذا التأخير الذي أثر سلبيا على مستوى التمويل وبالتالي على تطوير الفلاحة، كان مرتبطا بالجفاف الذي دام حوالي 20 سنة. فخلال هذه المرحلة كان الاستثمار في القطاع الفلاحي يعتبر مغامرة، على خلاف قطاعات أخرى كالعقار. والى جانب الجفاف عانى التمويل والاستثمار في القطاع الفلاحي من جهة من كون تحفيظ العقار لايغطي التراب الوطني كله وظل مقتصرا على المناطق السقوية. وهذه الوضعية القانونية غير المحفزة على الاستثمار تنتشر بشكل أوسع في المناطق الشمالية التي كانت خاضعة للاستعمار الاسباني. ومن جهة ثانية من غياب التأمين، فحتى ما يتوفر منه الآن لايتجاوب مع متطلبات البنوك، وبالتالي فإن البنوك لاتستجيب للطلب لأنها ترى فيه مغامرة ومخاطرة يستحسن تفاديها. لكن ومن باب الانصاف، لابد من الإشارة الى أن المخطط الاخضر وضع أصبعه على ضعف الاستثمار والتمويل في القطاع الفلاحي، ولابد من التذكير كذلك بأن فائض القيمة الذي تنتجه الفلاحة لايعود الى البادية وإنما يرحل الى المدن والى الانشطة العقارية. وإذا كان هناك من استثناءات إيجابية تستحق الذكر، فإنها تهم الانجازات المحدودة التي همت بعض السلاسل الانتاجية وبعض الجهات، مثل المناطق السقوية التي تمتاز عن غيرها بقلة صعوبات الاستفادة من التمويل البنكي، لأن الانتاج شبه مضمون بخلاف المناطق البورية أو زراعة الحبوب في المناطق الجافة. إن الخيار البنكي السائد يتجه نحو تمويل الفلاحين الكبار ونحو تمويل الزراعات الموجهة للتصدير وزراعات المناطق السقوية. وفضلا عن العوائق الناتجة عن هذا الخيار، فإن الجفاف الذي خرجنا منه منذ سنتين خلف مديونية كبيرة على الفلاحين، ومن المفروض البحث عن حلول ملائمة لتسوية هذه الوضعية. وفي هذا الباب، ومن باب النزاهة الفكرية كذلك، لابد من الاشادة بالدور الذي تلعبه مجموعة القرض الفلاحي، اذ رغم ما يعرفه من مشاكل، فإنه مستمر في تمويل القطاع، بل إنه صار يعرض منتوجات تعتبر حلولا لوضعيات خاصة كمؤسسة «أرضي» التي تلبي طلب فئة من الفلاحين الذين يعانون من مشاكل التمويل. غير أننا، وفي نفس السياق، نتأسف لكون بعض البنوك تعهدت في ملتقيات مكناس الفلاحية بتخصيص 20 مليار درهم للقطاع الفلاحي، ولكن تعهداتها لم تر النور بعد ولا يلمس الفلاحون دخولها الى الميدان، وبذلك يبقى القرض الفلاحي هو الملاذ الوحيد للفلاح الصغير والمتوسط، وهو الذي يتفهم خصوصيات القطاع ويطبق معدلات فوائد على القروض تقل عن المعدلات المعمول بها في البنوك الاخرى. إن الحديث عن التمويل يفرض علينا التذكير كذلك بدور المتدخلين الذين يمولون بعض الانشطة بشكل مندمج، إذ لايقتصر القرض على الاموال، وإنما يشمل مجالات أخرى كالزريعة وهذا الوضع يهم بشكل خاص إنتاج الحليب والشمندر وقصب السكر واللحوم الحمراء، كما يهم بشكل أقل انتاج الطماطم، فهذا النمط هو الذي تطرق إليه مخطط المغرب الاخضر، وأدرجه في ما صار يعرف باسم التجميع. ما نأسف له كذلك هو أن تمويل السكن في الوسط القروي غير مضبوط وغير مضمون، ولا يشجع على الاستقرار الذي يعتبر أنجع حل للحد من الهجرة القروية والنزوح نحو المدن والمراكز الحضرية. - تم وضع المخطط الاخضر من بين المخططات الاستراتيجية التي تم تصنيفها كقاطرات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. الآن وبعد أن تمكنت «كومادير» من تأطير المهنيين حسب الانشطة التي يمارسونها، هل يمكن القول إن من التحقوا بالتنظيم ، وخاصة منهم صغار المنتجين، صاروا يستفيدون من حقوق وامتيازات جديدة؟ واذا لم يكن الامر كذلك فلماذا؟ - منذ إعطاء انطلاقة مخطط المغرب الاخضر من طرف جلالة الملك، انخرط فيه الفلاحون لأنه فرصة لاتعوض لإعادة هيكلة الفلاحة ولتحقيق الهدف الاسمى المتمثل في إعادة الاعتبار للفلاحة وجعلها قاطرة للتنمية والاقرار بأنها أولى الاولويات. لقد أسفر التعاون القائم بين «كومادير» ومصالح وزارة الفلاحة عن خلق فيدراليات مهنية وجمعيات جديدة ستشرف على تأطير مختلف السلاسل، فإعادة الهيكلة تسير بوتيرة جيدة بدليل أننا أنشأنا خلال الثلاثة أشهر الأخيرة فيدراليتين كبيرتين لسلسلتي الحبوب والتمور اللتين تهمان بشكل أكبر الفلاح الصغير، وتنتشران عبر عموم الجهات الفقيرة والتي كانت بالامس القريب مهمشة. ان خلق هذه الفيدراليات والتجمعات، وان كان جيدا، إلا أنه يحتاج الى من يقف الى جانب هذه التنظيمات الفتية واعطائها الامكانيات المادية والبشرية الكافية لتمكينها من القيام بدورها على الوجه الاحسن، ولجعل الفلاحين في مستوى تحمل المسؤوليات المنوطة بهم خاصة ان الدولة لا يمكنها، بمفردها، أن تؤطر الفلاحين الصغار. الى حدود الان، أنهينا مرحلة إنشاء تنظيمات خاصة بسلاسل الانتاج المهمة،إلا أننا وحتى ننجح في إقامة سياسة القرب لابد لنا أن نأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جهة،وهذا هو التحدي الذي نريد بلوغه في سنة 2011. وهنا أود أن أشير إلى وجود قانون خاص بالتنظيمات الفلاحية، وهو في مرحلة التصديق عليه، وهو يهدف الى جعل هذه التنظيمات أداة للتأطير ولبلوغ النتائج والاهداف التي يتوخاها مخطط المغرب الاخضر، كما أود أن أشير الى أننا نعمل في نفس الاطار على خلق تعاونيات جهوية كبرى، ونتمنى أن تخرج الى حيز الوجود التعاونيات الاولى خلال سنة 2011. وفي انتظار ذلك، فإن علينا في كومادير ألا ننسى أننا مرتبطون مع القرض الفلاحي لتشجيع هذه التنظيمات، وتمكينها من القيام بدورها وخاصة تجاه الفلاحين الصغار الذين تبرز مكانتهم في القطاع من الواقع الذي يؤكد أن أكثر من %75 من المستغلات تقل مساحتها عن خمسة هكتارات. إن مقياس نجاح مخطط المغرب الاخضر هو مدى استفادة الفلاح الصغير لأنه هو الذي ينتج الغذاء اليومي ويتعاطى للفلاحات الموجهة للسوق المحلية كالحبوب والسكر والحليب واللحوم الحمراء. - يستضيف المغرب مابين 28 و 30 أكتوبر الجاري، الملتقى الدولي الثالث لمجموعات القرض الفلاحي بشمال افريقيا والشرق الاوسط افريقيا والشرق الاوسط بهدف بحث سبل الاسهام في محاربة الفقر. ماهي الاولويات التي تقترحونها على المشاركين في هذا الملتقى لبلوغ الأهداف المرسومة؟ - إننا نشيد بمجموعة القرض الفلاحي التي فكرت في استضافة هذا الملتقى الذي سيكون فرصة لتقييم التجربة المغربية ولعرضها على المشاركين، كما سيكون مناسبة للتعرف على تجارب الدول التي سبقتنا في الميدان. إننا كمهنيين سنكون سعداء بعرض التجربة المغربية على الأفارقة لأنها تجربة ناجحة، ولكن طموحنا هو تنقيح هذه التجربة وتشجيعها، اذ علينا ألا ننسى أنه يجب أن نقارن أنفسنا مع القوى الفلاحية في العالم، وغير بعيد عنا أمامنا تجربة القرض الفلاحي الفرنسي الذي خلقه الفلاحون في آخر الاربعينات وصار يعد اليوم أول بنك أوربي، يمتاز بتنوع القطاعات التي يشرف عليها وبتطور مجالات تدخله لتشمل جميع الميادين الاقتصادية. أظن أن القرض الفلاحي في المغرب صار، منذ 3سنوات، يسير في هذا الاتجاه، وهذا ما يجعلنا نتفاءل بأن دوره سوف لن يقتصر على تمويل القطاع الفلاحي، وإلا فإنه سيبقى عرضة للاخطار الذي تواجه القطاع الفلاحي وخاصة منه الفلاحة البورية.